(الصفحة 165)
ثياب مصبوغة فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) انا امرت الناس بذلك و انت يا على بمااهللت قال قلت يا رسول الله اهلالا كاهلال النبي (صلى الله عليه وآله)فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) كن على احرامك مثلي و انت شريكي في هديتي (هديي ظ) الحديث(1). و الاستدلال لفعل على (عليه السلام) مبنى على ان يكون المراد من قوله: اهلالا كاهلال النبي (صلى الله عليه وآله) اني نويت الاحرام بما احرمت به يا رسول الله كائنا ما كان من حج القران او الافراد لعدم مشروعيّة التمتع بعد يعني في حال الاحرام او لعدم علمه (عليه السلام) بها و قد اقره النبي (صلى الله عليه وآله) على هذا النحو من الاحرام المشتمل على التعيين الاجمالي الذي ينكشف عند تشرفه بمحضره و لذا امره بان يبقي على احرامه بعد تشريكه في هديه الذي كان مأة بدنة.
و امّا ما افيد من ان فعل على (عليه السلام) اجنبي عن مسئلة الاجمال في النيّة لان الظاهر من قوله اني نويت الحج المشروع الواجب على المسلمين و هو حج القران او الافراد و لم يكن حج التمتع حين ذاك مشروعا فما نواه أمير المؤمنين (عليه السلام)انما هو حج الافراد فمن غرائب الكلام لانّ عدم مشروعية حج التمتع حين احرامه (عليه السلام) لا تقتضي عدم الاجمال كيف و الاّ لا يبقي مجال لسؤال الرسول (صلى الله عليه وآله)بقوله (صلى الله عليه وآله) بما اهللت ضرورة ان الدّوران بين الافراد و القران فقط مصحّح ايضا للاجمالو الابهام مع انه لو كان ما نواه حج الافراد كانت الوظيفة العدول الى عمرة التمتع كزوجته الطاهرة فاطمة الزهراء ـ سلام الله عليها ـ فلا محيص الاّ ان يقال بان احرامه (عليه السلام)كان مشتملا على التعيين الاجمالي و كان منويه (عليه السلام) هو ما نواه الرسول (صلى الله عليه وآله) و يؤيده قوله (عليه السلام) على ما في بعض الروايات: انك لم تكتب الىّ
- 1 ـ وسائل ابواب اقسام الحج الباب الثاني ح ـ 4.
(الصفحة 166)
باهلالك فعقدت نيّتي بنيتك و قلت اللهم اهلالا كاهلال نبيّك.
و اغرب مما ذكر ما في بعض شروح العروة من ان المقصود من قوله (عليه السلام):
كاهلالك انه اهلال بالحج و لعلّه في مقابلة اهلال الجاهلية فهل الرسول (صلى الله عليه وآله) يحتمل بعد مضي ثلاث و عشرين سنة من بعثته و بعد متابعة على (عليه السلام) له من ابتداء الدعوة و شروع الرسالة ان يكون اهلال على (عليه السلام) اهلال الجاهلية حتى يسئله عن ذلك و يجاب بعدم كونه كذلك و لعمري انه لا ينبغي التفوّه بهذا الكلام ممّن يكون له حظّ قليل من العلم فضلا عمن يكون له شأن في الفقه و مرتبة شامخة في هذا المجال.
ثم انه ربما يقال كما قيل و اشير اليه في الحدائق و الجواهر و غيرهما بثبوت التدافع و التنافي في النصوص الحاكية لاحرام أمير المؤمنين (عليه السلام) في حجة الوداع فان المذكور في ذيل صحيحة معاوية بن عمّار الطويلة المفصلة: و كان الهدى الذي جاء به رسول الله (صلى الله عليه وآله) اربعا و ستين او ستّا و ستين ـ و الترديد من الراوي كما هوظاهر ـ و جاء عليّ باربعة و ثلاثين او ستّ و ثلاثين فنحر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ستّا و ستين و نحر على (عليه السلام) اربعا و ثلاثين بدنة (الحديث)(1). و ظاهره اقتران احرام أمير المؤمنين (عليه السلام) بسياق الهدى فكان منويّه هو حج القران دون الافراد و دون المردّد بينهما المعين اجمالا.
