(الصفحة 73)
المجاور في الجملة و استحبابا بالنسبة الى المجاور الآخر فلم لم يتعرضوا لها نعم ذكروهابعنوان احد مواضع ادنى الحلّ في احرام العمرة المفردة.
بقى الكلام في هذا الميقات فيما افاده في الذيل من ان الاحرام من المنزل للمذكورين انّما هو من باب الرخصة و الا فيجوز لهم الاحرام من احد المواقيت بل في محكّى. كشف اللثام: «و في الكافى و الغنية و الاصباح ان الافضل لمن منزله اقرب الاحرام من الميقات و وجهه ظاهر لبعد المسافة و طول الزمن» لكنه ربما يقال بانه ظاهر الاشكال فان ظاهر الامر بالاحرام من المنزل الالزام و التعيين.
و يدفعه ـ مضافا الى ما عرفت من ظهور الروايات في كون الاحرام من المنزل انّما هو للتسهيل و الترخيص و هو ينافي التعيين ـ ان الامر بالاحرام من المنزل او دويرة الاهل وارد في مقام الحظر او توهمه و لا دلالة له ـ ح ـ على التعيين بوجه هذا مضافا الى دلالة بعض الروايات على مجرد كون ميقاته او وقته منزله و هو لا ينافي الرجوع الى ميقات قبل هذا الميقات لان كل واحد من المواقيت ميقات لمن جعل له و لمن يمرّ عليه و عدم جواز تأخير الاحرام الى ميقات اخر انما هو لاستلزامه التجاوز عن الميقات من غير احرام و مع عدم الاستلزام كما اذا رجع من كان منزله جنب الجحفة الى مسجد الشجرة لان يحرم منه فلا مانع منه اصلا نعم في بعض الروايات الواردة في هذا الباب التعبير بقوله: عليه ان يحرم من منزله و لكنه مخدوش من حيث السّند و كيف كان فالظاهر انه لا مانع من الاحرام من الميقات بل ربما يكون افضل لما ذكر من بعد المسافة و طول الزمن.
الثالث: من المواقيت ادنى الحلّ و هو ميقات العمرة المفردة و حيث انه قد تقدّم منّا البحث في هذا المجال تفصيلا فلا جدوى في الاعادة و البحث فيه ثانيا.
(الصفحة 74)
تكملة
لا بدّ لتتميم البحث في المواقيت من التعرض لامرين:
الأمر الاوّل:
صرح الفاضلان في الشرايع و القواعد بل و غيرهما بانه لا فرق في جواز الاحرام في المحاذات بين البرّ و البحر و لكن المحكّى عن ابن ادريس انه قال ان ميقات اهل مصر و من صعد البحر جدّة و ظاهره كونها ميقاتا من المواقيت التي وقّتهاالرسول (صلى الله عليه وآله) مع انه لا يظهر ذلك من شىء من النصوص مع تعددها و تكثرها و لا من الفتاوى.
فاللازم ان يقال ـ كما في الجواهر ـ بانّ مراده هى المحاذاة و انّ جدة محاذية لبعض المواقيت فمن يمرّ عليها كاهل مصر و من صعد البحر يحرم منها لاجل المحاذاة و اورد عليها بوجهين:
احدهما: ان الميقات الذى يحتمل كونها محاذية له هو يلملم او الجحفة مع ان كليهما ممنوعان: امّا الاوّل فلان يلملم واقعة في جنوب مكة و جدة واقعة في شرق مكة فلا تكون محاذية لها و امّا الثاني فلان مقتضى بعض الخارطات المصورة للحجاز و ان كان هو ان الواصل الى قريب جدة في البحر يكون محاذيا للجحفة لكن وجود البعد الكثير بينهما يمنع عن الاكتفاء بذلك.
ثانيهما: ان ما عليه عمل الامامية في الازمنة الماضية التي كان السفر من طريق البحر كثيرا جدّا لكونه اهون من السفر من طريق البرّ هو الاحرام من محاذى الجحفة اذا كان واردا من المغرب لانّها ـ كما قيل ـ قرب رابغ و تبعد عن البحر ستة
(الصفحة 75)
اميال او ميلين ـ على اختلاف ـ فيكون الراكب في السفن عند توجهه من رابغ الى جدة محاذيا لها، و اذا كان واردا من جهة اليمن كان محاذيا ليلملم عند وصوله الى الموضع الذى بين قمران و جدة.
و مقتضى ذلك استمرار العمل على الاحرام قبل الوصول الى جدة نظرا الى المحاذات و عليه فلا تصل النوبة الى جدة و لو فرض ثبوت المحاذاة لها.
و لكنه اعترض سيّد المستمسك (قدس سره) على هذا الوجه بان الواصل الى ذلك المكان اذا توجه الى مكة المكرمة تكون يلملم بينه و بين مكة فيكون مواجها لها لا انّها عن يمينه او يساره مع كونه معنى المحاذات و مثله الواصل الى قرب رابغ في البحر فان الجحفة لا تكون عن يساره اذا توجه الى مكة قال: نعم الواصل الى الموضع الاول في البحر تكون يلملم عن يمينه بلحاظ طريق السفر، و كذا الواصل الى قرب رابغ تكون الجحفة عن يساره بلحاظ طريق السفر لكن لا اعتبار بذلك.
