(الصفحة 245)
و لو كان اللبس واجبا شرطيّا دخيلا في صحة الاحرام فمن الواضح كماحققناه انّ الاحرام هو الامر الاعتباري الذي يعتبره الشارع بعد النيّة او بضميمة التلبية و لا يكون اشتراط تحققه و انعقاده بشىء ملازما لاعتبار تحقق ذلك الشىءقبل النيّة فانه يمكن ان يكون شرطا و مع ذلك كان الاتيان به بعد النية و التلبية كافيا و مؤثرا في تحقق الاحرام و اعتباره و ليس الاحرام مثل الصلوة المشروطة بالطهارة التي يكون لازمها الاتيان بها قبلها فان الصلوة عبارة عن مجموع الافعالو الاقوال الخاصة و مرجع اشتراطها بشىء الى لزوم تحقق جميع تلك الاجزاء مع الشرط و عليه فلا محيص عن ايجاده قبلها و امّا الاحرام فليست هى النية و التلبية حتى يكون مشابها للصلوة في هذه الجهة بل هو الامر الاعتباري الذي اوضحناهو لا يرجع اشتراطه بشىء الى لزوم تحققه قبلهما بل اللازم تحققه قبله و المفروض ذلك.
نعم لو قلنا بانّ الاحرام عبارة عن النية و التلبية لكان مرجع اشتراطه بشىءالى لزوم تأخرهما عنه و تقدّمه عليهما و لكن هذا خلاف التحقيق كما مرّ و على ما ذكرنا لا فرق بين القولين من هذه الجهة.
و الظاهر ان الوجه في الاحتياط الوجوبي المذكور في المتن هو انّ ظاهرالروايات الدالة على اصل وجوب اللّبس المتقدمة في البحث عنه هو ان اللبس كما يكون واجبا بخلاف سائر الامور التي وقع اللبس في سياقها و لا تكون واجبة كنتف الشعر من الابط و العانة و غسل الاحرام و مثلها، كذلك يكون ظرف وجوبه قبل الاحرام مثل قوله (عليه السلام): و البسوا ثيابكم التي تحرمون فيها و مثل قوله (عليه السلام) اذا كان يوم التروية ان شاء الله فاغتسل ثم البس ثوبيك و ادخل المسجد. ..
و غيرهما من التعبيرات الظاهرة في تأخر الشروع فى الاحرام بالنيّة و التلبية عن لبس الثوبين و هذا و ان لم يكن ظهوره بمرتبة توجب الفتوى على طبقه فلا اقل من
(الصفحة 246)
الاحتياط الوجوبي كما في المتن.
ثم ان الحكم بلزوم اعادة النية و التلبية لو وقعتا قبل لبس الثوبين ان كان مرجعه الى بطلان الاحرام الواقع بدونه فهذا ينافي ما مرّ من الماتن و قد عرفت انه مقتضي التحقيق من عدم مدخلية اللبس في صحة الاحرام و عدم اشتراطه به بلو عدم مانعية لبس المخيط عنها حتى مع العلم و العمد و ان كان مرجعه الى امكان ايجاد ما هو الواجب من اللبس قبل النية و التلبية بتجديدهما بعده ليقع الواجب في ظرفه فيمكن الاخذ به و ان كان الظاهر ـ ح ـ مضّى محلّ الواجب لفرض تحقق الاحرام و صحته فتدبّر.
الجهة الثالثة:
في اعتبار النية و قصد التقرب في لبس الثوبين و الوجه في اعتبار الثاني واضح بعد وضوح كونه واجبا عباديّا و ان كان مستقّلا غير شرطي فانه من احكام الاحرام الذي هو جزء من العبادة و الوجه في اعتبار الاوّل ما ذكرناه مرارا من ان اضافة العمل بالاحرام و ارتباطه به لا تكاد تتحقق الاّ من طريق قصد عنوانه فاللازم ان يكون اللبس مرتبطا بالاحرام بسبب النية و القصد و الاّ فصرف اللبس و لو لاغراض اخر و مقاصد سوى الاحرام لا يوجب الارتباط بين الامرين فاللازم النية مضافة الى قصد القربة.