و المذكور في صحيحة الحلبي: و اقبل عليّ (عليه السلام) من اليمن حتى وافي الحج فوجد فاطمة (عليها السلام) قد احلّت و وجد ريح الطيب فانطلق الى رسول الله (صلى الله عليه وآله) مستفتيا فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) يا عليّ بايّ شىء اهللت فقال: اهللت بما اهلّ النبيّ (صلى الله عليه وآله)فقال: لا تحلّ انت فاشركه في الهدي و جعل له سبعا و ثلاثين
- 1 ـ وسائل ابواب اقسام الحج الباب الثاني ح ـ 4.
(الصفحة 167)
و نحر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثلاثا و ستين فنحرها بيده (الحديث)(1). و ظاهره عدم اقتران احرامه (عليه السلام) بسياق الهدي و كون نيته على سبيل الاجمال و ان النبي (صلى الله عليه وآله) اشركه في هديه فبين الصحيحتين تهافت ظاهرا.
هذا و التحقيق ان دعوى التهافت ناشية عن عدم ملاحظة جميع الرواية من الصدر الى الذيل او عدم الدقة في مفادها فان صحيحة معاوية بن عمار مشتملة على مفاد ما اشتملت عليه صحيحة الحلبي من سؤال النبي (صلى الله عليه وآله) عن على (عليه السلام) بمااهلّ به و جوابه بانه اهلّ بما اهلّ به النبي و انه اشركه في هديه مصرّحا بذلك و قد تقدّم نقله في اوّل هذا البحث و عليه فالمراد بانه جاء على (عليه السلام)باربعة و ثلاثين...
هو مجيئه بها الى منى من مكة بعد تشريك النبي اياه في هديه و جعل الثلث له تقريبا لا اقتران احرامه من ميقات اهل اليمن الذي احرم منه علىّ (عليه السلام) ظاهرا بسياق الهدى و يدل عليه ايضا قوله (عليه السلام) في هذه الصحيحة قبيل هذه العبارة: فلمّااضاء له النهار افاض حتى انتهي الى منى فرمى جمرة العقبة و كان الهدى الذي جاء الخ.
و عليه فلا ينبغي الترديد في ان هذا المجىء لا يرتبط بسوق الهدى بل يرتبط بمجيئه بما خصّه النبي به من مكّة فلا تنافي بين الروايتين بوجه.
نعم في رواية الفضل بن الحسن الطبرسي في اعلام الورى قال خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) متوجها الى الحج في السنة العاشرة الى ان قال و كان قارنا للحج ساق ستا و ستين بدنة و حجّ على (عليه السلام) من اليمن و ساق معه اربعا و ثلاثين بدنة الحديث(2) و ظاهرها كون احرامه (عليه السلام) كاحرامه (صلى الله عليه وآله) مقرونا بسياق الهدي و كان المنوي له هو
- 1 ـ وسائل ابواب اقسام الحج الباب الثاني ح ـ 14.
- 2 ـ وسائل ابواب اقسام الحج الباب الثاني ح ـ 32.
