(صفحه404)
الفصل الخامس
في مسألة الضدّ
اختلفوا في أنّ الأمر بالشيء هل يقتضي النهي عن ضدّه أم لا؟ وتحقيقالحال يستدعي تقديم اُمور:
الأوّل: في كون المسألة اُصوليّة
قال المحقّق النائيني رحمهالله : لا إشكال في أنّ المسألة من مسائل الاُصول؛ لأنّنتيجتها تقع في طريق الاستنباط(1).
وهو صحيح إن لم يرد حصرها في الاُصول، ضرورة أنّها مع كونها مسألةاُصوليّة من مسائل اللغة أيضاً، حيث إنّ اللغويّين يبحثون عن مفاد الهيئة كميبحثون عن مفاد المادّة، فمن شأنهم أن يتكلّموا في مفاد هيئة «افعل» منحيث اقتضائها النهي عن الضدّ.
- (1) فوائد الاُصول 1 و 2: 301.
ج2
(صفحه406)
الثاني: في كونها عقليّة
قال المحقّق النائيني أيضاً: ليست المسألة من المباحث اللفظيّة؛ لوضوح أنّالمراد من الأمر العنوان الأعمّ من اللفظي واللبّي المستكشف من الإجماعونحوه، بل هي من المباحث العقليّة، وليست من المستقلاّت العقليّة، بل هي منالملازمات ـ على ما تقدّم شرح ذلك في أوّل البحث عن وجوب المقدّمة وذكرها في المباحث اللفظيّة لكون الغالب في الأوامر كونها لفظيّة(1)، إنتهى.
ج2
(صفحه408)
في مسألة الضدّ
الثالث: في بيان المراد من كلمتي «الاقتضاء»
و«الضدّ» في المقام
ذهب المحقّق النائيني رحمهالله تبعاً لاُستاذه صاحب الكفاية رحمهالله إلى أنّ الاقتضاء فيالعنوان أعمّ من كونه على نحو العينيّة، أو التضمّن، أو الالتزام؛ لأنّ لكلّ وجهبل قائلاً، كما أنّ المراد من الضدّ ليس خصوص الأمر الوجودي، وإن كانالظاهر منه ذلك، بل المراد منه مطلق المعاند الشامل للنقيض وللأمرالوجودي(1).
نقد كلام المحقّقين النائيني والخراساني رحمهماالله
ويرد على المحقّق النائيني رحمهالله أنّ هذا ينافي ما تقدّم منه في المقدّمة الثانية منكون المسألة عقليّة، ضرورة أنّ الدلالات الثلاث من شؤون اللفظ لا العقل.
وهاهنا إشكال آخر يرد عليه وعلى صاحب الكفاية كليهما، وهو أنّالاقتضاء عبارة عن تأثير شيء في شيء آخر وكونه سبباً له، ففي معناهالحقيقي خصوصيّتان:
- (1) كفاية الاُصول: 160، وفوائد الاُصول 1 و 2: 301.