(الصفحة 234)
و الرواية ضعيفة بخالد حيث انه لم يوثق بل و لم يمدح بوجه و استكشاف كون الرجل الداخل في المسجد محرما مع انه كان عليه قميص و كساء امّا من طريق كونه لابسا ثوبى الاحرام ايضا و امّا من طريق كونه ملبيّا كما في الرواية السابقة بل لا يبعد ان تكون القصة المذكورة في هذه الرواية عين تلك القصة دون قصة اخرى.
و لا يجري احتمال التقييد في هذه الرواية بالاضافة الى الصحيحة الاولى لعدم التعرض فيها لصحة الاحرام و عدمها بل موضع الاختلاف هو نزع القميص من الرأس او من الرجلين و كلاهما لا يتحققان الاّ مع صحة الاحرام كما عرفت لكنه ذكر في «المستمسك» ظاهر ما في خبر خالد بن محمد الاصم من التعليل بقوله (عليه السلام): ايّ رجل ركب امرا بجهالة فلا شيء عليه الاختصاص بحال الجهل فلا يشمل حال العلم بالموضوع و الحكم و ـ ح ـ يتعين تخصيص صحيح معاوية به، فيحمل على حال الجهل لا غير و يرجع الى القاعدة في البناء على البطلان في حال العلم...
و انت خبير بان هذا التعليل قد وقع في الصحيحة المتقدمة دون هذه الرواية فان كان مراده كون تلك الرواية مقيّدة كما عرفت من الحدائق فقد مرّ الجواب عنه و ان كان مراده كون هذه الرواية كذلك فقد مرّ انه لم يقع التعرض فيهاللصحة و البطلان بل الاختلاف انّما هو في النزع من الرأس او من الرجلين و كلاهما مفروضان مع صحة الاحرام و امّا ما افاده من ان مقتضي القاعدة البناء على البطلان في حال العلم فسيأتي البحث فيه عند التعرض لكلام السيد (قدس سره) في العروة انشاء الله تعالى.
و منها: صحيحة معاوية بن عمّار قال ان لبست ثوبا في احرامك لا يصلح لك لبسه فلبّ و اعد غسلك، و ان لبست قميصا فشقّه و اخرجه من تحت قدميك(1)
- 1 ـ وسائل ابواب تروك الاحرام الباب الخامس و الاربعون ح ـ 5.
(الصفحة 235)
و المراد بلبس الثوب في الجملة الاولى بقرينة المقابلة و التعرض للبس القميص في الجملة الثانية هو لبس المخيط غير القميص من العباء و القباء و الازار و غيرها المشترك في كونه محيطا و في عدم افتقار نزعه عادة الى ستر الرأس بخلاف القميص الذي يتوقف لبسه و نزعه الى الستر و لو لحظة خصوصا في القميص المتداول بين الاعراب حتى اليوم الذي كان طوله الى الرجلين نوعا و هل المراد هو لبس الثوب الكذائى او القميص في حال انعقاد الاحرام و شروعه بحيث كانت النية و التلبية في اللباس المذكور او ان المراد هو اللبس بعد الاحرام؟ الظاهر هوالثاني لانه فرق بين قوله لبس القميص ـ مثلا ـ في احرامه و بين قوله احرم في القميص او احرم و عليه قميصه كما في صحيحة معاوية بن عمار الاولى.
و يؤيده بل يدل عليه ان الحكم بوجوب الشقّ و الاخراج من الرّجل قد ورد في الروايات المتقدمة بالاضافة الى الفرض الثاني و من الواضح اتحاد المراد من الجملتين من هذه الجهة و عليه فالرواية لا ترتبط بالمقام الذي هو الفرض الاوّل.
ان قلت: ان قوله (عليه السلام): فلبّ ظاهر في وجوب التلبية و مرجعه الى بطلان الاحرام و لزوم تجديده و عليه فاذا كان لبس المخيط بعد الاحرام موجبا لبطلانه و فساده فايجابه للبطلان و عدم الانعقاد من رأس فيما لو احرم في المخيط انّما يكون كذلك لو لم يكن اولى.
