(الصفحة 402)
اخبارها و اشتهارها».
و اورد عليهما صاحب الجواهر (قدس سره) بان الذي يقتضيه النظر في النصوص بعدتقييد المفهوم في بعضها بالمنطوق في آخر ان لم يكن اجماع كون الغاية العليا في الاداء و القضاء هي محل الخطيئة نعم يمكن تحصيل الاجماع على وجوب الافتراق في حجة القضاء الى قضاء المناسك لا ازيد.
و مراده ان ما دل على كون الغاية بلوغ الهدى محلّه يكون مفهومه عبارة عن انّه اذا بلغ الهدى محله لا يجب الافتراق و مقتضي اطلاق المفهوم انه لا فرق بين صورة قضاء المناسك باجمعها و بين صورة عدمه و يقيد هذا الاطلاق بمنطوق ما دلّ على ان الغاية قضاء المناسك كما انّ اطلاق مفهومه يقيد بمنطوق ما دلّ على ان الغاية هو الرجوع الى محلّ المواقعة و الوصول اليه و مختاره (قدس سره) هو كون الغاية هي محلّ الخطيئة و احتمل وجود الاجماع على وجوب الافتراق الى قضاء المناسك في حجة القضاء و ثبوت الاستحباب بعده الى محلّ الحدث اذا رجعا الى ذلك الطريقو ذكر في ذيل كلامه: «اللّهم الا ان يدعى ان المفهوم من النصوص اتّحاد الغاية فيهما و الفرض الاجماع على عدم وجوب الزائد على قضاء المناسك في القضاء فيكون الاداء مثله مؤيّدا ذلك بانه لا احرام بعد قضاء المناسك فليس الاّ التعبدالمحض فالاولى حمله على الندب فيهما».
هذا و قد اورد بعض الاعلام (قدس سره) على الاوّلين بانّ ظاهر الاوامر المذكورة في الرّوايات هو الوجوب فرفع اليد عنه و حمله على الاستحباب بلا موجب.
و على صاحب الجواهر (قدس سره) بان الظاهر من الروايات ان كل واحد من الامور المذكورة عنوان مستقل فحمل احدها على الآخر بلا وجه بل يقتضى الغاء العنوان الاخر بالمرّة فان مقتضى حمل بلوغ الهدى على محلّ الخطيئة عدم الاعتدادببلوغ الهدى اصلا و ان العبرة بمحلّ الخطيئة.
(الصفحة 403)
ثم قال في تحقيق المسألة ما ملخّصه: «ان الروايات الواردة في هذا المجال على طوائف ثلاث:
الطائفة الاولى: ما جعل الغاية قضاء المناسك و الرجوع الى المكان الذي فيه الجماع مثل صحيحة زرارة و غيرها و مقتضى اطلاقها الشمول للمكان الذي هو قبل ارض منى و بعده يعني الحاج لمّا يتوجه من مكّة الى عرفات يذهب اليها من طريق منى لاستحبابه شرعا و عليه فالجماع قد يقع قبل الوصول الى منى و قد يقع بعده كما انه يشمل ما اذا وقع الجماع بعد الميقات اذا كان الحج افرادا احرم له من الميقات.
و الطائفة الثانية: ما جعل الغاية بلوغ الهدى محلّه مثل صحيحتي معاوية بن عمارو مقتضى اطلاقها الشمول لجميع الموارد الّتي يشملها الطائفة الاولى فبينهما التعارض بالكلية.
و الطائفة الثالثة: ما تدل على ان الجماع اذا كان قبل الوصول الى منى فغاية الافتراق يوم النفر و هو اليوم الثاني عشر كما في صحيحة الحلبي: و يفرق بينهما حتى ينفر الناس و يرجعا الى المكان الذي اصابا فيه ما اصابا، فان ظاهرها ان مكان الجماع قبل الوصول الى منى.
