(الصفحة 252)
و ليس المراد بالكراهة هي الكراهة التكليفية حتى يحتاج الى دعوى ان المراد منهاهي الحرمة و ان الكراهة في مقابلها اصطلاح فقهى بل المراد منها بقرينة نفي الباس الظاهر في الجواز الوضعى هو ما يقابل الجواز المذكور و لا ينطبق الاّ على الاشتراط و الاعتبار.
و مثلها رواية ابي الحسن النهدي(1). و كيف كان فملاحظة مجموع الروايات بضميمة الفتاوى توجب الاطمينان باعتبار الامور المذكورة.
بقي الكلام: في انه هل يجوز الاحرام في الحرير للنساء ام لا فيه قولان فالمحكى عن المفيد (قدس سره) في بعض كتبه و ابن ادريس في السرائر و العلامة في القواعد بل المنسوب الى اكثر المتأخرين الجواز و عن الشيخ و الصدوق بل عن المفيد في بعض عباراته و السيّد هو العدم و احتاط في المتن وجوبا تبعا للمحقق في الشرايع.
و يدل: على الجواز ـ مضافا الى منطوق صحيحة حريز المتقدمة الدالة بعمومهاعلى ان كل ثوب يصلي فيه لا بأس بان يحرم فيه الاّ ان يناقش فيه بان التعبير فيه بصورة الخطاب و المخاطب هو الرجل فلا يستفاد منه العموم ـ بعض الروايات مثل صحيحة يعقوب بن شعيب قال قلت لابي عبد الله (عليه السلام) المرأة تلبس القميص تزرّه عليها و تلبس الحرير و الخز و الديباج فقال نعم لا بأس به و تلبس الخلخالين و المسك(2). و حكى عن النهاية ان المسكة بالتحريك السوار من الذبل و هي قرون الاوعال و قيل: جلود دابة بحرّية. و لا مجال لاحتمال كون المرادهو اللبس في غير حال الاحرام كما لا يخفى.
و رواية النضر بن سويد عن ابي الحسن (عليه السلام) قال سئلته عن المرأة
- 1 ـ وسائل ابواب تروك الاحرام الباب التاسع و العشرون ح ـ 3.
- 2 ـ وسائل ابواب الاحرام الباب الثالث و الثلثون ح ـ 1.
(الصفحة 253)
المحرمة اىّ شىء تلبس من الثياب؟ قال تلبس الثياب كلّها الاّ المصبوغة بالزعفران و الورس و لا تلبس القفازين، و لا حلّيا تتزين به لزوجها و لا تكتحل الاّ من علة و لا تمسّ طيبا و لا تلبس حليّا و لا فرندا و لا بأس بالعلم في الثوب(1). قال في الجواهر: و القفاز كرمّان شى يعمل لليدين و يحشي بقطن تلبسهما المرأة للبرد ـ و يعبر عنه في الفارسية ب دستكش ـ او ضرب من الحلّي لليدين و الرجلين و الفرند بكسر الفاء و الرّاء ثوب معروف.
و امّا ما يدل على عدم الجواز فروايات كثيرة:
منها: رواية ابي عيينة عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال سئلته ما يحلّ للمرأة ان تلبسو هي محرمة فقال الثياب كلّها ما خلا القفازين و البرقع و الحرير قلت اتلبس الخز قال نعم قلت فان سداه ابريسم و هو حرير قال: ما لم يكن حريرا خالصافلا بأس(2).
و منها: رواية عيص بن القاسم قال: قال ابو عبد الله (عليه السلام) المرأة المحرمة تلبس ما شاءت من الثياب غير الحرير و القفازين الحديث(3).
و منها: رواية اسماعيل بن الفضيل قال سئلت ابا عبد الله (عليه السلام) عن المرأة هل يصلح لها ان تلبس ثوبا حريرا و هى محرمة قال لا و لها ان تلبسه في غير احرامها(4). و لا مجال لدعوى كون الجواب بالنفي مع كون المنفي هو يصلح غير ظاهر في عدم الجواز بعد كون المراد هو الجواز الوضعى.
