(الصفحة 20)الاوّل: ذو الحليفة و هو ميقات اهل المدينة و من يمرّ على طريقهم، و الاحوط الاقتصارعلى نفس مسجد الشجرة لا عنده في الخارج بل لا يخلو من وجه1.
ثم ان قوله (عليه السلام) و لم يكن يومئذ عراق اشارة الى ان ميقات اهل العراق ايضا كان تعيينه من رسول الله (صلى الله عليه وآله) مع عدم وجوده في زمانه او عدم وجود مسلم فيه فماعن بعض العامة من عدم كونه منه (صلى الله عليه وآله) واضح الفساد و يدل عليه ايضا رواية ابى ايوب المتقدمة.
1 ـ يقع الكلام فيه في ثلاثة مقامات:
المقام الاوّل:
انه لا شبهة في انّ ذا الحليفة ميقات لاهل المدينة لكن عبارات الاصحاب مختلفة في عنوانها فعن جملة منها التعبير بهذا العنوان و عن جملة اخرى التعبير بمسجد الشجرة كالمحقق في اكثر كتبه و عن جملة ثالثة انه ذو الحليفة و انه مسجد الشجرة و كيف كان لا اشكال نصّا و فتوى في كونه ميقاتا لاهل المدينة و قد مرّ بعض الروايات و سيأتى البعض الاخر انشاء الله تعالى.
المقام الثاني:
انّ الروايات الواردة في هذا المقام مختلفة من جهة التعبير بذي الحليفة و بالشجرة و بمسجد الشجرة كما ان في بعضها تفسير ذى الحليفة بالشجرة و في بعضها تفسيره بمسجد الشجرة فاللازم ملاحظتها فنقول:
منها: صحيحة ابى ايوب الخراز المتقدمة المشتملة على قوله (عليه السلام): ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقّت لاهل المدينة ذا الحليفة.
و منها: صحيحة معاوية بن عمّار المتقدمة ايضا.
و منها: رواية على بن جعفر عن اخيه موسى بن جعفر (عليهما السلام) المشتملة على قوله (عليه السلام):
(الصفحة 21)
و اهل المدينة من ذى الحليفة(1).
و منها: صحيحة الحلبى قال سئلت ابا عبد الله (عليه السلام) من اين يحرم الرجل اذا جاوز الشجرة فقال من الجحفة و لا يجاوز الجحفة الاّ محرما(2).
و منها: صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال من اقام بالمدينة شهرا و هو يريد الحج ثم بداله ان يخرج في غير طريق اهل المدينة الذى ياخذونه فليكن احرامه من مسيرة ستّة اميال فيكون حذاء الشجرة من البيداء(3). و ذكر في الوسائل بعد نقل الرواية عن الكلينى انه قال و في رواية اخرى يحرم من الشجرة ثم يأخذ اىّ طريق شاء(4).
و منها: موثقة ابراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) قال سئلته عن قوم قدموا المدينة فخافوا كثرة البرد و كثرة الايّام يعنى الاحرام من الشجرة و ارادوا ان يأخذوا منها الى ذات عرق فيحرموا منها فقال لا و هو مغضب من دخل المدينة فليس له ان يحرم الاّ من المدينة(5).
و منها: مرسلة الحسين بن الوليد عمّن ذكره قال قلت لابى عبد الله (عليه السلام) لاىّ علّة احرم رسول الله (صلى الله عليه وآله) من مسجد الشجرة و لم يحرم من موضع دونه فقال لانه لمّا اسرى به الى السّماء و صار بحذاء الشجرة نودى يا محمّد قال: لبيك قال الم اجدك يتيما فاويتك و وجدتك ضالاّ فهديتك فقال النبي (صلى الله عليه وآله) ان الحمد و النعمة
- 1 ـ وسائل ابواب المواقيت الباب الأوّل ح ـ 5.
- 2 ـ وسائل ابواب المواقيت الباب الخامس ح ـ 3.
- 3 ـ وسائل ابواب المواقيت الباب السابع ح ـ 1.
- 4 ـ وسائل ابواب المواقيت الباب السابع ح ـ 2.
- 5 ـ وسائل ابواب المواقيت الباب الثامن ح ـ 1.
(الصفحة 22)
و الملك لك لا شريك لك فلذلك احرم من الشجرة دون المواضع كلّها(1). و امّا ما وقع فيه التفسير فروايات ايضا.
منها: صحيحة الحلبي المتقدمة في تعداد المواقيت التى وقع فيها تفسير ذى الحليفة بمسجد الشجرة.
و منها: رواية الامالى قال انّ رسول الله وقّت لاهل العراق العقيق الى ان قال:
و وقت لاهل المدينة ذا الحليفة و هو مسجد الشجرة.(2)
و منها: رواية المقنع قال: وقت رسول الله لاهل الطائف قرن المنازل الى ان قال و لاهل المدينة ذا الحليفة و هو مسجد الشجرة(3) و الظاهر اتحاد الروايتينو قد عرفت اعتبار هذا النحو من الارسال.
و منها: صحيحة علىّ بن رئاب قال سئلت ابا عبد الله (عليه السلام) عن الاوقات التى وقّتها رسول الله (صلى الله عليه وآله) للناس فقال ان رسول الله (صلى الله عليه وآله)وقت لاهل المدينة ذا الحليفة و هى الشجرة و وقّت لاهل الشام الجحفة و وقت لاهل اليمن قرن المنازل و لاهل نجد العقيق(4) ثم انه ذكر السيد (قدس سره) في العروة ان الاحوط الاقتصار على المسجد اذ مع كونه هو المسجد فواضح و مع كونه مكانا فيه المسجد فاللازم حمل المطلق على المقيّد.
