(الصفحة 174)مسألة 7 ـ لو نوى مكان عمرة التمتّع حجّه جهلا فان كان من قصده اتيان العمل الّذي يأتي به غيره و ظنّ انّ ما يأتي به اوّلا اسمه الحج فالظاهر صحّته و يقع عمرة، و امّا لو ظنّ ان حج التمتّع مقدم على عمرته فنوى الحج بدل العمرة ليذهب الى عرفات و يعمل عمل الحج ثم يأتي بالعمرة فاحرامه باطل يجب تجديده في الميقات ان امكن و الاّ فبالتفصيل الذي مرّ في ترك الاحرام1.
يكون الشك في العنوان لا في المعنون.
فالظاهر بمقتضي ما ذكر ما افاده الماتن (قدس سره)
1 ـ و الوجه في الصحة في الفرض الاوّل انّ المنوي بحسب الواقع هى العمرة غاية الامر تخيّله انّ عنوانها هو الحجّ و الاّ فلو سئل عمّا يأتي به بعد الاحرام يجيب بانه يدخل مكة و يطوف و يسعى و يقصّر بل لا يلزم العلم بذلك و انه يكفى ان يقصد ما يأتي به من هو مثله في الفرض و نوعه لما عرفت من كفاية التعيين الاجمالي و عدم كون الخطاء في العنوان لفظا او مع النية قادحا في الصحّة بوجه خصوصا بعد كون حج التمتع له خصوصية من جهة ارتباط حجّه بعمرته و كذا العكس و لاجله ربما يطلق على المجموع عنوان الحج لان اضافة الحج الى التمتع ان كانت في مقابل العمرة يكون الحج امرا آخرا مغايرا لها و ان كانت في مقابل حج القران او الافراد يكون شاملا لها ايضا كما هو ظاهر.
و امّا الوجه في البطلان في الفرض الثاني فلاجل انه قد نوي الحجّ الذي يقابل العمرة بحيث لو سئل عما يأتي به بعد الاحرام يجيب بانه يذهب بعد الاحرام الى عرفات و مشعر و منى و يأتي باعمال الحج و مناسكه فالظاهر بطلان احرامه و لو كان ذلك جهلا و لا يجري فيه ما ذكرنا سابقا من صحة ما نوى و ان كان الواجب عليه بالاصل غيره فضلا عن الواجب بالنذر و الاستيجار و مثلهما و ذلك لان المفروض هنا انه نوي ما هو الواجب عليه غاية الامر انه تخيل جهلا كون الواجب هو الحج مقابل العمرة فنوى الحج فلا مجال ـ ح ـ لصحّته و عليه فيصير كمن ترك
(الصفحة 175)الثاني: من الواجبات التلبيات الاربع و صورتها على الاصحّ: لبّيك اللّهم لبّيك لبّيك لا شريك لك لبّيك، فلو اكتفى بذلك كان محرما و صحّ احرامه، و الاحوط الاولى ان يقول عقيب ما تقدّم انّ الحمد و النعمة لك و الملك لا شريك لك لبّيك، و احوط منه ان يقول بعد ذلك: لبّيك اللهم لبّيك ان الحمد و النعمة لك و الملك لا شريك لك لبّيك1.
الاحرام رأسا جهلا او نسيانا و قد مرّ ان حكمه الرجوع الى الميقات و الاحرام منهو مع عدم التمكن من العود الى الميقات التفصيل المتقدم في تلك المسئلة فراجع فلا شبهة في صحة التفصيل المذكور في المتن.
