(الصفحة 258)
فان ظاهرهما بلحاظ التفكيك بين ثياب الاحرام و بين الثوب الذي تلبس دونها او الثوب الذي تلبسها في الليل بعد خلع ثياب الاحرام ان المراد بها ليس ما تلبسه المرأة حال الاحرام في الحدوث او في البقاء بل هو الثوب المعهود في باب الاحرام و ليس هو الاّ الثوبين المعهودين و عليه فكيف يمكن دعوى كون النصوصواردة في مقام افادة اصل وجوب اللبس و التعبير بالثياب بصيغة الجمع لا يدل على انها غير ثوبي الاحرام بعد ورود مثله في الثوبين بالاضافة الى الرجال في بعض الروايات ايضا هذا بالنظر الى النصوص نعم ربما يقال بدلالة صحيحة عبد الله بن سنان الواردة في كيفية حجة الوداع الدالة على انّه بعد اجتماع الناس في الميقات امرهم النبي (صلى الله عليه وآله) بنتف الابط و حلق العانة و الغسل و التجرد في ازار و رداء الحديث. على لزوم الازار و الرداء على النساء اللاتى كن في جملة الناس المأمورين بذلك لكنه ممنوع بعد ما عرفت من عدم لزوم التجرد على النساء بوجه و اختصاصه بالرجال مضافا الى ان ظاهره الاكتفاء بالازار و الرداء فقط و لا يجري ذلك في النساء.
و امّا الفتاوى فقد عرفت انها ـ مضافا الى كونها مطلقة ـ قد جعلت اللبس في عداد النية و التلبية من واجبات الاحرام و لم تتعرض للفرق بينه و بينهما مع وضوح اشتراكهما و عدم الاختصاص بالرجال مع انه حكى عن نهاية الشيخ (قدس سره) انه قال: ان ما يحرم على الرجال يحرم على النساء المحرمات ايضا و يجب عليهن ما يجب عليهم الاّ ما اخرجه الدليل كجواز لبس المخيط و الحريز. الاّ ان يقال بكون مورده انّما هو بعد الاحرام و لا يشمل حال الاحرام.
و مع ذلك كلّه فالمسئلة مشكلة جدّا و الاحوط لبس النساء للثوبين ايضا دون ثيابهن في حال النيّة و التلبية و لا مانع من النزع بعد تحقق الاحرام بناء على ما هو مقتضى الفتاوى من عدم لزوم استدامة لبس الثوبين حتى بالاضافة الى الرجال كما مرّ.
(الصفحة 259)مسألة 23 ـ الاحوط تطهير ثوبي الاحرام او تبديلهما اذا تنجّسا بنجاسة غير معفوّة سواء كان في اثناء الاعمال ام لا و الاحوط المبادرة الى تطهير البدن ايضا حال الاحرام و مع عدم التطهير لا يبطل احرامه و لا تكون عليه كفارة1.
1 ـ قد عرفت اعتبار طهارة ثوبي الاحرام في حال الاحرام يعني النية و التلبية لصحيحة حريز المتقدمة الدالة على اعتبار ما يكون معتبرا في لباس المصلي في الثوب الذي يحرم فيه لكن ذلك انّما هو بالاضافة الى الابتداء و امّا بالنسبة الى الاستدامة فقد احتاط في المتن وجوبا في التطهير او التبديل اذا تنجسّا بنجاسة غيرمعفوة و ربما يستدل عليه ـ مضافا الى ما ورد في الحائض مما يدل على انّها تتخذ ثوبا يقى من سراية النجاسة الى ثياب احرامها ـ بصحيحتين لمعاوية بن عمّار:
احديهما: ما رواه الصدوق باسناده عنه عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال سئلته عن المحرم يصيب ثوبه الجنابة قال: لا يلبسه حتى يغسله و احرامه تامّ(1). و قد تقدم البحث في مفاد هذه الرواية في مسئلة عشرين و استظهرنا ان السؤال و ان كان في نفسه سؤالا عن اصابة الجنابة لثوبي الاحرام بعد تحقق الاحرام الاّ ان التعبير في الجواب بقوله: لا يلبسه، ظاهر في انه لم يتحقق اللبس بعد و الاّ كان المناسب التعبير بالنزع للتطهير او التبديل كما ان التعبير بقوله: و احرامه تام ايضاظاهر في الابتداء و من الواضح انه لا ملازمة بين اعتباره الطهارة في الابتداء و بين اعتبارها في الاستدامة بعد لزوم اللبس في الاوّل دون الثاني.
