(الصفحة 372)
امّا الرّوايات فمنها: موثقة ابي بصير قال قلت لابي عبد الله (عليه السلام) رجل محرم نظر الى ساق امرأة فامني فقال ان كان موسرا فعليه بدنة و ان كان وسطا فعليه بقرة، و ان كان فقيرا فعليه شاة ثم قال: اما انّى لم اجعل عليه هذا لانّه امني انما جعلته عليه لانه نظر الى ما لا يحلّ له(1). و فيما رواه الصدوق باسناده عن ابي بصير عطف قوله الى فرجها على ساق امرأة.
و قد ذكر بعض الاعلام (قدس سره) ان مراده (عليه السلام) يعني من التعليل ان الحكم بالكفارة لم يجعل لمجرد الامناء بل للامناء المترتّب على النظر المحرم فموضوع الحكم بوجوب الكفارة، النظر المنتهى الى الامناء لا الامناء فقط و لو كان خاليا عن النظرالمحرم و لا النظر المحرم وحده و بالجملة ليس معنى الرواية ان مجرد ارتكاب الحرام يوجب الكفارة بل معناها ان النظر المحرم المترتب عليه الامناء يوجب الكفارة.
و يرد عليه اوّلا: ان كلامه يشعر بل يدلّ على انه جعل معنى التعليل الذي نفاه، كون ارتكاب الحرام موجبا للكفارة و ظاهره ان ارتكاب كلّ محرم يكون كذلك مع انه على هذا التقدير لا بدّ من فرض وجود النظر و تعميم الحكم في مورده بمعنى ان النظر الى كل ما لا يحلّ كذلك سواء كان ساق امرأة اجنبيّة او بعض اعضائهاالاخر او عورة الرجل ـ مثلا ـ او غيرها من الامور التي لا يجوز النظر اليه.
و ثانيا: و هو العمدة ـ انّ ظاهره كون الرواية المشتملة على العلة المذكورة ظاهرة في نفسها في ثبوت الكفارة على النظر المحرم الذي يتعقّبه الامناء مع ان الانصاف انّ الرواية لو خلّى و طبعها ظاهرة في كون العلة لثبوت الكفارة مجرد تحقق النظر الى ما لا يحلّ له و لا مدخلية للامناء فيه بوجه و حمل قوله (عليه السلام) اني لم اجعل عليه لانّه امني، على كون المراد نفي مدخلية الامناء فقط مع كون الضمير يرجع الى الرجل
- 1 ـ وسائل ابواب كفارات الاستمتاع الباب السادس عشر ح ـ 2.
(الصفحة 373)
المحرم الذي نظر الى ساق امرأة اجنبية لا مطلق الرجل المحرم في غاية البعد كما ان حمل قوله (عليه السلام) انّما جعلته عليه لانه نظر الى ما لا يحلّ له على كون المراد هو النظر المحرم الذي يتعقبه الامناء ايضا كذلك و لو كان المراد ذلك لما كان للنفي و الاثبات المذكورين في الرّواية مع كون موردها هو النظر المحرم الخاص مجال اصلا كما لا يخفى.
و بعبارة اخرى لو كان المراد من التعليل ما ذكر لما كان لدفع التوهم الواقع في ذيل الرواية فائدة اصلا لدلالة الصدر بنفسه على مدخلية النظر المحرم المتعقب للامناء من دون حاجة الى الذيل فانّه لا دلالة لها على ثبوت الكفارة على الاعمّ من موردها فتصير الرواية ـ ح ـ نظير صحيحة زرارة قال: سئلت ابا جعفر (عليه السلام) عن رجل محرم نظر الى غير اهله فانزل قال عليه جزور او بقرة فان لم يجد فشاة(1). هذا و لكن هنا رواية اخرى صحيحة تدل على ان المراد من التعليل الواقع في الموثقة ما افاده بعض الاعلام (قدس سره) و هي ما رواه معاوية بن عمّار في محرم نظر الى غير اهله فانزل قال عليه دم لانه نظر الى غير ما يحلّ له، و ان لم يكن انزل فليتق الله و لا يعد و ليس عليه شىء(2). و ربما يستشكل في كونها رواية عن الامام (عليه السلام) لعدم التعرض له (عليه السلام) و لو بالاضمار و عليه فيحتمل كون الرواية فتوى شخص معاوية بن عمّار و هي فاقدة للحجية و الاعتبار.
