(الصفحة 167)
و نحر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثلاثا و ستين فنحرها بيده (الحديث)(1). و ظاهره عدم اقتران احرامه (عليه السلام) بسياق الهدي و كون نيته على سبيل الاجمال و ان النبي (صلى الله عليه وآله) اشركه في هديه فبين الصحيحتين تهافت ظاهرا.
هذا و التحقيق ان دعوى التهافت ناشية عن عدم ملاحظة جميع الرواية من الصدر الى الذيل او عدم الدقة في مفادها فان صحيحة معاوية بن عمار مشتملة على مفاد ما اشتملت عليه صحيحة الحلبي من سؤال النبي (صلى الله عليه وآله) عن على (عليه السلام) بمااهلّ به و جوابه بانه اهلّ بما اهلّ به النبي و انه اشركه في هديه مصرّحا بذلك و قد تقدّم نقله في اوّل هذا البحث و عليه فالمراد بانه جاء على (عليه السلام)باربعة و ثلاثين...
هو مجيئه بها الى منى من مكة بعد تشريك النبي اياه في هديه و جعل الثلث له تقريبا لا اقتران احرامه من ميقات اهل اليمن الذي احرم منه علىّ (عليه السلام) ظاهرا بسياق الهدى و يدل عليه ايضا قوله (عليه السلام) في هذه الصحيحة قبيل هذه العبارة: فلمّااضاء له النهار افاض حتى انتهي الى منى فرمى جمرة العقبة و كان الهدى الذي جاء الخ.
و عليه فلا ينبغي الترديد في ان هذا المجىء لا يرتبط بسوق الهدى بل يرتبط بمجيئه بما خصّه النبي به من مكّة فلا تنافي بين الروايتين بوجه.
نعم في رواية الفضل بن الحسن الطبرسي في اعلام الورى قال خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) متوجها الى الحج في السنة العاشرة الى ان قال و كان قارنا للحج ساق ستا و ستين بدنة و حجّ على (عليه السلام) من اليمن و ساق معه اربعا و ثلاثين بدنة الحديث(2) و ظاهرها كون احرامه (عليه السلام) كاحرامه (صلى الله عليه وآله) مقرونا بسياق الهدي و كان المنوي له هو
- 1 ـ وسائل ابواب اقسام الحج الباب الثاني ح ـ 14.
- 2 ـ وسائل ابواب اقسام الحج الباب الثاني ح ـ 32.
(الصفحة 168)
حجّ القران كالنبي (صلى الله عليه وآله) و لكنه ـ مضافا الى عدم كونه رواية منقولة عن الامام (عليه السلام) و لو مع الارسال لظهورها في كون نقلها بعنوان التاريخ لا الرواية و يؤيده عدم كون الكتاب المزبور من الجوامع الروائيّة و لاجله يتوجه الاشكال على صاحب الوسائل ايضا و الى عدم التصريح في حجّ على (عليه السلام) بالقران مع التصريح به في حج النبيّ (صلى الله عليه وآله) و الى وجود الاختلاف بين قوله: ساق كما في النبي (صلى الله عليه وآله) و بين قوله:
ساق معه كما في على (عليه السلام) و الى دلالة الروايات الصحيحة التي تقدم بعضها على ان النبي (صلى الله عليه وآله) ساق مأة بدنة لا ستا و ستين ـ يكون ذيلها قرينة على انه ليس المراد بهذا السوق هو السوق حال الاحرام بل السوق من مكّة الى منى و هو انه قال له: بم اهللت يا عليّ فقال له يا رسول الله انّك لم تكتب اليّ باهلالك فقلت اهلالاكاهلال نبيّك فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله)فانت شريكي في حجي و مناسكي و هديي. فان هذا الذيل قرينة واضحة على عدم كون النية في احرام على (عليه السلام) متعلقة بحج القران و عليه فلا بد من ان يقال بان المقصود من الصدر ما ذكرنا فلا تنافي سائر الروايات.
