(الصفحة 170)مسألة 6 ـ لو وجب عليه نوع من الحج او العمرة بالاصل فنوى غيره بطل و لو كان عليه ما وجب بالنذر و شبهه فلا يبطل لو نوى غيره، و لو نوى نوعا و نطق بغيره كان المدار ما نوى، و لو كان في اثناء نوع و شك في انه نواه او نوى غيره بنى على انه نواه1.
ثالثها: احتمال التخيير كما في نسيان ما احرم به.
اقول: قد مرّ في مسئلة نسيان ما عينه من حج او عمرة انه في صورة صحة كلاالامرين و عدم جواز العدول في البين يتصور فروض كثيرة و في اكثرها يوجد الطريق للامتثال العلمي الاجمالي و في بعضها لا محيص الاّ عن الامتثال الاحتمالي و الموافقة كذلك و عليه فالظاهر اشتراك المقام مع تلك المسئلة في الفروض التي يمكن فيها تحقق الامتثال قطعا و لو اجمالا و ذلك لان المفروض ان المنوي متعين واقعا و ان لم يكن له طريق الى تعيينه و لكن يمكن له الامتثال بنحو يقطع بتحققه فلا مانع في البين اصلا.
و امّا الفرض الذي لا طريق فيه الى الامتثال العلمي و لو اجمالا فالظاهر وجودالفرق بين المقام و بين تلك المسئلة فيه لانه هناك قد وقع الاحرام الصحيح لاشتماله على تعيين الحج او العمرة غاية الامر عروض النسيان و لم يقم دليل على كونه موجبا للخروج عن الاحرام او كاشفا عن عدم تحققه من الاوّل و امّا هنا فالشك في اصل صحة الاحرام بهذه الكيفية و اصل تحققه و لم يقم دليل على الصحة من اطلاق او غيره و عليه فالظاهر وجود الفرق بين المسئلتين في هذاالفرض فتدبّر.
1 ـ في هذه المسئلة فروع ثلاثة:
الفرع الاوّل: ما لو وجب عليه نوع من الحج او العمرة فنوى غيره و ظاهر العروة البطلان مطلقا من دون تفصيل بين ما وجب بالاصل و ما وجب بالنذر و شبهه و قد فسرّ البطلان في بعض شروحها بعدم الوقوع عمّا وجب عليه لا البطلان رأسا فيحكم بصحة المأتي به و لكنه لا يجزي عمّا وجب عليه.
(الصفحة 171)
و لكن التفصيل الذي افاده سيّدنا العلامة الاستاذ الماتن (قدس سره) في المتن و في حاشية العروة يدلّ على انه قد فسر البطلان بالبطلان رأسا كما هو الظاهر من العروة ايضا و الوجه فيه ان عدم الوقوع عما يجب عليه من النوع الذي نوى غيره مع التوجه و الالتفات يكون مشتركا بين الصورتين لانه لا مجال للوقوع عنه مع عدم نيّته و التعمد و الالتفات كما هو ظاهر و ـ ح ـ فاللازم ملاحظة وجه التفصيل المزبور فنقول: هو مبني علي ما تقدم منه (قدس سره) في بعض المسائل السّابقة من انّ من استقر عليه الحج و تمكن من ادائه ليس له ان يحج عن غيره تبرعا او بالاجارة و كذاليس له ان يتطوع به ثم نفى البعد عن البطلان من غير فرق بين علمه بوجوبه عليه و عدمه بل حكم ببطلان الاجارة و ان كان جاهلا بوجوبه عليه و عليه يظهر وجه الحكم بالبطلان فيما لو نوي غير ما وجب عليه بالاصل و انه لا يقع مطلقا لا عن الواجب و لا عن المنوي و امّا وجه الحكم بالصحة فيما لو كان عليه ما وجب بسبب النذر و شبهه فلعدم جريان ادلة البطلان في الفرض الاوّل في هذا الفرض بعد كون الوجوب غير متعلق بعنوان الحج بوجه بل بعنوان الوفاء بالنذر و شبهه و ان كان النذر متعلقا بعنوان خاص و كان مقيدا بالفورية لكن قد مرّ منّا انه لا وجه للحكم بالبطلان في الفرض الاوّل سواء كان مستندا الى القاعدة او الى الروايتين الواردتين فيه او الى الاجماع او الشهرة فالحق في كلا الفرضين عدم البطلان بهذاالمعني نعم لا ريب في البطلان بمعني عدم وقوعه عما وجب عليه لعدم تعلّق النيّة به اصلا.
