(الصفحة 411)
و رواية زرارة قال سئلت ابا جعفر (عليه السلام) عن رجل وقع على امرأته قبل ان يطوف طواف النساء قال عليه جزور سمينة الحديث(1). و رواية سلمة بن محرز قال سئلت ابا عبد الله (عليه السلام) عن رجل وقع على اهله قبل ان يطوف طواف النساء قال ليس عليه شيء فخرجت الى اصحابنا فاخبرتهم فقالوا اتّقاك هذا ميسّر قد سئله عن مثل ما سئلت فقال له عليك بدنة قال: فدخلت عليه فقلت جعلت فداك انى اخبرت اصحابنا بما اجبتني فقالوا اتّقاك هذا ميسّر قد سئله عما سئلت فقال له: عليك بدنة فقال: انّ ذلك كان بلغه فهل بلغك قلت لا قال ليس عليك شيء(2). و رواه الشيخ في الصحيح اليه مفصّلا(3).
و غير ذلك من النصوص الواردة في هذا المجال فلا شبهة في هذا الامر.
ثانيهما: صحّة الحج التي يكون المراد منها عدم لزوم الحج من قابل و بعبارة اخرى الصحة في مقابل الفساد بمعناه الحقيقي و كذا بالمعنى التنزيلى الذي مرجعه الى ترتب آثاره التي عمدتها لزوم الاعادة و التكرار في العام القابل و يدل عليها مفهوم صحيحة معاوية بن عمار عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال اذا وقع الرّجل بامرأته دون مزدلفة او قبل ان يأتي مزدلفة فعليه الحجّ من قابل(4). فان المستفاد منه عرفا عدم لزوم الحج من قابل اذا كان الجماع واقعا بعد مزدلفة و الوقوف بهاو لا تتوقف على القول بثبوت المفهوم في مطلق القضايا الشرطية و عدمه كما اخترناه في الاصول.
- 1 ـ وسائل ابواب كفارات الاستمتاع الباب العاشر ح ـ 3.
- 2 ـ وسائل ابواب كفارات الاستمتاع الباب العاشر ح ـ 2.
- 3 ـ وسائل ابواب كفارات الاستمتاع الباب العاشر ح ـ 5.
- 4 ـ وسائل ابواب كفارات الاستمتاع الباب الثالث ح ـ 1.
(الصفحة 412)
و كذا صحيحة اخرى لمعاوية بن عمار قال: سئلت ابا عبد الله (عليه السلام) عن متمتع وقع على اهله و لم يزر قال: ينحر جزورا و قد خشيت ان يكون قد ثلم حجّه ان كان عالما، و ان كان جاهلا فلا شيء عليه، و سئلته عن رجل وقع على امرأته قبل ان يطوف طواف النساء قال عليه جزور سمينة، و ان كان جاهلا فليس عليه شيء الحديث(1). نظرا الى ان المراد بالزيارة هو طوافها الذي هو طواف الحج و زمان وقوعه بعد قضاء مناسك منى يوم النحر و مقتضى قوله: قد خشيت هي خشية وقوع الثلمة في الحج و مرجعه الى عدم وقوعها فلا مجال لاعادته و التكرار في العام القابل.
ان قلت: مقتضى ما مرّ في بحث الجماع في عمرة التمتع عدم جواز الاستدلال بهذه الصحيحة لا في عمرة التمتّع و لا في الحج لانه قد تقدّم اتّحاد هذه الصحيحة مع صحيحة اخرى لمعاوية بن عمار قال سئلت ابا عبد الله (عليه السلام) عن متمتع وقع على امرأته و لم يقصّر قال ينحر جزورا و قد خشيت ان يكون قد ثلم حجّه ان كان عالما، و ان كان جاهلا فلا شيء عليه(2). لدوران مورد السؤال بين عمرة التمتّع و الحج فلا مجال للاستدلال بها في شيء منهما نعم لو قلنا بتعدد الروايتين و ان الاولى واردة في الحج و الثانية في عمرة التمتّع كما هو ظاهر الوسائل و اصرّ عليه بعض الاعلام (قدس سره) و حكى ان الكليني نقلهما في بابين مستقلين لجاز الاستدلال بها في المقام و لكنّه خلاف ما تقدم في بحث عمرة التمتع.