و عليه فهذه الصحيحة تخصص الطائفة الثانية فيكون موردها غير صورة وقوع الجماع قبل الوصول الى منى فالجماع اذا وقع قبل الوصول الى منى فغاية الافتراق يوم النفر و الرجوع الى محلّ الخطيئة و اذا وقع بعد الوصول الى منى فغايته بلوغ الهدى محلّه اي يوم النحر و بعد ذلك تكون نسبة الطائفة الثانية بعد التخصيص بالاضافة الى الطائفة الاولى العموم و الخصوص مطلقا لانقلاب النسبة ـ بناء عليه ـ فيصير الحاصل من المجموع انّ الجماع اذا وقع قبل الوصول الى منى كما اذا وقع في مكة او في طريقه ما بين مكّة و منى فغاية الافتراق يوم النفر المذكور و اذا وقع بعد تجاوزه
(الصفحة 404)
من منى الى عرفات فالغاية بلوغ الهدى محلّه.
ثمّ ان الجماع قد يقع قبل الوصول الى مكة و بعد الاحرام كما في حج الافرادفاللازم ان يرجع الحاج بعد قضاء تمام المناسك الى محلّ الخطيئة و امّا اذا وقع في حج التمتع بعد الخروج من مكة فيقضى المناسك من الوقوفين و يرجع الى ذلك المكان و ينتهى الافتراق و لا حاجة الى اتيان الطواف و السعي لان الظاهر من قضاء المناسك و الرجوع الى محلّ الجماع قضاء المناسك التي ياتي بها قبل الوصول الى ذلك المكان و ان كان مقتضى الاحتياط الاستمرار الى الفراغ عن تمام الاعمال».
و الظاهر انّ عدم تعرضه لما يدلّ عليه رواية علي بن ابي حمزة المتقدمة من كون غاية الافتراق هو الانتهاء الى مكة الذي قد فسّر في ذيلها بحصول الاحلال لهما انّما هو لاجل عدم اعتبارها بسبب علي بن ابي حمزة البطائني و الاّ فكان في هذا المجال طائفة رابعة مغايرة للطوائف الثلث الاولى.
و يرد على ما افاده وجوه من النظر و الاشكال.
منها: انّ دعوى شمول الطائفة الاولى لما اذا تحقق الجماع بعد الحركة من منى بعد البيتوتة المستحبّة فيها ليلة عرفة ممنوعة جدّا لانه ـ مضافا الى ان جعل المبني في الحكم اللزومي الشديد الذي جعل عقوبة و مجازاة للعمل الذي عبّر عنه في الروايات بكون العامل اتى عظيما هو الامر الاستحبابي الذي ربما يتحقق تركه لفرض الاستحباب ممّا لا مجال له انّ جعل غاية الافتراق هو قضاء المناسك و الرجوع الى محلّ الخطيئة و الجماع لا يجتمع مع وقوعها في طريق منى الى عرفات او في نفس عرفات او في المشعر لعدم رجوع الحاج الى واحد منها بعد قضاء المناسكو ظاهر انّ المراد هو الرجوع الى محل الخطيئة المتحقق بالطبع بعد قضاء المناسك بان يكون محل الجماع واقعا في طريق الرّجوع او احد طرقي الرجوع او طرقه و من
(الصفحة 405)
الظاهر انّ الحاج بعد قضاء المناسك لا يرجع الى الموقفين لعدم الحاجة اليه بوجه.
و منها: و هو العمدة انّ جعل الطائفة الثالثة مغايرة للطائفة الاولى ممّا لم يعلموجهه لانّه بالنفر من منى يوم الثاني عشر يتحقق قضاء المناسك لانّه لو كان المراد بقضاء المناسك هو قضاء المناسك التي لا بد من الاتيان بها قبل الرجوع الى محل الجماع كما فسّرّه به في ذيل كلامه فبالنفر يتحقق قضاء المناسك بهذا المعنى و عليه فما الفرق بين جعل الغاية قضاء المناسك و الرجوع الى المحل المذكور و بين النفر في اليوم المذكور و الرجوع اليه الاّ في مجرد العبارة و العنوان.
