(الصفحة 41)
بن عمار المتقدمتان بل الثانية صريحة في ان بريد البعث دون المسلخ بستة اميال ممّا يلى العراق و كذا صحيحة عمر بن يزيد المتقدمة ايضا.
و حيث انه لم ينقل الخلاف من احد من جهة المبدء فاللازم الالتزام بان الاعراض موجب لسقوطها عن الحجيّة و الاعتبار نعم ربما يقال بوجود الجمع الدّلالى و هو الالتزام بان مبدء العقيق و ان كان هو بريد البعث الاّ انه لا دلالة لمايدل على ذلك على جواز الاحرام منه ايضا فيمكن ان يقال بلزوم الاحرام من المسلخ الذى هو بعد بريد البعث و ان كان المبدء هو البريد و يؤيّده التعبير في بعض الروايات بان رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقّت لاهل العراق و لم يكن يومئذ عراق بطن العقيق من قبل اهل العراق.(1) فان الظاهر كون البطن غير المبدء و لكنّه هو الميقات دونه فلا ينافي ما عليه المشهور.
ثم انّك عرفت ان المشهور ان الاحرام من المسلخ و هو مبدء العقيق افضل ثم من غمرة و يمكن ان يكون الوجه فيه هو طول الاحرام ـ زمانا و مكانا ـ فلا محالة يكون افضل و كذا الغمرة في المرتبة الثانية كما انه يمكن ان يكون الوجه خصوصية المحلّ و ثبوت الافضلية له كمسجد الشجرة بالاضافة الى خارجه على تقدير القول بعدم تعيّن المسجد للاحرام و جوازه من خارجه فى حال عدم العذر ايضا و كيف كان فيدل على ما ذكره المشهور روايات متعددة جمعها في الوسائل في باب عقده بهذا العنوان:
منها مرسلة الصدوق المعتبرة المتقدمة المشتملة على ان الاحرام من اوّل العقيقو هو المسلخ افضل.
و منها صحيحة يونس بن يعقوب عن ابى عبد الله (عليه السلام) قال سئلته عن
- 1 ـ وسائل ابواب المواقيت الباب الاوّل ح ـ 2.
(الصفحة 42)
الاحرام من اى العقيق احرم قال من اوّله و هو افضل(1) و منها موثقة اسحاق بن عمار قال سئلت ابا الحسن (عليه السلام) عن الاحرام من غمرة قال ليس به بأس و كان بريد العقيق احبّ الىّ.(2) و لكن الظاهر ان المراد ببريد العقيق هو بريد البعث الذى قد عرفت انه دون المسلخ و قبل الميقات لعدم كون المسلخ بريدا.
المقام الرّابع:
فيما لو اقتضت التقية تأخير الاحرام الى ذات عرق الذى هو ميقات اهل السنّةو قد احتاط في المتن وجوبا التأخير ثم قال بل لا يخلو عدم الجواز من وجه.
و في هذا المقام جهات من الكلام:
الجهة الاولى: انه لا شبهة بناء على ما ذكرنا وفاقا للمشهور ان تأخير الاحرام الى ذات عرق جائز و لو في صورة الاختيار و عليه فالتأخير تقية لا يقتضى الاخلال بشىء مما يعتبر عندنا و ليس مثل المسح على الخفين الموجب لذلك.
الجهة الثانية: انّه ذكر السيّد (قدس سره) في العروة انه يجوز في حال التقية الاحرام من اوّله قبل ذات عرق سرا من غير نزع ما عليه من الثياب الى ذات عرق ثم اظهاره و لبس ثوبى الاحرام هناك بل هو الاحوط ثم قال: و ان امكن تجرده و لبس الثوبين سرّا ثم نزعهما و لبس ثيابه الى ذات عرق ثم التجرد و لبس الثوبين فهو اولى.
اقول: ان قلنا بان لبس ثوبي الاحرام لا يكون من مقومات الاحرام و دخيلا في
- 1 ـ وسائل ابواب المواقيت الباب الثالث ح ـ 2.
- 2 ـ وسائل ابواب المواقيت الباب الثالث ح ـ 3.
(الصفحة 43)
حقيقته بل هو عبارة عن مجرد النية و التلبية و لبس الثوبين من احكام الاحرامو واجباته كما ان له احكاما تحريمية ترتبط بمحرمات الاحرام فالتقية لا تنافي الاحرام بوجه لان النيّة امر قلبى و التلبية لا يعتبر فيه الاجهار بوجه بل التقية على تقدير عدم امكان رعاية شىء من الطريقين المذكورين في كلام السيّد تتحقق بترك اللبس الذى هو واجب في الاحرام و هي كافية في رفع الوجوب و تجويز الترك و التأخير.
و ان قلنا بان لبس الثوبين داخل في مهيّة الاحرام و حقيقته كالامرين الآخرين فالظاهر انه غير متمكّن من الاحرام من المسلخ و يمكن الفرق بين الطريقين بوجود التمكن في الثاني دون الاوّل فتدبّر.
