(الصفحة 254)مسألة 21 ـ لا يجوز الاحرام في ازار رقيق بحيث يرى الجسم من ورائه و الاولى ان لا يكون الرداء ايضا كذلك1.
الحرير فقال: لا يصلح ان تلبس حريرا محضا لا خلط فيه فامّا الخزّ و العلم في الثوب فلا بأس ان تلبسه و هي محرمة، و ان مرّ بها رجل استترت منه بثوبها، و لا تستتر بيدها من الشمس و تلبس الخزّ اما انّهم يقولون انّ في الخز حريرا و انما يكره المبهم(1).
و منها: غير ذلك من الروايات الظاهرة في المنع الوضعى.
و قد جمع بين الطائفتين امّا بحمل النصوص المانعة على الكراهة و امّا بحمل نصوص الجواز على الممتزج و نصوص المنع على الخالص و لعلّ الثاني اولى لما عرفت من عدم كون الروايات مسوقة لبيان الحكم التكليفي جوازا و منعا بل لبيان الحكم الوضعى و عليه فالاحوط لو لم يكن اقوى هو عدم الجواز بل الظاهر عدم الاختصاص بحال عقد الاحرام و الشمول لللبس في استدامته فتدبّر.
1 ـ قد جزم في محكّى الدّروس بعدم جواز الاحرام في الازار اذا كان حاكياللعورة و الوجه فيه هي صحيحة حريز المتقدمة في المسئلة السابقة الدالة بالمفهوم على عدم جواز الاحرام في ثوب لا يجوز الصلوة فيه و من الظاهر ان الثوب الحاكى للعورة لا تجوز الصلوة فيه لوجوب سترها بحيث لم تكن مرئيّة من وراء الثوب لكن المحكى عن المدارك انه قال: اطلاق عبارات الاصحاب يقتضي جواز الاحرام فيهما مطلقا و يرد عليه مضافا الى منع الاطلاق في كلماتهم خصوصا مثل عبارة الشرايع: لا يجوز الاحرام فيما لا يجوز لبس جنسه في الصلوة انه لا مجال له مع دلالة الرواية الصحيحة على الخلاف هذا في الازار.
و امّا الرداء فحكم في المتن باولوية عدم كونه كذلك كالرداء لكن في
- 1 ـ وسائل ابواب الاحرام الباب الثالث و الثلثون ح ـ 7.
(الصفحة 255)مسألة 22 ـ لا يجب على النساء لبس ثوبي الاحرام فيجوز لهنّ الاحرام في ثوبهنّ المخيط1.
الدروس و تبعه بعض المعاصرين ان اعتباره فيه احوط اى يكون مقتضي الاحتياط الوجوبي و الوجه فيه انه لا يكون الرداء في باب الاحرام يقايس بالرداء في باب الصلوة حتى يقال بانه لا يلزم ان لا يكون الرداء حاكيا لعدم اعتبار ذلك في باب الصلوة بل الظاهر ملاحظة الردّاء بالاضافة الى ما يجب ستره في الصلوةو هي العورة ففي الحقيقة الرداء الكذائي لا تجوز الصلوة فيه فيما يرتبط بالستر الواجب و هو ستر العورة فالرداء في الاحرام لا يقاس بالرداء الصلوتي بعد عدم اعتبار الرداء في الصلوة اصلا بل يقاس بالازار الصلوتى الذي يعتبر ان لا يكون حاكيا و عليه فالاحوط لو لم يكن اقوى هو الاعتبار في الرداء ايضا.
1 ـ قال في الجواهر: «انّ الظاهر عدم وجوب لبس ثوبين لخصوص الاحرام للامرأة تحت ثيابها و ان احتمله بعض الافاضل بل جعله احوط و لكن الاقوى ما عرفت خصوصا بعد عدم شمول النصوص السّابقة للاناث الاّ بقاعدة الاشتراك التي يخرج عنها هنا بظاهر النص و الفتوى و الله العالم».
