(الصفحة 256)
و الاغتسال غير مختصة بالرجال.
و لاجل ذلك صار استظهار صاحب الجواهر (قدس سره) موردا لاستشكال بعض المتأخرين عنه كصاحب المستمسك (قدس سره) و لقد تصدي بعض الاعلام ـ قدس سره الشريف ـ لتوجيه كلام صاحب الجواهر و الدفاع عنه بما يرجع محصّله الى انه لا خلاف و لا اشكال في وجوب اصل اللبس على المرأة في مقابل العرى و انه لا يجوز لها الاحرام عارية و ان امنت النظر كما اذا احرمت في ظلمة الليل و نحو ذلك و تدل على ذلك عدة من الروايات الآمرة بلبس الثياب على المرأة الحائض او الدالة على اعتبار ان يكون ثوبها طاهرا و ان تتخذ ثوبا يقي من سراية النجاسة الى ثيابها التي تحرم فيها و نحو ذلك و امّا وجوب لبس خصوص الازار و الرداء عليها كالرّجال فليس في البين ما يدل على هذه الخصوصية في حقهنّ ايضا لانّ مورد ما يدل عليها هو الرجال و لا مجال للاستناد الى قاعدة الاشتراك للتعميم لانها انماتجري فيما اذا لم تحتمل الخصوصية و امّا مع احتمالها باعتبار عدم جواز لبس المخيط للرجال و وجوب التجرد عليهم من الثياب و نحو ذلك و جواز الجميع للنساء فلا مجال لجريان قاعدة الاشتراك و بالجملة بعد انه لا يجوز للمرأة الاحرام عارية يكون وجوب لبس خصوص الثوبين امّا ان يكون مستنده قاعدة الاشتراك التي عرفت عدم جريانها لاحتمال الخصوصية و امّا ان يكون مستنده النصوص و قد عرفت ان مقتضاها وجوب اصل الثياب و امّا كون التعميم مخالفا للفتاوي فلانهاايضا تدل على جواز لبس المخيط لها و عدم وجوب نزع الثياب عليها بل جوز بعضهم لبس الحرير لها فكلام صاحب الجواهر (قدس سره)في محلّه.
اقول: امّا ما افاده من ان احتمال الخصوصية المتحقق في المقام يمنع عن جريان قاعدة الاشتراك و الغاء الخصوصية فيرد عليه ما مرّ سابقا من عدم الارتباط بين مسئلة لبس الثوبين الذي هو واجب تعبدي شرعي مستقل و محلّه
(الصفحة 257)
قبل الاحرام الذي يتحقق بالنيّة و التلبية و بين مسئلة عدم جواز لبس المخيط على الرجال الذي هو متأخر عن الاحرام و من محرّماته فاذا كان مثل هذا الحكم مختصّا بالرجال فكيف يوجب سراية احتمال الاختصاص بالاضافة الى الثوبين و اىّ ارتباط بين الامرين و لكنك عرفت فيما تقدم وقوع الخلط في كلامه (قدس سره) بينهما في موارد متعددة.
و امّا مسئلة التجرد التي تقدم البحث عنها فالظاهر انه ليس لعنوانه خصوصيةو موضوعية بحيث اذا لم يكن مريد الاحرام لابسا للمخيط قبل الاحرام لكان يجب عليه التجرد ايضا بل الظاهر ان التجرد انما هو بلحاظ كون اللباس الذي عليه مخيطا نوعا فكان اللازم التجرد عنه لئلا يتحقق الاحرام في ثوب مخيط فاختصاص لزوم التجرد لاجل هذه الجهة بالرجال لا يوجب احتمال الخصوصية في الدليل الدال على لزوم لبس الثوبين و عدم جواز الغاء الخصوصية خصوصا بعد ما عرفت من اشتراك الاحكام المذكورة قبله بين الرجال و النّساء.
