(الصفحة 428)
فالحكم مترتب على نفس الحمل او المس بشهوة و امّا الفقرة الاخيرة فالقيد فيهاخصوص الانزال المنصرف الى انزال المنّي فقط كما في سائر الروايات التي اطلق فيها الانزال فالرواية ـ ح ـ ظاهرة في ثبوت البدنة في المسّ بشهوة اذا كان متعقبا للامناء و تصلح لان تكون مقيدة لاطلاق الصحيحة السّابقة و حمل قوله: حتى ينزل على الاستمناء في غاية البعد بل الظاهر ان المراد من التعبير ب «حتى» هو ترتب الانزال و الامناء فقط.
و يظهر من الجواهر (قدس سره) انّ النسخة التي حكى الرواية عنها كانت «واو» مكان «او» في قوله (عليه السلام) او ينزلها بشهوة حيث استظهر من الرّواية اعتبار النظر و النزول بشهوة حتى ينزل لا النزول خاصّة و استفاد منها انّ البدنة ـ ح ـ للنظرخاصّة و لكن يرد عليه مضافا الى انّ لازمه كون اضافة النزول الى النظر بلا وجه انّ الرواية في الوسائل المطبوعة بالطبع الحديث المشتملة على التذييلات الحاكية عن مراجعة المصادر الاصلية التي اخذ منها الرواية صاحبها تكون مشتملة على «او» و ليس في الذيل اشارة الى وجود «الواو» في الكافي او التهذيب او الاستبصار مع كونها منقولة في الجميع.
فالظاهر ـ ح ـ انّ الرواية تدل على ثبوت البدنة في المسّ بشهوة المتعقب للامناءو تصلح ان تكون مستندة لابن ادريس نعم لا مجال للاستدلال له بانه افحش من النظر الذي فيه بدنة فان مثل هذا الاستدلال لو سلم و لم يكن خاليا عن الاشكال فانّما يكون مورده ما اذا لم يكن دليل لفظى على الخلاف و لو كان هو الاطلاق فتدبر.
و منها: رواية محمد ـ يعنى ابن مسلم ـ قال سئلت ابا عبد الله (عليه السلام) عن رجل حمل امرأته و هو محرم فامني او امذي قال ان كان حملها او مسّها بشيء من الشهوة فامنى او لم يمن، امذي او لم يمذ فعليه دم يهريقه، فان حملها او مسّها لغير
(الصفحة 429)
شهوة فامنى او امذي فليس عليه شيء(1). و في هذا الطريق علي بن ابي حمزة البطائني الكذاب المعروف لكن ذكر في الوسائل بعد نقل الرواية: «و عنه ـ يعني الشيخ باسناده عن موسى بن القاسم ـ عن عبد الرحمن عن علاء عن محمّد بن مسلم قال سئلت ابا عبد الله (عليه السلام) و ذكر مثله الاّ انه قال في آخره فامني او لم يمن ـ يعنى ترك قوله امذي او لم يمذ ـ و رواه الصدوق باسناده عن محمد بن مسلم نحوه الاّ انه قال: دم شاة، و رواه في المقنع كذلك» و عليه فالرّواية مروية بطرق ثلاثة و طريق الشيخ اى الثاني صحيح و المراد بعبد الرحمن فيه هو عبد الرحمن ابي نجران كما ان طريق الصدوق الى محمد بن مسلم ايضا ضعيف لوجود فردين غير موثقين فيه و هما على بن احمد و ابوه احمد بن عبد الله.
و كيف كان فالرواية على الطريق الصحيح تشتمل على خصوصيتين: احديهمااطلاق الدم فيها و عدم الاضافة الى الشاة و ثانيتهما التصريح بعدم الفرق بين الامناء و عدمه و عدم عطف الامذاء على الامناء اثباتا و نفيا.
و عليه فصحيحة معاوية بن عمار كما تكون صالحة لتقييد صحيحة مسمع كذلك تصلح لتقييد اطلاق الدم في هذه الرواية و حملها على خصوص البدنة في صورة الامناء و الشاة في صورة عدمها كما لا يخفي و التصريح بعدم الفرق انما هو بالاضافة الى اصل ثبوت كفارة الدم لا خصوصيته.
و منها: صحيحة الحلبي عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال سئلته عن المحرم يضع يده من غير شهوة على امرأته قال نعم يصلح عليها خمارها و يصلح عليها ثوبها و محملها قلت: افيمسّها و هي محرمة؟ قال نعم، قلت المحرم يضع يده بشهوة قال
- 1 ـ وسائل ابواب كفارات الاستمتاع الباب السابع عشر ح ـ 6.
(الصفحة 430)
يهريق دم شاة قلت: فان قبّل قال هذا اشدّ ينحر بدنة(1). و الظاهر في بادي النظر ان صحيحة معاوية بن عمار تصلح لتقييد هذه الرواية المصرحة بكون الكفارة دم شاة بما اذا لم يتحقق الامناء عقيب وضع اليدبشهوة لكن مقتضى الدقة انه لا يجوز تقييدها بذلك لانّك عرفت في مسئلة كفارة التقبيل ان ملاحظة الروايات الاخر الواردة في كفارة التقبيل تقتضي حمل هذه الرواية على التقبيل بشهوة مع التعقب للامناء و ان كان خلاف الظّاهر فاذا حملناالفقرة السّابقة على وضع اليد بشهوة مع عدم تعقب الامناء لا يبقى مجال للحكم بالاشدية الموجبة للزوم نحر البدنة لانه لا يبقى فرق ـ ح ـ بين التقبيل و وضع اليد لانه في كليهما تكون الكفارة البدنة مع الامناء و الشاة مع عدمها فلا وجه لتوصيفه بالاشديّة.