و ظاهره انّ ظاهر النص و الفتوى هو الاختصاص مع انه لم يصرّح بالاختصاص قبله الاّ صاحب الحدائق و الفتاوى في ذلك مطلقة خصوصا مع ملاحظة ان الحكم بوجوب لبس الثوبين في الاحرام قد جعل في عداد النيّةو التلبية مع وضوح عدم الاختصاص فيهما و عليه فلو كان الامر الثالث مختّصا بالرجال و مختلفا مع الامرين الاولين لكان اللازم التنبيه عليه و التصريح بالافتراق و امّا النصوص فهى و ان كان اكثرها بصورة الخطاب للرّاوي الذي هوالرجل الاّ ان الغاء الخصوصية في بعض موارد التصريح بالرجولية كقوله رجل شك بين الثلاث و الاربع ـ مثلا ـ يقتضي الغائها في المقام بطريق اولى خصوصا بعد كون المستحبات المذكورة قبل اللبس كتقليم الاظفار و نتف الشعر و السواك
(الصفحة 256)
و الاغتسال غير مختصة بالرجال.
و لاجل ذلك صار استظهار صاحب الجواهر (قدس سره) موردا لاستشكال بعض المتأخرين عنه كصاحب المستمسك (قدس سره) و لقد تصدي بعض الاعلام ـ قدس سره الشريف ـ لتوجيه كلام صاحب الجواهر و الدفاع عنه بما يرجع محصّله الى انه لا خلاف و لا اشكال في وجوب اصل اللبس على المرأة في مقابل العرى و انه لا يجوز لها الاحرام عارية و ان امنت النظر كما اذا احرمت في ظلمة الليل و نحو ذلك و تدل على ذلك عدة من الروايات الآمرة بلبس الثياب على المرأة الحائض او الدالة على اعتبار ان يكون ثوبها طاهرا و ان تتخذ ثوبا يقي من سراية النجاسة الى ثيابها التي تحرم فيها و نحو ذلك و امّا وجوب لبس خصوص الازار و الرداء عليها كالرّجال فليس في البين ما يدل على هذه الخصوصية في حقهنّ ايضا لانّ مورد ما يدل عليها هو الرجال و لا مجال للاستناد الى قاعدة الاشتراك للتعميم لانها انماتجري فيما اذا لم تحتمل الخصوصية و امّا مع احتمالها باعتبار عدم جواز لبس المخيط للرجال و وجوب التجرد عليهم من الثياب و نحو ذلك و جواز الجميع للنساء فلا مجال لجريان قاعدة الاشتراك و بالجملة بعد انه لا يجوز للمرأة الاحرام عارية يكون وجوب لبس خصوص الثوبين امّا ان يكون مستنده قاعدة الاشتراك التي عرفت عدم جريانها لاحتمال الخصوصية و امّا ان يكون مستنده النصوص و قد عرفت ان مقتضاها وجوب اصل الثياب و امّا كون التعميم مخالفا للفتاوي فلانهاايضا تدل على جواز لبس المخيط لها و عدم وجوب نزع الثياب عليها بل جوز بعضهم لبس الحرير لها فكلام صاحب الجواهر (قدس سره)في محلّه.
اقول: امّا ما افاده من ان احتمال الخصوصية المتحقق في المقام يمنع عن جريان قاعدة الاشتراك و الغاء الخصوصية فيرد عليه ما مرّ سابقا من عدم الارتباط بين مسئلة لبس الثوبين الذي هو واجب تعبدي شرعي مستقل و محلّه
(الصفحة 257)
قبل الاحرام الذي يتحقق بالنيّة و التلبية و بين مسئلة عدم جواز لبس المخيط على الرجال الذي هو متأخر عن الاحرام و من محرّماته فاذا كان مثل هذا الحكم مختصّا بالرجال فكيف يوجب سراية احتمال الاختصاص بالاضافة الى الثوبين و اىّ ارتباط بين الامرين و لكنك عرفت فيما تقدم وقوع الخلط في كلامه (قدس سره) بينهما في موارد متعددة.
