(الصفحة 18)
هذا ميقات اهل الشام للموضع الذى يحرمون منه و نحوه ما عن القاموس و ظاهرهماان استعماله في المواضع المذكورة على نحو الحقيقة اللغوية.
و يؤيّده بل يدل عليه انه لو كان هناك حقيقة متشرعية لكان ذلك بالاضافة الى خصوص كلمة الميقات مع انه يوجد في الروايات الآتية استعمال كلمة التوقيت و الوقت ايضا في الموضع المعين في كلام الامام (عليه السلام) و الرواة و هذا يدلّ على كونه كذلك لغة فالحقيقة لغوية.
المقام الثاني:
في عدد المواقيت و قد اختلفت كلمات الاصحاب في تعدادها فعن المنتهى و التحرير انّها خمسة و في الشرايع و عن القواعد بل قيل هو المشهور انّها ستّة و عن بعض انها سبعة و فى محكى الدروس انّها عشرة و قد تبعه صاحبا المستند و العروة لكن كما في الجواهر لكلّ اعتبار امّا الاوّل فباعتبار تعيين الامكنة المخصوصة و الثاني باعتبار ذكره في التوقيت و ان لم يكن مكانا مخصوصا و الثالث باعتبار زيادة الاحرام من مكّة و الرابع زيادة فخّ لحج الصبيان و محاذاة الميقات لمن لم يمرّ به و ادنى الحلّ او مساواة اقرب المواقيت الى مكة لمن لم يحاذ ميقاتا بل في الجواهر يمكن جعلها احد عشربنوع من الاعتبار اذا جعل الاخير مغايرا لادنى الحلّ ثم قال و الامر في ذلك سهل و الانصاف ان التقييد بعمرة الحج الظاهرة في عمرة التمتع كما في المتن يوجب ارتفاع الاشكال تقريبا كما لا يخفى لكنه يرد عليه انه لا وجه للتخصيص بالعمرة فانه مضافا الى انه حج رسول الله (صلى الله عليه وآله) و اصحابه من مسجد الشجرة في حجة الوداع و كان حجهم بين قران و افراد لا مجال للارتياب في انه يجوز الإحرام منه للحج غير التمتع استحبابا و الظاهر ان العبارة غلط يمكن ان يكون مستندا الى الطبع و الصحيح للعمرة و الحج، كما لا يخفى و امّا الروايات فبعضها دالّ على انّها خمسة مع التصريح بهذا العدد او
(الصفحة 19)
بدونه و بعضها دال على انها ستّة.
امّا الاوّل: فكصحيحة الحلبى قال: قال ابو عبد الله (عليه السلام) الاحرام من مواقيت خمسة وقّتها رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا ينبغى لحاج و لا لمعتمران يحرم قبلها و لا بعدها، و وقت لاهل المدينة ذا الحليفة و هو مسجد الشجرة يصلى فيه و يفرض الحج، و وقت لاهل الشام الجحفة، و وقت لاهل النجد العقيق، و وقت لاهل الطائف قرن المنازل، و وقت لاهل اليمن يلملم، و لا ينبغى لاحد ان يرغب عن مواقيت رسول الله (صلى الله عليه وآله)(1). و مثلها صحيحة ابي ايوب الخراز(2). من دون التصريح بعنوان الخمسة و هى مشتملة على السؤال عن أبي عبد الله (عليه السلام) بقوله حدثنى عن العقيق أوقت وقته رسول الله (صلى الله عليه وآله) او شىء يصنعه الناس.
و امّا الثاني: فكصحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
من تمام الحج و العمرة ان تحرم من المواقيت التى وقتها رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا تجاوزها الا و انت محرم فانه وقت لاهل العراق و لم يكن يومئذ عراق بطن العقيق من قبل اهل العراق، و وقّت لاهل اليمن يلملم، و وقّت لاهل الطائف قرن المنازل، و وقّت لاهل المغرب الجحفة و هى مهيعة، و وقّت لاهل المدينة ذا الحليفة، و من كان منزله خلف هذه المواقيت مما يلى مكّة فوقته منزله(3). و التعبير بقوله (عليه السلام): من تمام الحج و العمرة اشارة الى قوله تعالى:
(و اتمّوا الحج و العمرة لله) و ظاهر في ان المراد من الاتمام في الاية الشريفة ليس هو الاتمام الذى يقابل الشروع و الاّ لا يلائم مع كون الاحرام من تمامهما كما لا يخفى.
- 1 ـ وسائل ابواب المواقيت الباب الاوّل ح ـ 3.
- 2 ـ وسائل ابواب المواقيت الباب الاوّل ح ـ 1.
- 3 ـ وسائل ابواب المواقيت الباب الاوّل ح ـ 2.
(الصفحة 20)الاوّل: ذو الحليفة و هو ميقات اهل المدينة و من يمرّ على طريقهم، و الاحوط الاقتصارعلى نفس مسجد الشجرة لا عنده في الخارج بل لا يخلو من وجه1.
ثم ان قوله (عليه السلام) و لم يكن يومئذ عراق اشارة الى ان ميقات اهل العراق ايضا كان تعيينه من رسول الله (صلى الله عليه وآله) مع عدم وجوده في زمانه او عدم وجود مسلم فيه فماعن بعض العامة من عدم كونه منه (صلى الله عليه وآله) واضح الفساد و يدل عليه ايضا رواية ابى ايوب المتقدمة.