قلت: الظاهر هو الاتّحاد و عدم التعدّد و انّ «لم يقصر» «تصحيف» «لم يزر» و الروايةواردة في الحج لانّ وقوع الجماع في عمرة التمتّع لا يكون فيه خشية وقوع الثلمة في
- 1 ـ وسائل ابواب كفارات الاستمتاع الباب التاسع ح ـ 1.
- 2 ـ وسائل ابواب كفارات الاستمتاع الباب الثالث عشر ح ـ 4.
(الصفحة 413)
الحج بل غايته وقوعها في نفس العمرة و هي قابلة للتكرار و مع ضيق الوقت ينتقل الى حج الافراد فخوف وقوع الثلمة في الحج شاهد على كون الرواية واردة فيه لا في العمرة فهي صالحة للاستدلال بها في المقام هذا و يدل على الصحة في هذه الصورة ايضا الاطلاقات الواردة في الجماع حال الاحرام المقتصر فيها على ثبوت الكفارة فان ظاهرها عدم ثبوت شيء غير الكفارة و تقييدها بادلة الصورتين الاوّلتين لا يقدح في بقاء اطلاقها بالاضافة الى هذه الصورة كما هو ظاهر و يدل على كلا الامرين ذيل مرسلة الصدوق المعتبرة المتقدمة قال: و ان جامعت بعد وقوفك بالمشعر فعليك بدنة و ليس عليك الحج من قابل.
الصورة الرّابعة:
ما اذا جامع بعد الوقوف بالمشعر و بعد تجاوز النصف و في المتن انّ الاصح انه لا كفارة عليه ايضا بعد مفروغية الصحّة و عدم لزوم الاعادة.
و ليعلم انّ عنوان هذه الصورة على ما في المتن ما عرفت من وقوع الجماع بعد تجاور النصف من طواف النساء و عنوانها في الشرايع هكذا: «و لو جامع بعد الوقوف بالمشعر و لو قبل ان يطوف طواف النساء او طاف منه ثلاثة اشواط فمادون... » و ذكر بعض الاعلام (قدس سره) في مناسكه: «و كذلك ـ يعني تجب الكفارة دون الاعادة ـ اذا كان جماعه قبل الشوط الخامس من طواف النساء و امّا اذا كان بعده فلا كفارة عليه ايضا».
و المستند الوحيد في هذه الصورة ـ بعد عدم شمول الاطلاقات التي اشرنا اليهالهذه الصورة لعدم كون طواف النساء جزء للحج و معدودا من اعماله بل هو واجب ظرفه الحج و العمرة المفردة و يتوقف عليه حلية النساء من دون ان يكون الاحلال به اخلالا بالحج او العمرة نعم مقتضى اطلاق ذيل صحيحة معاوية بن
(الصفحة 414)
عمار المتقدمة في الصورة الثالثة الوارد في الجماع قبل طواف النساء الشمول للجماع قبل اكماله من دون فرق بين الاشواط ـ هي موثقة حمران بن اعين عن ابي جعفر (عليه السلام) قال سئلته عن رجل كان عليه طواف النساء وحده فطاف منه خمسة اشواط ثم غمزه بطنه فخاف ان يبدره فخرج الى منزله فنقض ثم غشى جاريته قال: يغتسل ثم يرجع فيطوف بالبيت طوافين تمام ما كان قد بقى عليه من طوافه و يستغفر الله و لا يعود، و ان كان طوف طواف النساء فطاف منه ثلاثة اشواط ثم خرج فغشى فقد افسد حجه و عليه بدنة و يغتسل ثم يعود فيطوف اسبوعا(1). و ما في الجواهر من انّ الاجماع بقسميه عليه مع ضعفه مدفوع بان ذيلها الدال على الاقتصار على لزوم اعادة الطواف لفرض كون الخروج قبل تمامية الشوط الرّابع دليل على عدم كون المراد بالفساد فيه هو الفساد و لو بالمعنى التنزيلى بل مجرد النقص و انحطاط المرتبة و الرواية موثقة لكون حمران موثقا بالتوثيق العام و ان كان النظر الى وقوع «سهل» في طريقها فنقول انّ الرواة عنه رووها عن احمد بن محمد و سهل جميعا فلا يكون وجوده في الطريق بقادح مضافا الى الاستناد اليها لعدم كون التفصيل مستندا الى غيرها من دون فرق بين معانيه المختلفة على ما عرفت في عنوان هذه الصّورة.