و امّا مسئلة التجرد التي تقدم البحث عنها فالظاهر انه ليس لعنوانه خصوصيةو موضوعية بحيث اذا لم يكن مريد الاحرام لابسا للمخيط قبل الاحرام لكان يجب عليه التجرد ايضا بل الظاهر ان التجرد انما هو بلحاظ كون اللباس الذي عليه مخيطا نوعا فكان اللازم التجرد عنه لئلا يتحقق الاحرام في ثوب مخيط فاختصاص لزوم التجرد لاجل هذه الجهة بالرجال لا يوجب احتمال الخصوصية في الدليل الدال على لزوم لبس الثوبين و عدم جواز الغاء الخصوصية خصوصا بعد ما عرفت من اشتراك الاحكام المذكورة قبله بين الرجال و النّساء.
و امّا النصوص فالظاهر انه لا مجال لدعوى كونها في مقام اصل وجوب اللبس خصوصا مثل موثقة يونس بن يعقوب قال سئلت ابا عبد الله (عليه السلام) عن الحائض تريد الاحرام قال: تغتسل و تستثفر و تحتشى بالكرسف و تلبس ثوبا دون ثياب احرامها و تستقبل القبلة و لا تدخل المسجد و تهلّ بالحج بغير الصلوة(1). و رواية زيد الشحام عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال سئل عن امرأة حاضت و هى تريد الاحرام فتطمث قال تغتسل و تحتشى بكرسف و تلبس ثياب الاحرام و تحرم فاذاكان الليل خلعتها و لبست ثيابها الاخرى حتى تطهر
- 1 ـ وسائل ابواب الاحرام الباب الثامن والاربعون ح ـ 2.
- 2 ـ وسائل ابواب الاحرام الباب الثامن والاربعون ح ـ 3.
(الصفحة 258)
فان ظاهرهما بلحاظ التفكيك بين ثياب الاحرام و بين الثوب الذي تلبس دونها او الثوب الذي تلبسها في الليل بعد خلع ثياب الاحرام ان المراد بها ليس ما تلبسه المرأة حال الاحرام في الحدوث او في البقاء بل هو الثوب المعهود في باب الاحرام و ليس هو الاّ الثوبين المعهودين و عليه فكيف يمكن دعوى كون النصوصواردة في مقام افادة اصل وجوب اللبس و التعبير بالثياب بصيغة الجمع لا يدل على انها غير ثوبي الاحرام بعد ورود مثله في الثوبين بالاضافة الى الرجال في بعض الروايات ايضا هذا بالنظر الى النصوص نعم ربما يقال بدلالة صحيحة عبد الله بن سنان الواردة في كيفية حجة الوداع الدالة على انّه بعد اجتماع الناس في الميقات امرهم النبي (صلى الله عليه وآله) بنتف الابط و حلق العانة و الغسل و التجرد في ازار و رداء الحديث. على لزوم الازار و الرداء على النساء اللاتى كن في جملة الناس المأمورين بذلك لكنه ممنوع بعد ما عرفت من عدم لزوم التجرد على النساء بوجه و اختصاصه بالرجال مضافا الى ان ظاهره الاكتفاء بالازار و الرداء فقط و لا يجري ذلك في النساء.
و امّا الفتاوى فقد عرفت انها ـ مضافا الى كونها مطلقة ـ قد جعلت اللبس في عداد النية و التلبية من واجبات الاحرام و لم تتعرض للفرق بينه و بينهما مع وضوح اشتراكهما و عدم الاختصاص بالرجال مع انه حكى عن نهاية الشيخ (قدس سره) انه قال: ان ما يحرم على الرجال يحرم على النساء المحرمات ايضا و يجب عليهن ما يجب عليهم الاّ ما اخرجه الدليل كجواز لبس المخيط و الحريز. الاّ ان يقال بكون مورده انّما هو بعد الاحرام و لا يشمل حال الاحرام.
و مع ذلك كلّه فالمسئلة مشكلة جدّا و الاحوط لبس النساء للثوبين ايضا دون ثيابهن في حال النيّة و التلبية و لا مانع من النزع بعد تحقق الاحرام بناء على ما هو مقتضى الفتاوى من عدم لزوم استدامة لبس الثوبين حتى بالاضافة الى الرجال كما مرّ.