(الصفحة 461)
التي لا تتصور مع الصحة بوجه و عليه فاللازم اقامة الدليل على البطلان في غيرمورد الحرمة الابدية و هي روايات متعددة على ما اشرنا اليه:
منها: صحيحة عبد الله بن سنان المتقدمة التي رواها الشيخ (قدس سره) بطريقين عنه عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال ليس للمحرم ان يتزوج و لا يزوّج، و ان تزوج او زوّج محلاّ فتزويجه باطل(1). و فيما رواه الصدوق باسناده عنه مثله الاّ انه قال:
و لا يزوّج محلاّ و زاد: و ان رجلا من الانصار تزوج و هو محرم فابطل رسول الله (صلى الله عليه وآله) نكاحه(2) فان صدر الرواية ظاهر في الحرمة الاحرامية و ذيلها صريح في البطلان و التعبير بالتزويج في الجزاء في الذيل مع ان المذكور في الشرط التزوج و التزويج معا انّما هو لاجل كون المراد به الاعم من ان يكون لنفسه او لغيره كما هو ظاهر، و لا فرق في دلالة الذيل على البطلان بين ان يكون عطفها على الجملة الاولى بالواو او بالفاء كما جزم به بعض الاعلام (قدس سره) فيما تقدّم.
و منها: صحيحة ابي الصباح الكناني قال سئلت ابا عبد الله (عليه السلام) عن محرم يتزوّج، قال: نكاحه باطل(3).
و منها:صحيحة معاوية بن عمّار قال: المحرم لا يتزوج و لا يزوّج فان فعل فنكاحه باطل(4). و التعبير في التفريع بقوله: فان فعل شامل لكلا الامرين التزوج و التزويج و هو اولى من التعبير بالتزويج الوارد في صحيحة عبد الله بن سنان و ان كان المراد منه الاعم ايضا على ما عرفت.
و منها: ذيل رواية مرسلة ابن فضال المتقدمة عن ابي عبد الله (عليه السلام)
- 1 ـ وسائل ابواب تروك الاحرام الباب الرابع عشر ح ـ 1.
- 2 ـ وسائل ابواب تروك الاحرام الباب الرابع عشر ح ـ 2.
- 3 ـ وسائل ابواب تروك الاحرام الباب الرابع عشر ح ـ 3.
- 4 ـ وسائل ابواب تروك الاحرام الباب الرابع عشر ح ـ 9.
(الصفحة 462)
قال: المحرم لا ينكح و لا ينكح و لا يشهد، فان نكح فنكاحه باطل(1). و التعبير في القضية الشرطية بالنكاح مع ان المنهي عنه في الفقرة الاولى النكاح و الانكاح معا يمكن ان يكون المراد به الاعم بقرينة الصدر و الغرض كون البطلان من آثار نكاح المحرم في مقابل الشهادة التي لا تؤثر في البطلان بوجه و ان كانت محرمة بالحرمة التكليفية الاحرامية على ما عرفت و يمكن ان يكون المراد به التعرض لهذا الفرض من دون ان يكون له مفهوم الاّ على القول بثبوت مفهوم اللقب الذي لا طريق اليه اصلا.
ثم انه لو فرض ثبوت المفهوم له بالاضافة الى الانكاح ايضا كالشهادة فنقول انه لا جابر لارسالها و ضعف سندها من هذه الجهة كما عرفت بالاضافة الى الزيادة الواقعة في نقل الكليني (قدس سره) و هو قوله: و لا يخطب على ما مرّ.
و هنا رواية ربما يتوهم دلالتها على عدم البطلان و هي صحيحة عمر بن ابان الكلبي قال: انتهيت الى باب ابي عبد الله (عليه السلام)فخرج المفضل فاستقبلته فقال:
مالك؟ قلت: اردت ان اصنع شيئا فلم اصنع حتى يأمرني ابو عبد الله (عليه السلام) فاردت ان يحصن الله فرجي و يغضّ بصرى في احرامي فقال: كما انت، و دخل فسئله عن ذلك فقال: هذا الكلّبي على الباب و قد اراد الاحرام و اراد ان يتزوّج ليغض الله بذلك بصره ان امرته فعل و الاّ انصرف عن ذلك فقال لي: مره فليفعل و ليستتر(2). و لكن الظاهر ان المراد من مورده صورة وقوع النكاح قبل دخوله في الاحرام لانّ السؤال كان في المدينة و الظاهر الذي يساعده العرف ارادة وقوع النكاح فيها
- 1 ـ وسائل ابواب تروك الاحرام الباب الرابع عشر ح ـ 7.
- 2 ـ نقل صدرها فى حاشية الوسائل عن التهذيبين و ذيلها فى متن الوسائل ابواب تروك الاحرام الباب الرابع عشر ح ـ 8.
(الصفحة 463)مسألة 6 ـ تجوز الخطبة في حال الاحرام و الاحوط تركها و يجوز الرجوع في الطلاق الرجعى1.
مع انّ كون الهدف ان يغض الله بذلك بصره لا يكاد يتحقق الاّ مع وقوع النكاح قبل الشروع في الاحرام و الاّ فبعد الشروع يكون الخوف باقيا في الآنات السّابقة و عليه فلا دلالة للرواية على عدم بطلان نكاح المحرم بوجه بل ذكر في الوافي انّ الامر بالاستتار يرشد الى انّه اراد تزويج المتعة و من المعلوم انه لا يلائم النكاح في حال الاحرام.
و قد انقدح من جميع ما ذكرنا في الاحكام الثلاثة ان مورد الحكم التكليفي التحريمي اوسع من موردى الحكمين الاخرين لشموله مضافا الى النكاح و الانكاح للشهادة بل الخطبة على احتمال.
و مورد الحكم الوسط و هي الحرمة الابدية اضيق الموارد لاختصاصه بما اذاكان مشتملا على قيدين: كون التزوج لنفسه و كونه عالما بالحرمة الاحرامية و مورد الحكم الاخير هو الوسط بين الموردين لشموله النكاح و الانكاح معا و عدم شموله للشهادة و الخطبة ضرورة ان الشهادة و ان كانت محرمة على المحرم الاّ انّها لا تؤثرفي بطلان العقد الواقع بين محلّين كما ان الظاهر شمول مورده لصورة الجهل كصورة العلم فانه لا فرق في الحكم بالبطلان بين الصّورتين.
كما انك عرفت ان النكاح اعم من ان يكون بالمباشرة او بالتوكيل اوبالاجازة في الفضولي على ما مرّ تفصيله و الانكاح اعم من ان يكون بالولاية او بالوكالة أو بالفضولي كما مرّ ايضا.
1 ـ امّا الخطبة فقد وقع البحث عن جوازها و عدمه في المسئلة الخامسة المتقدمة في ذيل البحث عن الحكم التكليفي الاحرامي و تقدم ان مقتضى الاحتياط الوجوبي تركها.
و امّا جواز رجوع المحرم في الطلاق الرجعي الذي انشأه قبل الاحرام او في
(الصفحة 464)مسألة 7 ـ لو عقد محلاّ على امرأة محرمة فالاحوط ترك الوقاع و نحوه و مفارقتها بطلاق، و لو كان عالما بالحكم طلّقها و لا ينكحها ابدا1.
حاله لعدم حرمة التطليق عليه فالوجه فيه كما مرّت الاشارة اليه ايضا عدم كون الرجوع تزوجا و نكاحا بل رفعا للطلاق و آثاره فان المعتدة الرجعية زوجة حقيقة قبل انقضاء العدة و لا معنى لحصول الزوجية ثانيا بالرجوع و لو فرض عدم كونها زوجة حقيقة بل بحكم الزوجة فالامر ايضا كذلك لان الرجوع يوجب بقاء اثر النكاح المتحقق قبل الطلاق و لا يكون تزوّجا جديدا حتى تشمله الاخبار المانعة عن تزوّج المحرم.
و الظاهر عدم اختصاص الحكم بالطلاق الرجعي بالاصالة بل يشمل الطلاق الخلعي اذا رجعت الزوجة في بذلها حيث ان رجوعها موجب لثبوت حق الرجوع للزوج في الطلاق فالفرق بين الطلاقين انّما هو في ثبوت حق الرجوع في احدهما مطلقا و ثبوته في الآخر مشروطا برجوعها في البذل و امّا ماهية الرجوع فلا اختلاف فيها بينهما و انّها لا تكون تزوجا جديدا اصلا.
1 ـ ما مرّ من الاحكام الثلاثة في المسئلة الخامسة كان موردها ما اذا كان المحرم رجلا و اراد ان يتزوّج او يزوج ـ مثلا ـ و امّا اذا كان المحرم مرأة و اراد المحلّ ان يعقد عليها و يتزوّجها فالظاهر انه لم تتحقق المناقشة في ثبوت الحرمة التكليفية الاحرامية بالاضافة الى المرئة المحرمة و كذلك في ثبوت الحكم الوضعي اي البطلان و الفساد و قد نفي السيد (قدس سره) في العروة تبعا لصاحب الجواهر (قدس سره) الاشكال في البطلان في هذه الصورة مع انه لم يرد فيهما نص بالخصوص و لو كان ضعيفا بل المستند فيهما الروايات المتقدمة الواردة في تزوج المحرم الدالة على حرمتهو بطلانه و هذا يكشف عن ان مفاد الروايات عندهم انّما هو ثبوت الحكم للشخص المتصف بوصف الاحرام من دون فرق بين كونه رجلا او مرئة نعم يظهر من المتن الشبهة في ثبوت البطلان حيث جعل مقتضى الاحتياط الوجوبي
(الصفحة 465)
عدم ترتيب آثار الزوجية من الوقاع و نحوه و مفارقتها بسبب الطلاق و يرد عليه انه ما الفرق بين الحكم الوضعي و بين الحرمة التكليفية الاحرامية مع كون المورد لكليهما عنوان المحرم و التزوج و التزويج بل مثل صحيحة عبد الله بن سنان المتقدمة مشتملة على كلا الحكمين بعنوان واحد و عليه فلم لم يناقش المتن في الحكم التكليفي و ناقش في الحكم الوضعي و لو كان الحكم التكليفي مختصّا بالرجل المحرم لكان اللازم التصريح به كما في بعض المحرمات الذي يختص بالرجال كالتظليل و نحوه و بعض المحرمات الذي يختص بالنساء كما في ستر الوجه و نحوه فانه مع عدم التعرض للاختصاص يكون الظاهر عدمه و ـ ح ـ فيرد عليه سؤال الفرق بين الحكمين و الحكم بنحو العموم في التحريم الاحرامي و المناقشة في الحكم الوضعي كما لا يخفى.
و امّا الحرمة الابدية في هذا الفرض فقد ذكر في الجواهر: «صرّح غير واحدبعدم الحرمة ان عقد عليها و هي محرمة و هو محلّ للاصل خلافا للخلاف فحرّمها ايضا مستدلا عليه بالاجماع و الاحتياط و الاخبار و ردّه في الرّياض بان الاخبارلم نقف عليها و دعوى الوفاق غير واضحة و الاحتياط ليس بحجة».
و مما ذكرنا يظهر الجواب عن ايراد الرياض بان الاخبار لم نقف عليها فانّ الاخبار الدالة على الحرمة الابدية التي عرفت انّ ملاحظة الطوائف الثلاث الواردة فيها هو ثبوتها فيما اذا تزوج المحرم لنفسه و كان عالما بالحرمة الاحرامية يكون موردها ايضا تزوّج المحرم و هذا العنوان كما يصدق على الزوج كذلك يصدق على الزوجة لان الزوجية ـ و التزوج ـ متقومة بالطرفين فاذا اضيفت الى الزوج يكون معناها اتخاذه زوجة و اذا اضيفت الى الزوجة يكون معناها اتخاذها زوجا و لم يرد في شيء من الاخبار الدالة على الحرمة الابدية اضافة التزوج الى المرئة حتى يقال بانه لا دلالة عليها في غير موردها نعم وردت في مرسلة الصدوق المتقدمة التي