(الصفحة 57)
الميقات لان المفروض وقوع الجميع حتى الميقات في محيط الدّائرة.
هذا و لكن هذا الوجه لا يمكن الالتزام به و لم يدل عليه دليل فان مقتضاه انه لو وقف من الدائرة في النقطة المقابلة التي يكون بينها و بين الميقات ماة و ثمانين درجة يكون محاذيا للميقات مع انه لا يعد ذلك من المحاذات بوجه بل يصدق انه احرم من مقابل الميقات لا من محاذيه كما هو ظاهر بل لا يصدق فيما اذا احرم من مورد يكون الفصل تسعين درجة بل اقلّ من ذلك فهذا الوجه لا يكون محقّقا للمحاذاة بوجه.
ثانيهما: ان يكون الخط من موقفه الى الميقات اقصر الخطوط في ذلك الطّريق.
و اورد عليه في المستمسك مضافا الى ان هذا الوجه لا يتّحد مع ما سبقه عملاو لا يلازمه خارجا بان الطريق اذا كان يمرّ خلف الميقات بمسافة معينة ثم يبعد عنه ـ حينما يكون عن يمينه او يساره ـ يكون اقصر الخط خلفه و لا يكون الشاخص ـ ح ـ محاذيا بل يكون خلفه.
كما انه اورد عليه بعض الاعلام (قدس سره) بانه لو فرضنا انه توجه الى مكّة من موقفه الواقع على الخط المحيط للدائرة على درجة خمس و اربعين من الدائرة اى نصف الربع فدخل في الدائرة فيكون بينه و بين مسجد الشجرة خطّا و هميّا موصلابينهما و يشكّل بذلك زاوية من الخطوط المارّة في طريقه الى مسجد الشجرة و لا ريب ان الخط المارّ من وسط المثلث اقرب الخطوط و اقصرها من الضلعين الى الميقات مع انه خارج عن المحاذاة.
و يمكن الجواب عنه بمنع كون الخط المارّ من وسط المثلث اقرب من الخط الخارج من الموقف الى الميقات فان ظاهر هذا الوجه كون الميقات واقعا في احد الجانبين من قاعدة المثلث و الموقف واقعا في الجانب الآخر و الخط المستقيم
(الصفحة 58)
بينهما اقصر الخطوط بالاضافة الى الخطوط الواقعة في الدائرة و الخطوط قبلها كمالا يخفى(1). و كيف كان فهذا الوجه ايضا غير تام و الحقّ في المسئلة ما افاده الماتن ـ قدس سرّه الشّريف ـ من اعتبار كون المحاذاة واقعة في يمين الميقات او يساره و كان الخط الموصل بينهما هو الخط المستقيم و يدل عليه ـ مضافا الى ان المتفاهم عند العرف من معنى المحاذات اعتبار ان يكون في اليمين او اليسار و لا يتحقق من الخلف او القدام و الاّ فاللازم ان تكون نفس المدينة محاذية لمسجد الشجرة لوجود الخط المستقيم الموصل بينهما مع انّه لا مجال لتوهّمه ـ الصحيحة المتقدمة الواردة في اصل مسئلة المحاذاة فان قوله (عليه السلام)فيها: فليكن احرامه من مسيرة ستة اميال فيكون حذاء الشجرة من البيداء ظاهر في ان مسيرة ستة اميال من المدينة الى سمت مسجد الشجرة و جهتها مع ان مسافة المدينة الى المسجد هي هذا المقدار محققة للمحاذاة مع انه لا محالة يقع عن يمين المسجد او يساره فان الجمع بين مسيرة هذاالمقدار و بين كونها في جهة المسجد و سمته و بين كون الفصل بين المدينة و المسجد هذا المقدار لا يتحقق الاّ بكون المحاذاة مرتبطة باليمين و اليسار مع كون الموصل هو الخط المستقيم غاية الامر الخط المستقيم بنظر العرف لا بالدقة العقليّة.