و الانصاف انّ الدّقة في هذه الرواية توجب المصير الى ما عليه المشهور من ثبوت الشاة في المس بشهوة الذي يكون وضع اليد كذلك احد مصاديقه و عليه فيشكل الامر في الكفارة في هذا الفرع من جهة ان مقتضى قاعدة حمل المطلق على المقيد في الرّوايات هو الاخذ بما عليه ابن ادريس من التفصيل و من ان المشهورشهرة عظيمة بل كما في الجواهر: كادت تبلغ الاجماع هو ثبوت الشاة مطلقا فهل الشهرة الكذائية تعدّ بمنزلة الاعراض عن صحيحة معاوية بن عمار القادح في حجّيتها بالاضافة الى الفقرة الاخيرة و ان كان لا يضرّ ذلك بالاضافة الى النظر لوجودالتعرض له في روايات اخرى ايضا و انه اذا كان بشهوة و متعقبا للامناء تكون كفارته بدنة.
- 1 ـ وسائل ابواب كفارات الاستمتاع اورد صدرها فى الباب السابع عشر ح ـ 2 و ذيلها فى الباب الثامن عشر ح ـ 1.
(الصفحة 431)مسألة 4 ـ لو جامع امرأته المحرمة فان اكرهها فلا شىء عليها و عليه كفّارتان، و ان طاوعته فعليها كفارة و عليه الكفارة1.
او ان الشهرة تكشف عن كون الرواية مطابقة لما حكاه في الجواهر من وجود «الواو» دون «او» او عن كون المراد بقوله: حتى ينزل هو الاستمناء كما مرّت الاشارة اليه فلا ترتبط الرواية بالمقام.
و كيف كان فالمسألة مشكلة من جهة ثبوت الشهرة الكذائية المؤيدة بما تقتضيه الدقّة في الرواية الاخيرة و من جهة كون الجمع الدلالى بين الروايات مقتضيا للاخذ بخلاف ما عليه المشهور فالاحوط وجوبا رعاية التفصيل و الفرق في الكفارة بين صورتي الامناء و عدمها.
1 ـ قد نفي وجد ان الخلاف بل الاشكال في الجواهر في صحّة حجّ الزوجة المكرهة على الجماع و كذا في ثبوت كفارتين على الزوج المحرم المكره بل حكى عن الخلاف الاجماع على لزوم كفارتين بجماعها محرمين.
و الرّوايات الواردة في هذا المجال بين ما هو ظاهر الدلالة على كلا الحكمين و بين ما يدل على الحكم الاوّل و هو عدم ثبوت الكفارة على المكرهة و بين ما لا تتضح دلالته و ربما تكون معرضا عنها.
امّا الاوّل: فالظاهر انحصاره في رواية علي بن ابي حمزة المتقدمة قال سئلت اباالحسن (عليه السلام) عن محرم واقع اهله قال: قد اتى عظيما، قلت افتنى «قد ابتلى» فقال استكرهها او لم يستكرهها؟ قلت افتنى فيهما جميعا قال ان كان استكرهها فعليه بدنتان، و ان لم يكن استكرهها فعليه بدنة و عليها بدنة الحديث(1). و حيث ان مستند المشهور منحصر في هذه الرّواية فلا محالة ينجبر ضعفها بعلي بن ابي حمزة و يكون الاستناد جابرا له على ما هو التحقيق عندنا.
- 1 ـ وسائل ابواب كفارات الاستمتاع الباب الرابع ح ـ 2.
(الصفحة 432)
و امّا الثاني: فمثل صحيحة سليمان بن خالد عن ابي عبد الله (عليه السلام) المتقدمة ايضا قال سئلته عن رجل باشر امرأته و هما محرمان ما عليهما؟ فقال ان كانت المرأة اعانت بشهوة مع شهوة الرجل فعليهما الهدى جميعا، و يفرق بينهما حتى يفرغا من المناسك و حتى يرجعا الى المكان الذي اصابا فيه ما اصابا، و ان كانت المرأة لم تعن بشهوة و استكرهها صاحبها فليس عليها شيء(1). و صحيحة عبيد الله بن عليّ الحلبي عن ابي عبد الله (عليه السلام) في حديث المتقدمة ايضا قال: قلت ارأيت من ابتلى بالجماع ما عليه؟ قال عليه بدنة، و ان كانت المرأة اعانت بشهوة مع شهوة الرجل فعليهما بدنتان ينحرانهما، و ان كان استكرهها و ليس بهوى منها فليس عليها شيء الحديث(2). و لاجل عدم دلالة هذه الطائفة على ازيد من الحكم الاوّل حكى عن صاحب المدارك الدغدغة و الشبهة في ثبوت الحكم الثاني مع انه لو كان الدليل منحصرا بهذه الطائفة لكان عدم التعرض للحكم الثاني كاشفا عن عدمه و امّا مع وجود الدليل و هي الرواية الاولى على ثبوته لا يبقى مجال للاشكال فيه الاّ ان لا يكون استناد المشهور الى رواية ضعيفة جابرا لضعفها لما عرفت من انحصار الدليل الظاهر في كلا الحكمين في خصوص تلك الرّواية.
و امّا الثالث: فصحيحة معاوية بن عمّار قال سئلت ابا عبد الله (عليه السلام) عن رجل محرم وقع على اهله فيما دون الفرج قال عليه بدنة و ليس عليه الحج من قابل، و ان كانت المرأة تابعته على الجماع فعليها مثل ما عليه، و ان كان استكرهها
- 1 ـ وسائل ابواب كفارات الاستمتاع الباب الرابع ح ـ 1.
- 2 ـ وسائل ابواب كفارات الاستمتاع الباب الثالث ح ـ 14.