(الصفحة 467)
و دخل بها المحرم فعلى كل واحد منهما كفارة، و كذا لو كان العاقد محلا على رواية سماعة» و يظهر منه ان الفرض الاوّل مما لا مجال للتوقف فيه و ان الفرض الذي ورد فيه رواية سماعة محلّ للشك و الترديد بل عن العلامة في المنتهى: و في سماعة قول و عندي في هذه الرواية توقف بل عن الايضاح ان الاصل خلافه للاصلو لانه مباح بالنسبة اليه و تحمل الرواية على الاستحباب.
و كيف كان فالرواية الوحيدة الواردة في هذا المجال رواية سماعة بن مهران عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال: لا ينبغي للرجل الحلال ان يزوّج محرما و هو يعلم انه لا يحلّ له، قلت: فان فعل فدخل بها المحرم، فقال: ان كانا عالمين فان على كل واحد منهما بدنة، و على المرأة ان كانت محرمة بدنة، و ان لم تكن محرمة فلا شيء عليها الاّ ان تكون هي قد علمت ان الّذي تزوّجها محرم، فان كانت علمت ثم تزوجت فعليها بدنة(1). و الكلام فيها تارة من جهة السّند و اشتماله على سماعة و اخرى من حيث الدلالة.
امّا من الجهة الاولى: فالظاهر انه لا اشكال في وثاقته و قد صرّح النجاشي بكونه ثقة ثقة بل عدّه الشيخ المفيد (قدس سره) في رسالته العددية من الاعلام الرّوساء المأخوذ عنهم الحلال و الحرام و الفتيا و الاحكام الذين لا يطعن عليهم و لا طريق الى ذمّ واحد منهم مضافا الى وروده في اسناد كتاب كامل الزيارات و تفسير علي بن ابراهيم القمي و عليه فهو من الموثقتين بالخصوص و العموم و لم يناقش احد في وثاقته بل وقع الكلام في انه واقفي ام لا فالمحكي عن الصّدوق في الفقيه انه واقفي و تبعه الشيخ في رجاله و لكن عدم تعرض النجاشي و الكشي و البرقي و ابن الغضائري
- 1 ـ وسائل ابواب تروك الاحرام الباب الرابع عشر ح ـ 10.
(الصفحة 468)
لوقفه يكشف عن عدمه خصوصا الاوّل الذي مرّ انه صرّح بتكرير الثقة و يؤيده ايضا بعض الروايات و الظاهر ترجيح هذا على تصريح الصدوق و الشيخ لعدم تمحضهما في خصوص علم الرجال خصوصا الشيخ الذي يكون جامعا لجميع العلوم الاسلامية و مؤلّفا فيه و لذا يقال في ترجيح رواية الكليني على رواية الشيخ مع الاختلاف ان الكليني اضبط من الشيخ لما ذكرنا من تمحض الاول في علم الحديث دون الثاني.
هذا مع ان الوثاقة بمجرّدها تكفي في حجية الرواية و اعتبارها و لا تتوقف الحجية على كون الراوي عادلا كما قرّر في محلّه و عليه فلا مجال للاشكال في الرواية من جهة السّند مع انّها على تقدير الضعف منجبرة بالشهرة المحكية عن غيرواحد كما في الجواهر بل في محكي التنقيح نسبته الى عمل الاصحاب مشعرا بالاجماع عليه نعم على هذا التقدير يمكن المناقشة في تحقق الشهرة و ان كانت منقولة فتدبّر.
