(الصفحة 409)
ثمنها يتصدق به فان لم يجد صام عن كلّ مدّ يوما و قال دليلنا اجماع الفرقةو اخبارهم و طريقة الاحتياط.
و اورد عليه بانّ الاجماع مخدوش بخلوّ الكلمات عنه بل تصريح ابن حمزةو سلاّر بالعدم و اخبار الفرقة لم يعثر عليها الاّ ما ورد في كفارة الصيد و يرد عليه ايضا اضطراب العبارة فان الدم الواجب يشمل غير البدنة و ليس في الكلام ذكرالمدّ حتى يصوم عن كلّ مدّ يوما. و عن الفقيه و ابن ادريس وجوب سبع شياة عند عدم وجدان البدنة.
هذا و لكن في المقام روايات واردة في هذه الجهة:
منها: صحيحة علي بن جعفر المتقدمة المشتملة على تفسير الرفث بجماع النّساءحيث انّ فيها: فمن رفث فعليه بدنة ينحرها فان لم يجد فشاة(1).
و منها: ما رواه الصدوق باسناده عن ابي بصير انه سئل الصادق (عليه السلام) عن رجل واقع امرأته و هو محرم قال عليه جزور كوماء فقال: لا يقدر فقال ينبغي لاصحابه ان يجمعوا له و لا يفسدوا حجّه(2). و هذه الرواية ايضا شاهدة على ما تقدم من عدم كون المراد بافساد الرفث هو بطلان الحجّ لانّ مفادها ان عدم نحر البدنة يوجب فساد الحج مع انه من الواضح عدم كونه كذلك بل الفساد على تقديره انّما يكون مستندا الى الجماع لا ترك النحر فالمراد بالفساد هو النقصان و انحطاط درجة الحج و مرتبته و عليه فالظاهر انّ المراد بقوله: ينبغي هو الاستحبابو الرواية ـ ح ـ لا تكون مخالفة للرواية المتقدمة لعدم التنافي بين مفادهما بوجه كما لا يخفى هذا و المراد من الكوماء السمينة كما ورد في بعض الروايات توصيف الجزور بها.
- 1 ـ وسائل ابواب كفارات الاستمتاع الباب الثالث ح ـ 16.
- 2 ـ وسائل ابواب كفارات الاستمتاع الباب الثالث ح ـ 13.
(الصفحة 410)
و منها: ما رواه الكليني بعد رواية على بن ابي حمزة المتقدمة حيث قال: و في رواية اخرى: فان لم يقدر على بدنة فاطعام ستين مسكينا لكل مسكين مدّ فان لم يقدر فصيام ثمانية عشر يوما، و عليها ايضا كمثله ان لم يكن استكرهها(1).
قال صاحب الوسائل بعد نقلها عن الكليني كذلك: و رواه الشيخ مرسلا ايضا.
و هذه الرواية بلحاظ الارسال لا مجال للاتكال عليها فاللازم الاخذ بمفادصحيحة علي بن جعفر المتقدمة و لم تثبت شهرة على خلافها هذا تمام الكلام في الصورتين الاولتين من المسئلة.
الصورة الثالثة:
ما اذا جامع بعد الوقوف بالمشعر قبل تجاوز النصف من طواف النّساءو المذكور في المتن تبعا للشرايع صحة الحج و ثبوت الكفارة عليه و في الجواهر: بلا خلاف اجده في الاوّل ـ يعني قبل الشروع في طواف النساء ـ بل الاجماع بقسميه عليه فهنا امران:
احدهما: ثبوت الكفارة و يدلّ عليه مضافا الى الاطلاقات الواردة الدالة على ثبوت الكفارة في مطلق الجماع في احرام الحجّ و قد تقدمت جملة منها بل اكثرها مثل صحيحة معاوية بن عمّار قال سئلت ابا عبد الله (عليه السلام) عن متمتّعوقع على اهله و لم يزر قال ينحر جزورا و قد خشيت ان يكون قد ثلم حجّه ان كان عالما، و ان كان جاهلا فلا شيء عليه، و سئلته عن رجل وقع على امرأته قبل ان يطوف طواف النساء قال عليه جزور سمينة، و ان كان جاهلا فليس عليه شيء الحديث(2)
- 1 ـ وسائل ابواب كفارات الاستمتاع الباب الرابع ح ـ 3.
- 2 ـ وسائل ابواب كفارات الاستمتاع الباب التاسع ح ـ 1.
(الصفحة 411)
و رواية زرارة قال سئلت ابا جعفر (عليه السلام) عن رجل وقع على امرأته قبل ان يطوف طواف النساء قال عليه جزور سمينة الحديث(1). و رواية سلمة بن محرز قال سئلت ابا عبد الله (عليه السلام) عن رجل وقع على اهله قبل ان يطوف طواف النساء قال ليس عليه شيء فخرجت الى اصحابنا فاخبرتهم فقالوا اتّقاك هذا ميسّر قد سئله عن مثل ما سئلت فقال له عليك بدنة قال: فدخلت عليه فقلت جعلت فداك انى اخبرت اصحابنا بما اجبتني فقالوا اتّقاك هذا ميسّر قد سئله عما سئلت فقال له: عليك بدنة فقال: انّ ذلك كان بلغه فهل بلغك قلت لا قال ليس عليك شيء(2). و رواه الشيخ في الصحيح اليه مفصّلا(3).
و غير ذلك من النصوص الواردة في هذا المجال فلا شبهة في هذا الامر.
