(الصفحة 310)
مجرد الدلالة و الاشارة بعيد عن كونه من الافعال المتعلقة بالصيد فيحتاج الى التعرض.
ثانيتهما: ظهور الرواية في الفرق بين الدلالة و الاشارة و المغايرة بينهما خصوصا مع تفريع قوله: فيصطاده على الاولى و تفريع قوله: فيستحلّ من اجلك على الثانية فان اختلاف التفريعين ظاهر في ثبوت المغايرة الكاملة في البين و ان مرجع الدلالة الى عدم كون الدليل مريدا لتحقق الاصطياد في الخارج بل هو امر قد اراده الصائد و عزم عليه غاية الامر ان الدليل يرشده الى الصيد و مكانه كدليل الطريق الذي لا يكون شأنه الاّ الارائة و تبيينه من دون ان يكون غرضه متعلقا بالمقصد اصلا و امّا الاشارة فعلي ما يستفاد من تفريع الرواية يكون المراد بها هي الاشارة المؤثرة في اصل ارادة الاصطياد من الصائد فان قوله: فيستحل من اجلك، انّ الاصطياد و الاستحلال كان مستندا الى الاشارة المحرّكة المؤثرة و عليه فمجرد الاشارة الخالية عن التشويق و التأثير داخل في الدلالة و لا تكون مقصودة من الاشارة في الرّواية هذا و لكن في جملة من الروايات الآتية المتعرضة لحرمة الدلالة و الاشارة قد اقتصر فيها على احد العنوانين فهما كعنواني الفقير و المسكين اذا اجتمعا افترقا و اذا افترقا اجتمعا.
امّا سائر الرّوايات فمنها: صحيحة منصور بن حازم عن ابي عبد الله ـ عليه السلام ـ قال: المحرم لا يدلّ على الصيد فان دلّ عليه فقتل فعليه الفداء(1).
و منها: رواية عمر بن يزيد عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال: و اجتنب في احرامك صيد البرّ كلّه و لا تأكل ممّا صاده غيرك و لا تشر اليه فيصيده (2)
- 1 ـ وسائل ابواب تروك الاحرام الباب الاوّل ح ـ 3.
- 2 ـ وسائل ابواب تروك الاحرام الباب الاوّل ح ـ 5.
(الصفحة 311)
و منها: مرسلة ابن (ابي خ ل) شجرة عمّن ذكره عن ابي عبد الله (عليه السلام) في المحرم يشهد على نكاح محلّين قال: لا يشهد ثم قال: يجوز للمحرم ان يشير بصيد على محلّ(1). و الظاهر كما افاده الصدوق و الشيخ ان الذيل استفهام انكارى جىء به شاهدا على عدم جواز كون المحرم شاهدا على النكاح و لو كان بين الزوجو الزوجة المحلّين.
و منها: صحيحة معاوية بن عمار عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال: لا تأكل من الصيد و انت حرام و ان كان اصابه محلّ(2). و قد نقل في الوسائل رواية اخرى لمعاوية بن عمار مفادها عين مفاد هذه الرواية و ان كان بينهما اختلاف يسير في التعبير و من الظاهر اتحاد الرّوايتين و عدم تعدّدهما.
و منها: صحيحة ابن ابي نصر عن ابي الحسن الرّضا (عليه السلام) قال سئلته عن المحرم يصيب الصيد بجهالة قال: عليه كفارة قلت فان اصابه خطاء قال:
و اىّ شىء الخطاء عندك؟ قلت ترى هذه النخلة فتصيب نخلة اخرى فقال نعم هذا الخطاء و عليه الكفارة قلت فانّه (فان خ ل) اخذ طائرا متعمدا فذبحه و هو محرم قال: عليه الكفارة قلت جعلت فداك الست قلت ان الخطاء و الجهالة و العمدليسوا بسواء فبأيّ شىء يفضل المتعمد الجاهل و الخاطي؟ قال انه اثم و لعب بدينه(3).
و منها: صحيحة معاوية بن عمار عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال ما وطيته او وطأه بعيرك و انت محرم فعليك فدائه و قال: اعلم انه ليس عليك فداء شىء اتيته وانت محرم جاهلا به اذا كنت محرما في حجّك او عمرتك الاّ الصيد فان
- 1 ـ وسائل ابواب تروك الاحرام الباب الاوّل ح ـ 8.
- 2 ـ وسائل ابواب تروك الاحرام الباب الثاني ح ـ 3.
- 3 ـ وسائل ابواب كفارات الصيد الباب الواحد و الثلاثون ح ـ 2.
(الصفحة 312)
عليك الفداء بجهالة كان او عمد(1). و منها غير ذلك من الروايات الدالة على حكم الصّيد.
الجهة الثالثة:
في حكم الفرخ و البيضة و الوجه في التعرض لخصوصهما مضافا الى التبعيّة عن الروايات المتعرضة لهما انّ البيضة لا يصدق عليها عنوان الصيد فان بيضة الصيد غير الصيد و لا يشملها ما يدل على حرمة الصيد كما انّ الفرخ لاجل عدم قدرته على الامتناع عن الانسان او حيوان آخر يكون خارجا عن مفهوم الصيد الذي يعتبر فيه الامتناع و التوحش كما سيأتي انشاء الله تعالى.