الجهة الثالثة: انه قد وردت في هذا المقام رواية رواها الطبرسي في الاحتجاج عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري مرسلة و الشيخ (قدس سره) في كتاب الغيبة مسندة بالاسناد المشتمل على احمد بن ابراهيم النوبختى انه ـ اى الحميرى ـ كتب الى صاحب الزمان ـ عجل الله تعالى فرجه ـ يسئله عن الرجل يكون مع بعض هؤلاء و يكون متصلا بهم يحج و يأخذ عن الجادة و لا يحرم هؤلاء من المسلخ، فهل يجوز لهذا الرجل ان يؤخر احرامه الى ذات عرق فيحرم معهم لما يخاف الشهرة ام لا يجوز الا ان يحرم من المسلخ؟ فكتب اليه في الجواب: يحرم من ميقاته ثم يلبس الثياب و يلبّى في نفسه فاذا بلغ الى ميقاتهم اظهره(1). و الرواية ـ مضافا الى ضعف سندها بالارسال و بجهالة الرجل المذكور ـ تدل على مفروغية تعيّن المسلخ بخصوصه للميقات و هو مخالف لما قدّمناه تبعا للمشهور من سعة العقيق للميقات و انه لا فرق بين اوّله و وسطه و آخره من جهة الصّحة و ان
- 1 ـ وسائل ابواب المواقيت الباب الثاني ح ـ 10.
(الصفحة 44)
كان بينها الاختلاف من حيث الفضيلة.
و امّا مع قطع النظر عن هذه الجهة فيجرى في مفادها و مدلولها احتمالان:
احدهما: ان يكون المراد بلبس الثياب هو لبس الثياب العادية غير ثوبى الاحرام و يؤيده التعبير بالجمع دون التثنية و عليه فالمراد هي التلبية في النفس بدون الاظهار كما ان المراد بقوله: اظهره هو لبس ثوبى الاحرام و اظهار التلبيةو الاجهار بها.
ثانيهما: ان يكون المراد بالثياب ثوب الاحرام و يؤيده العطف بثم و الجمع بينه و بين حصول التقية امّا من طريق ما اشار اليه السيد من لبس الثوبين تحت الثياب و على هذا التقدير يمكن ان يقال بان قوله: في نفسه متعلقا بالتلبية و اللبس معا و امّا من جهة تعارف لبس الثوبين قبل الاحرام و الوصول الى الميقات تمهيدا له و استعدادا لتحقّقه لكن الامر سهل بعد ضعف سند الرواية و كون مفادها من جهة تعين المسلخ للميقات معرضا عنه عند الاصحاب مع انه لا يستفاد منها شىء فى باب التقية نعم لو كان مدلولها لبس الثياب العادية التي تكون مخيطة نوعا تدل على عدم الكفارة في لبسها في حال التقية و ان كانت ثابتة في سائر الموارد و ان كان في حال الضرورة و الوجه في دلالتها هو السكوت عنها مع كونها في مقام البيان.
الجهة الرّابعة: انه لو احرم من المسلخ مع اقتضاء التقية عدمه و ظهور كونه مخالفا لها فهل يكون جائزا من جهة الحكم الوضعي و صحيحا أم لا قد عرفت انّ الماتن ـ قدس سره ـ نفى خلو البطلان عن الوجه.
و البحث فى ذلك امّا من جهة القاعدة فالظاهر انّها لا تقتضي البطلان بوجه لانّ متعلق الوجوب انّما هو عنوان التقية و قد حققنا في محلّه انّ هذا العنوان مغاير لعنوان الاضطرار الذى وقع في حديث الرفع كما انه مغاير لعنوان المداراة و حسن المعاشرة و جلب المودة و معنى التقية هو كتمان المذهب و عدم اذاعته و اظهاره من
(الصفحة 45)الثالث: الجحفة و هي لاهل الشام و مصر و مغرب و من يمرّ عليها من غيرهم1.
دون فرق بين ما اذا خيف الضرر على الترك و بين غيره و بالجملة فالمتعلّق للوجوب هو عنوان التقية و عدم رعايتها باظهار التلبية لا يقتضى الاّ مخالفة تكليف وجوبى و لا يكون في البين سوى ذلك التكليف و عليه فلا يبقى مجال للحكم بالبطلان بالاضافة الى الاحرام لعدم تعلق النهى به حتى يوجب فساده لعدم اقتضاء الامر بالشىء للنهى عن الضد مطلقا ـ الضد العام و الضد الخاص ـ و لا مجال للحكم بالبطلان من جهة عدم الامر مع وجود الامر بالتقية و كونها اهم من الاحرام من المسلخ خصوصا بعد عدم تعينه و التخيير بينه و بين الوسط و بين المنتهى لما حقق في محلّه من عدم توقف صحة العبادة على تعلق الامر الفعلى بها و كفاية الملاك و المناط فيها و على تقدير التوقف يكون الامر بالمهم ثابتا امّا من طريق الترتب و امّا من الطريق الآخر الذى سلكه سيدنا الاستاذ المحقق الماتن ـ قدس سره الشريف ـ في مباحثه الاصولية و عليه فالقاعدة لا تقتضى البطلان نعم ورد في باب الوضوء الذي لم يراع فيه التقية رواية دالة على بطلانه و بالغاء الخصوصية ربما يستفاد منها الحكم في جميع الموارد لكن الاشكال في سند الروايةو قد انقدح من جميع ما ذكرنا صحة الاحرام المخالف للتقية و ان كان مقتضى الاحتياط الاستحبابي في المقام تجديده في ذات عرق.
1 ـ قال في الجواهر: و انما سميت الجحفة لاجحاف السّيل بها و باهلها، و هي على سبع مراحل من المدينة و ثلاث من مكّة و لا خلاف و لا اشكال في كونها ميقاتا للمذكورين في المتن و يدل عليه النصوص و الروايات المتكثرة المشتمل كثيرمنها على كونه ميقاتا لاهل الشام كصحيحة الحلبى(1) و بعضها على كونه ميقاتا لاهل المغرب كصحيحة ابي ايوب الخراز و فيها: و وقت لاهل المغرب الجحفة
- 1 ـ وسائل ابواب المواقيت الباب الاوّل ح ـ 3.