(الصفحة 98)
احديهما: موثقة اسحاق بن عمّار قال سئلت ابا ابراهيم (عليه السلام) عن الرجل يجىء معتمرا ينوى عمرة رجب فيدخل عليه الهلال (هلال شعبان) قبل ان يبلغ العقيق فيحرم قبل الوقت و يجعلها لرجب ام يؤخّر الاحرام الى العقيقو يجعلها لشعبان قال يحرم قبل الوقت لرجب فانّ (فيكون) لرجل فضلا و هو الذي نوي.(1) و قد عبّر عنها في العروة تبعا لصاحب الجواهر بالصحيحة و جعل المروى عنه هو ابا عبد الله (عليه السلام) مع انّ الرواية قد رواها الكليني و الشيخ بطريقين صحيحين عن اسحاق بن عمّار و هو موثق و هو يروي عن ابي ابراهيم (عليه السلام).
ثانيتهما: صحيحة معاوية بن عمار التي رواها الشيخ و الكليني ايضا قال سمعت ابا عبد الله (عليه السلام) يقول ليس ينبغي ان يحرم دون الوقت الذي وقتّه رسول الله (صلى الله عليه وآله) الاّ ان يخاف فوت الشهر في العمرة(2). و عليه فلا يبقى مجال للاشكال في اصل الحكم و بعده يقع الكلام في جهات:
الجهة الاولي: ان مقتضي اطلاق الصحيحة عدم اختصاص الحكم بالعمرة الرجبيّة و شموله لجميع الاشهر كشعبان و نحوه لان لكل شهر عمرة لكن الاصحاب خصّصوا الحكم برجب و ذكر في الجواهر انه لم يجد به عاملا في غيررجب ثم قال: و لعلّه للعلّة التي اشار الامام (عليه السلام) اليها في الصحيح الآخر ـ يعنى الموثقة ـ مضافا الى ما روي من ان العمرة الرجبية تلى الحج في الفضل و يكفي في ادراكها ادراك احرامها فيه كما دلّ عليه الصحيح.
اقول: صلاحية العلة المذكورة في الموثقة و هي قوله (عليه السلام) فانّ لرجب فضلا، لتقييد الاطلاق في الصحيحة الذي لا مجال للخدشة فيه تبتنى على ان يكون المراد
- 1 ـ وسائل ابواب المواقيت الباب الثاني عشر ح ـ 2.
- 2 ـ وسائل ابواب المواقيت الباب الثاني عشر ح ـ 1.
(الصفحة 99)
بها هي مقايسة العمرة الرجبية مع عمرة سائر الشهور و انّ لها فضلا بالاضافة اليهاو ذات مزيّة زائدة عليها لانها تلى الحج في الفضل فمرجعها الى ان جواز تقديم احرامها على الميقات لادراك الشهر انّما هو لاجل اختصاص عمرته بمزية زائدة لا توجد في غيرها من عمر سائر الشهور.
و امّا لو كان المراد منها هو ثبوت الفضل في مقابل ترك العمرة و انه لو اخرالاحرام الى الميقات يفوت عنه عمرة الشهر مع ان لكل شهر عمرة كما تقدم في بحث العمرة المفردة فلا تصلح العلة المذكورة للتقييد بوجه بل مرجعها الى احتفاظ العمرة في كل شهر و عليه فان ثبت ظهور العلّة فيما ذكره صاحب الجواهر امكن رفع اليد عن الاطلاق في الصحيحة و مع عدم ثبوت الظهور و تردد العلة بين الاحتمالين لا مجال لرفع اليد عن الاطلاق الاّ ان يقال بان الصحيحة معرض عنها و الموثقة لا دلالة لها على ازيد من جواز التقديم في العمرة الرجبية كما لا يخفى.