فنقول المعروف بل المتسالم عليه عندهم هي حرمتهما كالاصل اكلا و اتلافا مباشرة و دلالة و اعانة و الظاهر انه لم يقم دليل على الحرمة بالمطابقة بل مقتضى الروايات المتعددة ثبوت الكفارة فيهما و قد عرفت ان ثبوتها يكشف عن الحرمة في مورد الحكم الاولى.
منها: صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج قال: قال ابو عبد الله (عليه السلام) في قيمة الحمامة درهم و في الفرخ نصف درهم و في البيض ربع درهم(2).
و منها: صحيحة حفص بن البختري عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال في الحمام درهم و في الفرخ نصف درهم و في البيضة ربع درهم(3). و مقتضى اطلاقهما ثبوت الحرمة لهما في مورد ثبوت الحرمة للحمام سواء كان محرما و لو في غير الحرم او في الحرم و لو لم يكن محرما.
- 1 ـ وسائل ابواب كفارات الصيد الباب الواحد و الثلاثون ح ـ 4.
- 2 ـ وسائل ابواب كفارات الصيد الباب العاشر ح ـ 1.
- 3 ـ وسائل ابواب كفارات الصيد الباب العاشر ح ـ 5.
(الصفحة 313)
و منها: رواية الحرث بن المغيرة عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال سئل عن رجل اكل من بيض حمام الحرم و هو محرم قال: عليه لكلّ بيضة دم و عليه ثمنها سدس او ربع درهم ـ الوهم من صالح يعني الراوي عن ابن المغيرة ـ ثم قال: ان الدّماء لزمته لاكله و هو محرم و ان الجزاء لزمه لاخذه بيض حمام الحرم(1).
و منها: صحيحة معاوية بن عمار المتقدمة في ذيل الجهة الثانية فان ما يوطىء بسبب الانسان او البعير هو الفرخ و البيض غالبا كما لا يخفى.
و منها: صحيحة ابي عبيدة عن ابي جعفر (عليه السلام) قال سئلته عن رجل محلّ اشترى لرجل محرم بيض نعامة فاكله المحرم قال على الذي اشتراه للمحرم فداء و على المحرم فداء قلت: و ما عليهما قال على المحلّ جزاء قيمة البيض لكل بيضة درهم و على المحرم لكل بيضة شاة(2).
الجهة الرّابعة:
في حكم الصيد الذي ذبحه المحرم و المشهور شهرة عظيمة بل كما في الجواهر: لم يحك الخلاف فيه بعض من عادته نقله و ان ضعف بل في المنتهى و عن التذكرة الاجماع عليه انه يكون اكله حراما مطلقا على المحرم و المحلّ و انه ميتة كما في جملة من العبارات او كالميتة كما في جملة اخرى لكن المحكي عن الفقيه و ابن الجنيدو الشيخ المفيد و السيّد المرتضى حلّية اكله على المحلّ لكن الذي ينبغي الالتفات اليه انّ العنوان المأخوذ في كلمات المشهور القائلين بالحرمة هو عنوان الذبح و المأخوذ في كلمات القائلين بالحلّية للمحلّ ما صاده المحرم فقد قال المفيد في
- 1 ـ وسائل ابواب كفارات الصيد الباب العاشر ح ـ 4.
- 2 ـ وسائل ابواب كفارات الصيد الباب الرابع و العشرون ح ـ 5.
(الصفحة 314)
المقنعة: «و لا بأس ان يأكل المحلّ مما صاده المحرم و على المحرم فدائه على ما ذكرناه» و مثله نقل عن الباقين.
و عمدة مستند المشهور رواية اسحاق بن عمّار الآتية و امّا مرسلة ابن ابي عميرعمن ذكره عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال قلت له المحرم يصيب الصيد فيفديه ايطعمه او يطرحه؟ قال اذا يكون عليه فداء آخر قلت: فما يصنع به؟ قال:
يدفنه(1). فمضافا الى ارسالها و عدم تمامية ما اشتهر من ان مراسيل ابن ابي عميركمسانيده لعدم الدليل عليه بل الدليل على خلافه كما قرر في محلّه ـ انّ الاستدلال بها على الحرمة على المحلّ ايضا مبني على كون قول السائل: ايطعمه من باب الافعال و ناظرا الى اطعام الغير من دون فرق بين ان يكون محرما او محلا بل الحكم في الجواب بثبوت فداء آخر عليه قرينة على كون المراد بالغير هو المحلّ فتدبّر لانه لو كان القول المذكور من باب الثلاثي المجرد يكون السؤال ناظرا الى جعله طعاما لنفسه الذي يكون محرما كما هو المفروض في الرّواية و الظاهر ان عطف الطرح عليه قرينة على كون ذلك من باب الافعال لان الطرح انّما هو سبب ناقص لتحقق اكل الغير و الاّ لا يبقى فرق بينه و بين الدفن الذي امر به في الجواب و لا مجال لاحتمال كون الفداء الآخر ناظرا الى خصوص قوله: ايطعمه فان الظاهرثبوت الفداء على كلا التقديرين كما لا يخفى.
و دعوى: ان الرّواية في مقام وجوب الفداء الآخر على المحرم لو اطعمه المحلّ و لا تدل على الحرمة المطلقة و امّا امره بالدفن لاجل الفرار عن الفداء.
مدفوعة بانه لو كان الصيد المزبور حلالا على المحلّ لم يكن وجه لثبوت الكفارة
- 1 ـ وسائل ابواب تروك الاحرام الباب العاشر ح ـ 3.