الجهة الرابعة:
في عدم اعتبار النيّة في التجرد عن المخيط و الوجه فيه ان لبس المخيط من محرمات الاحرام بالنسبة الى الرجال و لا يعتبر في ترك هذه المحرمات قصد القربة و لا نيّة الارتباط بالاحرام كتركها بعد تحقق الاحرام فانه لا يعتبر في كل ترك النية
(الصفحة 247)مسألة 17 ـ لو احرم في قميص عالما عامدا فعل محرّما و لا تجب الاعادة و كذا لو لبسه فوق الثوبين او تحتهما و ان كان الاحوط الاعادة، و يجب نزعه فورا، و لو احرم في القميص جاهلا او ناسيا وجب نزعه و صحّ احرامه، و لو لبسه بعد الاحرام فاللازم شقّه و اخراجه من تحت بخلاف ما لو احرم فيه فانه يجب نزعه لا شقّه1 .
مسألة 18 ـ لا تجب استدامة لبس الثوبين بل يجوز تبديلهما و نزعهما لازالة الوسخ اوللتطهير بل الظاهر جواز التجرد منهما فى الجملة2.
و لا قصد القربة فلو ترك بعضها رياء ـ مثلا ـ لا يكون ذلك قادحا في صحة الاحرام و لا يترتب عليه آثار الفعل لو كان موجبا للكفارة بل الامر يكون كذلك بالنسبة الى الصوم الذي لا تكون حقيقتها الاّ نفس الامساك عن المفطرات بقصد القربة فانه لا يعتبر ان يكون ترك كل واحدة من المفطرات خارجا ناشيا عن داع الهي بل يمكن ان يكون لاجل عدم الميل و الشهوة اليه فلا يلزم ان يكون ترك الشرب عند روية الماء لداع الهي بل يمكن ان يكون لاجل عدم العطش بحيث لو لم يكن صائما لما يشربه ايضا فاذا كان الامر في الصوم الذي لا يكون امرا اعتباريا وراء الامساك المذكور بهذا النحو ففي المقام يكون بطريق اولى نعم لا تنبغى المناقشة في ان الاولى و الاحوط رعاية النيّة في التجرّد ايضا.
1 ـ قد تقدم البحث عن هذه المسئلة مفصّلا في ذيل البحث عن شرطية لبس الثوبين في صحة الاحرام و عدم الشرطية و لا حاجة الى الاعادة فراجع ما هناك.
2 ـ امّا عدم وجوب استدامة لبس الثوبين و جواز تبديلهما و نزعهما لازالة الوسخ او للتطهير فيدل عليه مضافا الى انه مقتضي الاصل صحيحة زيد الشحّام عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال سئل عن امرأة حاضت و هى تريد الاحرام فتطمث قال: تغتسل و تحتشي بكرسف و تلبس ثياب الاحرام و تحرم فاذا كان
(الصفحة 248)مسألة 19 ـ لا بأس بلبس الزيادة على الثوبين مع حفظ الشرائط و لو اختيارا1.
الليل خلعتها و لبست ثيابها الاخرى حتى تطهر(1). و لكن ظاهرها لزوم ثياب الاحرام على النساء ايضا و سيأتي البحث فيه انشاء الله تعالى مضافا الى بعض الروايات الاخر الدالة على جواز التبديل مثل صحيحة الحلبي عن ابي عبد الله (عليه السلام)في حديث قال: و لا بأس ان يحوّل المحرم ثيابه قلت اذا اصابها شىء يغسلها قال:
نعم ان احتلم فيها(2). و صحيحة معاوية بن عمّار قال قال ابو عبد الله (عليه السلام) لا بأس بان يغير المحرم ثيابهو لكن اذا دخل مكة لبس ثوبي احرامه اللذين احرم فيهما و كره ان يبيعهما(3). و امّا جواز التجرد من الثوبين فالظاهر من العروة هو ثبوته مطلقا مع الامن من النظر او وجود الظلمة و مرجعه الى ان الواجب هو اللبس في حال الاحرام فقط مع ان الظاهر الذي يساعده فهم المتشرعة و يؤيده عدم جواز لبس المخيط على الرجال هي الاستدامة التي لا ينافيها التجرد في الجملة فان الظاهر ان المحرم يجب ان يكون مع ثيابه لكنه لا ينافي التجرد للاستحمام او لغيره فتدبّر فان الظاهر من الفتاوى ما عرفته من العروة.