الجهة الثانية: انه هل يشترط في جواز التقديم ضيق الوقت بمعنى لزوم التأخيرالى آخر الوقت من الشهر بحيث لو لم يحرم فيه لا يتحقق الاحرام في رجب او انه يجوز الاحرام قبل الضيق مع العلم بعدم ادراك الاحرام في رجب لو اخره الى الميقات و لو كان في وسط الشهر كما اذا كان الفصل بينه و بين الميقات كثيرا و يعلم بعدم الادراك مع التأخير الى الميقات فانه يجوز له الاحرام من محلّه و منزله و ان كان في وسط الشهر بل ربما يكون اولى لطول زمان الاحرام الذي هو عبادة فيه وجهان لا ينبغي الارتياب في ان مقتضي الاحتياط هي رعاية الضيق و لكن المستفاد من النص ان الملاك في جواز التقديم خوف فوت عمرة الشهر او دخول هلال شعبان قبل ان يبلغ العقيق و هو متحقق قبل الضيق ايضا فلا دلالة له على اعتبار الضيق ايضا مضافا الى الخوف المذكور.
الجهة الثالثة: استظهر في المتن انه لا فرق بين العمرة المندوبة و الواجبة ـ يعنى
(الصفحة 100)مسألة 3 ـ لا يجوز تأخير الاحرام عن الميقات فلا يجوز لمن اراد الحج او العمرة او دخول مكّة ان يجاوز الميقات اختيارا بلا احرام، بل الاحوط عدم التجاوز عن محاذاة الميقات ايضا و ان كان امامه ميقات اخر، فلو لم يحرم منه وجب العود اليه بل الاحوط العود و ان كان امامه ميقات اخر، و امّا اذا لم يرد النسك و لا دخول مكّة بان كان له شغل خارج مكّة و ان كان في الحرم فلا يجب الاحرام1.
الواجبة بالاصل ـ و المنذور فيها و نحوه و يرد عليه امران:
الامر الاوّل: انّ العمرة المفردة الواجبة بالاصل هى العمرة المفردة بالاضافة الى المستطيع لها الذي كانت وظيفته حج القران او الافراد لما عرفت في بحث العمرة المفردة من انها لا تجب على من تكون وظيفته حج التمتع اذا استطاع لها و لاجله لا يجب على النائب ان يأتى بالعمرة المفردة لنفسه بعد الاتيان بالمنوب فيه و من الظاهر ان العمرة المفردة اذا صارت واجبة يكون المعروض للوجوب هو هذا العنوان و لا مدخلية لعنوان الرّجب فيه ايضا و عليه فالجمع بين وجوب العمرة المفردة و بين الاضافة الى الرجب لا يكاد يتم حتى فيما اذا كانت الاستطاعة لها في شهر رجب و اراد الاتيان بها في نفس ذلك الشهر.
الامر الثاني: انه على تقدير تسليم الامر الاوّل ظاهر الموثقة الاختصاص بالعمرة الرجبية المستحبة فان التعليل بقوله (عليه السلام): فانّ لرجب فضلا ظاهر في ان الموجب لجواز التقديم هو مجرد ثبوت الفضيلة و المزيّة المتحقّقة في العمرة الرجبية و هذا لا يناسب العمرة الواجبة اصلا حتى اذا كان الوجوب ناشيا من قبل النذر و نحوه كما لا يخفى فدعوى الاطلاق ممنوعة جدّا.
1 ـ يقع الكلام في هذه المسئلة في جهات:
الجهة الاولى:
عدم جواز تأخير الاحرام عن الميقات و فرع عليه عدم جواز التجاوز عن
(الصفحة 101)
الميقات اختيارا لمن اراد الحج او العمرة او دخول مكة و قد ادّعى الاجماع على اصل الحكم جماعة من فحول الفقهاء كالفاضلين و صاحب كشف اللثام و صاحب الجواهر و غيرهم و قد ورد فيه نصوص متعددة يأتي التعرض لها و لكن الظاهر بعد ملاحظة ما مرّ في الاحرام قبل الميقات من ان الحرمة فيه تشريعيةو لا دليل على الحرمة الذاتيّة انّ هنا عنوانين:
احدهما: الاحرام بعد الميقات و الظاهر ان الحرمة فيه ايضا تشريعية لاتحاد الدليل الوارد فيه و في الاحرام قبل الميقات مثل قوله (عليه السلام) في صحيحة الحلبي المتقدمة في المواقيت لا ينبغي لحاج و لا لمعتمران يحرم قبل هذه المواقيت او بعدهافان ظاهره الارشاد الى البطلان و عدم المشروعية فالحرمة في كليهما تشريعية.
ثانيهما: عنوان التجاوز عن الميقات من دون احرام لمن يريد دخول مكة قاصدا للحج او العمرة او غيرهما الاّ في بعض الموارد و يتحقّق افتراق هذا العنوان عن الاوّل فيما اذا لم يحرم الشخص المذكور اصلا لا من الميقات و لا ممّا بعده فانه لا يتحقق العنوان الاول ـ ح ـ فلا موضوع للحرمة التشريعية بوجه.
و الظاهر انّ هذا العنوان الذي تعلّق النهى به كما هو مقتضي التعبير الوارد في النصوص يكون محرّما بالحرمة الذاتية لانّه لا مجال للحمل على الحرمة التشريعية بوجه لانه لم يتحقق منه تشريع بل المتحقق انما هو ترك الاحرام من الميقاتو التجاوز عنه بدونه و بعبارة اخرى اذا كان المتعلق للنهى هو عنوان العبادة كالاحرام و نحوه فالظاهر ان مرجعه الى الارشاد الى البطلان و الفساد سواء كان المتعلق هو عنوان كل العبادة كصلوة الحائض او ايقاعها مع امر خاص كالصلوة في وبر ما لا يؤكل لحمه فان ظاهر النهى في مثله الارشاد الى الفساد مع ذلك الامر و مرجعه الى مانعية ذلك الامر عن صحة العبادة او كان المتعلق هو عنوان جزء العبادة كقرائة سورة السجدة في الصلوة و الاحرام قبل الميقات او بعده في المقام.
(الصفحة 102)
كما ان ظاهر تعلق النهى بالمعاملة كالبيع اذا اضاف بما ليس عنده هوالارشاد الى البطلان و عدم ترتب الاثر المقصود عليها و امّا اذا كان متعلق النهى امرا خارجا عن العبادة و المعاملة فالظاهر انه لا مجال لحمل النهى فيه على الارشادو ان كان للمتعلق ارتباط بالعبادة فاذا تعلق النهى بمسّ المصحف من دون طهارة فالظاهر ان النهى فيه نهى ذاتى دال على الحرمة الذاتية كسائر المحرمات غاية الامر ارتفاعها بالطهارة كارتفاع سائر المحرمات بالضرورة و نحوها من العناوين الثانوية و المقام بملاحظة الروايات الواردة فيه من هذا القبيل لانّ منها:
صحيحة صفوان بن يحيى عن ابي الحسن الرّضا (عليه السلام) المشتملة على كتابته (عليه السلام) في الجواب: ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقّت المواقيت لاهلها و من اتي عليها من غير اهلها و فيها رخصة لمن كانت به علة فلا تجاوز الميقات الاّ من علة.(1) فان النهى عن التجاوز تفريعا على الترخيص ظاهر في الحرمة و الجواز الذاتيين كما هو ظاهر.
و منها: صحيحة معاوية بن عمّار عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال: من تمام الحج و العمرة ان تحرم من المواقيت التي وقّتها رسول الله (صلى الله عليه وآله)لا تجاوزها الاّ و انت محرم الحديث(2).
و منها: صحيحة الحلبي قال سئلت ابا عبد الله (عليه السلام) من اين يحرم الرجل اذا جاوز الشجرة فقال من الجحفة و لا يجاوز الجحفة الاّ محرما(3). و بعد ذلك لا يبقى مجال للاشكال الذي اورده سيد المستمسك على صاحب العروة و سائر الاصحاب القائلين بتحقق الاثم بترك الاحرام من الميقات الاول اذاكان امامه ميقات آخر حيث قال: «ان الظاهر ان الامر بالاحرام من الميقات
- 1 ـ وسائل ابواب المواقيت الباب الخامس عشر ح ـ 1.
- 2 ـ وسائل ابواب المواقيت الباب السادس عشر ح ـ 1.
- 3 ـ وسائل ابواب المواقيت الباب السادس ح ـ 3.