و امّا النصوص فالظاهر انه لا مجال لدعوى كونها في مقام اصل وجوب اللبس خصوصا مثل موثقة يونس بن يعقوب قال سئلت ابا عبد الله (عليه السلام) عن الحائض تريد الاحرام قال: تغتسل و تستثفر و تحتشى بالكرسف و تلبس ثوبا دون ثياب احرامها و تستقبل القبلة و لا تدخل المسجد و تهلّ بالحج بغير الصلوة(1). و رواية زيد الشحام عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال سئل عن امرأة حاضت و هى تريد الاحرام فتطمث قال تغتسل و تحتشى بكرسف و تلبس ثياب الاحرام و تحرم فاذاكان الليل خلعتها و لبست ثيابها الاخرى حتى تطهر
- 1 ـ وسائل ابواب الاحرام الباب الثامن والاربعون ح ـ 2.
- 2 ـ وسائل ابواب الاحرام الباب الثامن والاربعون ح ـ 3.
(الصفحة 258)
فان ظاهرهما بلحاظ التفكيك بين ثياب الاحرام و بين الثوب الذي تلبس دونها او الثوب الذي تلبسها في الليل بعد خلع ثياب الاحرام ان المراد بها ليس ما تلبسه المرأة حال الاحرام في الحدوث او في البقاء بل هو الثوب المعهود في باب الاحرام و ليس هو الاّ الثوبين المعهودين و عليه فكيف يمكن دعوى كون النصوصواردة في مقام افادة اصل وجوب اللبس و التعبير بالثياب بصيغة الجمع لا يدل على انها غير ثوبي الاحرام بعد ورود مثله في الثوبين بالاضافة الى الرجال في بعض الروايات ايضا هذا بالنظر الى النصوص نعم ربما يقال بدلالة صحيحة عبد الله بن سنان الواردة في كيفية حجة الوداع الدالة على انّه بعد اجتماع الناس في الميقات امرهم النبي (صلى الله عليه وآله) بنتف الابط و حلق العانة و الغسل و التجرد في ازار و رداء الحديث. على لزوم الازار و الرداء على النساء اللاتى كن في جملة الناس المأمورين بذلك لكنه ممنوع بعد ما عرفت من عدم لزوم التجرد على النساء بوجه و اختصاصه بالرجال مضافا الى ان ظاهره الاكتفاء بالازار و الرداء فقط و لا يجري ذلك في النساء.
و امّا الفتاوى فقد عرفت انها ـ مضافا الى كونها مطلقة ـ قد جعلت اللبس في عداد النية و التلبية من واجبات الاحرام و لم تتعرض للفرق بينه و بينهما مع وضوح اشتراكهما و عدم الاختصاص بالرجال مع انه حكى عن نهاية الشيخ (قدس سره) انه قال: ان ما يحرم على الرجال يحرم على النساء المحرمات ايضا و يجب عليهن ما يجب عليهم الاّ ما اخرجه الدليل كجواز لبس المخيط و الحريز. الاّ ان يقال بكون مورده انّما هو بعد الاحرام و لا يشمل حال الاحرام.
و مع ذلك كلّه فالمسئلة مشكلة جدّا و الاحوط لبس النساء للثوبين ايضا دون ثيابهن في حال النيّة و التلبية و لا مانع من النزع بعد تحقق الاحرام بناء على ما هو مقتضى الفتاوى من عدم لزوم استدامة لبس الثوبين حتى بالاضافة الى الرجال كما مرّ.
(الصفحة 259)مسألة 23 ـ الاحوط تطهير ثوبي الاحرام او تبديلهما اذا تنجّسا بنجاسة غير معفوّة سواء كان في اثناء الاعمال ام لا و الاحوط المبادرة الى تطهير البدن ايضا حال الاحرام و مع عدم التطهير لا يبطل احرامه و لا تكون عليه كفارة1.
