(صفحه270)
في كفاية كون المستصحب حكما شرعيّا أو ذا حكم كذلك بقاءً
التنبيه الثامن: قال المحقّق الخراساني رحمهالله : إنّه قد ظهر ممّا مرّ لزوم أن يكونالمستصحب حكما شرعيّا أو ذا حكم كذلك، لكنّه لا يخفى أنّه لابدّ أن يكونكذلك بقاءً، ولو لم يكن كذلك ثبوتا، فلو لم يكن المستصحب في زمان ثبوتهحكما ولا له أثر شرعا وكان في زمان استصحابه كذلك ـ أي حكما أو ذحكم ـ يصحّ استصحابه، كما في استصحاب عدم التكليف، فإنّه وإن لم يكنبحكم مجعول في الأزل ولا ذا حكم، إلاّ أنّه حكم مجعول فيما لا يزال، لما عرفتمن أنّ نفيه كثبوته في الحال مجعول شرعا، وكذا استصحاب موضوع لم يكنله حكم ثبوتا أو كان ولم يكن حكمه فعليّا وله حكم كذلك بقاءً(1)، وذلكلصدق نقض اليقين بالشكّ على رفع اليد عنه والعمل كما إذا قطع بارتفاعهيقينا ووضوح عدم دخل أثر الحالة السابقة ثبوتا فيه وفي تنزيلها بقاءً، فتوهّماعتبار الأثر سابقا كما ربما يتوهّمه الغافل من اعتبار كون المستصحب حكمأو ذا حكم فاسد قطعا(2).
- (1) وذلك مثل الشكّ في حياة الولد عند موت الوالد، فيستصحب بقائها كذلك ليترتّب عليه انتقال تركةالوالد إليه، فإنّ انتقال التركة لم يكن أثراً لثبوت حياته، إلاّ أنّه أثر لبقائها عند موت والده كما لا يخفى.منه مدّ ظلّه.
ج6
إنتهى كلامه رحمهالله ، وهو صحيح متين.
(صفحه272)
ج6
في أصالة تأخّر الحادث
أصالة تأخّر الحادث
التنبيه التاسع: إذا شككنا في أصل تحقّق حكم أو موضوع فلا إشكال فيجريان استصحاب عدمه، وأمّا إذا شككنا في تقدّمه وتأخّره بعد القطع بتحقّقهوحدوثه في زمان فتارةً: يلاحظ التقدّم والتأخّر بالإضافة إلى أجزاء الزمان،واُخرى: بالإضافة إلى حادث آخر.
فينبغي البحث في مقامين:
لحاظ التقدّم والتأخّر بالنسبة إلى أجزاء الزمان
المقام الأوّل: فيما إذا لوحظ التقدّم والتأخّر بالإضافة إلى أجزاء الزمان، كمإذا شككنا في أنّ موت زيد هل حدث يوم الخميس أو الجمعة، فهل يجريالاستصحاب فيه أم لا؟
أقول: لا إشكال في استصحاب عدم تحقّقه في الزمان الأوّل وترتيب آثاره،وأمّا آثار تأخّره عن الزمان الأوّل فلا تترتّب، لكون الاستصحاب بالنسبةإليها مثبتا، حيث إنّ التأخّر لازم عقلي للمستصحب.
اللّهمّ إلاّ أن يدّعى خفاء الواسطة، لكنّه خلاف الظاهر، لما عرفت من أنّالواسطة الخفيّة ما لا يراها العرف، مع أنّ التأخّر ليس كذلك.
فالتعبير عن هذا الاستصحاب بـ «أصالة تأخّر الحادث» كما في كلماتهم
(صفحه274)
مبنيّ على التسامح، لعدم كون التأخّر ذا حالة سابقة متيقّنة، بل هو لازم عقليلما كان كذلك، أعني عدم التحقّق في الزمان الأوّل.
وكذلك لا تترتّب آثار حدوثه في الزمان الثاني، لكونه بالنسبة إليهأيضاً مثبتا، لأنّ حدوثه في الزمان الثاني لازم عقلي لعدم حدوثهفي الزمان الأوّل.
نعم، لو كان الحدوث عبارةً عن أمر مركّب من الوجود في الزمان الثانيوعدم الوجود في الزمان الأوّل لترتّب آثاره بذاك الاستصحاب، لثبوت كلجزئيه، أحدهما ـ أعني الوجود في الزمان الثاني ـ بالوجدان، والآخر ـ أعنيعدم الوجود في الزمان الأوّل ـ بالاستصحاب، ولا يجب أن يكونالمستحصب نفسه ذا أثر شرعي، بل يكفي كونه أحد أجزاء مركّب ذي أثرإذا اُحرز سائر الأجزاء من طريق آخر، ألا ترى أنّا إذا علمنا أنّ زيدا عادلثمّ صار مجتهدا وشككنا في بقاء عدالته يجري استصحاب العدالة لترتيبجواز تقليده، مع أنّ موضوع جواز التقليد مركّب من الاجتهاد والعدالة،لا العدالة فقط.
هذا، ولكن كون معنى الحدوث مركّبا خلاف الظاهر، لأنّه عبارة عن أمربسيط مقيّد ظاهرا، وهو الوجود المقيّد بكونه مسبوقا بالعدم.
فالحاصل: أنّا إذا علمنا بحدوث شيء وشككنا في تقدّمه وتأخّره بالنسبةإلى أجزاء الزمان يجري استصحاب عدمه في الزمان الأوّل لترتيب آثاره،أعني آثار هذا العدم، لا آثار تأخّره عن الزمان الأوّل، ولا آثار حدوثه فيالزمان الثاني.
لحاظ التقدّم والتأخّر بالنسبة إلى حادث آخر