(الصفحة 444)
ناقلة بالمعنى الذي اشرنا اليه لتحقق التزوج بالاضافة الى الزوج بعدها و المفروض كونه خارجا عن الاحرام حال الاجازة و الظاهر ان الامر يكون كذلك بناء على الكشف الحكمى.
و امّا بناء على الكشف الحقيقي باحد المعنيين فالظاهر انه لا مجال لاحتمال كون الاجازة محرّمة التكليفية الاحرامية التي هي محلّ البحث فعلا لكون المفروض صدورها بعد الخروج من الاحرام و مجرد تأثيرها في حصول التزويجو التزوج من حين العقد الصادر من الفضولي لا يوجب اتصاف الاجازة بالحرمة بعد كون زمن وقوعها حال عدم الاحرام نعم يمكن البحث فيه من جهة الحكم الوضعي و هو البطلان لوقوع التزوج في حال الاحرام و هو موضوع للحكم بعدم الصحة كما سيأتي انشاء الله تعالى و الانصاف وقوع الخلط في الكلمات بين الحكمين مع انه لا ملازمة بينهما و بالجملة لا وجه لدعوى ثبوت الحرمة التكليفية بعد كون الامر المستند الى الزوج هي الاجازة الصادرة منه في غير حال الاحرام.
هذا و لو انعكس الامر بان وقع العقد من الفضولي قبل الاحرام و صدرت الاجازة في حال الاحرام فان قلنا بكون الاجازة ناقلة فالظاهر حرمتها لتحقق التزوج بسببها فيصدق العنوان المنهي عنه في الرّواية و كذا على تقدير القول بالكشف الحكمي.
و امّا على تقدير القول بالكشف الحقيقي باحد المعنيين فيمكن ان يقال بعدم الحرمة لان ظرف حصول التزوج انّما هو حال العقد و هو لا يكون محرما حينه و مجرد تأثير الاجازة في ذلك بنحو الشرط المتأخر او بنحو التعقب لا دليل على حرمته لعدم نهوض دليل على حرمة كل ما له تعلق بالنكاح و التزوّج و الاّ لكان اللازم الحكم بحرمة التوكيل في التزويج حال الاحرام اذا كان متعلق الوكالة صدور العمل من الوكيل بعد الاحرام مع انه من الواضح عدم الحرمة.
(الصفحة 445)
اللّهم الاّ ان يقال بما ذكره بعض الاعلام (قدس سره) من ان التقدم للمتعلّق و الاّفنفس الزوجية حاصلة حال الاجازة و بعد الاحرام فانه من الان يتزوج و ان كانت الزوجية تحصل من السّابق.
هذا و يظهر من الجواهر التفصيل بين هذين الوجهين حيث قال: «بل لا تؤثراجازته في حال الاحرام للعقد الفضولي الواقع حال الحلّ في وجه من وجهي الكشف بل يحتمل مطلقا بناء على انه نوع تعلق في النكاح ممنوع منه الى ان قالو يحتمل الجواز لانه ليس تزويجا حال الاحرام بناء على الكشف و الاحوط الاوّل و ان كان الثاني لا يخلو من قوة».
و الظاهر ان مراده من الوجه من وجهي الكشف هو الذي اختاره في بحث الاجازة في بيع الفضولي و هو الوجه الثاني الذي عبّر عنه هناك بكون الشرط حصول الرّضا و لو في المستقبل الذي يعلم بوقوعه من المالك او باخبار المعصوم اونحو ذلك لكن الظاهر انه لا فرق بين الوجهين من هذه الجهة مضافا الى ان قوله في الذيل: لانه ليس تزويجا حال الاحرام بناء على الكشف لا يخلو عن تهافت مع الصدر و الا لكان اللازم التعبير بقوله: مطلقا لتحقق المقابلة بين هذا الاحتمال و بين التفصيل الذي ذكره اوّلا فتدبّر جيّدا.