1 ـ فان الظاهر ان اعتبار الثوبين و العنوانين الازار و الرداء انّما هو في مقابل الاقتصار على الاقلّ منهما لا في مقابل الاكثر و يدلّ عليه صحيحة الحلبي قال سئلت ابا عبد الله (عليه السلام) عن المحرم يتردّى بالثوبين قال: نعم و الثلاثة ان شاء يتقّى بها البرد و الحرّ(4). و صحيحة معاوية بن عمّار عن ابي عبد الله (عليه السلام) في حديث قال
- 1 ـ وسائل ابواب تروك الاحرام الباب الثامن و الاربعون ح ـ 3.
- 2 ـ وسائل ابواب تروك الاحرام الباب الثامن و الثلاثون ح ـ 2.
- 3 ـ وسائل ابواب الاحرام الباب احدى و الثلاثون ح ـ 1.
- 4 ـ وسائل ابواب الاحرام الباب الثلاثون ح ـ 1.
(الصفحة 249)مسألة 20 ـ يشترط في الثوبين ان يكونا ممّا تصحّ الصلوة فيهما فلا يجوز في الحرير و غيرالمأكول و المغصوب و المتنجّس بنجاسة غير معفوة في الصلوة بل الاحوط للنساء ايضا ان لا يكون ثوب احرامهنّ من حرير خالص بل الاحوط لهنّ عدم لبسه الى آخر الاحرام1.
سئلته عن المحرم يقارن بين ثيابه و غيرها التي احرم فيها قال لا بأس بذلك اذا كانت طاهرة(1). و يقارن بمعنى يجمع و ظاهر هذه الرواية الجواز مطلقا و لو لعدم اتّقاء الحرّ و البرد غاية الامر لزوم رعاية الشرائط المعتبرة في الثوبين من الطهارة و غيرها.
1 ـ الظاهر انّ المراد باشتراط كون الثوبين مما تصح الصلاة فيهما ليس هو مدخلية ذلك في صحة الاحرام كمدخليتها في صحة الصلوة فانه بناء على ما تقدم من ان وجوب لبس ثوبي الاحرام ليس وجوبا شرطيّا بحيث كان له دخل في صحة الاحرام و انعقاده بل يكون وجوبا تعبديا شرعيا لا يكون اصل اللبس متصفا بالشرطية فضلا عن الخصوصيات المعتبرة في الملبوس فمرجع الاشتراط المذكور في مثل المتن الى انّ امتثال هذا الوجوب التعبدى الذي قد عرفت انه عبادي ايضالا يتحقق الاّ بكون الثوبين مما تصح الصلوة فيهما و بهذا يفترق المقام عن الصلوة التي تكون هذه الخصوصيات دخيلة في صحّتها.
و كيف كان فعن الكفاية انه ـ يعني الاشتراط المذكور ـ المعروف بين الاصحاب بل عن المفاتيح دعوى نفي الخلاف فيه بل ربما استظهر ذلك من المنتهى و غيره ممن عادته نقل الخلاف نعم لم يقع التعرض له من جماعة كالشيخ في بعض كتبه و ابني ادريس و سعيد كما انه اقتصر بعضهم على ذكر بعض هذه الخصوصيات و لكن عدم التعرض و كذا الاقتصار على ذكر البعض لا دلالة له على الخلاف و امّا الدليل فالعمدة هي صحيحة حريز عن ابي عبد الله (عليه السلام)
- 1 ـ وسائل ابواب الاحرام الباب الثلاثون ح ـ 2.