و الجواب عن هذا الاعتراض ان الملاك في باب المحاذات هو مجرد كون المحاذى واقعا عن يمين الميقات او يساره في طريق السفر الذي ينتهى الى مكة و يكون المراد منه الوصول اليها و هذا لا يفرق فيه بين تحقق المواجهة المذكورةو عدمه و بعبارة اخرى الملاك من ناحية هو الميقات و كون المحاذات من جهة اليمين او اليسار و من ناحية اخرى هو طريق السفر الذى يريد طيّه و المفروض تحقق المحاذاة من هذه الناحيّة فالظاهر صحة ما استمر العمل عليه من الاحرام في البحر قبل الوصول الى جدة من المحاذاة و قد ظهر من جميع ما ذكرنا انه لم يثبت كون جدّة ميقاتا و لا محاذيا لميقات.
الامر الثاني:
فيمن لم يمرّ على ميقات و لا على محاذيه و البحث فيه تارة من حيث الموضوع
(الصفحة 76)
و اخرى من حيث الحكم.
امّا من الجهة الاولى فقد ذكر صاحب الجواهر ان هذا الفرض ساقط لانه لا يخلو طريق من محاذات ميقات من المواقيت اذا لم يمرّ على نفس الميقات لانّها محيطة بالحرم، و مراده ان المواقيت كانها واقعة في دائرة محيطة بالحرم و كل جزء من اجزائها امّا ان يكون ميقاتا او محاذيا له و لا يتصور جزء فاقد للوصفين فهذا الفرض ساقط من البين.
اقول: بعد وضوح ان المراد بالمحاذاة ما يصحّ الاحرام منها لا مطلق المحاذاة و ان لم تكن كافية في صحة الاحرام انه يمكن تصوير الفرض بالاضافة الى الطرق الثلاثة: الهوائى و البحرى و البرّى.
امّا من طريق الهواء المتداول في هذه الازمنة بالنسبة الى كثير من الممالك الاسلامية سيّما مملكة ايران الاسلامية الواقعيّة فواضح انه يمكن بل يقع غالبا ان الطيارة لا تمرّ على ما يحاذى الميقات لان مرورها من فوق الميقات قلّ ما يتفقو ان قلنا بكفاية الاحرام من المحاذى من الفوق، و مرورها من فوق المحاذى لا يجدى لان الاعتبار بمحاذى الميقات لا بما يحاذى المحاذى و عليه فالراكب على الطيارة لا يمرّ على ميقات و لا على محاذيه نوعا.
و العجب من الفقهاء المعاصرين انهم كيف لم يتوجّهوا الى امكان الفرض من هذا الطريق و وقوعه نوعا و تسلموا ما افاده الجواهر من سقوطه مع وجود هذا الطريق في زمانهم دون زمانه.
و امّا من طريق البحر فمن الواضح ان جميع طرق البحر المنتهية الى جدّة ليست بنحو تبلغ الى محاذى الميقات و لا يكون الطريق منحصرا بما يسلك من اليمن حتى يكون في طريقه محاذاة يلملم او بما يأتى من قبل المغرب حتى يكون في طريقه محاذاة الجحفة فاذا سلك طريقا من غير هذين الطريقين فلا محالة لا يكون فيه
(الصفحة 77)
محاذاة لشىء من المواقيت اصلا.
و امّا من طريق البرّ فسقوط الفرض مبنى على سعة دائرة المحاذات من جهة الشمول لجميع المواقيت و عدم الاختصاص بحذاء الشجرة و من جهة الشمول للمحاذى البعيد و عدم الاختصاص بخصوص القريب و نحن و ان اخترنا السعة من الجهة الاولى لكن لم نقل بها من الجهة الثانية بل قلنا بالاختصاص بالقريبو عليه فلا يسقط الفرض اذا كان المحاذى بعيدا و لذا اورد على السيد (قدس سره) في العروة حيث جمع بين ما اخترناه في الجهة الثانية و بين سقوط الفرض تبعالصاحب الجواهر (قدس سره).
و قد تحصل مما ذكرنا في هذا المقام امكان الفرض و وقوعه خصوصا بالاضافة الى طريق الهواء نوعا فاللازم البحث في حكمه.
و امّا من الجهة الثانية و هي الحكم فاللازم اوّلا ملاحظة ان المواقيت التي وقّتها رسول الله (صلى الله عليه وآله) و قام دليل كفاية المحاذاة على سعتها و شمولها للمحاذى و عدم الاختصاص بخصوصها هل يكون مرجع توقيته (صلى الله عليه وآله) ايّاها الى لزوم المرورعليها بالاضافة الى قاصد الحج فهى كسائر المشاعر و المواقف كعرفات و مشعر يجب على المكلف ان يأتيها من اىّ مكان كان فاللازم على المكلف المرور على الميقات او المحاذي للاحرام و مرجع التوقيت الى هذا او انّ معنى التوقيت يرجع الى قضية تعليقية و هى انه لو مرّ المكلف القاصد للحج عليه لا يجوز ان يتجاوز عنه من غير احرام و لكن المرور عليه ليس بواجب فعلى الاوّل يكون الواجب على من نزل من الطائرة في جدة ان يأتى ميقاتا من المواقيت او ما بحكمه فيحرم منه كما انه على الثاني لا يجب عليه ذلك لعدم مروره على الميقات على ما هو المفروض.
و قد ورد في روايات المواقيت تعبيران ربما استفيد منهما الاحتمال الاول:
احدهما: ما ورد في صحيحة الحلبي عن ابي عبد الله (عليه السلام) من قوله (عليه السلام)
|