و اورد عليه بانّ نسبة المسجد الى ذى الحليفة بناء على انه المكان الذى فيه المسجد نسبة الجزء الى الكلّ لا الفرد الى الكلّى التى هى نسبة المقيد الى المطلق فيكون المراد من ذى الحليفة جزئه مجازا مع ان مقام التفسير و التعريف لا يلائم
- 1 ـ وسائل ابواب المواقيت الباب الاوّل ح ـ 13.
- 2 ـ وسائل ابواب المواقيت الباب الاوّل ح ـ 11.
- 3 ـ وسائل ابواب المواقيت الباب الاوّل ح ـ 21.
- 4 ـ وسائل ابواب المواقيت الباب الاوّل ح ـ 7.
(الصفحة 23)
الحمل المذكور و لو مع قطع النظر عن الجزئية و الكلية فلا مجال للحمل المذكور في مثل قوله: البيت مجموع الدار و البيت بيت من الدار كما ان الظاهر ان الحمل على المجازية لا يناسب التفسير و التعريف.
فاللازم ان يقال بثبوت التعارض و حيث ان التفسير بمسجد الشجرة اظهر من التفسير بالشجرة لان ظهورها في مدخلية المسجد اقوى من ظهور الاخر في عدم المدخلية و عليه فالظاهر هو ان المراد بذى الحليفة هو المسجد لا المجموع منه و من سائر المواضع الذى يطلق عليه عنوان الشجرة.
ثم انه ذكر السيد (قدس سره) بعد كلامه المتقدم: «لكن مع ذلك الاقوى جوازالاحرام من خارج المسجد و لو اختيارا و ان قلنا ان ذا الحليفة هو المسجد و ذلك لان مع الاحرام من جوانب المسجد يصدق الاحرام منه عرفا اذ فرق بين الامربالاحرام من المسجد او بالاحرام فيه، هذا مع امكان دعوى ان المسجد حدّ للاحرام فيشمل جانبه مع محاذاته، و ان شئت فقل: المحاذاة كافية و لو مع القرب من الميقات» و حاصل كلامه ان المسجد قد اخذ مبدء لا ظرفا و معنى المبدئية عدم جواز الاحرام قبل الوصول اليه او بعده فلا يلزم ان يقع الاحرام في نفس المسجد بل لو كان من خارجه المتصل به كما اذا احرم قرب جداره يصدق الاحرام من المسجد بل لو كان من محلّ منفصل عنه و لكنه كان قريبا به يكفى الاحرام منه مع محاذاته لعدم اختصاص جواز الاحرام من محاذى الميقات بالبعيد كما سيأتي البحث عنه انشاء الله تعالى.
و في بعض الشروح نفى البعد عن كون مسجد الشجرة اسما لمنطقة فيها المسجدكما هو كذلك في بلدة «مسجد سليمان» لا اسما لنفس المسجد.
و لكن هذا الكلام في غاية البعد بعد كون المعروف عند المتشرعة خلفا عن سلف كون مسجد الشجرة اسما لنفس المسجد المعروف لا لمجموع المنطقة التي فيها المسجد.
(الصفحة 24)
و امّا اصل جواز الاحرام من خارج المسجد الذى ذهب اليه السيّد و حكى عن المحقق الثانى في حاشية القواعد حيث قال: ان جواز الاحرام من الموضع المسمّى بذى الحليفة و ان كان خارج المسجد لا يكاد يدفع. و مال اليه صاحب الجواهر في مبحث المحاذاة مستشهدا باطلاق الاحرام مع المحاذاة لمسجد الشجرة في صحيحة عبد الله بن سنان المتقدمة نظرا الى انه لو وجب الاحرام من نفس المسجد لوجب الامر به فيها فاللازم التكلم فيه و على تقدير ثبوته لا يبقى مجال للايجاب على الحائض و الجنب ان يحرما من المسجد مجتازين لانّه لا موجب له بعد جواز الاحرام من الخارج لغيرهما اختيارا كما هو ظاهر.
اقول: الظاهر انه لا يجوز الاحرام من الجوانب المتصلة بالمسجد بدعوى صدق الاحرام من المسجد عليه لان المسجد اخذ مبدء لا ظرفا و ذلك لبطلان هذه الدعوى فان المتفاهم عند العرف من الاحرام من المسجد هو الاحرام من داخل المسجد لا خارجه و لا يقاس الاحرام بمثل الصلوة التى اذا اريد وقوعها في المسجد لا بد من استعمال كلمة «فى» الظاهرة في الظرفية فان الصلوة امر لا يتجاوز الاتيان بها عن ساعة ـ مثلا ـ و ليس لها دوام و استمرار بخلاف الاحرام الذى اذا تحقق في المسجد يكون شروعه فيه و لا بد من دوامه و استمراره الى الدخول في مكةو الاتيان بمناسك العمرة او الى الذهاب الى عرفات و قضاء مناسك الحج و عليه فاذا اريد وقوعه و شروعه من المسجد فلا سبيل الى افادة ذلك سوى استعمال كلمة «من» و عليه فهذه الكلمة ظاهرة في الشروع لا في المبدئية المكانية و يدل عليه مضافا الى ما عرفت من المتفاهم العرفى خصوصا بعد كون الاحرام عبادة و المسجد مجلّها انه لا شبهة في استحباب وقوع احرام حج التمتع في مسجد الحرام و كونه افضل من الاحرام خارج المسجد مع انّ الرواية الدالة على ذلك قد وقع فيها استعمال كلمة «من» ففى صحيحة عمرو بن حريث قال قلت لابى عبد الله (عليه السلام)