(الصفحة 384)
قال: نعم(1). لكن في بعض الروايات قوله: يفرق بينهما و لا يجتمعان في خباء حتى يبلغ الهدى محلّه(2). و هذا يختص بالحج و في كلامه (قدس سره) مواضع اخرى للنظر و الاشكال فتدبر.
و العمدة في الجواب ان يقال انّ الجواب المتعرض للحكم بوجوب الحج من قابل قرينة على كون مراد السائل الوقاع في احرام الحج و ان كان مقتضى اطلاقه الشمول للعمرة و يؤيّده انه لا مجال للحكم المذكور بالاضافة الى العمرة المفردة مع ان اطلاق السؤال شامل لها ايضا.
و قد انقدح من جميع ما ذكرنا انه لم ينهض دليل على بطلان عمرة التمتع بالجماع قبل السّعي كما انه لم يثبت شهرة فتوائية على ذلك و لكن يظهر من بعض الكلمات اقامة الدليل على الصّحة في خصوص صورة ضيق الوقت عن اعادة عمرة التمتّع و هو ما حكاه صاحب الجواهر (قدس سره) من انه يلزم ـ اى على تقدير البطلان في الصورة المذكورة ـ احد امرين امّا تاخير الحج الى قابل او الاتيان به مع فساد عمرته و هو يستلزم امّا فساده مع الاتيان بجميع افعاله و التجنب فيه عن المفسد، او انتقاله الى الافراد و اذا انتقل الى الافراد سقط الهدي و انتقلت العمرة مفردة فيجب لها طواف النساء و في جميع ذلك اشكال.
اقول: امّا في صورة سعة الوقت فلا مانع من الالتزام بوجوب عمرة مستأنفة و الظاهر ان احرامها لا بد و ان يكون من احد المواقيت الخمسة او الستّة المعروفة مع التمكّن لا ادنى الحلّ كالتنعيم و نحوه كما عرفت في كلام بعض الاعلام (قدس سره).
و امّا في صورة الضيق عن الاستيناف فلا مانع من الانتقال الى الافراد كما في
- 1 ـ وسائل ابواب كفارات الاستمتاع الباب الثالث ح ـ 14.
- 2 ـ وسائل ابواب كفارات الاستمتاع الباب الثالث ح ـ 5.
(الصفحة 385)
نظائره مثل ما اذا ضاق الوقت عن اتمام عمرة التمتّع بعد الاحرام لها من احدالمواقيت و قد تقدم البحث عنه تفصيلا حيث ينقلب الى الافراد فالمقام ايضا مثله و عليه فكما لم ينهض دليل على البطلان، لا مجال للاستدلال على الصحة بما ذكر لكن لا حاجة الى اقامة الدليل على الصّحة و مما ذكرنا ينقدح صحّة ما استظهره في المتن من عدم البطلان و لكن الظاهر انه لا يجتمع الاستظهار المذكور مع جعل الاحتياط في صورة الضيق الحج افرادا و الاتيان بعده بعمرة مفردة فانه مع تعين حج التمتع عليه و استظهار عدم بطلان عمرته بالجماع كيف يكون الاحتياط في الحج الافرادي الذي هو ادنى انواع الحج كما لا يخفى نعم الاعادة في العام القابل لا شبهة في كونه اعلى مراتب الاحتياط. ثم انّه بعد استظهار صحّة العمرة بالجماع قبل السّعي تظهر صحّتها بالجماع بعد السعي و قبل التقصير بطريق اولى.
