(الصفحة 61)مسألة 7 ـ ما ذكرنا من المواقيت هي ميقات عمرة التمتع و هنا مواقيت اخر. الاوّل مكة المعظمة و هي لحج التمتّع، الثاني دويرة الاهل اي المنزل و هي لمن كان منزله دون الميقات الى مكة بل لاهل مكّة و كذا المجاور الذي انتقل فرضه الى فرض اهل مكّة و ان كان الاحوط احرامه من الجعرانة فانهم يحرمون بحج الافراد و القران من مكة، و الظاهر ان الاحرام من المنزل للمذكورين من باب الرّخصة و الاّ فيجوز لهم الاحرام من احدالمواقيت، الثالث ادنى الحلّ و هو لكلّ عمرة مفردة سواء كانت بعد حج القران او الافراد ام لا و الافضل ان يكون من الحديبية او الجعرانة او التنعيم و هو اقرب من غيره الى مكة1.
اهل الخبرة و ان لم تكن كذلك فالظنّ الحاصل منه لم ينهض ايضا دليل على اعتباره و قد ذكرنا في طرق ثبوت الميقات طريق الاحتياط الموصل الى تحقق الاحرام الصحيح جزما و يزيد هنا انه في فرض التمكن من الذهاب الى الميقات يكون مقتضى الاحتياط ترك الاحرام من المحاذات مع عدم ثبوتها.
1 ـ ذكر في المتن ان المواقيت الخمسة او الستّة ـ بضميمة المحاذاة ـ السابقة انّما هي ميقات عمرة التمتع و المراد ان عمرة التمتع لا بد و ان يقع احرامها من احد هذه المواقيت لا انّ غير عمرة التمتع لا يصح ان يقع احرامها منه ضرورة انّ من يريد العمرة المفردة من المدينة ـ مثلا ـ لا بد و ان يحرم من مسجد الشجرة كما ان من يريد حج القران او الافراد منها لا بد و ان يحرم منه كما اذا اتى بحجة الاسلام بصورة التمتع ثم اراد الحج استحبابا باحدى الصورتين الآخرتين فانه لا بدّ من الاحرام من مسجد الشجرة و في المتن انّ هنا مواقيت أخر:
الاوّل: مكة المعظمة و هي ميقات لحج التمتع بالمعنى الذي ذكرنا في كون المواقيت المتقدمة ميقاتا لعمرة التمتع فكون مكّة ميقاتا لحج التمتع معناه عدم وقوع احرام الحج بعد الفراغ عن عمرة التمتع من غير مكة و قد عرفت ان الافضل مسجد الحرام و لا يكون معناه عدم صحة احرام غير حج التمتع من مكّة كيف و قد
(الصفحة 62)
صرح في المتن بعد سطر بان اهل مكة ـ مع كون وظيفتهم القران او الافراد يكون ميقاتهم دويرة الاهل اى المنزل و ان كان يجوز لهم الاحرام من احد المواقيت فكون مكة ميقاتا لحج التمتع معناه ما ذكر و لا اشكال و لا خلاف في ذلك و قد مرّ البحث عنه مفصّلا.
الثاني: دويرة الاهل اى المنزل و هي ميقات لمن كان منزله دون المواقيت الى مكة و لا شبهة فيه فتوى و نصا امّا الفتاوى ففى الجواهر: بلا خلاف فيه بل الاجماع بقسميه عليه بل عن المنتهى: انه قول اهل العلم كافة الاّ مجاهدا.
و امّا الروايات فكثيرة و قد عقد في الوسائل بابا لذلك.
منها: صحيحة معاوية بن عمّار عن ابى عبد الله (عليه السلام) قال من كان منزله دون الوقت الى مكّة فليحرم من منزله(1).
ومنها: ما رواه الشيخ بعد روايته الصحيحة الاولى قال: و قال في حديث آخر اذا كان منزله دون الميقات الى مكة فليحرم من دويرة اهله(2).
و منها: صحيحة مسمع عن ابى عبد الله (عليه السلام) قال اذا كان منزل الرجل دون ذات عرق الى مكّة فليحرم من منزله(3).
و منها: رواية ابى سعيد قال سئلت ابا عبد الله (عليه السلام) عمن كان منزله دون الجحفة الى مكة قال: يحرم منه(4).
و منها: مرسلة الصدوق المعتبرة قال: و سئل الصادق (عليه السلام) عن رجل منزله خلف
- 1 ـ وسائل ابواب المواقيت الباب السابع عشر ح ـ 1.
- 2 ـ وسائل ابواب المواقيت الباب السابع عشر ح ـ 2.
- 3 ـ وسائل ابواب المواقيت الباب السابع عشر ح ـ 3.
- 4 ـ وسائل ابواب المواقيت الباب السابع عشر ح ـ 4.
(الصفحة 63)
الجحفة من اين يحرم؟ قال: من منزله(1).
و منها: ما رواه الصدوق ايضا قال: و في خبر آخر من كان منزله دون المواقيت ما بينه و بين مكّة فعليه ان يحرم من منزله(2). اذا عرفت ذلك فالكلام يقع في امر و هو انّه:
هل المعتبر هو القرب الى مكة او الى عرفات فالمشهور هو الاوّل و المحكى عن الشهيد في اللمعة هو الثاني و في المدارك نقله عن المحقق في المعتبر و عن الشهيد الثاني في المسالك: «لو لا النصوص امكن اختصاص القرب في العمرة بمكة و في الحج بعرفة اذ لا يجب المرور على مكة في احرام الحج من المواقيت».
