(الصفحة 183)
بالصّحة و ان لم تكن مشتملة على التجويد و لا الخصوصيات التي تختصّ بالعالم باللغة العربيّة و التلفظ بها كما في القرائة و التشهد و الاذكار في باب الصلوة.
انّما الاشكال في صورة عدم التمكن من الصحيح اصلا و لو باحد الطريقين المذكورين و قد احتاط في المتن وجوبا بالجمع بين اتيانها باىّ نحو امكنه و بين الترجمة بلغته و حكم باستحباب ضم الاستنابة اليهما لكن السيد (قدس سره) في العروة احتاط اوّلا بالجمع بين الاوّل و بين الاستنابة و ثانيا بالجمع بين الامور الثلاثة.
و لا بدّ في المقام بعد ملاحظة ان النيابة كما عرفت في اوّل فصل النيابة في الحج امر يكون على خلاف القاعدة لا يصار اليه الاّ في مورد قيام الدليل المعتبر عليه و ثبوت النيابة كما في اصل الحج في بعض الموارد و بعد ملاحظة انّ قاعدة الميسور لا تكون من القواعد المعتبرة التي يمكن ان يستدل بها في مثل هذه الموارد من ملاحظة الروايات الواردة في المسئلة او التي يمكن ان يستفاد منها حكمها فنقول:
منها ما رواه الكليني عن محمد بن يحيى عن محمد بن احمد عن محمد بن عيسى عن محمد بن يحيى عن ياسين الضرير عن حريز عن زرارة انّ رجلا قدم حاجّا لا يحسن ان يلبّى فاستفتى له ابو عبد الله (عليه السلام) فامر له ان يلبّي عنه(1). و لو لا ضعف سند الرواية بسبب ياسين الضرير لعدم وجود مدح بالاضافة اليه فضلا عن التوثيق لكانت دلالتها على تعين الاستنابة في المقام بلحاظ كون مورد الاستفتاء من لا يحسن ان يلبي الظاهر في عدم التمكن من الاتيان بها صحيحة لا عدم التمكن من الاتيان بها رأسا واضحة فان ظاهرها تعين الاستنابة و عدم جواز الاكتفاء بالملحون و على تقدير عدم الضعف كانت صالحة للنهوض في مقابل
- 1 ـ وسائل ابواب الاحرام الباب التاسع و الثلاثون ح ـ 2.
(الصفحة 184)
القاعدة التي عرفت ان النيابة على خلافها و كذا قاعدة الميسور بناء على اعتبارهالكن ضعف السند يمنع عمّا ذكر.
و منها: ما رواه في قرب الاسناد عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة قال سمعت جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول انك قد ترى من المحرّم من العجم لا يراد منه ما يراد من العالم الفصيح، و كذلك الاخرس في القرائة في الصلوة و التشهد و ما اشبه ذلك فهذا بمنزلة العجم و المحرّم لا يراد منه ما يراد من العاقل المتكلم الفصيح، و لو ذهب العالم المتكلم الفصيح حتى يدع ما قد علم انه يلزمه و يعمل به و ينبغي له ان يقوم به حتى يكون ذلك منه بالنبطية و الفارسيّة فحيل بينه و بين ذلك بالادب حتى يعود الى ما قد علمه و عقله، قال و لو ذهب من لم يكن في مثل حال الاعجم المحرّم فعل فعال الاجنبي و الاخرس على ما قد وصفنا اذا لم يكن احد فاعلا لشىء من الخير و لا يعرف الجاهل من العالم(1). و الظاهر ان الرواية موثقة و قد نقل البهبهاني (قدس سره)في التعليقة عن المجلسي الاوّل: ان الذي يظهر من اخباره ـ يعني مسعدة ـ التي في الكتب انه ثقة لان جميع ما يرويه في غاية المتانة موافقة لما يرويه الثقات و قد عبّر الشيخ الاعظم الانصاري (قدس سره)عن روايته المعروفة الواردة في اصالة الحلية و حجية البينة بالموثقة فلا اشكال في الرواية من حيث السند.
و امّا من حيث الدلالة فالظاهر ان كلمة «المحرّم» انّما هي بتشديد الرّاء و الظاهر ان قوله: من العجم بيان له و المراد من كليهما من لا يكون قادرا على الاتيان بالكلمات صحيحة و تؤيده اللغة قال الازهري: سمعت العرب تقول ناقة محرّمة الظهر اذا كانت صعبة لم ترض و لم تذلل. ففي الحقيقة يكون المراد من المحرّم
- 1 ـ وسائل ابواب القرائة في الصلوة الباب السابع و الستون ح ـ 2.
(الصفحة 185)
من يكون لسانه متعصّيا عن التلفظ الصحيح كما ان المراد بالفصيح ما يقابل ذلك لا الفصاحة المستعملة مع البلاغة في علم المعاني و البيان كما ان المراد بالعاقل ليس ما يقابل المجنون فان كثيرا ما يستعمل العقل في الروايات و في الادعية في مقابل الجهل و قد اشتهر حديث جنود العقل و الجهل الذي شرحه سيدنا الاستاذ الاعظم الماتن ـ قدس سره الشريف ـ شرحا مستقلا مشتملا على مطالب عالية و افادات كثيرة و كيف كان فلا شبهة في دلالة الرواية على انه لا يراد ممّن لا يحسن مثل التلبية مثل ما يراد من العالم الفصيح و انه يجوز له الاكتفاء بما يحسنو الاقتصار عليه فلا تجب عليه الاستنابة و لا التّرجمة بوجه.
