(الصفحة 33)
و ثانيا انّ الاستدلال بالرّواية لما رامه السيد (قدس سره) يتوقف على ثبوت امرينو ان كان الظاهر منه و من بعض الاعلام (قدس سره) فى الشرح كفاية امر واحد لكن الظاهر عدمها و لزوم ثبوت كلا الامرين:
احدهما: ان يكون اطلاق السؤال و شموله لاحرام العمرة ايضا و ترك الاستفصال فى الجواب قرينة على ان يكون المراد من قوله: و لا تدخل المسجد اعمّ من المسجد الحرام و شاملا لمسجد الشجرة ايضا و على ان يكون المراد من قوله (عليه السلام):
و تهل بالحج شاملا لعمرة التمتع ايضا بلحاظ كونها مرتبطة بحجه و عدم كون كل من حجّه و عمرته عملا مستقلا بل المجموع عمل واحد بخلاف العمرة المفردة.
ثانيهما: اطلاق جواز الاحرام من خارج المسجد للحائض و عدم تقييده بصورة الضرورة من جهة ضيق الوقت او عدم الرفقة او غيرهما نظرا الى انه لو لم يكن خارج المسجد ميقاتا ايضا لكان اللازم التقييد المذكور لانه لا مجال للحكم بجوازالاحرام من غير الميقات مع عدم ثبوت الضرورة المقتضية لذلك خصوصا مع وجود ميقات آخر فى الطّريق.
و مع قطع النظر عن هذا الامر لا يكون مجرد تجويز الاحرام للحائض خارج المسجد دليلا على كونه ميقاتا مطلقا كما هو غير خفّى ثم ان الامر الثانى و ان كان غير قابل للمناقشة الاّ ان الامر الاول قابل لها فان ظهور الجواب فى كون المراد من المسجد هو المسجد الحرام و كذا التعبير بالاهلال بالحج يمكن ان يكون قرينة على اختصاص السؤال باحرام الحج و عدم شموله لاحرام العمرة.
و امّا على القول الثانى الذى نفى فى المتن خلوّه عن القوة و هو لزوم كون الاحرام من داخل المسجد و انه لا يجوز من خارجه عنده فان قلنا بجواز الاجتياز و المرور لهم في المسجد من دون وقوف و ان خرج من الباب الذى دخل منه او الباب الملاصق له و امكن لهم الاحرام فى حال الحركة و المرور من دون استلزام للوقوف
(الصفحة 34)
فى المسجد فالظاهر الجواز بهذه الكيفية بل الوجوب لانحصار الطريق بذلك.
و امّا ان قلنا بعدم جواز مثل هذا النحو من الاجتياز نظرا الى ان المستثنى في قوله تعالى: و لا جنباً الاّ عابرى سبيل هو العنوان الذى لا يتحقق الاّ مع كون المسجد طريقا و سبيلا و لا يشمل مثل الاجتياز فى المقام، او قلنا بالاوّل و لكنه لم يمكن له الاحرام فى حال المرور و الاجتياز لزحام او ضعف او غيرهما فالمسئلة مشكلة و لا بدّ فى استكشاف حكمها بعد ملاحظة فرض المسئلة من كون الميقات هو المسجد بنحو الظرفية و عدم امكان تحقق الاحرام فيه شرعا او عادة من ملاحظة ما مرّ من انه لا يجوز التجاوز عن الميقات لمن يريد الحج او العمرة و الدخول فى مكة الاّ محرما و كذا ملاحظة ما تقدم ايضا من جواز التعدى عن مسجد الشجرة بلا احرام للمريض و الضعيف بل فى حال الضرورة مطلقا و تأخير الاحرام الى الجحفة غاية الامر ان الجنابة و الحيض و النفاس لا تكون من مصاديق الضرورة لان الضرورة المبيحة للتاخير هى ما تكون مرتبطة باستمرار الاحرام و طول زمانه و مكانه و من المعلوم انّ مشكل مثل الجنب لا يكون ذلك بل مربوط بانشاء الاحرام و ايجاده فى المسجد كما لا يخفى و عليه فالخصوصية المذكورة في روايات التأخير الى الجحفة من المرض و الضعف و ان كانت ملغاة و الحكم شامل لمطلق الضرورة الاّ ان موارد المقام ليست من مصاديقها و عليه فتصير المسئلة مشكلة.
لكن وردت فى قصّة احرام اسماء بنت عميس بعض ما يمكن استفادة الحكم منه مثل صحيحة معاوية بن عمّار عن ابى عبد الله (عليه السلام).
قال: ان اسماء بنت عميس نفست بمحمد بن ابى بكر بالبيداء لاربع بقين من ذى القعدة فى حجة الوداع فامرها رسول الله (صلى الله عليه وآله)فاغتسلت و احتشت و احرمت و لبّت مع النبي (صلى الله عليه وآله) و اصحابه فلمّا قدموا مكّة لم تطهر حتى نفروا من منى و قد
(الصفحة 35)
شهدت المواقف كلّها عرفات و جمعا و رمت الجمار و لكن لم تطف بالبيت و لم تسع بين الصّفا و المروة، فلما نفروا من منى امرها رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاغتسلت و طافت بالمبيت و بالصّفا و المروة، و كان جلوسها فى اربع بقين من ذى القعدة و عشر من ذى الحجّة و ثلاث ايام التشريق(1). فانّها ظاهرة فى ان احرامها كان مع النبيّ و اصحابه الذين احرموا من مسجد الشجرة غاية الامر قيام الدليل الخارجى على عدم كون احرامها فى المسجد و ان المراد بالمعيّة هو عدم التأخير الى الجحفة و عليه فتدل الرّواية على توسعة ميقات النفساء و جواز احرامها من خارج المسجد بل وجوبه و اشتمالها على امتداد النفاس الى ثمانية عشر يوما مع انه خلاف ما هو المشهور فى ذلك الباب لا يقدح فى الاستدلال بها للمقام و من المعلوم انه لا خصوصية للنفاس بل الظاهر انه لا فرق بينه و بين الحيض نعم مورد الرواية صورة عدم امكان تأخير الاحرام الى النقاء لأنّ المفروض ادامة نفاسها الى آخر ايّام التشريق و فى بعض الروايات الحاكية لهذه القصّة التصريح بامتداد نفاسها ثمانية عشر يوما.