(الصفحة 168)
حجّ القران كالنبي (صلى الله عليه وآله) و لكنه ـ مضافا الى عدم كونه رواية منقولة عن الامام (عليه السلام) و لو مع الارسال لظهورها في كون نقلها بعنوان التاريخ لا الرواية و يؤيده عدم كون الكتاب المزبور من الجوامع الروائيّة و لاجله يتوجه الاشكال على صاحب الوسائل ايضا و الى عدم التصريح في حجّ على (عليه السلام) بالقران مع التصريح به في حج النبيّ (صلى الله عليه وآله) و الى وجود الاختلاف بين قوله: ساق كما في النبي (صلى الله عليه وآله) و بين قوله:
ساق معه كما في على (عليه السلام) و الى دلالة الروايات الصحيحة التي تقدم بعضها على ان النبي (صلى الله عليه وآله) ساق مأة بدنة لا ستا و ستين ـ يكون ذيلها قرينة على انه ليس المراد بهذا السوق هو السوق حال الاحرام بل السوق من مكّة الى منى و هو انه قال له: بم اهللت يا عليّ فقال له يا رسول الله انّك لم تكتب اليّ باهلالك فقلت اهلالاكاهلال نبيّك فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله)فانت شريكي في حجي و مناسكي و هديي. فان هذا الذيل قرينة واضحة على عدم كون النية في احرام على (عليه السلام) متعلقة بحج القران و عليه فلا بد من ان يقال بان المقصود من الصدر ما ذكرنا فلا تنافي سائر الروايات.
و بالجملة ملاحظة الروايات الواردة في هذا المجال و الدقة و التدبر فيها تقضي بان نيّة على (عليه السلام) حال الاحرام كانت مرددة بين القران و الافراد بعد وضوح عدم كون المقصود هى العمرة و عدم مشروعية التمتع بعد و انه بعد استعلام اهلال النبي ظهر انّ حجّه حج القران غاية الامر انه يتولد من ذلك اشكال و هو ان حج القران لا بد و ان يكون احرامه مقرونا بسياق الهدي و الروايات ظاهرة في عدم الاقتران و ان سوق هديه ـ ح ـ كان من مكة بعد اشراك الرسول اياه في هديه.
و الجواب عن هذا الاشكال امّا بان يقال ان هذا من خصائصه (عليه السلام) كماان جواز التشريك في الهدى بعد سوقه لعلّه كان من خصائص النبي (صلى الله عليه وآله).
و امّا بان يقال ان ما كان اقتران احرامه بسياق الهدى لازما في حج القران
(الصفحة 169)
انّما هو الحج الذي كانت الخصوصية فيه معلومة حال الاحرام و امّا ما كان مردّداحال الاحرام فلا يعتبر فيه ذلك بل المعتبر هو السوق بعد الانكشاف و التعين و المفروض تحققه في احرام ـ علىّ ـ لسوقه الهدى بعد تشريك النبي اياه في هديه و لا يبعد الالتزام بذلك مطلقا و سيأتي تحقيقه في حج القران ان شاء الله تعالى.
و قد انقدح من جميع ما ذكرنا صحة الاحرام في هذا الفرض بمقتضى القاعدةو النصوص.
الفرض الثاني:
ما اذا نوى كنيّة الغير مع عدم تعين المنوي عنده و عدم الانكشاف بعداو استمرار الاشتباه لموت او غيبة و المذكور في الجواهر انّ فيه وجوها ثلاثة:
احدها: ما حكى عن الشيخ (قدس سره) من انه يتمتع احتياطا و ظاهر الشرايع ان مورد هذا القول كلا الفرضين و لكن صرّح في الجواهر بان مورده خصوص صورة استمرار الاشتباه و الوجه فيه انّه ان كان متمتعا واقعا و كان منوي الغير هو التمتع فقد تحققت الموافقة و ان كان غيره فالعدول عنه الى التمتع جائز.
و يرد عليه انه لا مجال لدعوى جواز العدول مطلقا بل يختص ذلك بحج الافراد اذا لم يكن متعينا عليه فلا ينطبق على المدّعى و اضاف اليه في الجواهر ان العدول على خلاف القواعد و الثابت منه حال معلومية المعدول عنه لا مشكوكيّته و لكن فيه ما لا يخفى فانه في صورة الشك يتردد بين العدول و غيره فاذا كان العدول المعلوم جائزا فالمشكوك انما يكون جائزا بطريق اولى.
ثانيها: ما حكى عن بعض من البطلان في هذا الفرض لان المفروض تعذر العلم بما احرم به و معرفته فيكون من المجمل الذي لا يجوز الخطاب به مع عدم طريق لامتثاله.