(الصفحة 45)الثالث: الجحفة و هي لاهل الشام و مصر و مغرب و من يمرّ عليها من غيرهم1.
دون فرق بين ما اذا خيف الضرر على الترك و بين غيره و بالجملة فالمتعلّق للوجوب هو عنوان التقية و عدم رعايتها باظهار التلبية لا يقتضى الاّ مخالفة تكليف وجوبى و لا يكون في البين سوى ذلك التكليف و عليه فلا يبقى مجال للحكم بالبطلان بالاضافة الى الاحرام لعدم تعلق النهى به حتى يوجب فساده لعدم اقتضاء الامر بالشىء للنهى عن الضد مطلقا ـ الضد العام و الضد الخاص ـ و لا مجال للحكم بالبطلان من جهة عدم الامر مع وجود الامر بالتقية و كونها اهم من الاحرام من المسلخ خصوصا بعد عدم تعينه و التخيير بينه و بين الوسط و بين المنتهى لما حقق في محلّه من عدم توقف صحة العبادة على تعلق الامر الفعلى بها و كفاية الملاك و المناط فيها و على تقدير التوقف يكون الامر بالمهم ثابتا امّا من طريق الترتب و امّا من الطريق الآخر الذى سلكه سيدنا الاستاذ المحقق الماتن ـ قدس سره الشريف ـ في مباحثه الاصولية و عليه فالقاعدة لا تقتضى البطلان نعم ورد في باب الوضوء الذي لم يراع فيه التقية رواية دالة على بطلانه و بالغاء الخصوصية ربما يستفاد منها الحكم في جميع الموارد لكن الاشكال في سند الروايةو قد انقدح من جميع ما ذكرنا صحة الاحرام المخالف للتقية و ان كان مقتضى الاحتياط الاستحبابي في المقام تجديده في ذات عرق.
1 ـ قال في الجواهر: و انما سميت الجحفة لاجحاف السّيل بها و باهلها، و هي على سبع مراحل من المدينة و ثلاث من مكّة و لا خلاف و لا اشكال في كونها ميقاتا للمذكورين في المتن و يدل عليه النصوص و الروايات المتكثرة المشتمل كثيرمنها على كونه ميقاتا لاهل الشام كصحيحة الحلبى(1) و بعضها على كونه ميقاتا لاهل المغرب كصحيحة ابي ايوب الخراز و فيها: و وقت لاهل المغرب الجحفة
- 1 ـ وسائل ابواب المواقيت الباب الاوّل ح ـ 3.
(الصفحة 46)الرّابع: يلملم و هو لاهل يمن و من يمرّ عليه1 .
الخامس: قرن المنازل و هو لاهل الطائف و من يمرّ عليه2.
و هي عندنا مكتوبة: مهيعة.(1) و بعضها على كونه ميقاتا لاهل الشام و مصركصحيحة على بن جعفر (عليهما السلام)(2) و لا منافاة بينها بعد اشتراكهم في كون الجحفة واقعة في مسيرهم الى مكّة خصوصا بعد عدم اختصاص شىء من المواقيت بخصوص من وقّت له بل يشمل كل من يمرّ عليه من غيره.
1 ـ المحكّى عن القواعد و المسالك و غيرهما ان يلملم جبل و عن شرح الارشاد للفخر انه واد، و هو الظاهر المناسب للميقاتية لصعوبة الاحرام من الجبل بالاضافة الى مثل المريض و الضعيف و الهرم، و يقال له الملم و قد يقال له يرمرمو هو على مرحلتين من مكّة و لا خلاف في كونه ميقاتا لاهل اليمن و يدل عليه كثير من الروايات الواردة في المواقيت التي وقّتها رسول الله (صلى الله عليه وآله).