و لكن يدفع الاشكال ظهور كون الرواية تتمة لصحيحة معاوية بن عمار
- 1 ـ وسائل ابواب كفارات الاستمتاع الباب السادس عشر ح ـ 1.
- 2 ـ وسائل ابواب كفارات الاستمتاع الباب السادس عشر ح ـ 5.
(الصفحة 374)
المتقدمة المشتملة على الاسئلة المتعددة في نظر الرجل المحرم و لمسه و مسّه مع انّ الكليني (قدس سره) الذي نقل الحديث التزم في ديباجة كتابه بان لا يروي فيه الاّ ما كان منتهيّا الى الإمام (عليه السلام) و الانصاف انه لا مجال لهذا الاشكال.
و امّا الدلالة فلا ينبغي الارتياب في كون مفادها عدم ثبوت الكفارة في صورة عدم الانزال مع النظر الى غير اهله و هذا يدل على ان المراد من التعليل الواقع في الفرض الاوّل هو النظر المتعقب للانزال و ان لم يقع التعرض له في العلة بوجهو الحكم بوجوب الاتقاء و النهي عن العود لاجل كون النظر محرّما في ذاته من دون فرق بين ما اذا كان بشهوة و بين ما اذا لم يكن كذلك فهذه الرواية تصير قرينة على كون المراد من الموثقة ما افاده بعض الاعلام (قدس سره).
و قد انقدح من جميع ما ذكرنا انّه لا دلالة للموثقة و كذا صحيحة معاوية على ان النظر الى الاجنبية اذا كان بشهوة، محرم حال الاحرام من دون فرق بين الامناء و عدمها كما استفاد منهما صاحب الجواهر (قدس سره) و تبعه بعض الاعاظم (قدس سره) فانه قد ظهر لك عدم انطباق الروايتين على المدّعى فان المدّعي التفصيل بين صورة الشهوة و عدمها كما انه مطلق من جهة الامناء و عدمها و الروايتان مطلقتان من جهة الشهوة و مقيدتان بالامناء و لا ملازمة بين الامناء و بين الشهوة فانه قد وقع التصريح في بعض الروايات بحصول الامناء من دون شهوة مثل رواية محمد بن مسلم المتقدمة المشتملة على قوله (عليه السلام): فان حملها ـ يعنى امرأته ـ او مسّها لغير شهوة فامنى او امذى فليس عليه شيء(1). و كيف كان فظاهر قوله في المتن: او نظرا بشهوة كما في الشرايع و نحوها و ان كان هو جريان التفصيل في الاجنبية من دون تقييد بالامناء كما في الزوجة الاّ
- 1 ـ وسائل ابواب كفارات الاستمتاع الباب السابع عشر ح ـ 6.
(الصفحة 375)
مسألة 1 ـ لو جامع في احرام عمرة التمتّع قبلا او دبرا، بالانثى او الذكر عن علم وعمد فالظاهر عدم بطلان عمرته و عليه الكفارة لكن الاحوط اتمام العمل و استئنافه لو وقع ذلك قبل السّعي، و لو ضاق الوقت حجّ افرادا و اتى بعده بعمرة مفردة و احوط من ذلك اعادة الحج من قابل، و لو ارتكبه بعد السّعي فعليه الكفارة فقط، و هي على انه لم ينهض دليل عليه بل مقتضى الدليل هو النظر المتعقب للامناء و لو لم يكن بشهوة بخلاف الزوجة فتدبر.