قلت: ـ مضافا الى ان الظاهر انه لم يقل احد بكون لبس المخيط بعد الاحرام موجبا لفساده و لزوم تجديده و الى ان قوله: و اعد غسلك قرينة على عدم وجوب التلبية فتدبّر ـ ان مقتضي ذلك التفصيل في الصحة و البطلان بين القميص و غيره من الالبسة المخيطة ضرورة ان الحكم بوجوب الشق في القميص لا يجتمع مع بطلان الاحرام و عليه فاللازم ان يقال بعدم كون المراد من التلبية هو الاحرام خصوصا مع التعبير بعنوان الاحرام قبلها فلا مناص من ان يكون المراد
(الصفحة 236)
هو استحباب التلبية كاعادة الغسل و الوجه في التفصيل عدم توقف النزع في الجملة الاولى على ستر الرأس بخلافه في الجملة الثانية و كيف كان فالرواية لا تدل على البطلان بوجه و لا ترتبط بما نحن فيه.
و قد انقدح من جميع ما ذكرنا انّ مقتضي اطلاق ما ورد في المقام و هو لبس المخيط حال الاحرام عدم كونه قادحا في صحته و انعقاده و ان كان عالما عامدا من دون فرق بين ان يكون لابسا لثوبي الاحرام و بين ان لا يكون كذلك و عليه فلا يختص الحكم بالجاهل و مثله الذي هو الناسي بل يعمّ جميع الصوّر و عليه فلو فرض ان مقتضي القاعدة في صورة العلم و العمد هو البطلان لكن لا مجال للاخذ بها مع دلالة الرواية على الصحة و لو بالاطلاق مع ان اقتضاء القاعدة له ايضا محلّ منع و ان ذكره السيد (قدس سره) في العروة حيث قال: «لو احرم في قميص عالما عامدااعاد لا لشرطية لبس الثوبين لمنعها كما عرفت بل لانه مناف للنيّة حيث انه يعتبر فيها العزم على ترك المحرمات التي منها لبس المخيط و على هذا فلو لبسهما فوق القميص او تحته كان الامر كذلك ايضا لانه مثله في المنافاة للنيّة الاّ ان يمنع كون الاحرام هو العزم على ترك المحرّمات بل هو البناء على تحريمها على نفسه فلا تجب الاعادة ـ ح ـ ».
و يرد عليه وجوه من الايراد:
الايراد الاوّل: ما مرّ من ان الرجوع الى القاعدة انّما هو في مورد لم يدل على حكمه مثل الرواية المعتبرة و لو بالاطلاق و قد عرفت ان مقتضي اطلاق الصحيحة الاولى الشمول للعالم العامد و الصحيحة الثانية لا تدل على تقييد الصحيحة الاولى كما زعمه صاحب الحدائق.
الايراد الثاني: انه على تقدير عدم دلالة الدليل على الصحة في هذه الصورة لا يكون مقتضي القاعدة البطلان بوجه و ذلك لما عرفت في البحث عن مهية
(الصفحة 237)
الاحرام و حقيقته من انّها عبارة عن امر اعتباري يعتبره خصوص الشارع عقيب نيّة الحج او العمرة فقط او بضميمة التلبية و يكون هذا الامر الاعتبارى موضوعا لاحكام وجوبية كلبس الثوبين و تحريمية كمحرمات الاحرام المتعددة و لا دليل على اعتبار امر آخر وجودا او عدما في تحقق هذا الامر الاعتباري.