و امّا من جهة الدّلالة: فظاهر صدرها ان تزويج المحلّ للرجل المحرم حرام مع العلم بانّه لا يحلّ له و مقتضى اطلاقه انه لا فرق في ذلك بين صورة تحقق الدخول و عدمه و عليه فالحكم التكليفي التحريمي لا يتوقف على الدخول بل الموضوع نفس التزويج المزبور مع العلم فالفرق ـ ح ـ بين حرمة تزويج المحرم لنفسه او لغيره و بين حرمة تزويج المحلّ للمحرم انّما هو من جهتين: احديهما ان تزويج المحرم للمحلّ ايضا حرام بخلاف تزويج المحلّ فان الحرمة فيه تختص بما اذا كان التزويج لمحرم، ثانيتهما اختصاص المقام بصورة العلم بحرمة التزوج للمحرم و عدم اختصاص الحرمة الاحرامية بهذه الصّورة كما لا يخفى و لاجل هذه الجهة الثانية لا يمكن تعميم مفاد هذه الفقرة المتضمنة للحكم التكليفي غير المسبوقة بالسؤال بالاضافة الى ما كان العاقد محرما ايضا نظرا الى الاولوية القطعية و ذلك لان حرمة التزويج علي
(الصفحة 469)
العاقد المحرم لا تختص بصورة العلم بل لا تختص بما اذا كان الزوج محرما لما عرفت من ان ايقاع المحرم العقد و لو بين محلّين حرام فالحرمة لا تكون مقيدة بالعلم و ان كان ترتب العقوبة على مخالفتها و ثبوت الكفارة في موارده متفرعين على العلم.
و العجب من المتن تبعا لساير المتون حيث لم يتعرضوا للحكم التكليفي المستفاد من صدر الرواية المقيد بالعلم و غير المشروط بالدخول مع ظهور الرواية اوّلا في هذا الحكم و دلالتها على ثبوت الكفارة في الفقرة الثانية الواقعة جوابا عن سؤال الدخول بعد وقوع العقد المحرم المذكور في الصّدر و لا مجال لاحتمال كون كلمة «لا ينبغي» غير ظاهرة في الحرمة خصوصا مع وقوع التعبير بها في اصل الامر الثالث من الامور المحرمة في حال الاحرام و هو ايقاع العقد لنفسه او لغيره على ما عرفت في الروايات المتقدمة و خصوصا مع ثبوت الكفارة في بعض صورها نعم لا ينبغي المناقشة في ظهور الصدر في اعتبار مدخلية العلم بالموضوع و هو كون الزوج محرما ايضا و لا يكفى مجرد العلم بالكبرى مع عدم العلم بالصغرى كما لا يخفى و امّا الجملة الثانية المشتملة على ثبوت الكفارة على العاقد المحلّ و الزوج المحرم اذا كاناعالمين فالظاهر ان الحكم بالاضافة الى كليهما يكون على خلاف القاعدة امّا العاقد فلكونه محّلا و ان كان تزويج المحرم حراما عليه بمقتضى الفقرة الاولى الاّ انك عرفت انّ دائرة الحكم التكليفي المشروط بالعلم اوسع من دائرة الكفارة المشروطة به و بالدخول معا، و امّا الزوج فلفرض بطلان العقد و عدم كون المدخول بها زوجة له شرعا و الاخبار المتقدمة في باب الجماع الدالة على ثبوت الكفارة فيه مع العلم و العمد انّما كان موردها الجماع مع الزوجة او الامة و اغلظية الزنا و اشديته لا يقتضي الارتباط بباب الاحرام من جهة اصل الحرمة الاحرامية و من جهة الكفارة و الاّ لكانت المعاصي الكبيرة بل السبع التي هي اكبرها محكومة بالامرين في باب الاحرام بطريق اولى و عليه فالحكم بثبوت الكفارة بالاضافة الى
(الصفحة 470)
الزوج المحرم في المقام لا يكاد يستفاد من الادلة الواردة في الجماع المتقدمة في بحثه و لكن حيث ان الرواية الموثقة بل الصحيحة تدل على الثبوت بالاضافة الى كليهما لكان اللازم الالتزام به.