ثانيتهما: ما رواه الكليني عنه عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال سئلته عن المحرم يقارن بين ثيابه التي احرم فيها و بين غيرها قال: نعم اذا كانت طاهرة(2). و الظاهر ان مرجع الضمير في قوله: كانت هو غير ثياب الاحرام الذي جمعه معها
- 1 ـ وسائل ابواب تروك الاحرام الباب السابع و الثلاثون ح ـ 1.
- 2 ـ وسائل ابواب تروك الاحرام الباب السابع و الثلاثون ح ـ 2.
(الصفحة 260)مسألة 24 ـ الاحوط ان لا يكون الثوب من الجلود و ان لا يبعد جوازه ان صدق عليه الثوب كما لا يجب ان يكون منسوجا فيصحّ في مثل اللّبد مع صدق الثوب1.
و قارن بينهما فاذا كانت الطهارة معتبرة فيها ففي ثياب الاحرام بطريق اولى.
ثم ان الوجه في الاحتياط مع وضوح دلالة الرواية هو عدم تعرض الفتاوي لذلك و عدم اعتضاد الرواية بها بالاضافة الى الاستدامة كما ان الوجه في الاحتياط بالنسبة الى تطهير البدن الذي يكون لازمه وجوب المبادرة الى تطهيرالبدن مع الاحتلام ـ مثلا ـ و ان لم تجب المبادرة الى غسل الجنابة هى الاولوية المتحققة في البدن بالاضافة الى الثوب فاذا كانت الطهارة معتبرة في ثياب الاحرام ففي البدن يكون معتبرا بطريق اولى لكن الظاهر انهم لم يتعرّضوا لاعتبار الطهارة في البدن بالنسبة الى الابتداء فضلا عن الاستدامة و لا مجال لمقايسة الاحرام مع الصلوة مطلقا بعد وضوح صحة الاحرام مع الجنابة و الحيض و عدم صحة الصلوة معهما.
ثم انه مع عدم تطهير الثوب او البدن لا يقدح ذلك في صحة الاحرامو لا يوجب بطلانه و لا دليل على ثبوت الكفّارة ايضا.
1 ـ الظاهر من الروايات المتقدمة الواردة في وجوب اللبس هو اعتبار صدق عنوان الثوب على الازار و الرداء و ان وقع التعبير في بعضها بنفس العنوانين من دون ذكر الثوب لكن التعبير بثوبي الاحرام او ثيابه امر واقع في الفتاوي و النصوص و من الظاهر ان عنوان الثوب يغاير عنوان اللباس مغايرة العمومو الخصوص من وجه فالخاتم ملبوس و لكنه ليس بثوب كما انّ اللبد لباس و لكنه لم يعلم صدق عنوان الثوب عليه و الملاك هو هذا العنوان و ليس بيان مصاديقه من وظائف الفقيه بل شأنه بيان اعتبار كونه ثوبا فكل مورد احرز صدق هذا العنوان يجوز الاحرام فيه و كل مورد لم يحرز او احرز عدمه لا يجوز الاحرام فيه للزوم احراز عنوان الثوبيّة.
(الصفحة 261)مسألة 25 ـ لو اضطرّ الى لبس القباء او القميص لبرد و نحوه جاز لبسهما لكن يجب ان يقلب القباء ذيلا و صدرا و تردّى به و لم يلبسه بل الاحوط ان يقلّبه بطنا و ظهرا، و يجب ايضا ان لا يلبس القميص و تردى به نعم لو لم يرفع الاضطرار الاّ بلبسهما جاز1.
