(الصفحة 16)
(الصفحة 17)
بسم الله الرّحمن الرحيم
القول في المواقيت
و هي المواضع التي عينت للاحرام و هي خمسة لعمرة الحجّ1.
1 ـ يقع الكلام فى معنى الميقات و فى عدد المواقيت في مقامين:
المقام الاوّل: في معنى الميقات لا شبهة في ان المراد به هو الموضع الذي عين للاحرام و الجمع مواقيت لكنه ذكر السيد (قدس سره) ان اطلاقه عليه امّا ان يكون مجازا و امّا ان يكون حقيقة متشرعية و مرجعه الى عدم كونه حقيقة في المكان المخصوص لغة مع ان الظاهر اختلاف اللغويين في ذلك فالمحكى عن المصباح المنير و النهاية لابن الاثيران الوقت مقدار من الزمان مفروض لا مر ما، وكل شىء قدرت له حينا فقد وقته توقيتا و كذلك ما قدرت له غاية و الجمع اوقات و الميقات الوقت و الجمع مواقيت و قد استعير الوقت للمكان و منه مواقيت الحج مواضع الاحرام.
لكن في الصحاح للجوهرى: الميقات الوقت المضروب للفعل و الموضع يقال
(الصفحة 18)
هذا ميقات اهل الشام للموضع الذى يحرمون منه و نحوه ما عن القاموس و ظاهرهماان استعماله في المواضع المذكورة على نحو الحقيقة اللغوية.
و يؤيّده بل يدل عليه انه لو كان هناك حقيقة متشرعية لكان ذلك بالاضافة الى خصوص كلمة الميقات مع انه يوجد في الروايات الآتية استعمال كلمة التوقيت و الوقت ايضا في الموضع المعين في كلام الامام (عليه السلام) و الرواة و هذا يدلّ على كونه كذلك لغة فالحقيقة لغوية.
المقام الثاني:
في عدد المواقيت و قد اختلفت كلمات الاصحاب في تعدادها فعن المنتهى و التحرير انّها خمسة و في الشرايع و عن القواعد بل قيل هو المشهور انّها ستّة و عن بعض انها سبعة و فى محكى الدروس انّها عشرة و قد تبعه صاحبا المستند و العروة لكن كما في الجواهر لكلّ اعتبار امّا الاوّل فباعتبار تعيين الامكنة المخصوصة و الثاني باعتبار ذكره في التوقيت و ان لم يكن مكانا مخصوصا و الثالث باعتبار زيادة الاحرام من مكّة و الرابع زيادة فخّ لحج الصبيان و محاذاة الميقات لمن لم يمرّ به و ادنى الحلّ او مساواة اقرب المواقيت الى مكة لمن لم يحاذ ميقاتا بل في الجواهر يمكن جعلها احد عشربنوع من الاعتبار اذا جعل الاخير مغايرا لادنى الحلّ ثم قال و الامر في ذلك سهل و الانصاف ان التقييد بعمرة الحج الظاهرة في عمرة التمتع كما في المتن يوجب ارتفاع الاشكال تقريبا كما لا يخفى لكنه يرد عليه انه لا وجه للتخصيص بالعمرة فانه مضافا الى انه حج رسول الله (صلى الله عليه وآله) و اصحابه من مسجد الشجرة في حجة الوداع و كان حجهم بين قران و افراد لا مجال للارتياب في انه يجوز الإحرام منه للحج غير التمتع استحبابا و الظاهر ان العبارة غلط يمكن ان يكون مستندا الى الطبع و الصحيح للعمرة و الحج، كما لا يخفى و امّا الروايات فبعضها دالّ على انّها خمسة مع التصريح بهذا العدد او
(الصفحة 19)
بدونه و بعضها دال على انها ستّة.
امّا الاوّل: فكصحيحة الحلبى قال: قال ابو عبد الله (عليه السلام) الاحرام من مواقيت خمسة وقّتها رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا ينبغى لحاج و لا لمعتمران يحرم قبلها و لا بعدها، و وقت لاهل المدينة ذا الحليفة و هو مسجد الشجرة يصلى فيه و يفرض الحج، و وقت لاهل الشام الجحفة، و وقت لاهل النجد العقيق، و وقت لاهل الطائف قرن المنازل، و وقت لاهل اليمن يلملم، و لا ينبغى لاحد ان يرغب عن مواقيت رسول الله (صلى الله عليه وآله)(1). و مثلها صحيحة ابي ايوب الخراز(2). من دون التصريح بعنوان الخمسة و هى مشتملة على السؤال عن أبي عبد الله (عليه السلام) بقوله حدثنى عن العقيق أوقت وقته رسول الله (صلى الله عليه وآله) او شىء يصنعه الناس.
و امّا الثاني: فكصحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
من تمام الحج و العمرة ان تحرم من المواقيت التى وقتها رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا تجاوزها الا و انت محرم فانه وقت لاهل العراق و لم يكن يومئذ عراق بطن العقيق من قبل اهل العراق، و وقّت لاهل اليمن يلملم، و وقّت لاهل الطائف قرن المنازل، و وقّت لاهل المغرب الجحفة و هى مهيعة، و وقّت لاهل المدينة ذا الحليفة، و من كان منزله خلف هذه المواقيت مما يلى مكّة فوقته منزله(3). و التعبير بقوله (عليه السلام): من تمام الحج و العمرة اشارة الى قوله تعالى:
(و اتمّوا الحج و العمرة لله) و ظاهر في ان المراد من الاتمام في الاية الشريفة ليس هو الاتمام الذى يقابل الشروع و الاّ لا يلائم مع كون الاحرام من تمامهما كما لا يخفى.
- 1 ـ وسائل ابواب المواقيت الباب الاوّل ح ـ 3.
- 2 ـ وسائل ابواب المواقيت الباب الاوّل ح ـ 1.
- 3 ـ وسائل ابواب المواقيت الباب الاوّل ح ـ 2.
(الصفحة 20)الاوّل: ذو الحليفة و هو ميقات اهل المدينة و من يمرّ على طريقهم، و الاحوط الاقتصارعلى نفس مسجد الشجرة لا عنده في الخارج بل لا يخلو من وجه1.
ثم ان قوله (عليه السلام) و لم يكن يومئذ عراق اشارة الى ان ميقات اهل العراق ايضا كان تعيينه من رسول الله (صلى الله عليه وآله) مع عدم وجوده في زمانه او عدم وجود مسلم فيه فماعن بعض العامة من عدم كونه منه (صلى الله عليه وآله) واضح الفساد و يدل عليه ايضا رواية ابى ايوب المتقدمة.
1 ـ يقع الكلام فيه في ثلاثة مقامات:
المقام الاوّل:
انه لا شبهة في انّ ذا الحليفة ميقات لاهل المدينة لكن عبارات الاصحاب مختلفة في عنوانها فعن جملة منها التعبير بهذا العنوان و عن جملة اخرى التعبير بمسجد الشجرة كالمحقق في اكثر كتبه و عن جملة ثالثة انه ذو الحليفة و انه مسجد الشجرة و كيف كان لا اشكال نصّا و فتوى في كونه ميقاتا لاهل المدينة و قد مرّ بعض الروايات و سيأتى البعض الاخر انشاء الله تعالى.
المقام الثاني:
انّ الروايات الواردة في هذا المقام مختلفة من جهة التعبير بذي الحليفة و بالشجرة و بمسجد الشجرة كما ان في بعضها تفسير ذى الحليفة بالشجرة و في بعضها تفسيره بمسجد الشجرة فاللازم ملاحظتها فنقول:
منها: صحيحة ابى ايوب الخراز المتقدمة المشتملة على قوله (عليه السلام): ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقّت لاهل المدينة ذا الحليفة.
و منها: صحيحة معاوية بن عمّار المتقدمة ايضا.
و منها: رواية على بن جعفر عن اخيه موسى بن جعفر (عليهما السلام) المشتملة على قوله (عليه السلام):