(الصفحة 362)
وفي صحيحة سليمان بن خالد قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن ذبيحة الغلام والمرأة هل تؤكل؟ فقال : إذا كانت المرأة مسلمة فذكرت اسم الله على ذبيحتها حلّت ذبيحتها ، وكذلك الغلام إذا قوي على الذبيحة فذكر اسم الله ، وذلك إذا خيف فوت الذبيحة ولم يوجد من يذبح غيرهما(1) .
والقيد المذكور في الذيل كبعض الروايات الظاهرة في الجواز في صورة الضرورة إنّما هو لأجل عدم وصول النوبة إلى المرأة والغلام في غير هذه الصورة ، ويؤيّده أنّ في بعض الرويات أنّه كانت لعليّ بن الحسين (عليهما السلام) جارية تذبح له إذا أراد ، بل ورد ذلك في روايات متعدّدة(2) .
وأمّا عدم اشتراط البلوغ ، فيدلّ عليه أيضاً ـ مضافاً إلى ما ذكر ـ روايات متعدّدة :
منها : صحيحة محمّد بن مسلم قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن ذبيحة الصبي؟ فقال : إذا تحرّك وكان له خمسة إشبار وأطاق الشفرة ، الحديث(3) ، إذا تحرّك أي صار حَرِكاً ، والحَرِك كـ «كَتِف» : الغلام الخفيف الذكي(4) .
ومنها : رواية مسعدة بن صدقة قال : سُئل أبو عبدالله (عليه السلام) عن ذبيحة الغلام؟ فقال : إذا قوي على الذبح ، وكان يحسن أن يذبح ، وذكر اسم الله عليها
- (1) الكافي : 6 / 237 ح3 ، تهذيب الأحكام : 9 / 73 ح308 ، الفقيه : 3 / 212 ح983 ، وعنها الوسائل : 24 /45 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب23 ح7 .
- (2) وسائل الشيعة : 24 / 43ـ 45 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب23 ح2 و4 و9 .
- (3) الكافي : 6 / 237 ح1 ، الفقيه : 3 / 212 ح981 ، تهذيب الأحكام : 9 / 73 ح310 ، وعنها الوسائل : 24 / 42 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الصيد ب22 ح1 .
- (4) المنجد : 128 ، الصحاح : 2 / 1194 .
(الصفحة 363)
فكُلْ ، الحديث(1) .
ومنها : رواية عبد الرحمن بن أبي عبدالله قال : قال أبو عبدالله (عليه السلام) : إذا بلغ الصبيّ خمسة أشبار أُكلت ذبيحته(2) ، ولعلّ التقييد بخمسة أشبار ليس لأجل خصوصيّة فيه ، بل لأجل حصول القوّة على الذبح نوعاً عند ذلك .
ثمّ إنّ هذه المسألة لا ترتبط بمسألة شرعيّة عبادات الصبيّ وعدمها ، التي هي من القواعد الفقهية ; لأنّه لو لم نقل بالشرعية على خلاف ما اخترناه(3) ، لكنّه لا يستلزم اشتراط البلوغ في الذابح ، وعدم حلّية أكل لحم الحيوان المذبوح بذبح الصغير ; لعدم الارتباط بين الأمرين ، وعدم الملازمة في البين .
وأمّا عدم اعتبار عدم الجنابة فلروايات :
منها : موثّقة السكوني ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في حديث قال : ولا بأس أن يتنوّر الجنب ويحتجم ويذبح(4) .
وأمّا الاكتفاء بذبح الأغلف ، فيدلّ عليه رواية مسعدة بن صدقة ، عن جعفر (عليه السلام)أنّه سئل عن ذبيحة الأغلف؟ قال : كان عليّ (عليه السلام) لا يرى به بأساً(5) .
ويدلّ على حلّية ذبيحة ولد الزنا رواية صفوان بن يحيى ، قال : سأل المرزبان
- (1) الكافي : 6 / 237 صدر ح2 ، تهذيب الأحكام : 9 / 73 صدر ح309 ، وعنهما الوسائل : 24 / 42 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب22 ح2 .
