(الصفحة 389)
عن هذا الاشكال للعطف بالواو مكان التفريع بالفاء.
و كيف كان ففي المسئلة اربع صور:
الصورة الاولى:
ما اذا تحقق الجماع عامدا عالما قبل الوقوف بعرفات بعد تحقق الاحرام قال في الجواهر بعد عبارة الشرايع بلا خلاف اجده فيه في الجملة بل الاجماع بقسميه عليه بل المحكى منهما مستفيض كالنصوص و يأتى التعرض لها في الصورة الثانية.
الصورة الثانية:
ما اذا تحقق الجماع المذكور بين الوقوفين و في هذه الصورة ايضا قد حكى الاجماع عن الشيخ و السيدين و القاضي في شرح الجمل و الجواهر لكن المحكي عن المفيد و سلاّر و الحلبي و السيّد في الجمل الخلاف حيث انهم اعتبروا تقدّمه على عرفة لما سيأتي.
و كيف كان يدل على ما هو المشهور روايات مستفيضة:
منها: صحيحة معاوية بن عمّار قال سئلت ابا عبد الله (عليه السلام) عن رجل محرم وقع على اهله فقال ان كان جاهلا فليس عليه شيء و ان لم يكن جاهلا فان عليه ان يسوق بدنة و يفرق بينهما حتى يقضيا المناسك و يرجعا الى المكان الذي اصابا فيه ما اصابا و عليه الحجّ من قابل(1).
و منها: صحيحة زرارة قال سئلته عن محرم غشى امرأته و هي محرمة قال جاهلين او عالمين؟ قلت اجنبي في (عن خ) الوجهين جميعا قال ان كانا جاهلين
- 1 ـ وسائل ابواب كفارات الاستمتاع الباب الثالث ح ـ 2.
(الصفحة 390)
استغفرا ربّهما و مضيا على حجّهما و ليس عليهما شيء و ان كانا عالمين فرّق بينهمامن المكان الذي احدثا فيه و عليهما بدنة و عليهما الحج من قابل، فاذا بلغا المكان الذي احدثا فيه فرق بينهما حتى يقضيا نسكهما، و يرجعا الى المكان الذي اصابا فيه ما اصابا، قلت فايّ الحجتين لهما قال الاولى الّتي احدثا فيها ما احدثاو الاخرى عليهما عقوبة(1).
منها: صحيحة اخرى لمعاوية بن عمّار عن ابي عبد الله (عليه السلام) في المحرم يقع على اهله، قال ان كان افضى اليها فعليه بدنة و الحجّ من قابل، و ان لم يكن افضى فعليه بدنة و ليس عليه الحج من قابل(2). و الظاهر اتحادها مع روايته الاولى و عدم كونها رواية اخرى و ان كان بينهما الاختلاف في الجواب.
و منها: رواية عليّ بن ابي حمزة قال سئلت ابا الحسن (عليه السلام) عن محرمواقع اهله قال قد اتى عظيما قلت: افتني (قد ابتلى) فقال: استكرهها او لم يستكرهها؟ قلت افتني فيهما جميعا، قال ان كان استكرهها فغليه بدنتان و ان لم يكن استكرهها فعليه بدنة و عليها بدنة و يفترقان من المكان الّذي كان فيه ما كان حتى ينتهيا الى مكة و عليهما الحج من قابل لا بدّ منه قال: قلت فاذا انتهيا الى مكة فهي امرأته كما كانت فقال نعم هي امرأته كما هي فاذا انتهيا الى المكان الذي كان منهما ما كان افترقا حتى يحلاّ فاذا احلاّ فقد انقضى عنهما فإنّ ابي كان يقول ذلك(3).
و منها: صحيحة جميل بن درّاج قال سئلت ابا عبد الله (عليه السلام) عن محرم وقع على
- 1 ـ وسائل ابواب كفارات الاستمتاع الباب الثالث ح ـ 9.
- 2 ـ وسائل ابواب كفارات الاستمتاع الباب السابع ح ـ 2.
- 3 ـ وسائل ابواب كفارات الاستمتاع الباب الرابع ح ـ 2.
(الصفحة 391)
اهله قال: عليه بدنة، قال فقال له زرارة: قد سئلته عن الذي سئلته عنه فقال لي عليه بدنة قلت عليه شيء غير هذا قال عليه الحج من قابل(1).
و منها: صحيحة معاوية بن عمار عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال اذا وقع الرجل بامرئته دون مزدلفة او قبل ان يأتي مزدلفة فعليه الحج من قابل(2). و الفرق بين هذه الرواية و الروايات السّابقة ان شمول تلك الروايات لهذه الصوّرة التي هي محلّ البحث انّما كان بالاطلاق و امّا هذه الرواية فالقدر المتيقن من موردهاانّما هي هذه الصورة و ان كان مقتضي اطلاقه الشمول لما قبل الوقوف بعرفات و الظاهر ان الترديد انّما هو من الرّاوي لعدم الفرق بين التعبيرين في المدلول.