1 ـ لا شبهة في انّ التلبية و ما يجري مجريها من واجبات الاحرام بل كما في الجواهر: الاجماع بقسميه عليه، مضافا الى الروايات التي سيأتي نقل بعضها و التلبية مصدر باب التفعيل و معناها قول: لبيك بحسب الاصل و اللّغة و فيه احتمالان:
الاحتمال الاوّل:
ما يظهر من اكثر اللغويين و الادبيّين من انّه صيغة التثنية و اصله: لبيّن لك فحذف اللام و اضيف الى الكاف فحذف النون و النصب انّما هو لاجل فعل محذوف مقدّر اصله البّ لك البابا بعد الباب اولّبا بعد لبّ بمعني الاقامة بعدالاقامة او الاجابة بعد الاجابة و التثنية انّما هي للتأكد لا للتعدّد و معني الاقامة ظاهرا هي الاقامة و التهيوء الكامل لاطاعة الله تبارك و تعالى و قضاء مناسك الحج الذي هو من اهمّ الفرائض الالهيّة كما في اقامة الصلوة المأمور بها في مواضيع كثيرة من الكتاب العزيز كما ان الاجابة في المقام اجابة للنداء الذي امر الله تعالى به ابراهيم (عليه السلام) بان يؤذّن في الناس بالحج فقيل و اجابه من الناس من هو في اصلاب الرجال و ارحام النساء فجعله الله تعالى شعارا لهم.
و ربما يحتمل ان يكون من لبّ بمعني واجه يقال دارى تلب دارك اى تواجههاو معناه ـ ح ـ ان مواجهتي و قصدي لك كما انه يحتمل ان يكون من لب الشي اي
(الصفحة 176)
خالصه فيكون بمعنى اخلاصي لك و لكنه بعيد بعد كون اللب بهذا المعني بضم اللاّم دون الفتح و عن القاموس انه احتمل ان يكون معناه محبّتى لك.
و يرد على جميع الاحتمالات الجارية في هذا الفرض المبنية على كون اللفظ مثني انه لم يعلم وجه حذف اللام من لك حتى تتحقق الاضافة المستلزمة لحذف النّون الاّ ان يوجّه بان الوجه هو كثرة الاستعمال و شدة الحاجة اليه فتدبّر.
الاحتمال الثاني:
ان يكون كلمة مفردة نظير على ولدى فاضيفت الى الكاف فقلبت الفه ياءو هو محكي عن يونس و اورد عليه بانّ على ولدى اذا اضيفا الى الظاهر يقال فيهما بالالف كعلى زيد ولدي زيد و ليس لبي كذلك فانه يقال فيه لبي زيد بالياء.
و الظاهر ان المراد من هذا الاحتمال ثبوت التشديد للباء و ان كان التنظيربعلى ولدي يبعدّه و مع ثبوت التشديد يصير فعلا آبيا عن الاضافة لاختصاصها بالاسم.
هذا و الذي يقرب الى الذهن انّ مجموع هذه الكلمة مدلولها الاجابة للمنادي المقارنة مع تكريمه و تعظيمه و تجليله و تستعمل في هذا المقام من دون ان يكون مثنى او مركّبا و المنادي في المقام بالاصالة هو الله تبارك و تعالى و لذا يذكر كلمة «اللهم» في صورة التلبية الآتية و كيف كان فالكلام في هذا الامر اى الامر الثاني من واجبات الاحرام بعد الفراغ عن اصل اعتبار التلبية و لزومها في الاحرام يقع في امرين:
الامر الاوّل: ان الواجب هو التلبيات الاربع لا ازيد لكن حكى عن الاقتصادانه ذكر في صورة التلبية الواجبة خمسا لكن قال في كشف اللثام بعد نقله: و لم يقل به احد و حكى عن التذكرة الاجماع على العدم و عن المنتهى اجماع اهل العلم
(الصفحة 177)
عليه كما انه حكى عن المهذب البارع انه حكى عن بعض وجوب السّت لكن في الجواهر: لم نتحقّقه و عليه فلا ينبغي الاشكال في عدم لزوم الزائد على الاربع.