و منها: ما ورد في تلبية الاخرس و مثلها و هو ما رواه السكوني عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال تلبية الاخرس و تشهّده و قرائته القرآن في الصلوة تحريك لسانه و اشارته باصبعه(1). فانّ موردها و ان كان هو الاخرس و هو لا يقدر على التكلم اصلا الاّ انه يستفاد من جعل مثل تلبيته هو تحريك اللسان و الاشارة بالاصبع و مرجعه الى انه لا مجال للاستنابة فيه ان الحكم في الملحون ايضا عدم وجوب الاستنابة و جواز الاكتفاء بما يتمكن منه لو لم نقل باولويته من الاخرس فتدبّر.
و كيف كان ففي الموثقة المتقدمة كفاية في الحكم بالجواز و عدم لزوم الاستنابةو لا الترجمة.
ثم انه بناء على ما ذكرنا لا مجال للاقتصار على الترجمة عند التمكن من الاصلو لو بصورة الملحون و لو فرض عدم التمكن من الاصل كذلك و لو بهذه الصورة فالظاهر ان مقتضي الاحتياط اللازم الجمع بين الترجمة بلغته ايّة لغة كانت و بين
- 1 ـ وسائل ابواب القرائة في الصلوة الباب التاسع و الخمسون ح ـ 1.
(الصفحة 186)
الاستنابة و احتمال سقوط وجوب الحج في هذا العام لاجل عدم القدرة على التلبيةو لو بالصورة المذكورة يدفعه انّ اهتمام الشارع بالحج بنحو عرفت في المباحث السابقة على ما يستفاد من الكتاب و النصوص و الزامه الفوريّة و عدم ترخيصه التأخير لا يناسب رفع اليد عنه بمجرد عدم القدرة على التلبية مطلقا خصوصا مع حكمه بجريان النيابة في التلبية في بعض الموارد كالصّبي غير المميّز و مع ملاحظة انه ربما لا يقدر عليها و لو بصورة الملحون الى آخر العمر فهل يحتمل جواز ترك مثل هذه الفريضة بمجرد ذلك الظاهر ان الذوق الفقهي و الشمّ المتشرعي يأبيان عن ذلك فالظاهر ـ ح ـ الاحتياط بالجمع بين الترجمة و الاستنابة كما لا يخفى.
المقام الثاني:
في الاخرس و قد عرفت ان مقتضي الرواية الواردة فيه التي عمل بها اكثر الاصحاب انّ تلبيته تحريك لسانه و اشارته باصبعه هذا و لكن ذكر المحقق في الشرايع: «او بالاشارة للاخرس مع عقد قلبه بها» و الظاهر ان مراده من عقد القلب بالتلبية ليس امرا زائدا على الامرين المذكورين في الرواية بل مراده ان تحريك اللسان و الاشارة بالاصبع لا يراد منهما مطلقهما بل التحريك و الاشارة المناسبين للتلبيه و حروفها و حركاتها ضرورة اختلافهما باختلاف الكلمات فمراده هو التحريك الخاص و الاشارة الخاصة و ان المقصود من الرواية ليس مطلقهما كما هو مقتضي الجمود على ظاهرها، و يحتمل بعيدا ان يكون مراده من عقد القلب بها هي النية المعتبرة في الاحرام التي عرفت البحث فيها مفصّلا.
ثم انه حكم في المتن بان الاولى الاستنابة ايضا و لعلّ منشأه ما حكى عن ابي على من لزوم الجمع بين ذلك و بين الاستنابة و ان كانت العبارة المحكية عنه لا تدلّ على ذلك فراجع.
(الصفحة 187)
مسألة 9 ـ لا ينعقد احرام عمرة التمتّع و حجّه و لا احرام حجّ الافراد، و لا احرام
المقام الثالث:
في الصبي غير المميز و قد مرّ البحث عن كيفية احرامه و حجّه في اوائل مباحث كتاب الحج و ذكرنا هناك ان مقتضي ما ورد فيه ان الوليّ يلبّي عنه.
بقي الكلام: في المغمي عليه الذي لم يتعرض له في المتن و قد تعرض له السيّد في العروة و حكم بالتلبية عنه كالصبي غير المميز و قد ورد فيه مرسل جميل بن درّاج عن بعض اصحابنا عن احدهما (عليهما السلام) في مريض اغمى عليه فلم يعقل حتى اتى الموقف (الوقت خ) فقال يحرم عنه رجل(1). هذا و لكن ربما يقال ان دلالته على جواز الاستنابة في المقام انّما هي بناء على نسخة الوقت و امّا على نسخة الموقف التي تحتمل صحتها فلا دلالة له على ما نحن فيه لاختصاصه ـ ح ـ بمن اتى الموقف مغمي عليه و لا يدل على جواز الاستنابة عمن اغمي عليه من الميقات و عليه فتكون وظيفته الرجوع الى الميقات ان امكن و الاّ فمن مكانه كما في صورتي الجهل و النسيان و الظاهر ان احتمال صحة نسخة «الموقف» في كمال البعد فان الظاهر على هذا الاحتمال ان يكون في الميقات ايضا مغمى عليه و الاّ كان يحرم بنفسه و ان عرض له الاغماء بعد ذلك و عليه فيبقي السؤال عن انه بعد عدم احرامه بنفسه لكونه مغمى عليه و عدم النيابة عنه في الاحرام في الميقات ما الوجه في الاتيان به الى الموقف مع انه يتوقف على الاحرام و عليه فالظاهر ان النسخة الصحيحة هي نسخة «الوقت» و هي تدل على المقام و ان كان في سندها ارسال يمنع عن الاستدلال بها و قد مرّ البحث عن هذه الرواية في بعض المباحث السّابقة فراجع.
- 1 ـ وسائل ابواب الاحرام الباب الخامس و الخمسون ح ـ 2.