و كيف كان فلا يستفاد من الرّواية الجواز فى صورة امكان التأخير الى النقاء لان موردها صورة عدم الامكان لامتداد النفاس الى آخر ايّام الحج و من الواضح انه لا فرق بين النفاس و الحيض من هذه الجهة.
و لعلّ هذه الرواية مستند جماعة من الاصحاب كالشهيد الثانى و صاحبي المدارك و الذخيرة القائلين بوجوب الاحرام من خارج المسجد و منه يظهر الاشكال على صاحب المستند حيث استظهر تأخير الاحرام الى الجحفة لهما حيث قال: «و اذا عرفت تعين الاحرام من مسجد الشجرة فلو كان المحرم جنبا او حائضا
- 1 ـ وسائل ابواب الاحرام الباب التاسع و الاربعون ح ـ 1
(الصفحة 36)الثاني: العقيق و هو ميقات اهل نجد و العراق و من يمرّ عليه من غيرهم و اوّله المسلخو وسطه غمرة و آخره ذات عرق و الاقوى جواز الاحرام من جميع مواضعه اختيارا و الافضل من المسلخ ثم من غمرة، و لو اقتضت التقيّة عدم الاحرام من اوّله و التأخير الى ذات العرق فالاحوط التأخير بل عدم الجواز لا يخلو من وجه1.
احرما منه مجتازين لحرمة اللبث فان تعذر بدونه فهل يحرمان من خارجه كما صرّح به الشهيد الثانى و المدارك و الذخيرة لوجوب قطع المسافة من المسجد الى مكة محرما ام يؤخّر انه الى الجحفة لكون العذر ضرورة مبيحة للتأخير؟ الاحوط الاحرام منهما و ان كان الاظهر الثانى لما ذكر و لعدم الدليل على توقيت الخارج لمثلهما و منعوجوب قطع المسافة محرما عليه و تمثيل الضرورة فى الاخبار بالمرض و الضعف لا يوجب التخصيص بعد اتحاد العلّة قطعا و لعدم القول بالفصل ظاهرا».
و يرد عليه ـ مضافا الى ما عرفت من عدم شمول الضرورة فى الاخبار للمقام ـ ان الدليل على التوقيت هى الصحيحة المذكورة غاية الامر توقيت بالاضافة الى اشخاص خاصة كما انّه منه يظهر ان ما افاده فى المستمسك من ان الاشكال فى بدليّة الخارج لعدم الدليل عليها فى محلّه غير تامّ نعم لا اشكال فى ان مقتضى الاحتياط هو الجمع بين الاحرام من خارج المسجد و من الجحفة.
ثم ان الفرق بين الجنب و بين الحائض و النفساء بعد اشتراكهما فى جواز التيمم بدلا عن الغسل بعد حصول النقاء لهما و دخول المسجد للاحرام انّما هو فيما اذا لم يحصل لهما النقاء فان الجنب يتيمّم كذلك و الحائض و النفساء لا يجوز لهما التيمم قبل النقاء لعدم وجوب المبدل حتى ينتقل الى البدل بخلاف الجنب.
1 ـ الكلام فى هذا الميقات يقع فى مقامات:
المقام الاوّل:
فى اصل كونه ميقاتا و انه من المواقيت التى وقّتها رسول الله (صلى الله عليه وآله) و يدل عليه
(الصفحة 37)
الروايات المتضافرة التى تقدم بعضها و قد حكى الاجماع عليه جماعة كثيرة من الاصحاب بل الظاهر انه لا خلاف فيه بين المسلمين فى الجملة بناء على كون ذات عرق من العقيق.
المقام الثاني:
فيمن يكون هذا ميقاتا له ففى جملة من الروايات انه ميقات لاهل نجد و فى جملة اخرى انه ميقات اهل العراق و فى بعض هذه الطائفة انه وقت لاهل العراق و لم يكن يومئذ عراق و هل المراد تصريح رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعنوان العراق مع عدم ثبوت هذا العنوان و عدم وجوده فاللازم الالتزام بكونه مبتنيا على علمه (صلى الله عليه وآله) بالغيب او ان المراد جعله هذا ميقاتا لجانب صار العراق بعد وجوده واقعا فى ذلك الجانب و هذا هو الاظهر.
و في بعض ثالث من الروايات انه وقّت رسول الله (صلى الله عليه وآله) لاهل المشرق العقيقو لا منافات بين الروايات بوجه اصلا نعم فى صحيحة عمر بن يزيد الآتية ان قرن المنازل ميقات لأهل نجد و حكى عن صاحب الحدائق حملها على التقية لما روواعن ابن عمران رسول الله (صلى الله عليه وآله) حدّ لاهل نجد قرن المنازل و سيأتي البحث عنه في ميقات اهل الطائف و امّا من يمرّ عليه من غيرهم فسيأتي البحث فيه بنحو الاطلاق.
المقام الثالث:
فى حدّ العقيق و المشهور بل فى محكى الحدائق: صرّح الاصحاب بانّ اوّل العقيق المسلخ و وسطه غمرة و آخره ذات عرق و ان الافضل الاحرام من الاوّل ثم من الوسط.
و يدل على المشهور روايتان: