(الصفحة 455)
عالما بالحرمة التكليفية الاحرامية المتقدمة و ان لم يدخل بها و في الجواهر: اجماعابقسميه بل المحكي منه مستفيض او متواتر.
و المحكّي عن المرتضى و سلاّر تعميم الحكم لصورة الجهل ايضا مطلقا من دون فرق بين صورة الدخول و عدمه لكن المحكّي عن الخلاف و الكافي و الغنية و السرائر و الوسيلة الحكم بالتحريم في صورة الجهل فيما اذا تحقق الدخول كذات العدّة بل عن الخلاف الاجماع عليه و ان نفى في الجواهر تحققه في المقام.
و كيف كان فاللازم ملاحظة الروايات الواردة في الباب و هي على ثلاث طوائف:
الطّائفة الاولى: ما ظاهره بمقتضى الاطلاق تحقق الحرمة الابدية مطلقا من دون فرق بين صورتى العلم و الجهل مثل صحيحة اديم بن الحرّ الخزاعي عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال ان المحرم اذا تزوج و هو محرم فرّق بينهما و لا يتعاودان ابدا، و الذي يتزوج المرأة و لها زوج يفرق بينهما و لا يتعاودان ابدا(1). و رواية ابراهيم بن الحسن عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال ان المحرم اذا تزوج و هو محرم فرّق بينهما ثم لا يتعاودان ابدا(2). و الرواية ضعيفة لان ابراهيم بن الحسن مجهول لكن يغلب على الظنّ انّها هي الرواية المتقدمة و ان ابراهيم تصحيف اديم و الحسن تصحيف الحرّ لشدة شباهتهما في الكتابة و يؤيده اتحادهما في المتن و التعبير و كذا كون الراوي عن كليهما هو ابن بكير و عليه فلا تكون هذه رواية ضعيفة بل متحدة مع الرواية السّابقة.
و مرسلة الصدوق المعتبرة قال قال (عليه السلام) من تزوج امرأة في احرامه
- 1 ـ وسائل ابواب تروك الاحرام الباب الخامس عشر ح ـ 2.
- 2 ـ وسائل ابواب تروك الاحرام الباب الخامس عشر ح ـ 1.
(الصفحة 456)
فرق بينهما و لم تحلّ له(1). و لكن يمكن المناقشة في دلالتها بعد ظهورها في الحرمة الابدية لانه يمكن ان يكون المراد هو عدم كونها حلالا له بالاضافة الى هذا النكاح لا مطلقا لكن الرواية الاولى كافية لتماميتها سندا و دلالة كما انه بعد المراجعة الى المصدر و هو كتاب الفقيه ظهر ان فيه زيادة قوله (عليه السلام) ابدا و عليه فهذه الرواية ايضا تامة كذلك.
الطائفة الثانية: ما تقابل الطائفة الاولى و تدل على عدم تحقق الحرمة الابدية مطلقا و هي صحيحة محمد بن قيس عن ابي جعفر (عليه السلام) قال: قضى امير المؤمنين (عليه السلام) في رجل ملك بضع امرأة و هو محرم قبل ان يحلّ فقضى ان يخلّي سبيلها، و لم يجعل نكاحه شيئا حتى يحلّ فاذا احلّ خطبها ان شاء، و ان شاء اهلها زوّجوه و ان شاؤا لم يزوجوه(2). و لا مجال للمناقشة في اطلاقها بانه يمكن ان يكون المورد الذي قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) فيه بما في الرواية خصوص صورة الجهل و ذلك لما ذكرنا مرارا من انه لو كان الحاكي لمثل هذا القضاء هو الامام (عليه السلام) و كان غرضه من الحكاية بيان الحكم و افادته من هذا الطريق الذي هو احد الطرق في مقام بيان الحكم لا بد من الاخذ باطلاق كلامه ضرورة انه مع مدخلية المقيد كان عليه البيان كما في سائر الطرق فالرواية مطلقة في نفسها.
الطائفة الثالثة: ما تدل على عدم ثبوت شىء على المحرم في صورة الجهل مطلقااو على مدخلية العلم في الحرمة الابدية في المقام فالاولى مثل صحيحة عبد الصّمد بن بشير المتقدمة المشتملة على قوله (عليه السلام) ايّ رجل ركب امرا بجهالة فلا شيء
- 1 ـ وسائل ابواب تروك الاحرام الباب الخامس عشر ح ـ 4.
- 2 ـ وسائل ابواب بقية كفارات الاحرام الباب الثامن ح ـ 3.
(الصفحة 457)
عليه. فان النكرة في سياق النفي تفيد العموم و لا مجال لدعوى اختصاصه بالكفارة فانّ الحرمة الابدية اشد من الكفارة بمراتب.
و الثانية ما رواه الكليني عن عدة من اصحابنا عن سهل بن زياد و عن محمد بن يحيى، (و ظ) عن احمد بن محمّد جميعا عن احمد بن محمد بن ابي نصر عن المثنى عن زرارة بن اعين و داود بن سرحان عن ابي عبد الله (عليه السلام) و عن عبدالله بن بكير عن اديم بياع الهروي عن ابي عبد الله (عليه السلام) في الملاعنة اذا لاعنها زوجها لم تحلّ له ابدا الى ان قال: و المحرم اذا تزوج و هو يعلم انه حرام عليه لم تحلّ له ابدا(1). و الظاهر ان اديم ـ بضم الالف و فتح الدال ـ بياع الهروي هو اديم بن الحرّ الخزاعي المتقدم و ليسا برجلين و الرواية معتبرة و مدلولها مدخلية العلم بالحرمة الاحرامية في ثبوت الحرمة الابدية كمدخلية التزوج لنفسه و عليه فالرواية تدل على التفصيل و لا تتوقف دلالتها على التفصيل على القول بثبوت المفهوم للقضية الشرطية الراجع الى كون الشرط علة منحصرة لثبوت الجزاء و لم يكن الجزاء متحققا بدونه اصلا بل بعد وضوح انه لا يكون في هذا المقام الاّ حكم واحد فاذا كان مقتضى القضية الشرطية مدخلية امرين في ثبوته: التزوج لنفسه و كون المحرم المتزوج عالما بحرمة التزوج في حال الاحرام فلا محالة يكون الحكم منتفيا بانتفاء واحد منهما.
و عليه فهذه الرواية المفصلة كما انّها تصلح لتقييد الطائفة الثانية النافية للحرمة الابدية مطلقا و مقتضى التقييد اختصاصها بصورة عدم العلم و ان كان مقتضاها في نفسها هو الاطلاق كما عرفت كذلك تصلح لتقييد الطائفة الاولى المثبتة للحرمة الابدية مطلقا لانّهما و ان كانا مثبتين الاّ انه حيث يكون الحكم
- 1 ـ وسائل ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الباب الواحد و الثلاثون ح ـ 1.
(الصفحة 458)
واحدا غير متعدد يتحقق التقييد لا محالة كما في سائر موارد وحدة الحكم في المطلقو المقيد المثبتين سواء كان الكاشف عنها وحدة السبب او غيرها من الامور الاخر.
و قد انقدح مما ذكرنا انّ الرواية المفصلة شاهدة للجمع في نفسها و تتصرف في كلتا الطائفتين في عرض واحد فلا حاجة الى جعلها مقيدة للطائفة الثانية و جعل تلك الطائفة بعد التقييد و انقلاب النسبة مقيدة للطائفة الاولى بحيث يكون التصرّف فيها طولا كما لا يخفى.
ثم انّ هذه الرواية المفصلة تكون مطلقة من جهتين احديهما الدخول و عدمه و مقتضاها ثبوت الحرمة الابدية في كلتا الصورتين في فرض العلم، ثانيتهما كون المرئة المتزوج بها محرمة ام محلّة و على كلا التقديرين عالمة ام غير عالمة و من الفروض كونها محلة جاهلة باحرام الزوج او بحرمة تزوجه في حال الاحرام.