بقي الكلام في الكفارة فالمشهور انّها بدنة على الموسر و بقرة على المتوسط و شاة على الفقير و في المتن جعل الاحوط اللزومي البدنة مطلقا من دون فرق بين الغنّي و الفقير و ظاهر العبارة المتقدمة المحكية عن ابن ابي عقيل تعين البدنة بنحو الفتوى و حكى عن سلاّر وجوب البقرة لا غير و عن الصدوق في المقنع الاقتصار على الفتوى بمضمون صحيح التخيير. و الدليل على الكفارة بعد ما عرفت من كون مورد صحيحة معاوية بن عمّار المتقدمة الحج و لا اقل من عدم ثبوت ورودها في عمرة التمتع ينحصر في روايتين:
احديهما: صحيحة ابن مسكان عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال قلت متمتع وقع على امرأته قبل ان يقصّر فقال عليه دم شاة(1).
ثانيتهما: صحيحة عمران الحلبي انه سئل ابا عبد الله (عليه السلام) عن رجل طاف بالبيت
- 1 ـ وسائل ابواب كفارات الاستمتاع الباب الثالث عشر ح ـ 3.
(الصفحة 386)
و بالصفا و المروة و قد تمتّع ثم عجل فقبل امرأته قبل ان يقصر من رأسه قال عليه دم يهريقه و ان جامع فعليه جزور او بقرة(1). و احتمال كون الترديد من الرّاوي لا مجال للاعتناء به.
اقول: امّا الحكم بتعين البدنة فتوى او احتياطا لزوميّا فمنشأه ظاهرا صحيحة معاوية بن عمّار الّتي قد عرفت عدم ثبوت ورودها في عمرة التمتع فلا مجال للاتكال عليها.
و امّا الحكم بتعين البقرة فلعلّ وجهه عدم معقولية التخيير بين الاقل و الاكثرو انّ مرجعه الى وجوب الاقلّ و استحباب الزائد عليه.
و يرد عليه ـ مضافا الى ما حقق في محلّه من علم الاصول، انّ التخيير بين الاقل و الاكثر امر معقول غير مستحيل و كما ان الاقل فيما اذا اقتصر عليه احد طرفي الواجب و الاتيان به يكون مجزيا كذلك الاكثر يكون طرفا آخر للواجب و اذا اتى به يكون الجميع متصفا بالوجوب و الموافقة تحصل بالمجموع لا بالاقل الذي في ضمنه ـ انّ البقرة و الجزور ليسا من الاقل و الاكثر بل هما نوعان متبائنان و ان اختلفا في المالية لكن الملاك ليس مجرد المالية بل نفس العنوانين و عليه فلا مجال لرفع اليد عن ظهور الرواية في التخيير بعد كونهما من الامرين المتبائنين مضافا الى ظهور الصحيحة الاولى في ان الكفارة هي شاة التي هي اقل من البقرة بحسب الماليّة.
و اللازم الجمع بين الروايتين و هو يحصل باحد وجهين:
احدهما: ما ذهب اليه المشهور من الحمل على اختلاف حالات المكلف من جهة كونه موسرا او متوسطا او فقيرا و يؤيده ورود هذا النحو من الكفارة فيمن
- 1 ـ وسائل ابواب كفارات الاستمتاع الباب الثالث عشر ح ـ 5.
(الصفحة 387)
نظر الى ساق امرأة بشهوة فامني و في الجماع قبل طواف النساء في الحجّ.
و يرد عليه انه لا اشعار في شيء من الروايتين بذلك و ثبوت مثله في مثل الموردين لا دلالة له على الثبوت في المقام مضافا الى ان قرينة المقابلة في الصحيحة الثانية الدالة على ثبوت مطلق الدم على من قبّل امرأته قبل ان يقصّر تقتضى عدم ثبوت الشاة في المقام بوجه فلا مجال لهذا الوجه و ان ذهب اليه المشهور.
ثانيهما: التخيير بين الامور الثلاثة من دون فرق بين الغني و المتوسط و الفقير قال في الجواهر: و لو لا مخالفة خرق الاجماع كان المتجه التخيير مترتبة في الفضل.
قلت لا مجال لدعوى ثبوت الاجماع بعد ما عرفت من اختلاف الفتاوى الاّ ان يراد به الاجماع المركب مع انه على تقديره لا مانع من مخالفته لاستناد المجمعين الى الروايات الواردة في المسئلة فلا اصالة للاجماع و ـ ح ـ فالاظهر في مقام الجمع هو هذا الوجه فتدبر.