الجهة الخامسة:
في حرمة كل لذّة تمتّع من النساء قد ظهر لك مما ذكرنا في بعض الجهات السابقة انّه بعد دلالة الروايات المتقدمة على حرمة النظر بشهوة الى الزوجة زائدا على اللمس و التقبيل كذلك يستفاد منها حرمة كل لذة تمتع منها و لو لم تكن بالنظر فضلا عن غيره فان المتفاهم العرفي منها على هذا التقدير ذلك نعم لو لم ينهض دليل على حرمة النظر و لو كان بشهوة لما كان تحريم التقبيل و اللمس مستلزما عرفا لذلك و موجبا لفهمهم الحرمة المطلقة و امّا بعد قيام الدليل على حرمة النظر لكان المفهوم منها عرفا ذلك.
نعم هذا يتمّ بالاضافة الى الرجل المحرم بالنسبة الى زوجته او امته و امّابالاضافة الى الاجنبيّة فلا مجال لاستفادة ذلك منها لعدم قيام الدليل على حرمة النظر اليها بشهوة بعنوان الاحرام كما عرفت آنفا كما ان نظر المرئة المحرمة الى الرجل و لو كان هو زوجها و كان النظر بشهوة لم يقم دليل على حرمته الاحرامية نعم مقتضى عموم التعليل في رواية القبلة عموم الحرمة فيها و لكن حرمة التقبيل لا دلالة لها عرفا على حرمة النظر فضلا عما هو دونه فتدبّر فان مقتضى اطلاق المتن الشمول للجميع مع انه لم يقم دليل عليه و لا سبيل الى ادراك الملاك و لا لالغاء الخصوصية بوجه.
(الصفحة 376)الاحوط بدنة من غير فرق بين الغنيّ و الفقير1.
1 ـ ينبغي قبل التعرض لحكم الجماع في اثناء عمرة التمتّع بيان حكم الجماع في العمرة المفردة لوقوع التعرض لكليهما في الكلمات ظهورا او نصّا و وقوع البحث عنه قبل عمرة التمتّع في كلام صاحب الجواهر(1). فنقول:
قال المحقّق في الشرايع: «و من جامع في احرام العمرة قبل السّعي فسدت عمرته و عليه بدنة و قضائها و الافضل ان يكون في الشهر الداخل» و مقتضي اطلاق «العمرة» في الصدر و ان كان هو الشمول لعمرة التمتع ايضا لكنه ربمااستظهر صاحب الجواهر من قوله: و الافضل... ان يكون المراد خصوص العمرة المفردة و لعلّ منشأ الاستظهار الروايات الواردة في العمرة المفردة الدالة على ان لكل شهر او في كل شهر عمرة المتقدمة في بحث العمرة المفردة.
و يرد على هذا الاستظهار مضافا الى ان لازمه عدم التعرض لحكم الجماع في عمرة التمتع من مثل المحقق مع كونه من المسائل المهمّة و كثير الابتلاء لان وجوب حج التمتّع ثابت بالاضافة الى جلّ المستطيعين مضافا الى كونه افضل من قسيميه في صورة الدّوران و التخيير عدم كون الذيل قرينة على ما افاده بوجه لان عمرة التمتع و ان كان ظرف وقوعها اشهر الحج كما مرّ الاّ انه في صورة التعدد امّا لاجل فساد الاولى او لجهة اخرى لا بدّ من دخول شهر آخر و قد تقدم في بعض المسائل السابقة بعض الروايات الواردة فيمن خرج من مكة بعد عمرة التمتّع و مضى من الميقات الدالّة على انّه ان كان رجوعه الى مكة في غير شهر الخروج لا بد من الاتيان بعمرة التمتع ثانيا التي يكون شروعها من احد المواقيت المعروفة او محاذيه و عليه فالاستظهار المذكور ممنوع.
و قال العلاّمة في القواعد: «و لو جامع في احرام العمرة المفردة أو المتمتع بها