و منها: رواية سماعة انه سئل ابا عبد الله (عليه السلام) عن المحرمة تلبس
- 1 ـ وسائل ابواب تروك الاحرام الباب التاسع و الاربعون ح ـ 3.
- 2 ـ وسائل ابواب الاحرام الباب الثالث و الثلثون ح ـ 3.
- 3 ـ وسائل ابواب الاحرام الباب الثالث و الثلثون ح ـ 9.
- 4 ـ وسائل ابواب الاحرام الباب الثالث و الثلثون ح ـ 10
(الصفحة 254)مسألة 21 ـ لا يجوز الاحرام في ازار رقيق بحيث يرى الجسم من ورائه و الاولى ان لا يكون الرداء ايضا كذلك1.
الحرير فقال: لا يصلح ان تلبس حريرا محضا لا خلط فيه فامّا الخزّ و العلم في الثوب فلا بأس ان تلبسه و هي محرمة، و ان مرّ بها رجل استترت منه بثوبها، و لا تستتر بيدها من الشمس و تلبس الخزّ اما انّهم يقولون انّ في الخز حريرا و انما يكره المبهم(1).
و منها: غير ذلك من الروايات الظاهرة في المنع الوضعى.
و قد جمع بين الطائفتين امّا بحمل النصوص المانعة على الكراهة و امّا بحمل نصوص الجواز على الممتزج و نصوص المنع على الخالص و لعلّ الثاني اولى لما عرفت من عدم كون الروايات مسوقة لبيان الحكم التكليفي جوازا و منعا بل لبيان الحكم الوضعى و عليه فالاحوط لو لم يكن اقوى هو عدم الجواز بل الظاهر عدم الاختصاص بحال عقد الاحرام و الشمول لللبس في استدامته فتدبّر.
1 ـ قد جزم في محكّى الدّروس بعدم جواز الاحرام في الازار اذا كان حاكياللعورة و الوجه فيه هي صحيحة حريز المتقدمة في المسئلة السابقة الدالة بالمفهوم على عدم جواز الاحرام في ثوب لا يجوز الصلوة فيه و من الظاهر ان الثوب الحاكى للعورة لا تجوز الصلوة فيه لوجوب سترها بحيث لم تكن مرئيّة من وراء الثوب لكن المحكى عن المدارك انه قال: اطلاق عبارات الاصحاب يقتضي جواز الاحرام فيهما مطلقا و يرد عليه مضافا الى منع الاطلاق في كلماتهم خصوصا مثل عبارة الشرايع: لا يجوز الاحرام فيما لا يجوز لبس جنسه في الصلوة انه لا مجال له مع دلالة الرواية الصحيحة على الخلاف هذا في الازار.
و امّا الرداء فحكم في المتن باولوية عدم كونه كذلك كالرداء لكن في
- 1 ـ وسائل ابواب الاحرام الباب الثالث و الثلثون ح ـ 7.
(الصفحة 255)مسألة 22 ـ لا يجب على النساء لبس ثوبي الاحرام فيجوز لهنّ الاحرام في ثوبهنّ المخيط1.
الدروس و تبعه بعض المعاصرين ان اعتباره فيه احوط اى يكون مقتضي الاحتياط الوجوبي و الوجه فيه انه لا يكون الرداء في باب الاحرام يقايس بالرداء في باب الصلوة حتى يقال بانه لا يلزم ان لا يكون الرداء حاكيا لعدم اعتبار ذلك في باب الصلوة بل الظاهر ملاحظة الردّاء بالاضافة الى ما يجب ستره في الصلوةو هي العورة ففي الحقيقة الرداء الكذائي لا تجوز الصلوة فيه فيما يرتبط بالستر الواجب و هو ستر العورة فالرداء في الاحرام لا يقاس بالرداء الصلوتي بعد عدم اعتبار الرداء في الصلوة اصلا بل يقاس بالازار الصلوتى الذي يعتبر ان لا يكون حاكيا و عليه فالاحوط لو لم يكن اقوى هو الاعتبار في الرداء ايضا.