و بعبارة اخرى قوله (عليه السلام) فيكون حذاء الشجرة ارجاع الى المعنى العرفي في باب المحاذات لا اعمال حكم تعبدى و ان للشارع في باب المحاذاة نظرا خاصا و عليه فالمسير ستة اميال في جانب المسجد و لا محالة يكون عن يمينه او يساره مع عدم ارادة الخروج من طريق اهل المدينة يكون محاذاة عرفية.
- 1 ـ لكن بعد ترسيم الشكل المثلث و ملاحظة الفواصل مع الالة المعينة لذلك ظهران الحقّ معه منه.
(الصفحة 59)
كما ان ظاهر الرواية هو المسير بالمقدار المذكور في جانب المسجد و سمتهو جهته و ان استشكلنا فيها من جهة اطلاق قوله (عليه السلام)ثم بدا له ان يخرج في غير طريق اهل المدينة الاّ ان ما ذكرنا من انّ قوله: حذاء الشجرة ارجاع الى المعنى العرفى قرينة على تقييد الاطلاق و اختصاصه بخصوص السمت و الجهة كما لا يخفى.
و الظاهر ان الفصل البعيد يمنع عن تحقق المحاذاة و ان كان عن يمين الميقات او يساره و كان الموصل هو الخط المستقيم بل اللازم اعتبار القرب و على تقدير العدم فالرواية لا تدل على ازيد من الاكتفاء بالمحاذاة اذا كان قريبا فان مسيرة ستة اميال من جهة مسجد الشجرة عن يمينه او يساره لا يتحقق الاّ مع القرب و لا يعقل تحققه مع البعد فلا دليل على جواز الاحرام من المحاذى البعيد.
و يؤيّد ذلك ان اهل العراق يجب عليهم الاحرام من وادى العقيق مع محاذاتهم ظاهرا لمسجد الشجرة قبل العقيق على بعد و كذا اهل الشام بالاضافة الى الجحفة مع محاذاتهم لمسجد الشجرة قبلها فيدل ذلك على عدم الاكتفاء بالمحاذاة مع البعد و الاّ لكان اللازم عليهم الاحرام من محاذى مسجد الشجرة قبل العقيق و الجحفة فتدبّر.
فانقدح ان المراد بالمحاذاة ما افيد في المتن مع ضمّ عدم الفصل كثيرا و عدم كون المحاذاة بعيدا.
و امّا ما في ذيل المسئلة من الاستشكال في المحاذاة من فوق كالحاصل لمن ركب الطّيارة مع فرض امكان الاحرام من المحاذاة فيها و لا يتصور عادة الاّ بالاضافة الى مثل العقيق الذي له مسافة طويلة نسبتا و امّا بالنسبة الى مثل مسجد الشجرة فلا يمكن عادة الاّ اذا كان الطائر مثل ما يسمّى به (هليكوبتر) القادر على التوقف في الفضاء بمقدار الاحرام بل أزيد.
(الصفحة 60)مسألة 6 ـ تثبت المحاذاة بما يثبت به الميقات على ما مرّ بل بقول اهل الخبرة و تعيينهم بالقواعد العلمية مع حصول الظنّ منه1.
فمنشأه الاشكال في صدق المحاذاة على مثله و لكن الظاهر ان العرف لا يأبي عن ذلك و اعتبار اليمين او اليسار على ما عرفت انّما هو بالاضافة الى الخلف اوالقدام لا في مقابل الفوق ايضا.
و يمكن ان يستأنس لذلك بمرسلة الصدوق في العلل عن الحسين بن الوليد عمن ذكره قال قلت لابى عبد الله (عليه السلام) لاىّ علّة احرم رسول الله (صلى الله عليه وآله) من مسجد الشجرة و لم يحرم من موضع دونه فقال: لانه لما اسرى به الى السماءو صار بحذاء الشجرة نودى يا محمد قال لبيك، قال: الم اجدك يتيما ف آويتك و وجدتك ضالا فهديتك، فقال النبي (صلى الله عليه وآله) انّ الحمد و النعمة و الملك لك لا شريك لك فلذلك احرم من الشجرة دون المواضع كلّها(1). فان التعبير بالحذاء فيها بالاضافة الى الفوق و الاتيان بالتلبية فيه يلائم مع ما ذكرنا و لا ينافي ذلك عدم حجية الرواية لاجل الارسال فتدبر.
