(صفحه344)
به، فلا يكون تقسيمه إلى الأصلي والتبعي مستقلاًّ في مقابل تقسيمه إلىالنفسي والغيري، بل هو من متفرّعات ذلك التقسيم بأن يقال: الواجب إمّنفسي وإمّا غيري، والواجب الغيري إمّا أصلي وإمّا تبعي، وهذا الإشكالأورده نفسه رحمهالله على تقسيم الواجب إلى المنجّز والمعلّق، وقال هناك: هذا ليستقسيماً مستقلاًّ للواجب في مقابل تقسيمه إلى المطلق والمشروط، لأنّ المعلّقوالمنجّز كلاهما من قبيل الواجب المطلق، وغفل عن ورود نفس هذا الإشكالعلى نفسه هاهنا.
وثانياً: أنّه إن أراد بالإرادة المستقلّة وغير المستقلّة في تعريف الواجبالأصلي والتبعي الإرادة الأصليّة والتبعيّة فالواجب الغيري لا يكون إلاّ تبعيّاً،لكون الإرادة المتعلّقة به تابعةً دائماً للإرادة المتعلّقة بالواجب النفسي الذي هوذو المقدّمة، فلا يتمّ ما أفاده من إمكان أن يكون الواجب الغيري أصليّاً أوتبعيّاً، وإن أراد بالاستقلال وعدمه التفصيل والإجمال ـ كما هو ظاهر قوله:«للالتفات إليه بما هو عليه ممّا يوجب طلبه» في تعليل الإرادة المستقلّة، وقوله:«من دون الالتفات إليه بما يوجب إرادته» في بيان الإرادة غير المستقلّة ـ فهويستلزم أن يكون الواجب النفسي أيضاً تبعيّاً أحياناً(1)، وهو فيما إذا تعلّقت بهإرادة إجماليّة، إذ لا دليل على لزوم تعلّق الإرادة التفصيليّة بالواجبات النفسيّة،فلا يتمّ ما أفاده من عدم إمكان أن يكون الواجب النفسي تبعيّاً(2).
- (1) ويستلزم أيضاً أن يكون مثل صلاتي الظهر والجمعة من مصاديق الواجب التبعي، لتعلّق العلم الإجماليوالإرادة الإجماليّة بهما، مع أنّه لا يمكن الالتزام بذلك. هذا ما يستفاد من تضاعيف كلمات شيخنا الاُستاذالمحاضر ««مدّ ظلّه»». م ح ـ ى.
- (2) أقول: نعم، هذا الإشكال وارد على المحقّق الخراساني، حيث ذهب إلى عدم إمكان أن يكون الواجبالنفسي تبعيّاً، ولكنّه لا يقتضي فساد كون هذا التقسيم بحسب مقام الثبوت، لأنّ غايته أنّه إن كان بحسبمقام الثبوت بهذا المعنى الذي ذكره في الكفاية كان كلّ من الواجب الأصلي والتبعي مشتملاً على كل منالنفسي والغيري، وهذا ليس أمراً باطلاً في نفسه، بل هو أمر لازم، لكونه موجباً لاستقلال هذا التقسيمورافعاً للإشكال الأوّل عن كلام المحقّق الخراساني رحمهالله . م ح ـ ى.
ج2
فالحقّ ما ذهب إليه صاحب الفصول رحمهالله من أنّ هذا التقسيم يكون بلحاظالدلالة ومقام الإثبات.
مقتضى الأصل عند الشكّ في أصليّة الواجب وتبعيّته
كلام صاحب الكفاية رحمهالله فيه
ثمّ إنّه لو شكّ في أصليّة واجب وتبعيّته فذهب المحقّق الخراساني رحمهالله إلىأنّمقتضى الاستصحاب هو التبعيّة، لأنّ الواجب التبعي ـ على ما عرّفه ـ هوالذي لم يتعلّق به إرادة مستقلّة، فإذا أحرزنا أصل الوجوب وشككنا في كونالإرادة المتعلّقة بالواجب مستقلّة أو غير مستقلّة فيستصحب عدم كونهمستقلّة، ويترتّب عليه آثار الواجب التبعي إذا فرض له أثر شرعي، وهذالأصل ليس مثبتاً، لأنّ الواجب التبعي متقوّم بهذا الأمر العدمي المستصحب،لا أنّه لازم له(1).
هذا حاصل كلام صاحب الكفاية رحمهالله .
ما أفاده المحقّق الاصفهاني رحمهالله في المقام
وذهب المحقّق الاصفهاني رحمهالله إلى أنّ مقتضى الاستصحاب هو الأصليّة، لأنّالواجب الأصلي ـ على ما عرّفه ـ هو الذي لا تكون الإرادة المتعلّقة به معلولةللإرادة المتعلّقة بشيء آخر، فالمتقوّم بالقيد العدمي المستصحب إنّما هوالواجب الأصلي، بخلاف التبعي، فإنّه عبارة عمّا تعلّق به إرادة مترشّحة من
(صفحه346)
إرادة متعلّقة بشيء آخر(1).
هذا حاصل كلام المحقّق الاصفهاني رحمهالله .
نقد كلام المحقّقين الخراساني والاصفهاني في المقام
ويرد عليهما أنّ الحقّ عدم جريان الاستصحاب في مثل عدم قرشيّة المرأة،لعدم اتّحاد القضيّتين، حيث إنّ القضيّة المتيقّنة سالبة بانتفاء الموضوعوالمشكوكة بانتفاء المحمول.
والمقام من هذا القبيل، لأنّ الإرادة لم تكن سابقاً مستقلّة أو معلولة منإرادة اُخرى، لأنّها لم تكن موجودة حتّى تكون كذلك، والآن صارت موجودةونشكّ في استقلالها أو معلوليّتها لإرادة اُخرى.
فالحقّ أنّه ليس لنا أصل عملي يقتضي الأصالة والتبعيّة في جميع الموارد،فلابدّ لنا في كلّ مورد من ملاحظة الأصل الجاري في خصوصه.
هذا تمام الكلام في تقسيمات الواجب.
- (1) نهاية الدراية 2: 158.
ج2
(صفحه348)
فيما هو الواجب من المقدّمة
الأمر الرابع: في بيان ما هو الواجب من المقدّمة
نظريّة المشهور فيه
ذهب المشهور إلى أنّ وجوب المقدّمة ـ بناءً على الملازمة ـ يتبع فيالإطلاق والاشتراط وجوب ذيها، فلو كان وجوب ذي المقدّمة مشروطبشيء لكان وجوبها أيضاً مشروطاً بذلك الشيء، ولو كان وجوبه مطلقاً لكانوجوبها أيضاً كذلك.
وهذا واضح بناءً على كون وجوبها مترشّحاً ومعلولاً من وجوبه، كما ذهبإليه بعض، بل هو واضح أيضاً بناءً على المختار من كون وجوبها تابعاً لوجوبهوإن أنكرنا الترشّح والعلّيّة.
وبالجملة: ذهب المشهور إلى عدم اشتراط وجوب المقدّمة بشرط دونوجوب ذيها.
البحث حول اشتراط وجوب المقدّمة بإرادة ذيه
ولكن نسب إلى صاحب المعالم رحمهالله أنّه ذهب إلى اشتراط وجوب المقدّمةبإرادة ذيها، حيث قال في مبحث الضدّ: وأيضاً فحجّة القول بوجوب المقدّمةعلى تقدير تسليمها إنّما تنهض دليلاً على الوجوب في حال كون المكلّف مريد