(الصفحة 91)
على حمّاد بن عيسى كما لا يخفى اذ لا موجب لتكرار السؤال فكما انه لا وجه للتكرار عن امام واحد لا وجه له بالاضافة الى الامامين او ازيد و عليه فالظاهر كما في الوسائل من كون الرواية مروية عن الصادق (عليه السلام).
ثم انه لو كانت الشهرة الفتوائية المحققة بين القدماء من الفقهاء موجودة لكانت جابرة للضعف على ما هو مقتضى التحقيق و لكن الظاهر عدم ثبوتها و ان الشهرة بين المتأخرين و لكن حيث ان رواية ابي بصير موثقة و ان كان الراوي عنه سماعة و هو واقفى و المختار حجّية خبر الثقة و ان لم يكن اماميّا عدلا، فاللازم الحكم على طبقها و الفتوى على وفقها.
الجهة الثانية: في انه لا شبهة في ان نهوض الرواية المعتبرة على حكم يقتضى لزوم الاخذ به و ان كان على خلاف القاعدة نعم لو كانت على خلاف حكم العقل لكان اللازم التصرف فيها و حملها على ما لا يخالف حكم العقل بوجه كماانه يوجب التصرف في ظاهر الكتاب و عليه فينبغي البحث في المقام في هذه الجهة و ان الدليل الدال على صحة نذر الاحرام قبل الميقات موقعه ما ذا؟ فنقول:
انّ هنا ثلاثة انواع من الدليل.
النوع الاوّل: الدليل الدالّ باطلاقه على عدم صحة الاحرام قبل الميقات في حال النذر ايضا مثل ما في صحيحة الحلبي المتقدمة: لا ينبغي لحاج و لا معتمر ان يحرم قبلها و لا بعدها فان مقتضى اطلاقه عدم الصحة في حال النذر بحيث لو لم يكن ما يدل على صحته فيه لقلنا بعدم الصحة نظرا الى الاطلاق.
النوع الثاني: ما يدل على اعتبار الرجحان في متعلق النذر و انه مع عدمه لا يكاد ينعقد و لا يجب الوفاء به.
النوع الثالث: ما دلّ على صحة نذر الاحرام قبل الميقات مثل موثقة ابي بصيرالمتقدمة.
(الصفحة 92)
و الجمع بينها يمكن بوجهين:
احدهما: جعل الدليل الثالث مقيّدا لاطلاق الدليل الاوّل و الحكم بانه في مورد النذر لا يقتضي الدليل الاوّل البطلان و لازمه ان يقال بثبوت الرجحان في الاحرام قبل الميقات غاية الامر ابتلائه بوجود مانع يرتفع بالنذر.
ثانيهما: حفظ الاطلاق في الدليل الاول و الحكم بعدم ثبوت الرجحان في الاحرام قبل الميقات بوجه و ـ ح ـ ان قلنا بان المراد من الدليل الثاني هو اعتبار الرجحان في نفس المتعلق مع قطع النظر عن تعلق النذر بحيث كان المعتبر هوثبوت الرجحان في المتعلق في نفسه و في جميع الحالات كصلوة الليل ـ مثلا ـ فاللازم ان يقال بان الدليل الثالث يكون بمنزلة المخصّص بالاضافة الى الدليل الثاني و يكون مقتضى الجمع عدم اعتبار الرجحان في الاحرام قبل الميقات اذا تعلق النذر به.
و ان قلنا بان المراد منه هو اعتبار الرجحان و لو كان جائيا من قبل النذر و ناشيا من تعلّقه فربما يقال ـ كما قال به صاحب المستمسك (قدس سره) بالاستحالة نظرا الى ان صحة النذر مشروطة بمشروعية المنذور فلو كانت مشروعيته مشروطة بالنذر لزم الدور.
و الجواب عنه ان المشروط بمشروعية المنذور و رجحان المتعلق انّما هي صحة النذر لا مطلق الصحة بل الصحة المطلقة و من جميع الجهات بمعنى انّ النذر الصحيح من سائر الجهات اذا أريد وقوعه صحيحا من جميع الجهات فاللازم اشتماله على رجحان المتعلق كاشتراط صحة الصلوة بالطهارة ـ مثلا ـ و امّا مايتوقف عليه الرجحان فليس هى الصحة المطلقة بل الصحة مع قطع النظر عن رجحان المتعلق بمعنى انّ النذر اذا كان صحيحا من سائر الجهات ينشأ منه رجحان المتعلق و يترتب عليه الرجحان فالاختلاف متحقق و الدور غير واقع.
(الصفحة 93)
فانقدح انه لا يلزم من الالتزام بصحة النذر المذكور محذور اصلا.
الجهة الثالثة: في ان مفاد دليل الصّحة هو كون المحلّ الذى تعلق النذربالاحرام منه بمنزلة الميقات و ان الاحرام منه يكون كالاحرام من الميقات يترتب عليه آثاره فشروع الحج او العمرة انما يتحقق بنفس ذلك الاحرام و عليه فلا يجب بعد تحقق الاحرام منه، المرور على الميقات او محاذيه كما انه لا يجب تجديد الاحرام اذا مرّ على احدهما و ان كان الاحوط المرور عليه و تجديد الاحرام منه خروجا من خلاف من عرفت.
الجهة الرّابعة: في انه لا شبهة في انّ القدر المتيقن من مورد المشروعية و الجواز، مااذا كان المنذور الاحرام من مكان معين كالكوفة و خراسان على ما ورد في الروايات فانه و ان لم يكن للعنوانين خصوصية على ما هو المتفاهم عند العرف بل يكون الحكم شاملا لجميع الامكنة المعيّنة الاّ ان خصوصية المكان المعين لا دليل على الغائها بعد كون الحكم على خلاف القاعدة للزوم الاقتصار في التقييد او التخصيص على القدر المتيقن فيما اذا تردد بين الاقل و الاكثر فالقدر المتيقن هو المكان المعين و عليه فلو نذر الاحرام قبل الميقات من دون تعيين مكان خاص فالظاهر انه لا دليل على مشروعيته و صحته.
و امّا لو نذر الاحرام من الكوفة او البصرة بنحو الترديد الذى مرجعه الى التخيير بينهما فقد نفى البعد فى المتن عن الصحة و ان احتاط بالخلاف و لكن الظاهر انه لا فرق بينه و بين نذر الاحرام قبل الميقات بنحو الاجمال و الابهام لعدم شمول دليل المشروعية له ايضا و لم يعلم وجه الفرق بين الصّورتين بعد خروج كلتيهما عن مورد الدليل.
الجهة الخامسة: في ان مقتضى اطلاق السؤال و ترك الاستفصال في الجواب انه لا فرق بين كون الاحرام الذى تعلق النذر بانشائه من مكان قبل الميقات احرام
(الصفحة 94)
حج او عمرة تمتعا كانت او مفردة كما انه لا فرق بين ان يكون واجبا او مستحبّانعم مقتضى الدليل هى المشروعية بالاضافة الى المكان و التقديم على الميقات و لا دلالة له على المشروعية بالاضافة الى التقديم الزمانى و عليه فاذا كان الاحرام للحج او للعمرة المتمتع بها فاللازم ان يكون في اشهر الحج لما عرفت من اعتبارهافيهما نعم لا فرق بين ان يكون زمان النذر قبل اشهر الحج او فيها فاذا نذر في رمضان ان يحرم من بلده لعمرة التمتع ـ مثلا ـ في شوال لا مانع من ذلك اصلا كما انه لو كانت العمرة مفردة لا فرق بين وقوع احرامها في اشهر الحج او في غيرهاعلى ما عرفت.
الجهة السادسة: فيما لم يتعرض له في المتن و هو انه هل يلحق العهد و اليمين بالنذراولا؟ فيه وجوه ثالثها الحاق العهد دون اليمين و قد حكى عن المسالك انه استظهر الالحاق و يظهر من الجواهر الميل الى العدم و هو ظاهر كل من اقتصر على النذر و جعله السيد (قدس سره) في العروة مقتضى الاحتياط و الظاهر ان مراده منه هو الجمع بين الاحرام من المحلّ المعين و تجديد الاحرام من الميقات لا الاقتصار على خصوص الثاني حتى يرد عليه انه خلاف الاحتياط من جهة مخالفة النذر لان المقام من قبيل الدوران بين المحذورين.
و كيف كان فالظاهر ان التعبير في روايتى الحلبي و علي بن ابي حمزة ظاهر في خصوص النذر لانّ مفاد صيغته هو جعل شىء لله على النفس المذكور في الروايتين.
و امّا الموثقة فحيث انها تشتمل على مجرّد جعل الشىء على النفس من دون كونه مضافا الى الله حتى ينطبق على خصوص النذر فالظاهر عدم اختصاصها بالنذر و شمولها للعهد و امّا اليمين فربما يقال كما نفى البعد عنه في العروة بالشمول لها ايضا نظرا الى ان الحالف ايضا يجعل على نفسه و يجعل نفسه ملزمة بشىء غاية
(الصفحة 95)مسألة 2 ـ لو نذر و خالف نذره عمدا او نسيانا و لم يحرم من ذلك المكان لم يبطل احرامه اذا احرم من الميقات و عليه الكفارة اذا خالفه عمدا1.
الامر بكيفية خاصة مضافة اليه تعالى باضافة مخصوصة.
و لكن حيث انّ المعيار هو فهم العرف و الظاهر عدم وضوح فهم الاطلاق بنحو يشمل اليمين ايضا يكون الحاقها بالنذر مشكلا و ان كان الحاق العهد به قويّا فالوجه الثالث من الوجوه المذكورة في كلام السيّد (قدس سره) غير بعيد.
1 ـ قال في المستمسك: «امّا في النسيان ـ يعنى صحة الاحرام من الميقات ـ فظاهر لوقوع الاحرام على الوجه المشروع فيصحّ و امّا في العمد فمشكل لانّ النذر يقتضى ملك الله سبحانه للمنذور على وجه يمنع من قدرة المكلف على تفويته، و الاحرام من الميقات عمدا لما كان تفويتا للواجب المملوك كان حراما فيبطل اذا كان عبادة».
و اورد عليه بعض الاعلام (قدس سره) بان النذر انما يوجب خصوصية زائدة في المأمور به كما اذا نذر ان يصلى جماعة ـ مثلا ـ فانه و ان كان يجب عليه الاتيان بتلك الخصوصية لاجل النذر الاّ ان هذا الوجوب انما نشأ من فعل المكلّف و نذره فهوتكليف آخر غير الوجوب الثابت لذات الفعل و المأمور به انّما هو الطبيعى الجامع بين الافراد و النذر لا يوجب تقييدا و لا تغييرا في المأمور به الاول بحيث لو اتى بغير المنذور كان آتيا بغير المأمور به فهو واجب في واجب.
اقول: في كلا المطلبين نظر و اشكال:
امّا الاوّل: فقد عرفت في مبحث نذر الحج ان مفاد صيغة النذر ليس بازيد من الالتزام بالاتيان بالمنذور لله تبارك و تعالى بمعنى انه يوجب على نفسه من ناحية الله العمل بمتعلق النذر و هذا الايجاب بضميمة قيام الدليل الشرعي على وجوب الوفاء بالنذر يقتضي لزوم العمل به و لو لم يكن هناك دليل شرعى على الوجوب المذكور لم يترتب على هذا الايجاب اثر اصلا و مجموع الصيغة و الدليل الشرعى
|