هذا و لكن مقتضى الروايات اعتبار القرب الى مكة اوّلا كما ان مقتضى اطلاقها انه لا فرق في ذلك بين الحج و العمرة ثانيا و قال سيّد المستمسك في الاشكال على قولى الشهيدين: «العمدة في الاشكال ان المراد من القرب الى مكة انه دون الميقات الى جهة مكّة و هذا يلازم كونه اقرب الى عرفات من الميقات فلا تفاوت بين العبارتين عملا و لا خارجا و ان كان بينهما تفاوت مفهوما».
و اورد عليه بان الظاهر هو الفرق بين التحديد بالقرب الى مكّة او الى عرفات لانه لو فرض وقوع عرفات بين منزله و مكّة و كان الفصل بين منزله و عرفات ثلاثة عشر فرسخا و فرض وقوع اقرب المواقيت في الجهة المقابلة لعرفات فح يتحقق الفرق بين الامرين فانه على تقدير كون المعيار هو القرب الى عرفات لا بد من الاحرام من منزله لكونه اقرب الى عرفات من اقرب المواقيت الذي يكون الفصل بينه و بين مكة ما يقرب من ستّة عشر فرسخا و على تقدير كون المعيار هو القرب
- 1 ـ وسائل ابواب المواقيت الباب السابع عشر ح ـ 6.
- 2 ـ وسائل ابواب المواقيت الباب السابع عشر ح ـ 7.
(الصفحة 64)
الى مكّة لا يجوز الاحرام من المنزل لانه بملاحظة كون الفصل بين عرفات و مكة اربعة فراسخ يصير الفصل سبعة عشر فرسخا فيزيد على اقرب المواقيت.
كما انه لو فرض وقوع مكة بين منزله و عرفات فاللازم ان يحرم من الميقات على تقدير كون المعيار هو عرفات اذا كان الفصل بين منزله و مكة ثلاثة عشر فرسخا كما ان اللازم هو الاحرام من المنزل على تقدير كون المعيار هى مكّة فالتفاوت بين العبارتين واضح.
و الحق ان يقال انه ليس المعيار و المناط هو القرب و البعد من جهة الفصل و المسافة اصلا بل المعيار انّ في طريق مريد الحج او العمرة الى مكّة لا بد من ملاحظة ان منزله هل يكون واقعا قبل الميقات او واقعا بعده ففى الصورة الاولى لا بد و ان يحرم من الميقات و ان لا يتجاوز عنه من دون احرام و في الصورة الثانية لا يجب عليه الرجوع الى الخلف لادراك الميقات بل يجوز الاحرام من المنزل و هذا من دون فرق بين ان يكون الفصل بين منزله و بين مكة اقلّ من اقرب المواقيت او اكثر فمن يكون منزله بعد الجحفة في طريق مكّة يحرم منه و ان كان الفصل بينهو بين مكة عشرين فرسخا ـ مثلا ـ مع ان اقل المواقيت ما يقرب من ستّة عشر فرسخا كما عرفت و عليه فالمناط ما ذكرنا من وقوع منزله في طريق مكّة قبل الميقات او بعده و يدلّ عليه ان قوله: دون الوقت الى مكّة في بعض الروايات لا دلالة له على المقايسة بين منزله و بين اقرب المواقيت و لو لم يكن واقعا في طريقه و مسيره بل مدلوله ملاحظة الميقات و ان منزله قبله او بعده كما ان بعض الروايات وارد فيمن كان منزله دون الجحفة او خلفها مع انّك عرفت انّ اطلاقه يشمل ماهو ابعد من اقرب المواقيت فيستفاد منه ان الملاك ما ذكر لا القرب و البعد اصلا.
و قد ظهر مما ذكرنا انه اذا كان في طريقه ميقاتان فجواز الاحرام من المنزل ينحصر بما اذا كان خلف الميقات الثاني و لا يجوز اذا كان المنزل واقعا بين ميقاتين
(الصفحة 65)
لان المستفاد من الروايات ان الحكم بجواز الاحرام من المنزل حكم تسهيلى وضع للتسهيل بعدم ايجاب السير الى الوراء لادراك الميقات فاذا كان الميقات قدّامه في طريق مكة فلا موجب للاحرام من المنزل فتدبّر.
بقى الكلام في هذا الميقات في امرين:
احدهما: ميقات اهل مكة بالاضافة الى حج القران او الافراد في مقابل حج التمتع و في مقابل العمرة المفردة فالمحكي عن صريح ابنى حمزة و سعيد و ظاهر الاكثر ان احرامهم من مكّة بل في محكى الرياض بعد نسبته الى الشهرة حاكيا لها عن جماعة من الاصحاب قال: بل زاد بعضهم فنفى الخلاف فيه بينهم مشعرا بدعوى الاجماع عليه كما حكاه في الذخيرة عن التذكرة.
و قد استدلّ لذلك بالنصوص المتقدمة الدالة على ان من كان دويرة اهله دون الميقات الى مكة فليحرم من منزله نظرا الى انّ اطلاقه يشمل اهل مكة لان منازلهم دون الميقات.
و لكن الظاهر عدم تمامية الاستدلال لانّ ظاهرها محاسبة الدويرة و الميقات بالاضافة الى مكة فهنا امور ثلاثة و امّا بالنسبة الى مكة فلا يبقى مجال لهذه المحاسبة لعدم ثبوت ازيد من امرين.
نعم يمكن الاستناد الى الاولوية خصوصا بعد ظهور كون الحكم بالاضافة الى دويرة الاهل حكما تسهيليّا كما عرفت نظرا الى انّه اذا لم يرد الشارع رجوع من كان منزله دون الميقات الى الميقات للاحرام و اكتفى له بالاحرام من منزله فمن كان منزله في مكة يجوز ذلك له بطريق اولى.
و لكن حيث ان الحكم تعبدى و الاولوية غير قطعية لا يمكن الاستناد اليها بوجه.