الفرع الثاني: ما لو نوي نوعا و نطق بغيره فان كان بنحو سبق اللسان و من غيرقصد و لا اختيار فلا شبهة في صحته و ان المدار ما نوي و ان كان بغيره لكن لا بنحو يرجع الى العدول عن النية فالمدار ايضا هي النيّة لانه لا اثر لللفظ بدونها و يترتب عليها الاثر بدونه لانه لا يلزم التلفظ بها بل لا دليل على الاستحباب في غير اعمال
(الصفحة 172)
الحجّ و العمرة.
و ربما يستشهد على الصحة بما رواه في محكّى قرب الاسناد عن عبد الله بن الحسن عن جدّه على بن جعفر عن اخيه موسى بن جعفر (عليهما السلام) قال سئلته عن رجل احرم قبل التروية فاراد الاحرام بالحج يوم التروية فاخطأ و ذكر العمرة قال فقال ليس عليه شىء فليعتدّ الاحرام بالحجّ(1). و اورد على الاستشهاد به بان ظاهرها هو الخطاء في النيّة لا في الذكر اللفظي بمعني ان الداعي النفسي كان هو الحج و لكنه نوي العمرة.
كما انه اورد بعض الاعلام (قدس سره) على الاستشهاد به بعد الحكم بضعف السندبعبد الله بن الحسن كما مرّ سابقا بانه اجنبي عن المقام بالمرة لان المفروض فيه صدور الاحرام منه في الخارج و لكن يريد الاحرام ثانيا يوم التروية لدرك فضل الاحرام يوم التروية فلا يشمل الخطاء في الاحرام من الاوّل.
اقول الظاهر ان هذا الايراد يبتني على عدم التأمل في معني الرواية و مورد السؤال فيها لانه مضافا الى انه لم يقم دليل على جواز تجديد الاحرام لدرك الفضيلة المذكورة و لا يكون الاشتباه في الاحرام التجديدي بقادح اصلا فلا مجال للسؤال عنه لعدم قدح بطلانه فضلا عن الاشتباه ان مورد السؤال دخوله في الحرم قبل التروية و ان معني احرم هو الورود في الحرم كما ان معني اللاّبن و التامر هو بايع اللبن و التمر و عليه فلم يتحقق منه احرام قبل التروية بوجه بل مراده من الاوّل هو الاحرام بالحج يومها و لكنه اخطأ و المراد من قوله: و ذكر العمرة امّا ذكر العمرة اي في النية بدلا عن الحج و امّا التذكر و التوجه الى انه لم يات بالعمرة قبل الحجّ بعد على و كلا التقديرين ينطبق على المقام.
- 1 ـ وسائل ابواب الاحرام الباب الثاني و العشرون ح ـ 8.
(الصفحة 173)
نعم الاستدلال بها يتوقف على كون الجواب: «فليعتد» كما في الوسائل المناسب لقوله قبله ليس عليه شيء و لكن الظاهر انه لا مجال للحكم بالصحة في التقدير الثاني و امّا لو كان الجواب: «فليعد» كما في بعض النسخ او كان «فليعقد» فالظاهر دلالته على لزوم اعادة الاحرام.
و يؤيد ما ذكرنا في معني سؤال الرّواية ان المنقول في ذيل الوسائل عن قرب الاسناد: سئلته عن رجل دخل قبل التروية بيوم و اراد الاحرام بالحج يوم التروية فاخطأ قبل العمرة ما حاله: قال ليس عليه شىء فليعد الاحرام بالحج. و ظاهره الاحرام بالحج قبل اتمام العمرة و عليه فتدل على لزوم اعادة الاحرام بالحج من دون ان يكون عليه شىء من الكفارة و لكن حيث ان الرواية ضعيفة السند لا مجال للاستدلال بها نفيا و اثباتا.