ثم انه بعد ذلك يقع الكلام في مفاد الرواية و التحقيق فيه ان يقال:
انّ عنوان خمسة اشواط واقع في كلام السائل و في مورد سؤاله و مجرد الحكم بعدم ثبوت الكفارة فيه غاية الامر وجوب الاستغفار لا دلالة له على كون هذا المقدار هو المعيار في الحكم.
- 1 ـ وسائل ابواب كفارات الاستمتاع الباب الحادى عشر ح ـ 1.
(الصفحة 415)
نعم لا بد من التامل في الجملة الشرطية التي ذكرها الامام عليه السلام مع عدم كون الشرط فيها مذكورا في كلام السائل و مورد سؤاله بوجه و ان جعل الشرط فيها لترتب الجزاء و هو الحكم بثبوت الكفارة و الفساد بالمعنى المتقدم هو الطواف ثلاثة اشواط، هل يكون الغرض منه شرطية العدد المذكور فما دون فلا يترتب على الزائد عنه و لو كان شوطا واحدا او اقلّ منه او يكون الغرض منه شرطيّة العدد المذكور فما فوق؟ الظاهر هو الاوّل لاستلزام الاحتمال الثاني ثبوت الكفارة في خمسة اشواط مع ان صدر الرواية ظاهر في خلافه مضافا الى انّ ثبوت الكفارة في الثلاثة فما فوقها و عدمها في الاقلّ مما لا مجال لاحتماله في نفسه فيتعين ان يكون المراد هو الاحتمال الاوّل فالمعيار في ثبوت الكفارة هو الثلاثة فما دون كما استفاد منه المحقق في الشرايع على ما هو ظاهر عبارته المتقدمة.
و العجب من بعض الاعلام (قدس سره) انه جعل المعيار هي الخمسة مع انّك عرفت انّها مأخوذة في عنوان مورد السؤال و المعيار ما ذكره الامام (عليه السلام) في الجملة الشرطية التي اضافها في الذيل.
و امّا العنوان المذكور في المتن و هو التجاوز عن النصف و عدمه فقد حكاه العلاّمة في المختلف عن الشيخ (قدس سره) و ذكر انه عوّل في ذلك على رواية حمران بن اعين مع انه من الواضح عدم دلالتها عليه بوجه نعم لو كانت كلتا الشرطيتين مذكورتين في كلام الامام (عليه السلام) لامكن ان يستفاد منه ذلك على تأمل ايضا و امّا بهذه الصورة فلا مجال لتوهم دلالتها عليه اصلا.
و ما يمكن ان يستدل به على هذا العنوان امران:
الامر الاوّل: انّ هذا العنوان مأخوذ فيما يرتبط بصحة الطواف و بطلانه بمعنى انّ فقد ان شرط الصّحة كالطهارة من الحدث ـ مثلا ـ او رفع اليد عن الطواف اذا كان قبل التجاوز عن النصف يوجب بطلانه رأسا و قد ورد هذا العنوان في