- (2) الكافي : 6 / 238 ح8 ، وعنه الوسائل : 24 / 42 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب22 ح3 .
- (3) القواعد الفقهيّة للمؤلّف دام ظلّه : 1 / 341 ـ 356 .
- (4) الكافي : 3 / 51 ح12 ، تهذيب الأحكام : 1 / 130 ح357 ، الاستبصار : 1 / 116 ح391 ، وعنها الوسائل : 24 / 32 ، كتاب الصيد والذبائح ب17 ح2 .
- (5) قرب الإسناد : 50 ح161 ، وعنه الوسائل : 24 / 32 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب17 ح3 والبحار : 65 / 320 ح20 .
(الصفحة 364)مسألة : لا يجوز الذبح بغير الحديد مع الاختيار ، فإن ذبح بغيره مع التمكّن منه لم يحلّ وإن كان من المعادن المنطبعة; كالصفر والنحاس والذهب والفضّة وغيرها . نعم ، لو لم يوجد الحديد وخيف فوت الذبيحة بتأخير ذبحها ، أو اضطرّ إليه ، جاز بكلّ ما يفري أعضاء الذبح; ولو كان قصباً أو ليطة أو حجارة
أبا الحسن (عليه السلام) عن ذبيحة ولد الزنا قد عرفناه بذلك؟ قال : لا بأس به ، والمرأة والصبيّ إذا اضطرّوا إليه(1) ، ويحتمل أن يكون القيد ناظراً إلى خصوص المرأة والصبيّ ، وقد عرفت أنّه في هذه الصورة لا داعي إلى كون أحدهما ذابحاً مع إمكان غيره كما هو الغالب ، وعلى أيّ فلا دلالة للرواية على الاختصاص بصورة الضرورة ; لأنّه معها يحلّ أكل الميتة من أيّ طريق تحقّقت ، كما هو ظاهر .
كما أنّه يدلّ على حلّية ذبيحة الأعمى رواية ابن اُذينة ، عن غير واحد رووه ، عنهما (عليهما السلام) جميعاً : أنّ ذبيحة المرأة إذا أجادت الذبح وسمّت فلا بأس بأكله ، وكذلك الصبيّ ، وكذلك الأعمى إذا سدّد(2) .
وأمّا عدم اعتبار الخلوّ من الحيض والنفاس ، فلأنّ الذبح لا يكون عبادة حتّى يحتمل كونهما مانعين عنه ، وقد عرفت أنّ عباديّة الذبح بمنى لا تستلزم عدم حصول الحلّية لو لم تقع عبادة ، وفي المرسل عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ، أنّه سُئل عن الذبح على غير طهارة ، فرخّص فيه(3) .
- (1) الفقيه : 3 / 210 ح969 ، وعنه الوسائل : 24 / 47 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب25 ح1 .
- (2) الكافي : 6 / 238 ح5 ، تهذيب الأحكام : 9 / 73 ح311 ، الفقيه : 3 / 212 ح982 ، وعنها الوسائل : 24 / 45 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب23 ح8 .
- (3) دعائم الإسلام : 2 / 178 ح643 وعنه مستدرك الوسائل : 16 / 139 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الصيد ب15 ح1 وبحار الأنوار : 65 / 329 ح59 .
(الصفحة 365)حادّة أو زجاجة أو غيرها . نعم ، في وقوع الذكاة بالسنّ والظفر مع الضرورة إشكال ، وإن كان عدم الوقوع بهما في حال اتّصالهما بالمحلّ لا يخلو من رجحان ، والأحوط الاجتناب مع الانفصال أيضاً ، وإن كان الوقوع لا يخلو من قرب1 .
