(صفحه402)
من المناقشة.
وعلى هذا ففي القسم الأوّل(1) إن كانت العلّة التامّة مركّبة من اُمور، يتّصفالمجموع منها بالحرمة، وتكون إحدى المقدّمات لا بشخصها محرّمة، إلاّ إذوجد باقي الأجزاء وانحصر اختيار المكلّف في واحدة منها، فتحرم عليهشخصاً، من باب تعيّن أحد أفراد الواجب التخييري بالعرض فيما إذا تعذّرالباقي، فإنّ ترك أحد الأجزاء واجب على سبيل التخيير، فإذا وجد الباقيوانحصر اختيار المكلّف في واحد معيّن يجب تركه معيّناً، وأمّا القسم الثانيـ أعني فيما إذا كان الفعل المقيّد بالإرادة محرّماً ـ فلا يتّصف الأجزاء الخارجيّةبالحرمة، لأنّ العلّة التامّة للحرام هي المجموع المركّب منها ومن الإرادة، وليصحّ إسناد الترك إلاّ إلى عدم الإرادة، لأنّه أسبق رتبةً من سائر المقدّماتالخارجيّة(2).
إنتهى موضع الحاجة من كلامه رحمهالله .
مناقشة الإمام الخميني رحمهالله فيه وجوابه
وناقش فيه سيّدنا الاُستاذ الأعظم الإمام قدسسره بأنّ الإرادة في القسم الثانيدخيلة في متعلّق الحرمة، حيث إنّ الحرام النفسي هو الفعل الصادر عنالإرادة، فهي محرّمة بالحرمة النفسيّة، وليست في رديف المقدّمات.
وفيه: أنّ المحقّق الحائري رحمهالله جعل الإرادة قيداً لمتعلّق الحرمة النفسيّة لجزءً له، فهي خارجة عن المتعلّق وإن كان التقيّد بها داخلاً.
بيان الحقّ في مسألة مقدّمة الحرام
- (1) وهو ما إذا كان العنوان بما هو محرّماً ومبغوضاً من دون تقييده بالاختيار وعدمه. م ح ـ ى.
ج2
وبعدما عرفت من عدم الملازمة بين وجوب الشيء ووجوب مقدّمتهمطلقاً، فالحقّ هاهنا أيضاً عدم الملازمة بين حرمته وحرمتها كذلك(1).
وأمّا بناءً على الملازمة فالحقّ هو حرمة الجزء الأخير من العلّة التامّة فيمإذا كانت مركّبة من الإرادة والمقدّمات الخارجيّة، وحرمة الإرادة(2) فيما إذكانت هي العلّة التامّة لتحقّق الحرام، كما إذا كان الحرام حركة العضلات التيتتحقّق بمجرّد إرادتها.
هذا تمام الكلام في مقدّمة الحرام، وبه تمّ جميع مباحث مقدّمة الواجب.والحمد للّه ربّ العالمين.
- (1) نعم، يمكن أن ينطبق على مقدّمة عنوان محرّم، فتصير حراماً لأجل ذلك العنوان، كالتجرّي بناءً علىحرمته. منه مدّ ظلّه.
- (2) فإنّها أمر اختياري، كما اختاره الاُستاذ«مدّ ظلّه». م ح ـ ى.
(صفحه404)
الفصل الخامس
في مسألة الضدّ
اختلفوا في أنّ الأمر بالشيء هل يقتضي النهي عن ضدّه أم لا؟ وتحقيقالحال يستدعي تقديم اُمور:
الأوّل: في كون المسألة اُصوليّة
قال المحقّق النائيني رحمهالله : لا إشكال في أنّ المسألة من مسائل الاُصول؛ لأنّنتيجتها تقع في طريق الاستنباط(1).
وهو صحيح إن لم يرد حصرها في الاُصول، ضرورة أنّها مع كونها مسألةاُصوليّة من مسائل اللغة أيضاً، حيث إنّ اللغويّين يبحثون عن مفاد الهيئة كميبحثون عن مفاد المادّة، فمن شأنهم أن يتكلّموا في مفاد هيئة «افعل» منحيث اقتضائها النهي عن الضدّ.
- (1) فوائد الاُصول 1 و 2: 301.
ج2
(صفحه406)
الثاني: في كونها عقليّة
قال المحقّق النائيني أيضاً: ليست المسألة من المباحث اللفظيّة؛ لوضوح أنّالمراد من الأمر العنوان الأعمّ من اللفظي واللبّي المستكشف من الإجماعونحوه، بل هي من المباحث العقليّة، وليست من المستقلاّت العقليّة، بل هي منالملازمات ـ على ما تقدّم شرح ذلك في أوّل البحث عن وجوب المقدّمة وذكرها في المباحث اللفظيّة لكون الغالب في الأوامر كونها لفظيّة(1)، إنتهى.