و ان كان المراد بقضاء المناسك هو قضائها باجمعها الشامل لطواف الحجو السّعي ـ نعم طواف النساء خارج لعدم كونه من اعمال الحج و ان كان واجبا فيه و في العمرة المفردة و يتوقف عليه حلية النساء ـ فنقول بعد كون المستحب بل مقتضى الاحتياط الوجوبي بل الفتوى هو الاتيان بهما يوم العيد بعد الفراغ عن مناسكه الثلاثة و هو رمي جمرة العقبة و الذبح او النحر و الحلق او التقصير لمن يتمكن من العود الى مكة و الاتيان بهما يكون النفر في اليوم الثاني عشر مرجعه الى قضاء المناسك و لا فرق بينهما ايضا.
و الانصاف ان الطائفة الاولى و الطائفة الثالثة متحدتان من دون ان يكون بينهما فرق الاّ في مجرد التعبير و مقتضى ما ذكرنا بعد اعترافه باختصاص مورد الطائفة الثالثة بما اذا كان الجماع قبل منى لمن يريد الوقوفين و بعد كون الطائفة الاولى ايضا مختصة بهذه الصورة و لو فرضت المغايرة بين الطائفتين و بعد ثبوت الاتّحاد بينهما على ما ذكرنا ان تكون النسبة بينهما و بين الطائفة الثانية هو الخصوص و العموم مطلقا و اللازم تقييدها بهما و الحكم بالفرق بين ما اذا كان محلّ الجماع قبل منى فاللازم الافتراق الى الرجوع الى ذلك المحلّ بعد الاتيان بالاعمال و المناسك و بين ما اذا كان محلّه نفس منى او بعده من الفروض المذكورة فاللازم
(الصفحة 406)
الافتراق الى ان يبلغ الهدى محلّه كما لا يخفى.
و منها: انه بناء على ثبوت المغايرة بين الطائفتين كما ادّعاه (قدس سره) ما الدليل على انّه اذا جامع في حج التمتّع بعد الخروج من مكّة كما اذا جامع بعد طيّ فرسخ منها يكون المرجع هي الطائفة الاولى التي جعلت الغاية فيها قضاء المناسك حتى يكون تفسيره بما لا بد من الاتيان به قبل الرجوع الى محل الجماع امرا لا بد من استظهاره فلم لا يكون المرجع هي الطائفة الثالثة الظاهرة في ذلك من دون حاجة الى التفسير اصلا.
و الانصاف وجود الاضطراب في كلامه و ان كان مثل هذه الاضطرابات ينسب الى المقرّر نوعا على خلاف ما هو الواقع و الله العالم.
و قد انقدح لك مما ذكرنا لزوم التفصيل في غاية الافتراق بين ما اذا كان الجماع قبل منى سواء كان في طريق مكة اليها او في مكة او قبلها كما في غير حج القران و بين ما اذا كان في منى او بعدها لمن يريد الحركة منها الى عرفات و منهاالى المشعر من دون فرق بين انواع الحجّ.
و امّا ما افاده صاحب الجواهر (قدس سره) في عبارته المتقدمة من ثبوت الاجماع على كون الغاية في حج القضاء هو قضاء المناسك فقط لا ازيد فيرد عليه ـ مضافا الى انّه من المستبعد جدّا ثبوت الاجماع و انعقاده على ذلك ـ انّ الظاهر كون الاجماع في مثل هذه المسئلة التي وردت فيها الروايات المتكثرة لا اصالة له بل هو مستند اليهاو الى ما استفادوا منها فلا مجال للاتكال عليه في مقابل تلك الروايات خصوصا مع تعميم معقده بالنسبة الى الحج الاوّل و الحكم بان الغاية فيه هو قضاء المناسك لا ازيد لكون المفهوم من النصوص اتّحاد الغاية فيهما فالظاهر ان الحكم في المسئلة هو التفصيل المتقدم المستفاد من الجمع بين الرّوايات من دون فرق بين العامين.
الجهة السّابعة: هل اللاّزم في مورد كون الغاية هي قضاء المناسك و الرجوع الى
|