بقي الكلام في الحكم التلكيفي في ثلاثة عناوين وقع التعرض لاثنين منها في المتن هنا و للثالث في المسئلة الآتية.
العنوان الاوّل: ما عبّر عنه في المتن بشهادة العقد و في الشرايع ب «شهادة على العقد» عطفا على الوطي و اللمس و مثلهما مما يتعلق بالنساء و تعبير المتن اولى لانّ المراد مجرد الحضور عند عقد النكاح الصادر من غيره و يكون بين محرمين او محلّين او مختلفين و الشهادة بهذا المعني الذي يرجع الى مجرّد الحضور و التحمل لا تتوقف الاّعلى وجود شاهد و مشهود فاذا شهد شرب الخمر الصادر من زيد ـ مثلا ـ فهو شاهد
(الصفحة 446)
و شرب خمره مشهود و عليه فالشهادة بهذا المعنى تضاف الى العقد من دون الافتقارالى وساطة حرف الجر بخلاف الشهادة في مقام الاداء و الاقامة كما سيأتي توضيحه انشاء الله تعالى.
و كيف كان فقد ذكر في الجواهر: «بلا خلاف محقق اجده فيه بل في المدارك نسبته الى قطع الاصحاب بل عن محتمل الغنية الاجماع عليه بل عن الخلاف دعواه صريحا».
و قد ورد في هذا المجال روايتان:
احديهما: ما رواه الشيخ باسناده عن احمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن على عن بعض اصحابنا عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال: المحرم لا ينكح و لا ينكح و لا يشهد فان نكح فنكاحه باطل. قال في الوسائل: و رواه الكليني عن عدّة من اصحابنا عن احمد بن محمّد مثله و زاد: و لا يخطب(1).
ثانيتهما: ما رواه الشيخ باسناده عن الحسين بن سعيد عن عثمان بن عيسى عن ابن (ابي ـ خ ل) شجرة عمّن ذكره عن ابي عبد الله (عليه السلام) في المحرم يشهدعلى نكاح محلّين قال لا يشهد ثم قال: يجوز للمحرم ان يشير بصيد على محلّ قال في الوسائل: «و رواه الصدوق مرسلا اقول ذكر الشيخ و الصدوق ان هذا انكار و تنبيه على انه لا يجوز(2).
اقول: امّا ضعف سند الروايتين بالارسال فهو منجبر باستناد المشهور اليهما لانه لو لم تكن المسئلة اجماعية و لا ممّا قطع به الاصحاب كما ربما يؤيده عدم التعرض لها في جملة من الكتب الفقهية كالمقنع و المقنعة و جمل العلم و العمل و غيرها و ان
- 1 ـ وسائل ابواب تروك الاحرام الباب الرابع عشر ح ـ 7.
- 2 ـ وسائل ابواب تروك الاحرام الباب الاوّل ح ـ 8.
(الصفحة 447)
ذكر في الجواهر انه لا يقتضى الخلاف فيه لكن الظاهر لزوم التعرض لكل ما يكون محرّما في حال الاحرام الاّ انه لا مجال للمناقشة في ثبوت الشهرة الفتوائية مستندة الى هاتين الروايتين فالضعف فيهما منجبر و العجب ممّن لا يرى استناد المشهور الى رواية ضعيفة جابرا لضعفها و لا الشهرة الفتوائية حجة في نفسها كماقد قرّر في محلّه كيف حكم بالاحتياط الوجوبي في هذا العنوان مع انّ مقتضى مرامه الحكم بالاحتياط الاستحبابي دون الوجوبي.