1 ـ قد عرفت اعتبار طهارة ثوبي الاحرام في حال الاحرام يعني النية و التلبية لصحيحة حريز المتقدمة الدالة على اعتبار ما يكون معتبرا في لباس المصلي في الثوب الذي يحرم فيه لكن ذلك انّما هو بالاضافة الى الابتداء و امّا بالنسبة الى الاستدامة فقد احتاط في المتن وجوبا في التطهير او التبديل اذا تنجسّا بنجاسة غيرمعفوة و ربما يستدل عليه ـ مضافا الى ما ورد في الحائض مما يدل على انّها تتخذ ثوبا يقى من سراية النجاسة الى ثياب احرامها ـ بصحيحتين لمعاوية بن عمّار:
احديهما: ما رواه الصدوق باسناده عنه عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال سئلته عن المحرم يصيب ثوبه الجنابة قال: لا يلبسه حتى يغسله و احرامه تامّ(1). و قد تقدم البحث في مفاد هذه الرواية في مسئلة عشرين و استظهرنا ان السؤال و ان كان في نفسه سؤالا عن اصابة الجنابة لثوبي الاحرام بعد تحقق الاحرام الاّ ان التعبير في الجواب بقوله: لا يلبسه، ظاهر في انه لم يتحقق اللبس بعد و الاّ كان المناسب التعبير بالنزع للتطهير او التبديل كما ان التعبير بقوله: و احرامه تام ايضاظاهر في الابتداء و من الواضح انه لا ملازمة بين اعتباره الطهارة في الابتداء و بين اعتبارها في الاستدامة بعد لزوم اللبس في الاوّل دون الثاني.
ثانيتهما: ما رواه الكليني عنه عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال سئلته عن المحرم يقارن بين ثيابه التي احرم فيها و بين غيرها قال: نعم اذا كانت طاهرة(2). و الظاهر ان مرجع الضمير في قوله: كانت هو غير ثياب الاحرام الذي جمعه معها
- 1 ـ وسائل ابواب تروك الاحرام الباب السابع و الثلاثون ح ـ 1.
- 2 ـ وسائل ابواب تروك الاحرام الباب السابع و الثلاثون ح ـ 2.
(الصفحة 260)مسألة 24 ـ الاحوط ان لا يكون الثوب من الجلود و ان لا يبعد جوازه ان صدق عليه الثوب كما لا يجب ان يكون منسوجا فيصحّ في مثل اللّبد مع صدق الثوب1.
و قارن بينهما فاذا كانت الطهارة معتبرة فيها ففي ثياب الاحرام بطريق اولى.
ثم ان الوجه في الاحتياط مع وضوح دلالة الرواية هو عدم تعرض الفتاوي لذلك و عدم اعتضاد الرواية بها بالاضافة الى الاستدامة كما ان الوجه في الاحتياط بالنسبة الى تطهير البدن الذي يكون لازمه وجوب المبادرة الى تطهيرالبدن مع الاحتلام ـ مثلا ـ و ان لم تجب المبادرة الى غسل الجنابة هى الاولوية المتحققة في البدن بالاضافة الى الثوب فاذا كانت الطهارة معتبرة في ثياب الاحرام ففي البدن يكون معتبرا بطريق اولى لكن الظاهر انهم لم يتعرّضوا لاعتبار الطهارة في البدن بالنسبة الى الابتداء فضلا عن الاستدامة و لا مجال لمقايسة الاحرام مع الصلوة مطلقا بعد وضوح صحة الاحرام مع الجنابة و الحيض و عدم صحة الصلوة معهما.
ثم انه مع عدم تطهير الثوب او البدن لا يقدح ذلك في صحة الاحرامو لا يوجب بطلانه و لا دليل على ثبوت الكفّارة ايضا.
1 ـ الظاهر من الروايات المتقدمة الواردة في وجوب اللبس هو اعتبار صدق عنوان الثوب على الازار و الرداء و ان وقع التعبير في بعضها بنفس العنوانين من دون ذكر الثوب لكن التعبير بثوبي الاحرام او ثيابه امر واقع في الفتاوي و النصوص و من الظاهر ان عنوان الثوب يغاير عنوان اللباس مغايرة العمومو الخصوص من وجه فالخاتم ملبوس و لكنه ليس بثوب كما انّ اللبد لباس و لكنه لم يعلم صدق عنوان الثوب عليه و الملاك هو هذا العنوان و ليس بيان مصاديقه من وظائف الفقيه بل شأنه بيان اعتبار كونه ثوبا فكل مورد احرز صدق هذا العنوان يجوز الاحرام فيه و كل مورد لم يحرز او احرز عدمه لا يجوز الاحرام فيه للزوم احراز عنوان الثوبيّة.