و كيف كان لا يبعد دعوى الاكتفاء بالمحاذاة من فوق في صورة الامكان على ما عرفت و ان كان مقتضى الاحتياط خلافه.
1 ـ لاخفاء في انه تثبت المحاذاة بما يثبت به الميقات و لكنك عرفت الاشكال في ثبوته بقول اهل الاطلاع بمجرد حصول الظن منه لعدم الدليل على حجيّة مثل هذا الظنّ و اضاف في المتن هنا امرا آخرا و هو قول اهل الخبرة الناشى من القواعد العلميّة الهندسية او الهيويّة بشرط حصول الظنّ منه و يرد عليه مااوردناه على قول اهل الاطلاع من عدم الدليل على الحجيّة و انه ان كانت الخبروية ملاكا للاعتبار و الحجية فلا حاجة الى حصول الظن الشخصى من قول
- 1 ـ وسائل ابواب المواقيت الباب الاوّل ح ـ 13.
(الصفحة 61)مسألة 7 ـ ما ذكرنا من المواقيت هي ميقات عمرة التمتع و هنا مواقيت اخر. الاوّل مكة المعظمة و هي لحج التمتّع، الثاني دويرة الاهل اي المنزل و هي لمن كان منزله دون الميقات الى مكة بل لاهل مكّة و كذا المجاور الذي انتقل فرضه الى فرض اهل مكّة و ان كان الاحوط احرامه من الجعرانة فانهم يحرمون بحج الافراد و القران من مكة، و الظاهر ان الاحرام من المنزل للمذكورين من باب الرّخصة و الاّ فيجوز لهم الاحرام من احدالمواقيت، الثالث ادنى الحلّ و هو لكلّ عمرة مفردة سواء كانت بعد حج القران او الافراد ام لا و الافضل ان يكون من الحديبية او الجعرانة او التنعيم و هو اقرب من غيره الى مكة1.
اهل الخبرة و ان لم تكن كذلك فالظنّ الحاصل منه لم ينهض ايضا دليل على اعتباره و قد ذكرنا في طرق ثبوت الميقات طريق الاحتياط الموصل الى تحقق الاحرام الصحيح جزما و يزيد هنا انه في فرض التمكن من الذهاب الى الميقات يكون مقتضى الاحتياط ترك الاحرام من المحاذات مع عدم ثبوتها.
1 ـ ذكر في المتن ان المواقيت الخمسة او الستّة ـ بضميمة المحاذاة ـ السابقة انّما هي ميقات عمرة التمتع و المراد ان عمرة التمتع لا بد و ان يقع احرامها من احد هذه المواقيت لا انّ غير عمرة التمتع لا يصح ان يقع احرامها منه ضرورة انّ من يريد العمرة المفردة من المدينة ـ مثلا ـ لا بد و ان يحرم من مسجد الشجرة كما ان من يريد حج القران او الافراد منها لا بد و ان يحرم منه كما اذا اتى بحجة الاسلام بصورة التمتع ثم اراد الحج استحبابا باحدى الصورتين الآخرتين فانه لا بدّ من الاحرام من مسجد الشجرة و في المتن انّ هنا مواقيت أخر:
الاوّل: مكة المعظمة و هي ميقات لحج التمتع بالمعنى الذي ذكرنا في كون المواقيت المتقدمة ميقاتا لعمرة التمتع فكون مكّة ميقاتا لحج التمتع معناه عدم وقوع احرام الحج بعد الفراغ عن عمرة التمتع من غير مكة و قد عرفت ان الافضل مسجد الحرام و لا يكون معناه عدم صحة احرام غير حج التمتع من مكّة كيف و قد