و امّا الدّلالة فالظاهر ان المراد من قوله (عليه السلام) و لا يشهد في الرواية الاولى بعدوضوح عدم كون المراد هي حرمة مطلق الشهادة و لو كان المشهود غير النكاح بل المراد بقرينة السّياق هي شهادة العقد بل في الجواهر نقل الرواية هكذا:
«و لا يشهد النكاح، هو مقام التحمل و الحضور و الشهود لا مقام الاداء و الاقامة و لاالاعم منهما و ان كان الاعم يكفي لنا في مقام الاستدلال لكن الظاهر اختصاصها بهذا العنوان و ذلك لما عرفت من ان الشهادة المطلقة الخالية عن ذكر حرف الجر معها مثل اللاّم و على يكون المتفاهم العرفي و اللغوي منها مجرد الحضور و الشهودو لا يحتاج الى غير المشهود بخلاف الشهادة في مقام الاداء و الاقامة فانّها تحتاج مضافة الى ذلك الى المشهود له و المشهود عليه و عليه لا مجال لانكار ظهور هذه الرواية في المقام.
و امّا الرواية الثانية فظاهرها ايضا ذلك و ان وقع التعبير فيها بالشهادة على نكاح محلّين الاّ ان المراد كون النكاح بينهما مشهودا لان اللام و على الدالتين على النفع و الضرر انما تكونان مرتبطتين بالمدعى و المنكر لا بالدعوى و مورد الادّعاءو عليه فهذه الرّواية ايضا ظاهرة فيما ذكرنا و يؤيده عدم ذكر كلمة «على» في نقل صاحب الجواهر (قدس سره).
فاذا كان حضور نكاح محلّين محرّما على المحرم فحضور نكاح محرمين او
(الصفحة 448)
مفترقين يكون محرّما بطريق اولى نعم يبقي الكلام في هذه الرّواية في التنظيرو التشبيه باشارة المحرم الصيد على المحلّ الذي قد عرفت كون الحكم بالجواز فيها في الرواية انما هو على سبيل الانكار و التنبيه و سيأتي التكلم فيه في العنوان الثاني و لكن لو فرض دلالة الرواية على حكم ذلك العنوان فالرواية الاولى كافية في المقام و مقتضاها مجرد حرمة الحضور مطلقا لا خصوص الحضور لاجل الشهادة كما عن المدارك من انه ينبغي قصر الحكم عليه فتدبّر نعم ربما احتمل فيها ان يكون قوله: لا يشهد بصيغة المجهول فلا دلالة له على حرمة الشهادة على المحرم لا تحملا و لااقامة و لكن هذا الاحتمال خلاف الظاهر جدّا و لا يعبأ به بوجه.
العنوان الثاني: اقامة الشهادة على عقد النكاح في حال الاحرام و نفي البعد عن جوازها في المتن و لو تحملها محّلا و ان احتاط قبله و ظاهره الاحتياط الاستحبابى و لكن المحقق (قدس سره) في الشرايع عطف الاقامة على الشهادة في الحرمة و صرّح بالتعميم لما اذا تحمّلها محّلا و في محكّي الرياض نسبة الحرمة الى المشهور بل عن الحدائق استظهار الاتفاق عليه و لكن ذكر صاحب الجواهر (قدس سره) انّ النسبة الى الشهرة لم نتحقّقها و عليه فالظاهر عدم ثبوت شهرة محققة في هذا العنوان.
و ما يمكن ان يستدل به للحكم بالحرمة في هذا العنوان امران:
احدهما: دعوى ان قوله (عليه السلام) في مرسلة ابن فضال المتقدمة: و لا يشهد، مطلق يشمل اداء الشهادة و اقامتها كما يشمل تحمّلها الراجع الى مجرّد الشهود و يؤيده عطف الاقامة على التحمل بعد كلمة الشهادة فيقال كما في بعض كلمات الفقهاء: الشهادة تحملا و اداء فيدل ذلك على ان اطلاق هذه الكلمة كما في الرواية يشمل كلتا الجهتين و حيث ان سند الرواية منجبر بما عرفت فلا يبقى مجال للاشكال في الاستدلال بالرواية في هذا المقام ايضا.
و يرد على هذا الامر ما عرفت من ان الشهادة المطلقة الخالية عن التعقب