(الصفحة 352)
(و اتمّوا الحج و العمرة لله) و قوله تعالى:
(فمن حج البيت او اعتمر فلا جناح عليه ان يطوف بهما) و غيرهما من الموارد و بلحاظ صدرها و هو قوله تعالى الحج اشهر معلومات مع ان الاشهر الخاصة مرتبطة بالحج لعدم اختصاص العمرة بشهر خاص و عليه فالآية لا تشمل العمرة المفردة و ان كان يمكن دعوى شمولها لعمرة التمتع لارتباطهابالحج و عدم صحة وقوعها في غير اشهر الحج الاّ انّها لا تشمل العمرة المفردة غير المختصة بشهر خاص.
هذا و لكن يمكن استفادة العموم و ان الحكم مرتبط بالاحرام ايّ احرام كان مضافا الى انه ايضا مقطوع به بين الاصحاب من جملة من الروايات الواردة في الباب مثل:
صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج عن ابي عبد الله (عليه السلام) في الرجل يقع على اهله بعد ما يعقد الاحرام و لم يلبّ قال: ليس عليه شىء(1). و مرسلة جميل بن درّاج عن بعض اصحابنا عن احدهما (عليهما السلام) في رجل صلّى الظهر في مسجد الشجرة و عقد الاحرام ثم مسّ طيبا او صاد صيدا او واقع اهله قال ليس عليه شىء ما لم يلبّ(2). و صحيحة معاوية بن عمّار قال سئلت ابا عبد الله (عليه السلام) عن رجل وقع على اهله فيما دون الفرج قال: عليه بدنة و ان كانت المرئة تابعته على الجماع فعليها مثل ما عليه. الحديث(3). و ثبوت الكفارة في الافعال التي لا يكون مضطرااليها لضرورة كمرض و نحوه يستفاد منه الحرمة و يدل عليها بالملازمة كما اشرنا اليه مرارا كما ان الجواب قرينة على كون مورد السؤال هو حال الاحرام فتدبر.
- 1 ـ وسائل ابواب تروك الاحرام الباب الحادى عشر ح ـ 1.
- 2 ـ وسائل ابواب تروك الاحرام الباب الحادى عشر ح ـ 2.
- 3 ـ وسائل ابواب تروك الاحرام الباب الثانى عشر ح ـ 1.
(الصفحة 353)
و صحيحة حريز عن ابي عبد الله (عليه السلام) في الرجل اذا تهيّأ للاحرام فله ان ياتي النساء ما لم يعقد التلبية او يلبّ(1). و مرسلة الصدوق المعتبرة قال: قال الصادق (عليه السلام) ان وقعت على اهلك بعد ما تعقد الاحرام و قبل ان تلبّي فلا شىء عليك الحديث(2). و رواية سليمان بن خالد عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال: سئلته عن رجل باشر امرأته و هما محرمان ما عليهما؟ فقال: ان كانت المرأة اعانت بشهوة مع شهوة الرجل فعليهما الهدى جميعا و يفرق بينهما حتى يفرغا من المناسك و حتى يرجعا الى المكان الذي اصابا فيه ما اصابا، و ان كانت المرأة لم تعن بشهوة و استكرههاصاحبها فليس عليها شىء(3). و غير ذلك من الروايات و قد ورد في خصوص العمرة المفردة ايضا بعض الروايات مثل صحيحة بريد بن معاوية العجلي قال سئلت ابا جعفر (عليه السلام) عن رجل اعتمر عمرة مفردة فغشى اهله قبل ان يفرغ من طوافه و سعيه قال عليه بدنة لفساد عمرته و عليه ان يقيم الى الشهر الآخر فيخرج الى بعض المواقيت فيحرم بعمرة(4). و غيرها من الروايات.
المقام الرّابع: الظاهر انه لا فرق في الجماع المحرّم حال الاحرام بين القبل و الدبركما صرّح به في الجواهر و حكى انه لا خلاف فيه بل الاجماع بقسميه عليه و يدل عليه ان الجماع الذي هو معنى الرفث في الآية بمقتضى الروايات الصحيحة مطلق شامل للقبل و الدبر و لم يقع فيه التقييد بالاوّل و يؤيّده اشتراكهما في جلّ الاحكامو ثبوت الافتراق في بعض الموارد فقط.
- 1 ـ وسائل ابواب كفارات الاستمتاع الباب الاوّل ح ـ 1.
- 2 ـ وسائل ابواب كفارات الاستمتاع الباب الاوّل ح ـ 2.
- 3 ـ وسائل ابواب كفارات الاستمتاع الباب الرابع ح ـ 1.
- 4 ـ وسائل ابواب كفارات الاستمتاع الباب الثاني عشر ح ـ 1.
(الصفحة 354)
المقام الخامس: انه لا شبهة بمقتضى الآية و الرواية في ان الجماع مع الاهل الذي يكون حلالا في غير حال الاحرام محرّم في حال الاحرام و تكون حرمته من احكام الاحرام و امّا الجماع المحرّم مع قطع النظر عن الاحرام كالزنا بالاجنبيّة فهل تكون حرمته ايضا من احكام الاحرام ام لا تكون له حرمة بهذا العنوان و لا تكون حرمته من احكام الاحرام بوجه؟ ربما يقال بالثاني نظرا الى ان ما يكون محرّما في حدّ نفسه لا يمكن ان يصير محرّما ايضا بالحرمة الاحرامية لكون الحكم و هو الحرمة منتزعا عن انشاء النسبة الذي لا يكون قابلا للشدة و الضعف حتى يقال باشدية الحرمة في مجامعته مع الاجنبية في حال الاحرام من الحرمة المترتبة عليها في غير حال الاحرام.
و التحقيق ان يقال انه قد مرّ مرارا ان مثل النذر الذي يجب الوفاء به اذا تعلق بمستحب كصلوة الليل او واجب كصلوة اليومية لا يوجب تعلّق حكمين وجوبين بمتعلق واحد بل متعلق الوجوب الجائي من قبل النذر عنوان الوفاء به و متعلق الاستحباب او الوجوب صلوة الليل و صلوة الظهر ـ مثلا ـ و هما متغايران في عالم المفهومية الذي هو عالم تعلق الحكم و تحقق الوفاء بالصلوة و توقفه عليها لا يستلزم اتحاد متعلقي الحكمين ففي مثل النذر لا اشكال اصلا.
و امّا في مثل المقام الذي يكون العنوان المتعلق للحكمين واحدا و هو عنوان الرّفث فعلى ما حققناه في الاصول من ان العموم و الخصوص المطلق ايضا مثل العموم من وجه داخل في مسئلة اجتماع الامر و النهي لاختلافهما من جهة العنوانية فلا مانع في المقام ان يقال بان الرفث المنهى عنه في الآية بلسان نفى الجنس هو مطلق الرفث و طبيعته من دون قيد زائد و امّا المجامعة المنهي عنها في غير حال الاحرام هي المجامعة مع الاجنبيّة و لا مانع من ثبوت حكمين لاختلاف المتعلقين و لو بالاطلاق و التقييد و عليه فمقتضى اطلاق الآية ثبوت حكم آخر
(الصفحة 355)
و لازمه ان المجامعة مع الاجنبية في حال الاحرام تكون مخالفة لحكمين.
هذا و لكن الّذي يبعّد ما ذكر اشتمال الآية على النهى عن الفسوق في الحج ايضا مع ان حرمته مطلقة في غير حال الاحرام فكيف يجتمع حكمين مع عدم تعدد المتعلقين فانّ الفسوق ـ كما سيأتي ـ امّا بمعنى خصوص الكذب او هو مع السباب او المفاخرة التي ترجع الى السباب ايضا نعم فيه بعض الاحتمالات الضعيفة الاخر و لا يعقل تعلق حكمين بعنوان الكذب بعد عدم تحقق الاختلاف و لو بنحو الاطلاق و التقييد و عليه فاللازم حمل حرمة الفسوق في الآية على الشدة و التأكد في حال الاحرام و مقتضى وحدة السّياق حمل حرمة الرفث ايضا على ذلك.
هذا و لكن الظاهر انّ لزوم حمل حرمة الفسوق على ما ذكر لا يوجب حمل حرمة الرفث ايضا على ذلك بعد وجود الاختلاف في الرفث بين المتعلقين فان المجامعة مع الاجنبية المحرّمة في غير حال الاحرام ايضا تغاير مطلق المجامعة و لا مجال للحمل على التأكد.
و مما ذكرنا يظهر النظر فيما افاده بعض الاعاظم (قدس سره) حيث انّه بعد حكمه باستحالة التأكد بناء على ما اختاره في معنى الحكم من انه هو انشاء النّسبة كما اشرنا اليه آنفا، اختار في ذيل كلامه، انّ حرمة الرفث تاكيدية شاملة للمجامعة مع الاجنبية ايضا بقرينة حرمة الفسوق.
وجه النظر ان الامر المستحيل لا يمكن ان يصار اليه بمجرد اقتضاء وحدة السياق له مع ان الوحدة ممنوعة ايضا لوجود الفرق بين الامرين و المغايرة بين المتعلقين بالاطلاق و التقييد فان الممنوع في غير حال الاحرام هو خصوص المجامعة مع الاجنبية غير المحللة و المحرم في حال الاحرام هو مطلق المجامعة و هذا المقدار يكفي في ثبوت الحكمين.
(الصفحة 356)
المقام السادس: المشهور بل المدعى عليه الاجماع هو اختصاص الحكم بمجامعة النساء و لا يشمل وطي البهائم و ان كان محرّما في غير حال الاحرام ايضا و قد ورد تفسير الرفث في الآية في صحيحة علي بن جعفر (عليه السلام) المتقدمة بجماع النساء نعم ورد تفسيره في صحيحة معاوية بن عمار المتقدمة ايضا بمطلق الجماع و الظاهر لزوم حمل الثانية على الاولى و لا مجال لدعوي كونهما مثبتين و لا وجه لحمل المطلق على المقيد فيهما فان وقوع الصحيحتين في مقام التفسير و التحديد و بيان المراد من الآية الشريفة يوجب تحقق التهافت و التنافي المستلزم لحمل المطلق على المقيد و عليه فمقتضى القاعدة الحكم بالاختصاص بمجامعة النّساء و لا ينافي ما ذكرنا اضافة النساء الى الرفث في قوله تعالى.
(احلّ لكم ليلة الصيام الرفث الى نسائكم) نظرا الى انه لو كان عنوان النساء مأخوذا في معنى الرفث لما كان وجه لذكر النّساء.
وجه عدم المنافاة انّ ذكرهن انّما هو بلحاظ الاضافة الى ضمير الجمع الموجب لاختصاص متعلق الحكم بخصوص المجامعة مع الاهل فانه لو لم يقع التعرض لذلك لكان مقتضى الآية حلية مطلق الجماع في ليلة الصيام و لو مع غير الاهل و هذا لا يكون مرادا قطعا فلا محيص عن ذكرهن كذلك، ثم ان عدم شمول الحكم للمساحقة انما يكون بنحو اوضح لعدم كونها مصداقا للجماع بل هو عنوان آخر لا يشمله شىء من الروايتين الواردتين في تفسير الآية.
المقام السّابع: انّه لا شبهة في توقف حلّية الجماع في الحج و مثله من العمرة المفردة على طواف النساء بل هو من المقطوع به بين الاصحاب و طواف النساء و ان كان واجبا مستقلاّ و لا يكون جزء للحج لانه يتحقق تماميته بالطوافو السعي بعد مناسك منى يوم النحر و عليه فالآية الدالة على حرمة الرفث في الحج لا يقتضي بقاء الحرمة بعد تماميّته و فرض عدم كون طواف النساء جزء له الاّ ان عنوانه يدلّ على عدم حصول حلّية النساء قبله مضافا الى ما دل على ان تشريع