1 ـ يقع الكلام فيه في ثلاثة مقامات:
المقام الاوّل:
انه لا شبهة في انّ ذا الحليفة ميقات لاهل المدينة لكن عبارات الاصحاب مختلفة في عنوانها فعن جملة منها التعبير بهذا العنوان و عن جملة اخرى التعبير بمسجد الشجرة كالمحقق في اكثر كتبه و عن جملة ثالثة انه ذو الحليفة و انه مسجد الشجرة و كيف كان لا اشكال نصّا و فتوى في كونه ميقاتا لاهل المدينة و قد مرّ بعض الروايات و سيأتى البعض الاخر انشاء الله تعالى.
المقام الثاني:
انّ الروايات الواردة في هذا المقام مختلفة من جهة التعبير بذي الحليفة و بالشجرة و بمسجد الشجرة كما ان في بعضها تفسير ذى الحليفة بالشجرة و في بعضها تفسيره بمسجد الشجرة فاللازم ملاحظتها فنقول:
منها: صحيحة ابى ايوب الخراز المتقدمة المشتملة على قوله (عليه السلام): ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقّت لاهل المدينة ذا الحليفة.
و منها: صحيحة معاوية بن عمّار المتقدمة ايضا.
و منها: رواية على بن جعفر عن اخيه موسى بن جعفر (عليهما السلام) المشتملة على قوله (عليه السلام):
(الصفحة 21)
و اهل المدينة من ذى الحليفة(1).
و منها: صحيحة الحلبى قال سئلت ابا عبد الله (عليه السلام) من اين يحرم الرجل اذا جاوز الشجرة فقال من الجحفة و لا يجاوز الجحفة الاّ محرما(2).
و منها: صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال من اقام بالمدينة شهرا و هو يريد الحج ثم بداله ان يخرج في غير طريق اهل المدينة الذى ياخذونه فليكن احرامه من مسيرة ستّة اميال فيكون حذاء الشجرة من البيداء(3). و ذكر في الوسائل بعد نقل الرواية عن الكلينى انه قال و في رواية اخرى يحرم من الشجرة ثم يأخذ اىّ طريق شاء(4).
و منها: موثقة ابراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) قال سئلته عن قوم قدموا المدينة فخافوا كثرة البرد و كثرة الايّام يعنى الاحرام من الشجرة و ارادوا ان يأخذوا منها الى ذات عرق فيحرموا منها فقال لا و هو مغضب من دخل المدينة فليس له ان يحرم الاّ من المدينة(5).
و منها: مرسلة الحسين بن الوليد عمّن ذكره قال قلت لابى عبد الله (عليه السلام) لاىّ علّة احرم رسول الله (صلى الله عليه وآله) من مسجد الشجرة و لم يحرم من موضع دونه فقال لانه لمّا اسرى به الى السّماء و صار بحذاء الشجرة نودى يا محمّد قال: لبيك قال الم اجدك يتيما فاويتك و وجدتك ضالاّ فهديتك فقال النبي (صلى الله عليه وآله) ان الحمد و النعمة
- 1 ـ وسائل ابواب المواقيت الباب الأوّل ح ـ 5.
- 2 ـ وسائل ابواب المواقيت الباب الخامس ح ـ 3.
- 3 ـ وسائل ابواب المواقيت الباب السابع ح ـ 1.
- 4 ـ وسائل ابواب المواقيت الباب السابع ح ـ 2.
- 5 ـ وسائل ابواب المواقيت الباب الثامن ح ـ 1.
(الصفحة 22)
و الملك لك لا شريك لك فلذلك احرم من الشجرة دون المواضع كلّها(1). و امّا ما وقع فيه التفسير فروايات ايضا.
منها: صحيحة الحلبي المتقدمة في تعداد المواقيت التى وقع فيها تفسير ذى الحليفة بمسجد الشجرة.
و منها: رواية الامالى قال انّ رسول الله وقّت لاهل العراق العقيق الى ان قال:
و وقت لاهل المدينة ذا الحليفة و هو مسجد الشجرة.(2)
و منها: رواية المقنع قال: وقت رسول الله لاهل الطائف قرن المنازل الى ان قال و لاهل المدينة ذا الحليفة و هو مسجد الشجرة(3) و الظاهر اتحاد الروايتينو قد عرفت اعتبار هذا النحو من الارسال.
و منها: صحيحة علىّ بن رئاب قال سئلت ابا عبد الله (عليه السلام) عن الاوقات التى وقّتها رسول الله (صلى الله عليه وآله) للناس فقال ان رسول الله (صلى الله عليه وآله)وقت لاهل المدينة ذا الحليفة و هى الشجرة و وقّت لاهل الشام الجحفة و وقت لاهل اليمن قرن المنازل و لاهل نجد العقيق(4) ثم انه ذكر السيد (قدس سره) في العروة ان الاحوط الاقتصار على المسجد اذ مع كونه هو المسجد فواضح و مع كونه مكانا فيه المسجد فاللازم حمل المطلق على المقيّد.
و اورد عليه بانّ نسبة المسجد الى ذى الحليفة بناء على انه المكان الذى فيه المسجد نسبة الجزء الى الكلّ لا الفرد الى الكلّى التى هى نسبة المقيد الى المطلق فيكون المراد من ذى الحليفة جزئه مجازا مع ان مقام التفسير و التعريف لا يلائم
- 1 ـ وسائل ابواب المواقيت الباب الاوّل ح ـ 13.
- 2 ـ وسائل ابواب المواقيت الباب الاوّل ح ـ 11.
- 3 ـ وسائل ابواب المواقيت الباب الاوّل ح ـ 21.
- 4 ـ وسائل ابواب المواقيت الباب الاوّل ح ـ 7.