و في هذا المجال يمكن دعوى ثبوت الاولوية بالنسبة الى العاقد المحرم ايضا فانه اذا كان العاقد المحلّ ثابتا عليه الكفارة في صورة العلم يكون العاقد المحرم كذلك بطريق اولى لا بالاولوية الظنية التي لا دليل على اعتبارها بل بالاولوية التي يعتمد عليها العرف فيما يتفاهم من الكلمات و مع قطع النظر عن هذه الاولوية فدعوى كون هذا الفرض مسلّما بينهم او اجماعيّا لديهم كما ربما يظهر من عبارة الشرايع المتقدمة بعيدة جدّا. و امّا ذيل الرواية المتعرض لحكم المرئة فمفاده ثبوت الكفارة عليها ان كانت محرمة و لم يقع فيه التقييد بصورة العلم الاّ ان تقييد ثبوت الكفارة على الزوج المحرم و العاقد بكونهما عالمين قرينة على ثبوت هذا القيد في هذا الفرض لانه لا مجال لتوهم الفرق بين الرجل المحرم و المرئة المحرمة من هذه الجهة بعد اشتراكهما في هذا الامر المحرّم من محرّمات الاحرام كما وقع البحث فيه سابقا.
و دعوى ان التقييد بصورة العلم يوجب ان لا يكون فرق بين المحرمة و بين غيرها حيث علق الحكم بثبوت الكفارة فيه على العلم مع ظهور الرواية في الفرق بينهما كما لا يخفى.
مدفوعة ـ مضافا الى انه يعتبر في المرئة المحرمة علم واحد و هو العلم بانها لا يجوزلها ان تتزوج في حال الاحرام و في المرئة المحلّة علمان: علم بالصغرى و علم بالكبرى لما عرفت من ان المستفاد من قوله (عليه السلام): ان كانا عالمين هو اعتبار كلاالعلمين ـ بانّ المعلوم الذي تعرض له في الرواية و تكون هي ناظرة اليه مختلف بالنسبة اليهما فان المعلوم في المرئة المحرمة هو عدم جواز التزوج لها في حال
(الصفحة 471)
الاحرام و لا يعتبر العلم بكون زوجها محرما لعدم الفرق في حرمة تزوج المحرمة بين كون الزوج محرما او محّلا كما في العكس حيث انه لا فرق في تزوج المحرم بين كون الزوجة محرمة او محلّة، و امّا المعلوم في المرئة المحلّة كون زوجها محرما لانه الاساس في هذه الجهة الراجعة الى ثبوت الكفارة فالفرق بين الصورتين واضح.
و مما ذكرنا ظهر انّ ما في المتن من الحكم بثبوت الكفارة على الثلاثة مع علمهم بالحكم غير تام بل اللازم ثبوت العلم بالموضوع في العاقد و المرئة المحلّة و لا يكفي مجرد العلم بالحكم بعد عدم العلم بالموضوع خصوصا مع كون المصرح به في الرواية في المرئة هو اعتبار العلم بالموضوع و ان كان قد عرفت دلالة نفس الرواية على اعتبار العلم بالحكم ايضا فتدبّر.
كما انه مما ذكرنا ظهرت المناقشة فيما جعله الشهيد الثاني (قدس سره) ضابطا حيث قال في المسالك: «و الضابط ان الزوجين لا يجب عليهما الاّ مع احرامهما و الدخول و العلم، و العاقد لا يجب عليه شيء الاّ مع احرام الزوج و دخوله ففيه ما مرّ».
وجه المناقشة انه لا يعتبر في ثبوت الكفارة على الزوجة ان تكون محرمة بل يكفي علمها بكون الزوج محرما و انه لا يجوز له ان يتزوج في حال الاحرام فتخصيص الحكم بثبوتها عليهما بما اذا كان كلاهما محرمين لا وجه له كما ان الحكم في الذيل بثبوت الكفارة على العاقد في صورة احرام الزوج و دخوله لا ينطبق على الرواية اذ مقتضاها اعتبار العلم ايضا فهذه الضابطة غير تامّة.
ثم انه هل يمكن تسرية حكم الرّواية الى ما لو عقد لمحرمة مع العلم بانّها محرمة سواء كان الزوج محلا ام محرما فيحكم بثبوت الحرمة و بعدها بثبوت الكفارة مع الشرائط المذكورة في الرواية ام لا؟ الظاهر هو الثاني لان الحكم في الرواية على خلاف القاعدة و اللازم الاقتصار فيه على موردها و لا دليل لالغاء الخصوصية اصلا.