ج2
آخر؟!
بل لو قلنا بوجوب الإعادة لأمكن أيضاً هذا التوجيه، لأنّ الوجوب الأوّلتعلّق بطبيعة صلاة الآيات ويسقط بالصلاة الاُولى، والوجوب الثاني تعلّقبإعادتها ويسقط بالصلاة الثانية.
والحاصل: أنّ الإتيان بالمأمور به بكلّ أمر يقتضي الإجزاء عن نفس ذلكالأمر بالضرورة.
الموضع الثاني: أنّ الإتيان بالمأمور به بالأمر(1) الاضطراري أو الظاهريهل يجزي عن الإتيان بالمأمور به بالأمر الاختياري أو الواقعي أو لا؟
ففيه مقامان من البحث:
- (1) هذا التعبير على فرض تعدّد الأمر، وإلاّ فقد عرفت أنّا ذهبنا تبعاً لسيّدنا الاُستاذ الأعظم الإمام رحمهالله إلى أنّهليس لنا أكثر من أمر واحد. منه مدّ ظلّه.
(صفحه194)
ج2
المقام الأوّل: في إجزاء المأمور به الاضطراري
عن المأمور به الاختياري
وليعلم أنّ محلّ النزاع إنّما هو ما إذا وقع المأتي به صحيحاً في ظرفه ولمينكشف الخلاف فيما بعد أيضاً، فلو كانت مشروعيّة الصلاة مع التيمّم مثلمشروطةً بفقد الماء في جميع الوقت إلاّ قدر إمكان أدائها من آخره، وهو صلّىمع التيمّم في أوّل الوقت لقطعه بعدم تمكّنه من تحصيل الماء إلى آخره، ثمّ صارواجداً للماء في وسطه فعليه الإعادة حتّى عند القائلين بالإجزاء، لانكشافعدم مشروعيّة الصلاة المأتيّ بها مع التيمّم حال الاضطرار.
ومنه قد انقدح أنّ جواز البدار بإتيان الصلاة مع التيمّم مثلاً في أوّل الوقتأو وجوب الانتظار إلى آخره أو إلى اليأس من وجدان الماء منوط بكيفيّةدلالة الأدلّة، فإنّها لم تقع في أوّل الوقت مشروعة صحيحة إلاّ إذا حكمالشارع بصحّتها مطلقاً أو مع اليأس عن وجدان الماء إلى آخر الوقت.
إذا عرفت هذا فتحقيق الكلام يستدعي التكلّم فيه تارةً بحسب مقامالثبوت وبيان ما يمكن أن يقع عليه الأمر الاضطراري من الأنحاء وبيان ما هوقضيّة كلّ منها من الإجزاء وعدمه، واُخرى بحسب مقام الإثبات وما وقععليه.
(صفحه196)
أمّا البحث بحسب مقام الثبوت فقال المحقّق صاحب الكفاية قدسسره : فاعلم أنّهيمكن أن يكون التكليف الاضطراري في حال الاضطرار كالتكليفالاختياري في حال الاختيار وافياً بتمام المصلحة وكافياً فيما هو المهمّ والغرض،ويمكن أن لا يكون وافياً به كذلك، بل يبقى منه شيء، أمكن استيفائه أو ليمكن(1)، وما أمكن كان بمقدار يجب تداركه أو يكون بمقدار يستحبّ. فهذهأربعة أنحاء ممكنة بحسب مقام الثبوت.
ومقتضى الصورة الثالثة ـ أعني ما إذا كان الباقي ممّا يمكن ويجب تداركه عدم الإجزاء، بخلاف باقي الصور، فلو ثبت في مقام الإثبات أنّ الأمرالاضطراري وقع على واحدة من الصور الثلاثة الاُخر إجمالاً ولو لم تكنمتعيّنة كان مجزياً.
وأمّا بحسب مقام الإثبات فتارةً يقع البحث في الإعادة(2) واُخرى فيالقضاء.
