(الصفحة 172)
الحجّ و العمرة.
و ربما يستشهد على الصحة بما رواه في محكّى قرب الاسناد عن عبد الله بن الحسن عن جدّه على بن جعفر عن اخيه موسى بن جعفر (عليهما السلام) قال سئلته عن رجل احرم قبل التروية فاراد الاحرام بالحج يوم التروية فاخطأ و ذكر العمرة قال فقال ليس عليه شىء فليعتدّ الاحرام بالحجّ(1). و اورد على الاستشهاد به بان ظاهرها هو الخطاء في النيّة لا في الذكر اللفظي بمعني ان الداعي النفسي كان هو الحج و لكنه نوي العمرة.
كما انه اورد بعض الاعلام (قدس سره) على الاستشهاد به بعد الحكم بضعف السندبعبد الله بن الحسن كما مرّ سابقا بانه اجنبي عن المقام بالمرة لان المفروض فيه صدور الاحرام منه في الخارج و لكن يريد الاحرام ثانيا يوم التروية لدرك فضل الاحرام يوم التروية فلا يشمل الخطاء في الاحرام من الاوّل.
اقول الظاهر ان هذا الايراد يبتني على عدم التأمل في معني الرواية و مورد السؤال فيها لانه مضافا الى انه لم يقم دليل على جواز تجديد الاحرام لدرك الفضيلة المذكورة و لا يكون الاشتباه في الاحرام التجديدي بقادح اصلا فلا مجال للسؤال عنه لعدم قدح بطلانه فضلا عن الاشتباه ان مورد السؤال دخوله في الحرم قبل التروية و ان معني احرم هو الورود في الحرم كما ان معني اللاّبن و التامر هو بايع اللبن و التمر و عليه فلم يتحقق منه احرام قبل التروية بوجه بل مراده من الاوّل هو الاحرام بالحج يومها و لكنه اخطأ و المراد من قوله: و ذكر العمرة امّا ذكر العمرة اي في النية بدلا عن الحج و امّا التذكر و التوجه الى انه لم يات بالعمرة قبل الحجّ بعد على و كلا التقديرين ينطبق على المقام.
- 1 ـ وسائل ابواب الاحرام الباب الثاني و العشرون ح ـ 8.
(الصفحة 173)
نعم الاستدلال بها يتوقف على كون الجواب: «فليعتد» كما في الوسائل المناسب لقوله قبله ليس عليه شيء و لكن الظاهر انه لا مجال للحكم بالصحة في التقدير الثاني و امّا لو كان الجواب: «فليعد» كما في بعض النسخ او كان «فليعقد» فالظاهر دلالته على لزوم اعادة الاحرام.
و يؤيد ما ذكرنا في معني سؤال الرّواية ان المنقول في ذيل الوسائل عن قرب الاسناد: سئلته عن رجل دخل قبل التروية بيوم و اراد الاحرام بالحج يوم التروية فاخطأ قبل العمرة ما حاله: قال ليس عليه شىء فليعد الاحرام بالحج. و ظاهره الاحرام بالحج قبل اتمام العمرة و عليه فتدل على لزوم اعادة الاحرام بالحج من دون ان يكون عليه شىء من الكفارة و لكن حيث ان الرواية ضعيفة السند لا مجال للاستدلال بها نفيا و اثباتا.
الفرع الثالث: ما لو كان في اثناء نوع و شك في انه نواه او نوي غيره و الجمع بين الامرين بان كان في اثناء نوع و مع ذلك شكّ في نيّته او نيّة غيره انّما هو بان يأتي ـ مثلا ـ بالطواف بعنوان عمرة التمتع بحيث لو سئل عن طوافه لكان يجيب بذلك و لكن يحتمل مع ذلك ان تكون نيّته حال الاحرام الذي هو الشروع في العمل متعلقة بالعمرة المفردة و قد حكم فيه في المتن و في العروة و كثير من شروحها بالبناء على ما نوي و الوجه فيه هو التجاوز عن محلّ النية الذي هو حال الاحرام فهو كمن يكون مشتغلا بصلوة الظهر و في اثنائها و لكنه يحتمل ان يكون قد نوي حال الشروع عنوان العصر باعتقاد انه صلّى الظهر فان الظاهر هو البناء على انه نوي الظهر بحيث لا يكون مجال للعدول و لو على سبيل الاحتمال و ليس ذلك الاّ لاجل التجاوز عن محل النية الذي هو مقارن للشروع فيها و عليه فلا مجال للاشكال في جريان قاعدة التجاوز نظرا الى انه انّما تجري مع الشك في تحقق ماله دخل في تمامية العنوان بعد احراز عنوانه و النية لما كانت بها قوام العنوان فمع الشك فيها
(الصفحة 174)مسألة 7 ـ لو نوى مكان عمرة التمتّع حجّه جهلا فان كان من قصده اتيان العمل الّذي يأتي به غيره و ظنّ انّ ما يأتي به اوّلا اسمه الحج فالظاهر صحّته و يقع عمرة، و امّا لو ظنّ ان حج التمتّع مقدم على عمرته فنوى الحج بدل العمرة ليذهب الى عرفات و يعمل عمل الحج ثم يأتي بالعمرة فاحرامه باطل يجب تجديده في الميقات ان امكن و الاّ فبالتفصيل الذي مرّ في ترك الاحرام1.
يكون الشك في العنوان لا في المعنون.
فالظاهر بمقتضي ما ذكر ما افاده الماتن (قدس سره)
1 ـ و الوجه في الصحة في الفرض الاوّل انّ المنوي بحسب الواقع هى العمرة غاية الامر تخيّله انّ عنوانها هو الحجّ و الاّ فلو سئل عمّا يأتي به بعد الاحرام يجيب بانه يدخل مكة و يطوف و يسعى و يقصّر بل لا يلزم العلم بذلك و انه يكفى ان يقصد ما يأتي به من هو مثله في الفرض و نوعه لما عرفت من كفاية التعيين الاجمالي و عدم كون الخطاء في العنوان لفظا او مع النية قادحا في الصحّة بوجه خصوصا بعد كون حج التمتع له خصوصية من جهة ارتباط حجّه بعمرته و كذا العكس و لاجله ربما يطلق على المجموع عنوان الحج لان اضافة الحج الى التمتع ان كانت في مقابل العمرة يكون الحج امرا آخرا مغايرا لها و ان كانت في مقابل حج القران او الافراد يكون شاملا لها ايضا كما هو ظاهر.
و امّا الوجه في البطلان في الفرض الثاني فلاجل انه قد نوي الحجّ الذي يقابل العمرة بحيث لو سئل عما يأتي به بعد الاحرام يجيب بانه يذهب بعد الاحرام الى عرفات و مشعر و منى و يأتي باعمال الحج و مناسكه فالظاهر بطلان احرامه و لو كان ذلك جهلا و لا يجري فيه ما ذكرنا سابقا من صحة ما نوى و ان كان الواجب عليه بالاصل غيره فضلا عن الواجب بالنذر و الاستيجار و مثلهما و ذلك لان المفروض هنا انه نوي ما هو الواجب عليه غاية الامر انه تخيل جهلا كون الواجب هو الحج مقابل العمرة فنوى الحج فلا مجال ـ ح ـ لصحّته و عليه فيصير كمن ترك
(الصفحة 175)الثاني: من الواجبات التلبيات الاربع و صورتها على الاصحّ: لبّيك اللّهم لبّيك لبّيك لا شريك لك لبّيك، فلو اكتفى بذلك كان محرما و صحّ احرامه، و الاحوط الاولى ان يقول عقيب ما تقدّم انّ الحمد و النعمة لك و الملك لا شريك لك لبّيك، و احوط منه ان يقول بعد ذلك: لبّيك اللهم لبّيك ان الحمد و النعمة لك و الملك لا شريك لك لبّيك1.