و بعبارة اخرى هنا امور ثلاثة مترتبّة النيّة فقط او بضميمة التلبية و تحقق ذلك الامر الاعتباري و ترتب احكام كثيرة عليه و حرمة لبس المخيط انّما هي من جملة تلك الاحكام المتأخرة عن اصل الاحرام و عنوان المحرم و لا مجال ـ ح ـ لان يكون التخلف عنها في حال النية و التلبية قادحا في تحقق الاحرام المتقدم على احكامه و نظيره في ثبوت امور ثلاثة مترتبة البيع و النكاح و امثالهما فان عقد النكاح موجب لتحقق عنوان الزوجية و اعتباره عند الشرع و العرف و هى اي الزوجية موضوعة لثبوت احكام كثيرة للزوج و عليه، و كذا للزوجة و عليها و لا يكون التخلف عن شىء منها في حال العقد قادحا في صحته بوجه كما ان التخلف عنه بعده لا يكون منافيا لثبوتها و بقاء اثر العقد و هذا من الوضوح بمكان.
الايراد الثالث: انه ـ مضافا الى وجود تهافت بين صدر كلامه و ذيله حيث ان ظاهر الصدر ان لبس المخيط مناف للنيّة الواجبة في الاحرام خصوصا مع تصريحه في اوّل البحث عن واجبات الاحرام بان المراد من النية هي القصد اليه ـ يعني الى الاحرام ـ و عليه فالاحرام هو المنوى و النية خارجة عنه و ظاهر الذيل ان لبس المخيط مناف لنفس الاحرام بناء على كونه هو العزم على ترك المحرّمات لا البناء على تحريمها على نفسه ـ على تقدير مبناه يمكن ان يقال بعدم المنافات فكما انه لا منافاة بين الاحرام بهذا المعني و بين البناء حال الاحرام على لبس المخيط بعد ساعة من عقد الاحرام ـ مثلا ـ كذلك لا منافاة بينه و بين اللبس في حال الاحرام لعدم الفرق بين الصورتين بوجه نعم لو قلنا بانّ الاحرام عبارة عن نفس ترك المحرّمات
(الصفحة 238)
دون العزم عليه لا يكاد يتحقق الجمع ـ ح ـ بين الاحرام و بين اللبس المحرّم فتدبّر.
و قد ظهر مما ذكرنا انه لو وصلت النوبة الى القاعدة لكان مقتضاها ايضاالصحة مطلقا و لو مع العلم و العمد فضلا عن الصورتين الآخرتين.
هذا و لو قلنا ببطلان الاحرام في صورة العلم لاختصاص ما دلّ على الصحة بصورة الجهل و اقتضاء القاعدة للبطلان فهل الحكم في النسيان حكم الجهل او العلم؟ الظاهر، هو الاوّل امّا لانه نوع من الجهل غاية الامر انه مسبوق بالعلم و امّالاشتراكه مع الجهل في المناط الذي يفهمه العرف ممّا ورد في الجاهل و لاجله حكم السيد (قدس سره) باشتراكهما مع حكمه بالبطلان في صورة العلم على ما عرفت في عبارته المتقدمة.
الجهة الثالثة:
في كيفية لبس الثوبين و الظاهر اتفاق الاصحاب على لزوم الاتزار باحدهمالكنه مخير في كيفية الاتّزار نعم في خصوص جواز عقده على عنقه كلام يأتي التعرض له انشاء الله تعالى.
و امّا الثوب الثاني ففي الجواهر: «عن جماعة انه يتردّى به اى يلقيه على عاتقيه جميعا و يسترهما به، و عن بعض يتوشح به و عن آخرين او يتوشح به اى يدخل طرفه تحت ابطه الايمن و يلقيه على عاتقه الايسر كالتوشح بالسيف على ما عن الازهرى و غيره بل صرّح غير واحد منهم بانه نحو ما يفعله المحرم الاّ ان الظاهر عدموجوب شىء من الهيئتين للاصل فيجوز ـ ح ـ التوشح بالعكس و غيره من الهيئات و لعلّ من اقتصر على الارتداء او التخيير بينه و بين التوشح يريد التمثيل و ان كان التردي اولى الهيئات».
هذا و لكن الظاهر من طائفة من الرّوايات لزوم الارتداء و الالقاء على