ثانيهما: صحّة الحج التي يكون المراد منها عدم لزوم الحج من قابل و بعبارة اخرى الصحة في مقابل الفساد بمعناه الحقيقي و كذا بالمعنى التنزيلى الذي مرجعه الى ترتب آثاره التي عمدتها لزوم الاعادة و التكرار في العام القابل و يدل عليها مفهوم صحيحة معاوية بن عمار عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال اذا وقع الرّجل بامرأته دون مزدلفة او قبل ان يأتي مزدلفة فعليه الحجّ من قابل(4). فان المستفاد منه عرفا عدم لزوم الحج من قابل اذا كان الجماع واقعا بعد مزدلفة و الوقوف بهاو لا تتوقف على القول بثبوت المفهوم في مطلق القضايا الشرطية و عدمه كما اخترناه في الاصول.
- 1 ـ وسائل ابواب كفارات الاستمتاع الباب العاشر ح ـ 3.
- 2 ـ وسائل ابواب كفارات الاستمتاع الباب العاشر ح ـ 2.
- 3 ـ وسائل ابواب كفارات الاستمتاع الباب العاشر ح ـ 5.
- 4 ـ وسائل ابواب كفارات الاستمتاع الباب الثالث ح ـ 1.
(الصفحة 412)
و كذا صحيحة اخرى لمعاوية بن عمار قال: سئلت ابا عبد الله (عليه السلام) عن متمتع وقع على اهله و لم يزر قال: ينحر جزورا و قد خشيت ان يكون قد ثلم حجّه ان كان عالما، و ان كان جاهلا فلا شيء عليه، و سئلته عن رجل وقع على امرأته قبل ان يطوف طواف النساء قال عليه جزور سمينة، و ان كان جاهلا فليس عليه شيء الحديث(1). نظرا الى ان المراد بالزيارة هو طوافها الذي هو طواف الحج و زمان وقوعه بعد قضاء مناسك منى يوم النحر و مقتضى قوله: قد خشيت هي خشية وقوع الثلمة في الحج و مرجعه الى عدم وقوعها فلا مجال لاعادته و التكرار في العام القابل.
ان قلت: مقتضى ما مرّ في بحث الجماع في عمرة التمتع عدم جواز الاستدلال بهذه الصحيحة لا في عمرة التمتّع و لا في الحج لانه قد تقدّم اتّحاد هذه الصحيحة مع صحيحة اخرى لمعاوية بن عمار قال سئلت ابا عبد الله (عليه السلام) عن متمتع وقع على امرأته و لم يقصّر قال ينحر جزورا و قد خشيت ان يكون قد ثلم حجّه ان كان عالما، و ان كان جاهلا فلا شيء عليه(2). لدوران مورد السؤال بين عمرة التمتّع و الحج فلا مجال للاستدلال بها في شيء منهما نعم لو قلنا بتعدد الروايتين و ان الاولى واردة في الحج و الثانية في عمرة التمتّع كما هو ظاهر الوسائل و اصرّ عليه بعض الاعلام (قدس سره) و حكى ان الكليني نقلهما في بابين مستقلين لجاز الاستدلال بها في المقام و لكنّه خلاف ما تقدم في بحث عمرة التمتع.
قلت: الظاهر هو الاتّحاد و عدم التعدّد و انّ «لم يقصر» «تصحيف» «لم يزر» و الروايةواردة في الحج لانّ وقوع الجماع في عمرة التمتّع لا يكون فيه خشية وقوع الثلمة في
- 1 ـ وسائل ابواب كفارات الاستمتاع الباب التاسع ح ـ 1.
- 2 ـ وسائل ابواب كفارات الاستمتاع الباب الثالث عشر ح ـ 4.
(الصفحة 413)
الحج بل غايته وقوعها في نفس العمرة و هي قابلة للتكرار و مع ضيق الوقت ينتقل الى حج الافراد فخوف وقوع الثلمة في الحج شاهد على كون الرواية واردة فيه لا في العمرة فهي صالحة للاستدلال بها في المقام هذا و يدل على الصحة في هذه الصورة ايضا الاطلاقات الواردة في الجماع حال الاحرام المقتصر فيها على ثبوت الكفارة فان ظاهرها عدم ثبوت شيء غير الكفارة و تقييدها بادلة الصورتين الاوّلتين لا يقدح في بقاء اطلاقها بالاضافة الى هذه الصورة كما هو ظاهر و يدل على كلا الامرين ذيل مرسلة الصدوق المعتبرة المتقدمة قال: و ان جامعت بعد وقوفك بالمشعر فعليك بدنة و ليس عليك الحج من قابل.
الصورة الرّابعة:
ما اذا جامع بعد الوقوف بالمشعر و بعد تجاوز النصف و في المتن انّ الاصح انه لا كفارة عليه ايضا بعد مفروغية الصحّة و عدم لزوم الاعادة.
و ليعلم انّ عنوان هذه الصورة على ما في المتن ما عرفت من وقوع الجماع بعد تجاور النصف من طواف النساء و عنوانها في الشرايع هكذا: «و لو جامع بعد الوقوف بالمشعر و لو قبل ان يطوف طواف النساء او طاف منه ثلاثة اشواط فمادون... » و ذكر بعض الاعلام (قدس سره) في مناسكه: «و كذلك ـ يعني تجب الكفارة دون الاعادة ـ اذا كان جماعه قبل الشوط الخامس من طواف النساء و امّا اذا كان بعده فلا كفارة عليه ايضا».
و المستند الوحيد في هذه الصورة ـ بعد عدم شمول الاطلاقات التي اشرنا اليهالهذه الصورة لعدم كون طواف النساء جزء للحج و معدودا من اعماله بل هو واجب ظرفه الحج و العمرة المفردة و يتوقف عليه حلية النساء من دون ان يكون الاحلال به اخلالا بالحج او العمرة نعم مقتضى اطلاق ذيل صحيحة معاوية بن