1 ـ لا يجوز الذبح بغير الحديد مع الاختيار ، فإن ذبح بغيره لم يحلّ وإن كان من المعادن المنطبعة، كالأمثلة المذكورة في المتن ، وأمّا الآلة المسمّـاة بـ «استيل» فقد حقّقنا من المتخصّصين المتمركزين في بعض الأمكنة التي فيها معدن الحديد بواسطة بعض الموثّقين من الروحانيّين : أنّها حديدة أيضاً لا شيء آخر ، غاية الأمر أنّها النوع الممتاز من الحديد ، وقد حكى الواسطة عنهم أنّ كلمة «استيل» في لغة اللاتين بمعنى الحديد الممتاز ، ولذا أجبنا في جواب الاستفتاءات الكثيرة الواقعة مخصوصاً بلحاظ الذبح يوم النحر بجواز الاستفادة منها ، خصوصاً مع شدّة الابتلاء بها وكثرة الاستفادة منها .
وكيف كان ، يدلّ على انحصار الآلة بالحديد في حال الاختيار روايات كثيرة :
منها : صحيحة محمّد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الذبيحة بالليطة وبالمروة؟ فقال : لا ذكاة إلاّ بحديدة(1) .
قال في مجمع البحرين : اللِّيطة هي قِشرُ القَصَبة والقناة . وقال فيه أيضاً : المَرْوُ حجارة بيضاء برّاقة تُقدَح منها النار(2) .
ومنها : صحيحة الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : سألته عن ذبيحة العود
- (1) الكافي : 6 / 227 ح1 ، تهذيب الأحكام : 9 / 51 ح211 ، الاستبصار : 4 / 79 ح294 ، وعنها الوسائل : 24 / 7 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب1 ح1 .
- (2) مجمع البحرين : 3 / 1664 و1690 .
(الصفحة 366)
والحجر والقصبة؟ فقال : قال عليّ (عليه السلام) : لا يصلح إلاّ بالحديدة(1) .
ومنها : رواية أبي بكر الحضرمي ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، أنّه قال : لا يؤكل ما لم يذبح بحديدة(2) .
ومنها : رواية سماعة بن مهران قال : سألته عن الذكاة؟ فقال : لا تذكّ إلاّ بحديدة ، نهى عن ذلك أمير المؤمنين (عليه السلام)(3) .
ولكن في مقابلها روايات دالّة على الجواز بغير الحديد في صورة الضرورة .
منها : صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج قال : سألت أبا إبراهيم (عليه السلام) عن المروة والقصبة والعود يذبح بهنّ الإنسان إذا لم يجد سكّيناً؟ فقال : إذا فرى الأوداج فلا بأس بذلك(4) .
ومنها : رواية زيد الشحّام قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل لم يكن بحضرته سكّين أيذبح بقصبة؟ فقال : إذبح بالحجر وبالعظم وبالقصبة والعود إذا لم تصب الحديدة ، إذا قطع الحلقوم وخرج الدم فلا بأس به(5) .
- (1) الكافي : 6 / 227 ح2 ، تهذيب الأحكام : 9 / 51 ح212 ، الاستبصار : 4 / 80 ح295 ، وعنها الوسائل : 24 / 7 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب1 ح2 .
- (2) الكافي : 6 / 227 ح3 ، تهذيب الأحكام : 9 / 51 ح209 ، الاستبصار : 4 / 79 ح292 ، وعنها الوسائل : 24 / 8 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب1 ح3 .
- (3) الكافي : 6 / 227 ح4 ، تهذيب الأحكام : 9 / 51 ح210 ، الاستبصار : 4 / 79 ح293 ، وعنها الوسائل : 24 / 8 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب1 ح4 .
- (4) الفقيه : 3 / 208 ح954 ، الكافي : 6 / 228 ح2 ، تهذيب الأحكام : 9 / 52 ح214 ، الاستبصار : 4 / 80 ح297 ، وعنها الوسائل : 24 / 8 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب2 ح1 .
- (5) الكافي : 6 / 228 ح3 ، تهذيب الأحكام : 9 / 51 ح213 ، الاستبصار : 4 / 80 ح296 ، وعنها الوسائل : 24 / 9 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب2 ح3 وص25 ب12 ح3 .