2 ـ قرن المنازل بفتح القاف و سكون الراء قرية عند الطائف او اسم الوادى كلّه كما في القاموس و عنه انه اعترض على الجوهرى صاحب الصحاح من جهة تحريك راء القرن اوّلا و من جهة نسبة اويس القرني اليه مع انه منسوب الى قرن الذي هو اسم شخص ينسب إليه القبيلة من قبائل اليمن لا اسم مكان و محلّ، و عن كشف اللثام انه اتفق العلماء على تغليطه فيهما لكن في المستند نفي تصريح الجوهري بشىء من الامرين مع ان المحكى عنه في اكثر كتب اللغة التصريح بهما و بان قرن ميقات اهل نجد و الظاهر ان صاحب مجمع البحرين قد اخذ منه و صرح بكلا الامرين و انه ميقات لاهل نجد و يرد عليه ان كونه ميقاتا لاهل نجد انما هو على رأى فقهاء غير الشيعة و امّا فقهائنا فهم متفقون فى كونه ميقاتا لاهل الطائف
- 1 ـ وسائل ابواب المواقيت الباب الاوّل ح ـ 2.
- 2 ـ وسائل ابواب المواقيت الباب الاوّل ح ـ 5.
(الصفحة 47)مسألة 3 ـ تثبت تلك المواقيت مع فقد العلم بالبينة الشّرعية او الشياع الموجب للاطمينان، و مع فقد هما بقول اهل الاطلاع مع حصول الظن فضلا عن الوثوق، فلو ارادالاحرام من المسلخ ـ مثلا ـ و لم يثبت كون المحل الكذائى ذلك لا بد من التأخير حتى يتيقن الدخول في الميقات1.
و قد وقع التصريح به في كثير من نصوص المواقيت نعم في مقابلها روايتان:
احديهما: صحيحة عمر بن يزيد المتقدمة المشتملة على قول الصادق (عليه السلام): و وقت لاهل المدينة ذا الحليفة و لاهل نجد قرن المنازل(1).
ثانيتهما: صحيحة عليّ بن رئاب المشتملة على قوله (عليه السلام): و وقت لاهل اليمن قرن(2). و قد عرفت ان المحكى عن صاحب الحدائق انه حمل الصحيحة الاولى على التقية للرواية العامية المتقدمة و يمكن ان تحمل على انّ لاهل نجد طريقين احدهما يمرّ بالعقيق و الآخر بقرن المنازل كما ان هذا الحمل يجرى في الصحيحة الثانية ايضا و على تقدير ثبوت المعارضة و عدم امكان الجمع الدلالى و عدم وصول النوبة الى الحمل على التقية تكون موافقة تلك الروايات المتكثرة للشهرة المحققة بل الاجماع كافية في الاعراض عن الروايتين و عدم العمل بهما فلا محيص عما ذكر.
1 ـ تثبت المواقيت الخمسة المتقدمة مع فقد العلم و اليقين بامور:
احدها: البينة الشرعية التى قام الدليل على اعتبارها في الموضوعات و الظاهرعدم كون شهادة العدل الواحد بحجّة فيها كما حقّق في محلّه.
ثانيها: الشياع الموجب للاطمينان و في الحفيقة تثبت بالاطمينان سواء حصل من الشياع او من غيره و الوجه فيه كون الاطمينان حجة عقلائية شرعيّة امّا كونه حجة عقلائية فواضح ضرورة ان العرف يعامل مع الظن المتاخم للعلم الذى يعبر
- 1 ـ وسائل ابواب المواقيت الباب الاوّل ح ـ 6.
- 2 ـ وسائل ابواب المواقيت الباب الاوّل ح ـ 7.
