والرافع على هذا عبارة عن المانع من تأثير المقتضي في المقتضى ـ أي منتأثير المناط في الحكم ـ .
حدوثه، فهو الشكّ في المقتضي، واُخرى: نشكّ في حدوث مانع عن تأثيره فيالحكم بقاءً مع علمنا ببقاء المناط والمقتضي كما في السابق، وهو الشكّ فيالرافع.
ب ـ السبب المجعول شرعاً تأسيساً أو إمضاءً، فإنّه مقتضٍ لتحقّق المسبّب،كعقد النكاح المقتضي للزوجيّة وعقد البيع المقتضي للملكيّة، وعلى هذفالرافع هو ما يرفع تأثير السبب في المسبّب، كالطلاق، وفسخ المعاملة.
وتطبيق هذا على ما نحن فيه هو أنّه تارةً: نشكّ في بقاء السبب بعد حدوثه،فهو الشكّ في المقتضي، واُخرى: نشكّ في حدوث شيء يمنع عن تأثيره فيالمسبّب بقاءً مع علمنا ببقاء أصل السبب كما في السابق، وهو الشكّ في الرافع.
مثال ذلك: أنّ الوضوء سبب للطهارة، فإن شككنا في أنّ المذي مثلاً هلهو يرفع الطهارة أم لا، فهذا الشكّ يمكن تصويره على وجهين: أحدهما: أنّالوضوء هل هو سبب للطهارة إلى أن يخرج المذي فقط أم هو سبب بعدخروجه أيضاً، فهو الشكّ في المقتضي، والآخر: أنّ خروج المذي هل هو يرفعتأثير الوضوء في الطهارة بقاءً أم لا مع العلم باقتضائه وسببيّته لها حتّى بعدخروج المذي أيضاً، وهو الشكّ في الرافع.
ج ـ استعداد البقاء وقابليّته، وعلى هذا فالرافع عبارة عن أمر حادثرافع له.
وتطبيق هذا المعنى على المقام أنّا تارةً: نشكّ في استعداد شيءواقتضائه للبقاء والدوام، فهو الشكّ في المقتضي، واُخرى: نشكّ فيحدوث أمر رافع له مع العلم بأنّه كان قابلاً للبقاء ومقتضياً للدوام، وهو الشكّفي الرافع.
مثال ذلك: أنّ الشكّ في ذهاب اشتعال السراج يتصوّر على وجهين:
(صفحه26)
أحدهما: أن يكون منشأه الشكّ في قابليّة النفط الذي كان في السراجواقتضائه للبقاء حتّى في زمن الشكّ، والآخر: أن يكون منشأه الشكّ فيحدوث أمر رافع للاشتعال مع العلم باقتضاء النفط للبقاء والاستمرار، فالأوّلهو الشكّ في المقتضي، والثاني هو الشكّ في الرافع.
وليعلم أنّ المراد من اقتضاء الدوام هو الدوام بالنسبة إلى زمن الشكّ، لالدوام إلى الأبد، فيمكن أن يكون الشكّ في زمان شكّاً في الرافع ولكنّه لوحدث بعد ساعة لكان شكّاً في المقتضي كما هو واضح.
وظاهر الشيخ رحمهالله في موارد من كلامه هو المعنى الثالث.
كلام المحقّق النائيني رحمهالله في توضيح نظريّة الشيخ رحمهالله
واستدلّ المحقّق النائيني رحمهالله على كون مراد الشيخ من المقتضي والرافع هوالمعنى الثالث بأنّ القول بعدم جريان الاستصحاب في الشكّ في المقتضيبالمعنيين الأوّلين يستلزم إنكار جريان الاستصحاب مطلقاً، لا التفصيل بينالشكّ في المقتضي والرافع، مع أنّ الشيخ رحمهالله لا يكون منكراً لحجّيّةالاستصحاب رأساً، بل هو قائل بالتفصيل كما هو واضح.
توضيح ذلك: أنّه بناءً على المعنى الأوّل لا يعقل الشكّ في الرافعإلاّ في صورة العلم ببقاء المناط، ولا طريق لنا إلى إحراز بقاء المناطفي صورة الشكّ في بقاء الحكم، ولا نجد مورداً يكون بقاء الحكم فيهمشكوكاً وبقاء ملاكه مقطوعاً، فكلّ مورد يتصوّر أنّه من موارد الشكّ فيالرافع فهو من موارد الشكّ في المقتضي، مثلاً إذا شككنا في بقاء وجوب صلاةالجمعة شككنا في بقاء مناطه أيضاً، إذ لا طريق لنا إلى بقاء المناط في صورةالشكّ في الحكم.