و بالجملة ملاحظة الروايات الواردة في هذا المجال و الدقة و التدبر فيها تقضي بان نيّة على (عليه السلام) حال الاحرام كانت مرددة بين القران و الافراد بعد وضوح عدم كون المقصود هى العمرة و عدم مشروعية التمتع بعد و انه بعد استعلام اهلال النبي ظهر انّ حجّه حج القران غاية الامر انه يتولد من ذلك اشكال و هو ان حج القران لا بد و ان يكون احرامه مقرونا بسياق الهدي و الروايات ظاهرة في عدم الاقتران و ان سوق هديه ـ ح ـ كان من مكة بعد اشراك الرسول اياه في هديه.
و الجواب عن هذا الاشكال امّا بان يقال ان هذا من خصائصه (عليه السلام) كماان جواز التشريك في الهدى بعد سوقه لعلّه كان من خصائص النبي (صلى الله عليه وآله).
و امّا بان يقال ان ما كان اقتران احرامه بسياق الهدى لازما في حج القران
(الصفحة 169)
انّما هو الحج الذي كانت الخصوصية فيه معلومة حال الاحرام و امّا ما كان مردّداحال الاحرام فلا يعتبر فيه ذلك بل المعتبر هو السوق بعد الانكشاف و التعين و المفروض تحققه في احرام ـ علىّ ـ لسوقه الهدى بعد تشريك النبي اياه في هديه و لا يبعد الالتزام بذلك مطلقا و سيأتي تحقيقه في حج القران ان شاء الله تعالى.
و قد انقدح من جميع ما ذكرنا صحة الاحرام في هذا الفرض بمقتضى القاعدةو النصوص.
الفرض الثاني:
ما اذا نوى كنيّة الغير مع عدم تعين المنوي عنده و عدم الانكشاف بعداو استمرار الاشتباه لموت او غيبة و المذكور في الجواهر انّ فيه وجوها ثلاثة:
احدها: ما حكى عن الشيخ (قدس سره) من انه يتمتع احتياطا و ظاهر الشرايع ان مورد هذا القول كلا الفرضين و لكن صرّح في الجواهر بان مورده خصوص صورة استمرار الاشتباه و الوجه فيه انّه ان كان متمتعا واقعا و كان منوي الغير هو التمتع فقد تحققت الموافقة و ان كان غيره فالعدول عنه الى التمتع جائز.
و يرد عليه انه لا مجال لدعوى جواز العدول مطلقا بل يختص ذلك بحج الافراد اذا لم يكن متعينا عليه فلا ينطبق على المدّعى و اضاف اليه في الجواهر ان العدول على خلاف القواعد و الثابت منه حال معلومية المعدول عنه لا مشكوكيّته و لكن فيه ما لا يخفى فانه في صورة الشك يتردد بين العدول و غيره فاذا كان العدول المعلوم جائزا فالمشكوك انما يكون جائزا بطريق اولى.
ثانيها: ما حكى عن بعض من البطلان في هذا الفرض لان المفروض تعذر العلم بما احرم به و معرفته فيكون من المجمل الذي لا يجوز الخطاب به مع عدم طريق لامتثاله.
(الصفحة 170)مسألة 6 ـ لو وجب عليه نوع من الحج او العمرة بالاصل فنوى غيره بطل و لو كان عليه ما وجب بالنذر و شبهه فلا يبطل لو نوى غيره، و لو نوى نوعا و نطق بغيره كان المدار ما نوى، و لو كان في اثناء نوع و شك في انه نواه او نوى غيره بنى على انه نواه1.
ثالثها: احتمال التخيير كما في نسيان ما احرم به.
اقول: قد مرّ في مسئلة نسيان ما عينه من حج او عمرة انه في صورة صحة كلاالامرين و عدم جواز العدول في البين يتصور فروض كثيرة و في اكثرها يوجد الطريق للامتثال العلمي الاجمالي و في بعضها لا محيص الاّ عن الامتثال الاحتمالي و الموافقة كذلك و عليه فالظاهر اشتراك المقام مع تلك المسئلة في الفروض التي يمكن فيها تحقق الامتثال قطعا و لو اجمالا و ذلك لان المفروض ان المنوي متعين واقعا و ان لم يكن له طريق الى تعيينه و لكن يمكن له الامتثال بنحو يقطع بتحققه فلا مانع في البين اصلا.