1 ـ قال في الجواهر: «انّ الظاهر عدم وجوب لبس ثوبين لخصوص الاحرام للامرأة تحت ثيابها و ان احتمله بعض الافاضل بل جعله احوط و لكن الاقوى ما عرفت خصوصا بعد عدم شمول النصوص السّابقة للاناث الاّ بقاعدة الاشتراك التي يخرج عنها هنا بظاهر النص و الفتوى و الله العالم».
و ظاهره انّ ظاهر النص و الفتوى هو الاختصاص مع انه لم يصرّح بالاختصاص قبله الاّ صاحب الحدائق و الفتاوى في ذلك مطلقة خصوصا مع ملاحظة ان الحكم بوجوب لبس الثوبين في الاحرام قد جعل في عداد النيّةو التلبية مع وضوح عدم الاختصاص فيهما و عليه فلو كان الامر الثالث مختّصا بالرجال و مختلفا مع الامرين الاولين لكان اللازم التنبيه عليه و التصريح بالافتراق و امّا النصوص فهى و ان كان اكثرها بصورة الخطاب للرّاوي الذي هوالرجل الاّ ان الغاء الخصوصية في بعض موارد التصريح بالرجولية كقوله رجل شك بين الثلاث و الاربع ـ مثلا ـ يقتضي الغائها في المقام بطريق اولى خصوصا بعد كون المستحبات المذكورة قبل اللبس كتقليم الاظفار و نتف الشعر و السواك
(الصفحة 256)
و الاغتسال غير مختصة بالرجال.
و لاجل ذلك صار استظهار صاحب الجواهر (قدس سره) موردا لاستشكال بعض المتأخرين عنه كصاحب المستمسك (قدس سره) و لقد تصدي بعض الاعلام ـ قدس سره الشريف ـ لتوجيه كلام صاحب الجواهر و الدفاع عنه بما يرجع محصّله الى انه لا خلاف و لا اشكال في وجوب اصل اللبس على المرأة في مقابل العرى و انه لا يجوز لها الاحرام عارية و ان امنت النظر كما اذا احرمت في ظلمة الليل و نحو ذلك و تدل على ذلك عدة من الروايات الآمرة بلبس الثياب على المرأة الحائض او الدالة على اعتبار ان يكون ثوبها طاهرا و ان تتخذ ثوبا يقي من سراية النجاسة الى ثيابها التي تحرم فيها و نحو ذلك و امّا وجوب لبس خصوص الازار و الرداء عليها كالرّجال فليس في البين ما يدل على هذه الخصوصية في حقهنّ ايضا لانّ مورد ما يدل عليها هو الرجال و لا مجال للاستناد الى قاعدة الاشتراك للتعميم لانها انماتجري فيما اذا لم تحتمل الخصوصية و امّا مع احتمالها باعتبار عدم جواز لبس المخيط للرجال و وجوب التجرد عليهم من الثياب و نحو ذلك و جواز الجميع للنساء فلا مجال لجريان قاعدة الاشتراك و بالجملة بعد انه لا يجوز للمرأة الاحرام عارية يكون وجوب لبس خصوص الثوبين امّا ان يكون مستنده قاعدة الاشتراك التي عرفت عدم جريانها لاحتمال الخصوصية و امّا ان يكون مستنده النصوص و قد عرفت ان مقتضاها وجوب اصل الثياب و امّا كون التعميم مخالفا للفتاوي فلانهاايضا تدل على جواز لبس المخيط لها و عدم وجوب نزع الثياب عليها بل جوز بعضهم لبس الحرير لها فكلام صاحب الجواهر (قدس سره)في محلّه.
اقول: امّا ما افاده من ان احتمال الخصوصية المتحقق في المقام يمنع عن جريان قاعدة الاشتراك و الغاء الخصوصية فيرد عليه ما مرّ سابقا من عدم الارتباط بين مسئلة لبس الثوبين الذي هو واجب تعبدي شرعي مستقل و محلّه