1 ـ لا شبهة في ان موضوع المسئلة هو الاضطرار حال الاحرام لان الكلام في الثوبين اللذين يجب لبسهما في حال الاحرام و لكنه وقع التعبير عنه في الشرايع بقوله: و اذا لم يكن مع الانسان ثوبا الاحرام و كان معه قباء جاز لبسه مقلوبا بان يجعل ذيله على كتفيه.
و من الظاهر ثبوت الفرق بين التعبيرين فان المفروض في كلام الشرايع عدم كونه واجدا لثوبي الاحرام و اختصاص ثوبه بالقباء و ظاهر المتن ان المفروض هو الاضطرار الى لبس القباء او القميص لبرد او نحوه و هو يجتمع مع كونه واجداللثوبين الاّ ان يقال بان ذكر المسئلة في ضمن المسائل المتعلقة بلبس الثوبين قرينة على عدم كونه واجدا للثوبين او لخصوص الرّداء خصوصا مع التعبير بالتردّى بالقباء بعد جعله مقلوبا و كذا التردّى بالقميص.
و كيف كان فقد ذكر في الجواهر عقيب عبارة الشرايع المتقدمة: بلا خلاف اجده في اصل الحكم بل عن ظاهر التذكرة و المنتهى انه موضع وفاق بل ادّعاه صريحا غير واحد من متأخرى المتأخرين.
و امّا الروايات الواردة في المسئلة فكثيرة لا بد من ملاحظتها:
منها: صحيحة الحلبي عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال اذا اضطرّ المحرم الى القباء و لم يجد ثوبا غيره فليلبسه مقلوبا و لا يدخل يديه في يدي القباء(1). و الظاهر ان قوله (عليه السلام): و لم يجد ثوبا غيره ـ اى غير القباء ـ تفسير للاضطرارالمذكور قبله و بيان له لا انه امر آخر و شرط ثان مذكور في القضية الشرطية بحيث
- 1 ـ وسائل ابواب تروك الاحرام الباب السابع و الثلاثون ح ـ 1.
(الصفحة 262)
كان كلا الشرطين مجتمعا دخيلا في ترتب الجزاء و عليه فالمراد بالاضطرار هو عدم وجدان ثوب غير القباء بل المراد بعدم الوجدان المذكور هو عدم وجدان الرداء فقط و ان كان الازار موجودا نظرا الى ان شان القباء الذي وضع لاجله هو ستر ما فوق البدن او عدم وجدان شىء من الثوبين بلحاظ ان القباء و ان كان لم يوضع لستر العورة و جوانبها الاّ انه يسترهما القباء المتعارف ايضا بحيث لا حاجة معه الى الازار نوعا و يحتمل ان يكون المراد هو عدم وجدان ثوب زائد على الثوبين المعتبرين في الاحرام و ثبوت الاضطرار الى لبس القباء زائدا عليهما لاجل البردو المرض و نحوهما.
كما ان الظاهر ان قوله: و لا يدخل يديه في يدي القباء الذي هو تفسير للقلب مرجعه الى قلب الظاهر الباطن و بالعكس لا قلب الصدر ذيلا و بالعكس لانّه في هذه الصورة يقع فوق القباء تحتا و لا يمكن ان يدخل يديه في يديه بخلاف قلب الظاهر باطنا فان امكانه بمكان من الوضوح. و يحتمل ان يكون المراد النهي عن الادخال قبل القلب بحيث يكون المراد النهي عن لبسه بالنحو المتعارف و لكنّه بعيد.
و منها: صحيحة عمر بن يزيد عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال: يلبس المحرم الخفين اذا لم يجد نعلين، و ان لم يكن له رداء طرح قميصه على عنقه (عاتقه خ ل) او قباء (قباه ظ) بعد ان ينكسه(1). و المفروض في الجملة الاولي هو اللبس بعدتحقق الاحرام الذي من محرّماته ستر ظاهر القدم في خصوص الرجال و عليه فلا دلالة لها على الوجوب لوقوعها في مقام توهم الحظر فالمراد هو جواز لبس الخفيّن مع عدم وجدان النّعلين.
و امّا الجملة الثانية المفروض فيها عدم كون الرّداء له مع انّ الرداء الواجب
- 1 ـ وسائل ابواب تروك الاحرام الباب الرابع و الاربعون ح ـ 2.