و امّا الفرض الذي لا طريق فيه الى الامتثال العلمي و لو اجمالا فالظاهر وجودالفرق بين المقام و بين تلك المسئلة فيه لانه هناك قد وقع الاحرام الصحيح لاشتماله على تعيين الحج او العمرة غاية الامر عروض النسيان و لم يقم دليل على كونه موجبا للخروج عن الاحرام او كاشفا عن عدم تحققه من الاوّل و امّا هنا فالشك في اصل صحة الاحرام بهذه الكيفية و اصل تحققه و لم يقم دليل على الصحة من اطلاق او غيره و عليه فالظاهر وجود الفرق بين المسئلتين في هذاالفرض فتدبّر.
1 ـ في هذه المسئلة فروع ثلاثة:
الفرع الاوّل: ما لو وجب عليه نوع من الحج او العمرة فنوى غيره و ظاهر العروة البطلان مطلقا من دون تفصيل بين ما وجب بالاصل و ما وجب بالنذر و شبهه و قد فسرّ البطلان في بعض شروحها بعدم الوقوع عمّا وجب عليه لا البطلان رأسا فيحكم بصحة المأتي به و لكنه لا يجزي عمّا وجب عليه.
(الصفحة 171)
و لكن التفصيل الذي افاده سيّدنا العلامة الاستاذ الماتن (قدس سره) في المتن و في حاشية العروة يدلّ على انه قد فسر البطلان بالبطلان رأسا كما هو الظاهر من العروة ايضا و الوجه فيه ان عدم الوقوع عما يجب عليه من النوع الذي نوى غيره مع التوجه و الالتفات يكون مشتركا بين الصورتين لانه لا مجال للوقوع عنه مع عدم نيّته و التعمد و الالتفات كما هو ظاهر و ـ ح ـ فاللازم ملاحظة وجه التفصيل المزبور فنقول: هو مبني علي ما تقدم منه (قدس سره) في بعض المسائل السّابقة من انّ من استقر عليه الحج و تمكن من ادائه ليس له ان يحج عن غيره تبرعا او بالاجارة و كذاليس له ان يتطوع به ثم نفى البعد عن البطلان من غير فرق بين علمه بوجوبه عليه و عدمه بل حكم ببطلان الاجارة و ان كان جاهلا بوجوبه عليه و عليه يظهر وجه الحكم بالبطلان فيما لو نوي غير ما وجب عليه بالاصل و انه لا يقع مطلقا لا عن الواجب و لا عن المنوي و امّا وجه الحكم بالصحة فيما لو كان عليه ما وجب بسبب النذر و شبهه فلعدم جريان ادلة البطلان في الفرض الاوّل في هذا الفرض بعد كون الوجوب غير متعلق بعنوان الحج بوجه بل بعنوان الوفاء بالنذر و شبهه و ان كان النذر متعلقا بعنوان خاص و كان مقيدا بالفورية لكن قد مرّ منّا انه لا وجه للحكم بالبطلان في الفرض الاوّل سواء كان مستندا الى القاعدة او الى الروايتين الواردتين فيه او الى الاجماع او الشهرة فالحق في كلا الفرضين عدم البطلان بهذاالمعني نعم لا ريب في البطلان بمعني عدم وقوعه عما وجب عليه لعدم تعلّق النيّة به اصلا.
الفرع الثاني: ما لو نوي نوعا و نطق بغيره فان كان بنحو سبق اللسان و من غيرقصد و لا اختيار فلا شبهة في صحته و ان المدار ما نوي و ان كان بغيره لكن لا بنحو يرجع الى العدول عن النية فالمدار ايضا هي النيّة لانه لا اثر لللفظ بدونها و يترتب عليها الاثر بدونه لانه لا يلزم التلفظ بها بل لا دليل على الاستحباب في غير اعمال