أمّا الإعادة فلا تجب قطعاً على ما ذهبنا إليه في المقدّمة الخامسة تبعللإمام رحمهالله من عدم تعدّد الأمر في المقام، لأنّ الأمر سقط بمجرّد الإتيان بالمأموربه ولا يكون أمر آخر في البين، فليس شيء يقتضي الإتيان به ثانياً، بل بناءًعلى وحدة الأمر يرجع ما نحن فيه إلى الموضع الأوّل من البحث الذي كانالإجزاء فيه من الأحكام العقليّة البديهيّة.
وأمّا بناءً على تعدّد الأمر فلا ريب أيضاً في كونه مجزياً لو انعقد الإجماع
- (1) ويمكن تقسيم هذا القسم إلى قسمين فرضيّين: وهما أنّ الباقي لو فرض إمكان استيفائه فهل كان بمقداريجب تداركه أم لا، فأصبحت الأقسام الأربعة خمسة. منه مدّ ظلّه.
- (2) البحث في وجوب الإعادة في الوقت وعدمه إنّما هو على فرض أن لا يشترط جواز الصلاة مع التيمّممثلاً بكون العذر المسوّغ لها مستوعباً لجميع الوقت، إذ لو اشترط به فبعد وجدان الماء في الوقتينكشف عدم كون الصلاة المأتيّ بها مشروعة، فتجب إعادتها حتّى على القول بعدم وجوب الإعادة.منه مدّ ظلّه.
ج2
على عدم وجوب أكثر من صلاة واحدة في الوقت المضروب لها.
كلام الإمام الخميني رحمهالله في المقام
ولو لم يكن لنا إجماع على ذلك فللإمام رحمهالله تفصيل متين حيث قال:
ولو فرضنا عدم قيام الإجماع المذكور لاستفدنا من الأدلّة أنّ تعدّد الأمرليس لأجل تعدّد المطلوب، بأن تكون الصلاتان مطلوبتين مستقلّتين، بللأجل امتناع جعل الشرطيّة والجزئيّة استقلالاً، وأنّه لابدّ في انتزاع شرطيّةالطهارة الترابيّة في حال العجز من شمول الأمر ووقوعها تحت الأمر حتّى تعلمشرطيّتها، فيكون تعدّد الأمر من ضيق الخناق، كتعدّده في القربيّات منالأوامر على القول بعدم إمكان أخذ ما يأتي من قبل الأمر في موضوعه،فحينئذٍ الأمر الثاني ليس لإفادة مطلوب مستقلّ، بل لأجل جعل شيء شرطللمأمور به تبعاً للأمر المتعلّق بالمقيّد به.
وبالجملة: ماهيّة المأمور به واحدة، والأمر المتعلّق بها أيضاً واحد واقعاً،إلاّ أنّها مشروطة بشرطين، ولا يتمكّن الشارع من بيانهما للمكلّف إلاّ فيضمن أمر، فيضطرّ إلى أمرين ظاهريّين لأجل بيان الشرطين، فيقول: «أيّهالواجد للماء صلِّ مع الوضوء» و«أيّها الفاقد للماء صلِّ مع التيمّم» لكنّالتكليف في الواقع واحد متعلّق بماهيّة واحدة، وعلى هذا المبنى يكون مقتضىالقاعدة هو الإجزاء أيضاً، لأنّ تعدّد الأمر ليس ناشئاً من تعدّد المطلوبوالمصلحة حتّى لا يكون استيفاء الواحد منهما مغنياً عن الآخر.
نعم، لو فرضنا أنّ تعدّد الأمر لأجل تعدّد المطلوب، وأنّ البدل ـ وهوالصلاة مع التيمّم ـ مطلوب مستقلّ، والمبدل ـ وهو الصلاة مع الوضوء مطلوب مستقلّ آخر، وفرضنا أيضاً أنّ دليل المبدل مطلق يعمّ صورة الإتيان