و منها: مرسلة الصدوق المعتبرة قال: قال الصادق (عليه السلام) ان وقعت على اهلك بعد ما تعقد الاحرام و قبل ان تلبّي فلا شىء عليك، و ان جامعت و انت محرم قبل ان تقف بالمشعر فعليك بدنة و الحج من قابل، و ان جامعت بعد وقوفك بالمشعر فعليك بدنة و ليس عليك الحج من قابل، و ان كنت ناسيا او ساهيا او جاهلا فلا شيء عليك(3). و قد ظهر لك بعد ملاحظة هذه الرّوايات انّ الظاهر ما ذهب اليه المشهور و تبعه المتن من اتّحاد الصورتين في الحكم و ترتّب الاحكام الثلاثة من لزوم الاتمام و ثبوت الكفارة و وجوب الحجّ من قابل على كلتيهما نعم لا بدّ من الالتفات الى ان اكثر الرّوايات المتقدمة مشتركة في ثبوت الحكمين الاخيرين و بعضها يدل على خصوص الحكم الاخير و امّا ما يدل على لزوم الاتمام فمضافا الى
- 1 ـ وسائل ابواب كفارات الاستمتاع الباب الثالث ح ـ 3.
- 2 ـ وسائل ابواب كفارات الاستمتاع الباب الثالث ح ـ 1.
- 3 ـ وسائل ابواب كفارات الاستمتاع اورد صدرها في الباب الاوّل ح ـ 2 و وسطها في الباب السادس ح ـ 2 و ذيلها في الباب الثاني ح ـ 5
(الصفحة 392)
انه لو لم يلزم الاتمام و كان الحج فاسدا غير واجب الاكمال يلزم ان يكون المفسد موجبا لحصول التحلل و الخروج عن الاحرام مع انّ التحلّل في الحج يتوقّف على قضاء مناسكه باجمعها نعم قد يتحقق بدونه كما في مورد الاحصار و لكنه لم يعهد جعل مثل الجماع موجبا لحصول التحلّل و الى وجود روايات ظاهرا دالة على لزوم الاتمام في جميع الموارد سواء كان الحج صحيحا او فاسدا ففي المقام مثل رواية زرارة المتقدّمة الدالة على لزوم التفريق بينهما فان لزوم التفريق يدل بالدلالة الالتزامية على وجوب الاتمام ضرورة انه لا مجال مع فساد الحج و عدم لزوم الاتمام للزوم التفريق و عليه فالروايات مع ملاحظة مجموعها تدلّ على الاحكام الثلاثة.
و يدلّ على لزوم التفريق ايضا رواية معاوية بن عمّار عن ابي عبد الله ـ عليه السلام ـ في المحرم يقع على اهله فقال: يفرق بينهما و لا يجتمعان في خباء الاّ ان يكون معهما غيرهما حتى يبلغ الهدي محلّه(1). و امّا مستند القائلين باعتبار تقدم الجماع على الوقوف بعرفات في ترتّب الاحكام المذكورة فهو مثل ما روي من انّ الحجّ عرفة(2). و هو مع ضعفه لا يكون المراد به ما هو ظاهره قطعا و الاّ يلزم كفاية الاقتصار على الوقوف في حال العمدو الاختيار و ترك سائر المناسك كلّها كذلك فاللازم الحمل على ان الوقوف بعرفات من اعظم اركان الحجّ و هو لا يستلزم عدم ترتب الاحكام المذكورة على الجماع بعده و قبل الوقوف بالمشعر و كيف يصح الاستدلال بمثله في مقابل الروايات الكثيرة المتقدمة الصريحة بعضها فلا محيص عن الاخذ بما عليه المشهور.
- 1 ـ وسائل ابواب كفارات الاستمتاع الباب الثالث ح ـ 5.
- 2 ـ المستدرك ابواب احرام الحج الباب الثامن عشر ح ـ 13.
(الصفحة 393)
بقي الكلام في هاتين الصورتين في امور:
الأمر الأوّل: في فساد الحج بالجماع فيهما و عدمه ففي المتن تبعا للمحقّق في الشرايع بل المحكى عن الاكثر بل قد ادعى الاجماع في محكي التنقيح عليه هو الفساد لكن قد حكى عن النهاية و الجامع و عن المحقق في النافع بل في الشرايع في احكام الصيد عدم الفساد و ان الحج الثاني عقوبة و اختاره غير واحد من متاخرى المتأخرين و قد عرفت انه لا اختلاف بين القولين في ترتب الاحكام الثلاثة المذكورة بل الثمرة بينهما تظهر في امور اخر.
منها: و هو العمدة النيّة فانه لو كان الفرض هو الحجّ في العام القابل لكان اللازم حال الاحرام نيّة حجة الاسلام ـ مثلا ـ و لو كان الحج الثاني عقوبة لكان الّلازم نيّة ما وجب عليه بالافساد.
و منها: ما لو مات بين العامين فعلى تقدير القول بفساد الاول كان الفرض و هي حجة الاسلام ـ مثلا ـ على عهدته و يعامل معه معاملة من مات و لم يأت بالحج اصلا مع استقراره عليه و على فرض القول بالصحة لكان التكليف المتعلّق بالحج المتوجه اليه قد امتثل و صارت الذمة بريئة بخلاف القول الاخر فانه عليه عقوبة و كفارة لعلّها تخرج من الثلث لا من الاصل فتدبّر.
و منها: ما لو كان الجماع واقعا من الاجير الذي كان متعلق اجارته الحج في خصوص السنة الاولى فانه لا يستحق الاجرة على تقدير فساده بخلاف القول بالصحة فانه يستحق الاجرة و يجب عليه الحج في القابل من مال نفسه.
و منها: غير ذلك من الثمرات المتعددة المترتبة على القولين المذكورة في مطاوي الكتب الفقهية.
اذا عرفت ذلك فاعلم ان ذيل رواية زرارة المتقدمة ظاهر بل صريح في انّ الحج الذي وقع الجماع فيه هو واجبه و ان الثاني عقوبة و الاشكال فيها من جهة