الاحرام رأسا جهلا او نسيانا و قد مرّ ان حكمه الرجوع الى الميقات و الاحرام منهو مع عدم التمكن من العود الى الميقات التفصيل المتقدم في تلك المسئلة فراجع فلا شبهة في صحة التفصيل المذكور في المتن.
1 ـ لا شبهة في انّ التلبية و ما يجري مجريها من واجبات الاحرام بل كما في الجواهر: الاجماع بقسميه عليه، مضافا الى الروايات التي سيأتي نقل بعضها و التلبية مصدر باب التفعيل و معناها قول: لبيك بحسب الاصل و اللّغة و فيه احتمالان:
الاحتمال الاوّل:
ما يظهر من اكثر اللغويين و الادبيّين من انّه صيغة التثنية و اصله: لبيّن لك فحذف اللام و اضيف الى الكاف فحذف النون و النصب انّما هو لاجل فعل محذوف مقدّر اصله البّ لك البابا بعد الباب اولّبا بعد لبّ بمعني الاقامة بعدالاقامة او الاجابة بعد الاجابة و التثنية انّما هي للتأكد لا للتعدّد و معني الاقامة ظاهرا هي الاقامة و التهيوء الكامل لاطاعة الله تبارك و تعالى و قضاء مناسك الحج الذي هو من اهمّ الفرائض الالهيّة كما في اقامة الصلوة المأمور بها في مواضيع كثيرة من الكتاب العزيز كما ان الاجابة في المقام اجابة للنداء الذي امر الله تعالى به ابراهيم (عليه السلام) بان يؤذّن في الناس بالحج فقيل و اجابه من الناس من هو في اصلاب الرجال و ارحام النساء فجعله الله تعالى شعارا لهم.
و ربما يحتمل ان يكون من لبّ بمعني واجه يقال دارى تلب دارك اى تواجههاو معناه ـ ح ـ ان مواجهتي و قصدي لك كما انه يحتمل ان يكون من لب الشي اي
(الصفحة 176)
خالصه فيكون بمعنى اخلاصي لك و لكنه بعيد بعد كون اللب بهذا المعني بضم اللاّم دون الفتح و عن القاموس انه احتمل ان يكون معناه محبّتى لك.
و يرد على جميع الاحتمالات الجارية في هذا الفرض المبنية على كون اللفظ مثني انه لم يعلم وجه حذف اللام من لك حتى تتحقق الاضافة المستلزمة لحذف النّون الاّ ان يوجّه بان الوجه هو كثرة الاستعمال و شدة الحاجة اليه فتدبّر.
الاحتمال الثاني:
ان يكون كلمة مفردة نظير على ولدى فاضيفت الى الكاف فقلبت الفه ياءو هو محكي عن يونس و اورد عليه بانّ على ولدى اذا اضيفا الى الظاهر يقال فيهما بالالف كعلى زيد ولدي زيد و ليس لبي كذلك فانه يقال فيه لبي زيد بالياء.
و الظاهر ان المراد من هذا الاحتمال ثبوت التشديد للباء و ان كان التنظيربعلى ولدي يبعدّه و مع ثبوت التشديد يصير فعلا آبيا عن الاضافة لاختصاصها بالاسم.
هذا و الذي يقرب الى الذهن انّ مجموع هذه الكلمة مدلولها الاجابة للمنادي المقارنة مع تكريمه و تعظيمه و تجليله و تستعمل في هذا المقام من دون ان يكون مثنى او مركّبا و المنادي في المقام بالاصالة هو الله تبارك و تعالى و لذا يذكر كلمة «اللهم» في صورة التلبية الآتية و كيف كان فالكلام في هذا الامر اى الامر الثاني من واجبات الاحرام بعد الفراغ عن اصل اعتبار التلبية و لزومها في الاحرام يقع في امرين:
الامر الاوّل: ان الواجب هو التلبيات الاربع لا ازيد لكن حكى عن الاقتصادانه ذكر في صورة التلبية الواجبة خمسا لكن قال في كشف اللثام بعد نقله: و لم يقل به احد و حكى عن التذكرة الاجماع على العدم و عن المنتهى اجماع اهل العلم