بقي في اصل المسئلة امور ينبغي التنبيه عليها:
احدها: انّ ظاهر المتن ثبوت الكفارة في الفرض الاوّل الذي هو الجماع قبل السعي مع ان الظاهر انه لم يقم دليل على ثبوت الكفارة في هذا الفرض الاّ ان يستدل له بالاولوية نظرا الى ان ثبوتها في الجماع بعد السعي و قبل التقصيريقتضي ثبوتها في هذا الفرض بطريق اولى.
و لكن يرد عليه ان الاولوية القطعية ممنوعة و الاولوية الظنية غير معتبرة.
و يمكن ان يستدل له بشمول اطلاق قوله قبل ان يقصر لقبل السعي ايضا و لم يقع الاستفصال في الجواب و لكن ذكر صاحب الجواهر (قدس سره) في ذيل صحيحة معاوية بن عمار التي نقلها بصورة: و لم يقصر، ان المتبادر منها الوقاع بعد السعي قبل التقصير و لا يشمل اطلاقها لصورة ما اذا لم يتحقق منه السّعي هذا و لكن مع ذلك
(الصفحة 388)مسألة 2 ـ لو ارتكب ذلك في احرام الحجّ عالما عامدا بطل حجّه ان كان قبلوقوف عرفات بلا اشكال، و ان كان بعده و قبل الوقوف بالمشعر فكذلك على الاقوى فيجب عليه في الصورتين اتمام العمل و الحج من قابل و عليه الكفّارة و هي بدنة، و لو كان ذلك بعد الوقوف بالمشعر فان كان قبل تجاوز النصف من طواف النساء صحّ حجّه و عليه الكفارة و ان كان بعد تجاوزه عنه صحّ و لا كفارة على الاصحّ1.
لا يبعد دعوى الاطلاق في مثل هذا التعبير و عليه فثبوت الكفارة لو لم يكن اقوى يكون مقتضى الاحتياط اللّزومي.
ثانيها: انّ الظاهر انه لا فرق في الجماع الموجب للكفارة بين ما اذا كان في القبل و ما اذا كان في الدبر لصدق الجماع على كليهما و دعوى الانصراف الى خصوص القبل ممنوعة خصوصا بعد اشتراكهما في مثل الزّنا و نحوه.
ثالثها: ان تعميم الحكم للجماع مع الذكر لم يقم عليه دليل لما عرفت في اوّل بحث كون الجماع من محرمات الاحرام انه قد فسر الرفث المنفي في الآية في الحج بجماع النّساء و لم يقم دليل على كون وطي الذكر من محرمات الاحرام كما انه لم ينهض دليل على شمول الحكم للاجنبية و مجرد كونه اغلظ و افحش لا يستلزم كونه من محرمات الاحرام و الاّ يلزم ان تكون المعاصي خصوصا الكبيرة منها من محرّمات الاحرام و العجب من المتن انه جعل عنوان المحرّم في الاحرام «النساء» ثم صرّح في هذه المسئلة بعدم الفرق بين الذكر و الانثى فتدبّر.
1 ـ قد وقع عنوان المسئلة في الشرايع هكذا: «فمن جامع زوجته في الفرج قبلا او دبرا عامدا عالما بالتحريم فسد حجّه و عليه اتمامه و بدنة و الحج من قابل سواء كان حجته التي افسدها فرضا او نفلا» و هذا التعبير احسن مما في المتن حيث ان ظاهره ان الاحكام الثلاثة وجوب الاتمام و الحج من قابل و لزوم الكفارة انّما هي متفرعة على الفساد في الصورتين الاوليين مع ان القائل بعدم الفساد ايضا يقول بترتب هذه الاحكام على الجماع فيهما و امّا تعبير الشرايع فخال