كما ان الطائفة الثانية التي عرض لها التقييد و صارت مقيدة بصورة الجهل يكون مقتضى اطلاقها عدم الفرق بين صورة الدخول و عدمه فاذا دخل مع الجهل لا تتحقق الحرمة الابدية و التشبيه بالتزوج في حال العدة لم ينهض عليه دليل فانّ المقدار الذي يوجب دليل التفصيل التضييق في هذه الطائفة هو التحديد بصورة الجهل فقط و امّا اطلاقها من جهة الدخول و عدمه فباق بحاله كاطلاقها من سائر الجهات.
نعم هنا كلام يأتي التعرض له انشاء الله تعالى في بعض المسائل الآتية و هوانّه اذا تزوجت المرئة المحرمة بزوج في حال الاحرام مع علمها بحرمة التزوج في حال الاحرام هل يترتب على ذلك الحرمة الابديّة ام لا بل يختص موردها بما اذا كان المتزوج المحرم هو الرجل فانتظر.
ثم ان الظاهر كما قد صرّح به غير واحد ـ على ما حكى ـ انه لا فرق في ثبوت
(الصفحة 459)
الحرمة الابديّة بين ما تحقق التزوج في اثناء الاحرام الصحيح او تحقق بعد افساده كما لو تحقق بعد الجماع مع زوجته عالما عامدا قبل احد الوقوفين و قلنا بان الحج الذي يجب عليه قضائه في العام القابل هو فرضه و انّ الاوّل فاسد غاية الامر وجوب اكماله و لزوم اتمامه فانّ الظاهر ـ ح ـ انه كما يكون سائر محرّمات الاحرام حراما عليه كذلك يكون ايقاع العقد لنفسه ايضا حراما و يترتب عليه ما يترتب على الايقاع في الاحرام الصحيح من الحرمة الابدية كما ان الظاهر ترتب الكفارة عليه اذا اتى بموجبها فعلى ذلك لا فرق بين الاحرامين من هذه الجهة ايضا.
ثمّ انه حكى عن العلاّمة في التحرير انه استظهر ان مراد علمائنا بالعقد في المحرم و ذات العدّة انّما هو العقد الصحيح الذي لو لا المانع لترتب عليه اثره.
و اورد عليه بان لفظ التزويج و النكاح موضوع للاعم من الصحيح و الفاسد.
و يدفعه انّ الوضع للاعم لا ينافي كون المتفاهم العرفي و المنساق من النصوص و الفتاوي العقد الصحيح في نفسه الذي لو لا هذه الجهة لكان مؤثرا في حصول الزوجية و تحقق النكاح فاذا كانت ذات العدّة اخت زوجة العاقد لها لنفسه مع بقائها في حبالته فهل يؤثر ذلك في تحقق الحرمة الابديّة فانّها لو لم تكن ذات العدة لما كان نكاحها مؤثرا لحرمة الجمع بين الاختين و كذلك بالاضافة الى سائر شرائط الصحة المعتبرة فيها بحيث لولاها لم يتحقق النكاح الصحيح كما اذا قلنا باعتبار العربية ـ مثلا ـ في صحة عقد النكاح فهل العقد بغير العربية يؤثر في حرمة ذات العدة و مثلها.
نعم لو اجتمع عنوانان يكفى كل واحد منهما في ثبوت الحرمة الابدية كما اذاتزوج المحرم بذات العدة عالما بالحرمة من الجهتين فالظاهر عدم كون اجتماع العنوانين مانعا عن ثبوتها بل المتفاهم العرفي بعد ملاحظة ادلة العنوانين ثبوت الحرمة الابدية بطريق اولى فان الظاهر انه لا يكون المتفاهم من ادلة المحرم اعتبار