(الصفحة 48)
عنه بالاطمينان معاملة العلم و امّا كونه حجة شرعيّة فلانه مع عدمها لا بد ان يرجع في مورده الى الاصول الشرعية مع ان العناوين المأخوذة في ادلتها لا بد و ان يرجع في تشخيص معناها و مفادها الى العرف فهو المرجع في معنى: ما لا يعلمون المأخوذ في حديث الرفع و في معنى لا تنقض اليقين بالشك الواقع في روايات الاستصحاب و من الواضح انه مع حصول الاطمينان بحرمة شرب التتن ـ مثلا ـ لا تكون الحرمة غير معلومة و كذا مع الاطمينان بخلاف الحالة السابقة في باب الاستصحاب لا يصدق نقض اليقين بالشك عرفا و مع عدم شمول ادلة الاصول لا بد من الالتزام بثبوت الحجة الشرعية له كما لا يخفى هذا و لكن ذكر صاحب الجواهر (قدس سره) في ذيل بحث ميقات العقيق ان غير واحد من الاصحاب اكتفى في معرفة هذه المواقيت بالشياع المفيد للظن الغالب ثم قال و لعلّه لصحيح معاوية بن عمار عن ابي عبد الله (عليه السلام)يجزيك اذا لم تعرف العقيق ان تسئل الناس و الاعراب عن ذلك(1). و الظاهر ان المراد السؤال لحصول المعرفة التي اقلها الظّن الغالب المعبر عنه بالاطمينان.
ثالثها: قول اهل الخبرة و الاطلاع مقيّدا بحصول الظن و قد عبّر في المتن بعده بقوله: فضلا عن الوثوق مع ان الظاهر ان هذا التعبير انما يلائم القضية الايجابية المشتملة على الاكتفاء بالظنّ لا القضية السّلبية التى يقتضيها التقييد بحصول الظن كما في المتن فيصح ان يقال: يكفى مجرد الظن فضلا عن الوثوق و لا يصح ان يقال لا يكفى ما دون الظن فضلا عن الوثوق كما هو ظاهر و امّا الاكتفاء بالظن فقد ذكر صاحب الجواهر (قدس سره) في مسئلة المحاذاة انهم صرحوا بكفاية الظنّ ثم قال و لعلّه للحرج و الاصل و انسياق ارادة الظن في امثال ذلك.
- 1 ـ وسائل ابواب المواقيت الباب الخامس ح ـ 1.
(الصفحة 49)
و لكن الظاهر انه لا دليل على اعتبار مجرد، الظنّ في ذلك و استلزامه للحرج ممنوع كاقتضاء الاصل له فان الاصل في باب الظنون التي لم يدل دليل على اعتبارها عدم الحجيّة و الظاهر عدم شمول. صحيحة معاوية بن عمّار المتقدمة لهذاالامر بعد ما عرفت من ان ظاهرها حصول المعرفة التي لا تنطبق على اقل من الظن الغالب فتدبر.
و عليه فمقتضى الاحتياط اللازم الاحرام من المحلّ الواقع فيه بالنذر فانه ان كان ميقاتا يصح الاحرام منه كما انه يصحّ نذره و لو فرض عدم صحة نذره لا يقدح في صحة الاحرام بوجه اصلا و ان لم يكن ميقاتا فسيأتى فى احكام المواقيت انشاء الله تعالى انه يصح الاحرام قبل الميقات بسبب النذر فعلى اىّ تقدير يكون الاحرام صحيحا.
و امّا الاحرام في موضع يظن او يحتمل كونه ميقاتا احتياطا و الاحرام قبل الميقات و ان كان محرّما كالتجاوز عن الميقات من دون احرام لمن يريد دخول مكة و الاتيان بالمناسك الاّ ان الظاهر ثبوت الفرق بين الحرمتين و ان حرمة التجاوز عن الميقات حرمة ذاتية كحرمة اكثر المحرمات و حرمة الاحرام قبل الميقات حرمة تشريعية متقومة بقصد التشريع و من الواضح انها لا تكون مانعة عن الاتيان به رجاء و بعنوان الاحتياط.
بقى الكلام في قوله (قدس سره) في الذيل فلو اراد الاحرام من المسلخ ـ مثلا ـ و يردعليه انه لا ارتباط بينه و بين الاكتفاء بالظنّ فلا وجه لتفريعه عليه و يحتمل قويّا ان تكون «الواو» مكان «الفاء».
و كيف كان فالوجه فيه ان العقيق حيث يكون ميقاتا وسيعا اوله المسلخو وسطه غمرة و آخره ذات عرق فلا مجال للاكتفاء بالظن بالمسلخ ـ مثلا ـ مع العلم بانه لو سلك مقدارا آخر من الطريق يتحقق له الاحرام من الميقات قطعا و ان لم