الامر الثاني: صورة التلبية و قد وقع فيها الاختلاف قال المحقق في الشرايع:
«و صورتها ان يقول لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك و قيل يضيف الى ذلك ان الحمد و النعمة لك و الملك لا شريك لك و قيل بل يقول لبيك اللهم لبيك، لبيك ان الحمد و النعمة لك و الملك، لا شريك لك لبيك و الاوّل اظهر» .
و اختار الاوّل في محكى النافع و بعض نسخ المقنعة قال في الجواهر و لعلّه ظاهر التحرير و محكى المنتهي بل هو خيرة الكركي و سيد المدارك و الاصبهاني و السيّد في العروة و الماتن و غيرهم.
و حكى الثاني عن رسالة علي بن بابويه و بعض نسخ المقنعة و القديمينو الامالي و الفقيه و المقنع و الهداية و ظاهر المختلف و الثالث عن القواعد و الارشاد و التبصرة و محكّى الجامع.
و حكى عن جمل السيّد و شرحه و المبسوط و السّرائر و الكافي و الغنية و الوسيلةو المهذب ذلك اى القول الثالث لكن بتقديم «و الملك» على لك و عن النهاية و الاصباح ذكره بعده و قبله جميعا و العجب من بعض الاعلام (قدس سره) حيث انه قالو لم يقل احد بوجوب تقديم و الملك على لك مع ان صاحب الجواهر (قدس سره) نقله عمن عرفت مع كثرته و يدلّ على الاوّل صحيحة معاوية بن عمّار عن ابي عبد الله (عليه السلام) في حديث قال: التلبية ان تقول: لبّيك اللّهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبّيك، ان الحمد و النعمة لك و الملك، لا شريك لك لبيك، (لبيك خ ل) ذا المعارج لبيك لبيك الى ان قال و ان تركت بعض التلبية فلا يضرّك غير ان تمامها افضل، و اعلم انه لا بد من التلبيات الاربع الّتي كنّ في اوّل الكلام
(الصفحة 178)
و هي الفريضة و هي التوحيد و بها لبّى المرسلون الى آخر الحديث(1). و ادعى في العروة صراحة هذه الصحيحة في القول الاوّل و ان الزوائد مستحبة لكن قد نوقش في هذا الادعاء بمنعه لانه يحتمل ان يكون ما قبل التلبية الخامسة متمّما للتلبية الرابعة داخلا في التلبيات الاربع كما ان قوله لا شريك لك داخل فيها قطعا و عليه يكون شروع التلبية الخامسة من قوله لبيك بعد قوله ان الحمد و النعمة... نعم لا تنبغى المناقشة في ظهورها في هذا القول لكن الظهور غير الصراحة.
ثم انّ المراد من قوله: و هي التوحيد يحتمل ان يكون وجهه اشتمال التلبيات الاربع على قوله لا شريك لك و يحتمل ان يكون لاجل ان معناها التوجه او الاخلاص اليه تعالى كما مرّ و يحتمل ان يكون لاجل اشتراك جميع المرسلين في هذه التلبيات و يدل على هذا القول ايضا صحيحة عمر بن يزيد عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال اذا احرمت من مسجد الشجرة فان كنت ماشيا لبّيت من مكانك من المسجد تقول: لبيك اللّهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبّيك، لبيك ذا المعارج لبيك، لبّيك بحجّة تمامها عليك و اجهر بها كلّما ركبت و كلّما نزلت و كلّما هبطت واديا او علوت اكمة او لقيت راكبا و بالاسحار(2). و لكن دلالتها على القول الاوّل انّما هي بضميمة الاجماع على عدم وجوب الزائدة على الاربع كما مرّ كما انّها تدل على عدم مدخليّة قوله ان الحمد و النعمة... في التلبية الرابعة بوجه لعدم التعرض له مع التعرض للتلبيات المستحبة الزائدة.
- 1 ـ وسائل ابواب الاحرام الباب الاربعون ح ـ 2.
- 2 ـ وسائل ابواب الاحرام الباب الاربعون ح ـ 3.