(الصفحة 79)
انهم لم يفهموا منهما كون المواقيت كسائر المواقف التي يجب الاتيان اليها بل اللازم فيها الاحرام منها او من محاذيها مع المرور و العبور.
ثانيهما: انه ان كان المراد من التعبيرين عدم جواز الاحرام من غير المواقيت الخمسة التي وقّتها رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما يؤيده التعبير في الصحيحة الاولى بمواقيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) مع التصريح في صدرها بانها خمسة و في الصحيحة الثانية باسم الاشارة فمن الواضح جواز الاحرام من غيرها كادنى الحل بالاضافة الى العمرة المفردة خصوصا بناء على ما قدمناه من الجواز بالاضافة الى من لم يمرّ على ميقات اصلا و كمكة بالاضافة الى احرام حج التمتع او حج القران او الافراد بالنسبة الى اهل مكة و قسم من المجاورين كما انه يتعين الخروج الى الجعرانة بالاضافة الى المجاور الذى لم يتبدل فرضه.
و ان كان المراد منهما عدم جواز الاحرام من غير مطلق المواقيت التي وقّتها الرّسول (صلى الله عليه وآله) فمن الواضح ان ادنى الحلّ من جملة تلك المواقيت و قد مرّ في بعض الروايات انّ الصادق (عليه السلام) اجاب عن اعتراض سفيان عليه بانه لم يأمراصحابه بالخروج الى الجعرانة بانّها وقت من مواقيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) و عليه فلا دلالة للتعبيرين على لزوم العود الى خصوص واحد من المواقيت الخمسة كما هو ظاهر.
و كيف كان فلا دلالة للتعبيرين في الروايتين على لزوم الرجوع الى الميقات على من لم يمرّ عليه اصلا و بعد ذلك فاللازم ملاحظة القولين في المسئلة فنقول:
امّا القول بلزوم الاحرام من مقدار اقرب المواقيت فقد استدل له بان المحرمين من المواقيت الخمسة يشتركون في احرام هذا المقدار سواء احرم من ابعد المواقيت و هو مسجد الشجرة او من اقربها او من اوسطها و عليه فاللازم الاتصاف بهذاالعنوان و لا يتحقق الاّ بالاحرام من المقدار المذكور.
(الصفحة 80)
و يرد عليه ان اشتراك المحرمين من تلك المواقيت في الاحرام في ذلك المقدارلا يستلزم وجوب الاحرام منه بالاضافة الى غير المحرمين من تلك المواقيت كما هو ظاهر.
و امّا القول بلزوم الاحرام من ادنى الحلّ الذى استظهره السيّد (قدس سره) في العروة فقد استدلّ له بالروايات الدالة على عدم جواز دخول الحرم بلا احرام او عدم جواز دخول مكة كذلك و المراد منهما واحد لعدم ثبوت حكمين بعد كون الحرم محيطا بمكة و هى واقعة فيه بضميمة اصالة البرائة عن وجوب الرجوع الى المواقيت الخمسة او الاحرام من مقدار اقرب المواقيت.
و يرد عليه ان اجراء اصالة البرائة في بعض اطراف العلم الاجمالى بثبوت التكليف ممنوع لمعارضته باصالة البرائة في غيره مع ان اجراء اصالة البرائة عن وجوب الاحرام من الميقات او من مقدار اقرب المواقيت لا يثبت لزوم الاحرام من ادنى الحلّ بوجه.
هذا مع ان المقام من موارد دوران الامر بين التعيين و التخيير لان الاحرام من الميقات يجزى قطعا و الاحرام من غيره مشكوك الاكتفاء و قد حققنا في الاصول ان جريان اصالة البرائة فيه و ان كان محتملا الاّ ان الظاهر جريان اصالة الاحتياط المقتضية للاخذ بالمعيّن فاذا شككنا يوم الجمعة ان الواجب بعد الزوال هل هو خصوص صلوة الجمعة او هى مع صلوة الظهر بنحو التخيير فالواجب هو الاخذ بالمعين و الاتيان بصلوة الجمعة نعم هذا بناء على ما اخترناه في الواجب التخييرى من انه سنخ من الوجوب غير سنخ الواجب التعيينى و امّا بناء على ساير المبانى فيه فيختلف الحكم و التحقيق في محلّه.
ثم ان مسئلة الدوران بين التعيين و التخيير غير مسئلة دوران الامر بين الاقل و الاكثر الذى اختار المشهور فيه جريان البرائة و غير مسئلة الدوران بين العام
(الصفحة 81)
و الخاصّ الذي اختار المحقق الخراسانى (قدس سره) فيه الاحتياط و الدوران بين الجنسو النوع و الدوران بين المطلق و المشروط و الدوران بين الطبيعي و الفرد بل هى مسئلة مخصوصة لم يقع التعرض لها في كلام المحقق الخراسانى (قدس سره) في الكفاية بوجه و ان كان اشار اليها في بعض الموارد و قد ظهر من جميع ما ذكرنا ان الحكم فيمن لم يمرّ على ميقات اصلا كالراكب على الطائر النازل في جدّة انه يجب عليه الرجوع الى الميقات مثل الجحفة و نحوها امّا لاجل دلالة الرواية عليه و امّا لاجل كونه مقتضى الاحتياط اللازم هذا تمام الكلام في بحث المواقيت.
(الصفحة 82)
(الصفحة 83)
القول في احكام المواقيت
|