الفرع الثالث: ما لو كان في اثناء نوع و شك في انه نواه او نوي غيره و الجمع بين الامرين بان كان في اثناء نوع و مع ذلك شكّ في نيّته او نيّة غيره انّما هو بان يأتي ـ مثلا ـ بالطواف بعنوان عمرة التمتع بحيث لو سئل عن طوافه لكان يجيب بذلك و لكن يحتمل مع ذلك ان تكون نيّته حال الاحرام الذي هو الشروع في العمل متعلقة بالعمرة المفردة و قد حكم فيه في المتن و في العروة و كثير من شروحها بالبناء على ما نوي و الوجه فيه هو التجاوز عن محلّ النية الذي هو حال الاحرام فهو كمن يكون مشتغلا بصلوة الظهر و في اثنائها و لكنه يحتمل ان يكون قد نوي حال الشروع عنوان العصر باعتقاد انه صلّى الظهر فان الظاهر هو البناء على انه نوي الظهر بحيث لا يكون مجال للعدول و لو على سبيل الاحتمال و ليس ذلك الاّ لاجل التجاوز عن محل النية الذي هو مقارن للشروع فيها و عليه فلا مجال للاشكال في جريان قاعدة التجاوز نظرا الى انه انّما تجري مع الشك في تحقق ماله دخل في تمامية العنوان بعد احراز عنوانه و النية لما كانت بها قوام العنوان فمع الشك فيها
(الصفحة 174)مسألة 7 ـ لو نوى مكان عمرة التمتّع حجّه جهلا فان كان من قصده اتيان العمل الّذي يأتي به غيره و ظنّ انّ ما يأتي به اوّلا اسمه الحج فالظاهر صحّته و يقع عمرة، و امّا لو ظنّ ان حج التمتّع مقدم على عمرته فنوى الحج بدل العمرة ليذهب الى عرفات و يعمل عمل الحج ثم يأتي بالعمرة فاحرامه باطل يجب تجديده في الميقات ان امكن و الاّ فبالتفصيل الذي مرّ في ترك الاحرام1.
يكون الشك في العنوان لا في المعنون.
فالظاهر بمقتضي ما ذكر ما افاده الماتن (قدس سره)
1 ـ و الوجه في الصحة في الفرض الاوّل انّ المنوي بحسب الواقع هى العمرة غاية الامر تخيّله انّ عنوانها هو الحجّ و الاّ فلو سئل عمّا يأتي به بعد الاحرام يجيب بانه يدخل مكة و يطوف و يسعى و يقصّر بل لا يلزم العلم بذلك و انه يكفى ان يقصد ما يأتي به من هو مثله في الفرض و نوعه لما عرفت من كفاية التعيين الاجمالي و عدم كون الخطاء في العنوان لفظا او مع النية قادحا في الصحّة بوجه خصوصا بعد كون حج التمتع له خصوصية من جهة ارتباط حجّه بعمرته و كذا العكس و لاجله ربما يطلق على المجموع عنوان الحج لان اضافة الحج الى التمتع ان كانت في مقابل العمرة يكون الحج امرا آخرا مغايرا لها و ان كانت في مقابل حج القران او الافراد يكون شاملا لها ايضا كما هو ظاهر.
و امّا الوجه في البطلان في الفرض الثاني فلاجل انه قد نوي الحجّ الذي يقابل العمرة بحيث لو سئل عما يأتي به بعد الاحرام يجيب بانه يذهب بعد الاحرام الى عرفات و مشعر و منى و يأتي باعمال الحج و مناسكه فالظاهر بطلان احرامه و لو كان ذلك جهلا و لا يجري فيه ما ذكرنا سابقا من صحة ما نوى و ان كان الواجب عليه بالاصل غيره فضلا عن الواجب بالنذر و الاستيجار و مثلهما و ذلك لان المفروض هنا انه نوي ما هو الواجب عليه غاية الامر انه تخيل جهلا كون الواجب هو الحج مقابل العمرة فنوى الحج فلا مجال ـ ح ـ لصحّته و عليه فيصير كمن ترك