(صفحه298)
أيضاً في أوّل الزوال وعلم بعد ساعة بتحقّق طهارة إمّا قبل الزوال أو بعده،ففي هذه الصورة يجري استصحاب الحدث والطهارة كليهما ويتساقطانبالتعارض، أمّا استصحاب الطهارة فلكونها مؤثّرة على كلّ حال، وأمّالحدث فإنّه وإن لم يكن مؤثّرا لو وقع قبل الطهارة إلاّ أنّ تاريخ حدوثه معلومتفصيلاً، وهو أوّل الزوال، ونشكّ في ارتفاعه، فيستصحب ويعارضاستصحاب الطهارة، فيتساقطان، فيجب تحصيل الطهارة، لأنّ الاشتغالاليقيني يقتضي البراءة اليقينيّة، ففي هذه الصورة نأخذ بنفس الحالة السابقة،لكنّه لأجل قاعدة الاشتغال، لا لاستصحاب الحدث المتحقّق في أوّل الزوال.
الصورة الثالثة: ما إذا كانت الحالة السابقة هي الطهارة وكان تاريخ الطهارةالجديدة معلوما، كأن تيقّن كونه متطهّرا في أوّل النهار وعلم بأنّه توضّأ أوّلالزوال وعلم بعد ساعة بخروج حدث منه إمّا قبل الزوال أو بعده، ففي هذهالصورة أيضاً يجري استصحاب الطهارة والحدث كليهما، أمّا الأوّل فلأنّ تاريخوقوعها معلوم تفصيلاً وهو أوّل الزوال، ونشكّ في ارتفاعها، فتستصحب،وأمّا الثاني فلكونه مؤثّرا على كلّ حال، فيجري استصحابه، ويعارضاستصحاب الطهارة ويتساقطان، فنرجع إلى قاعدة الاشتغال، ففي هذهالصورة أيضاً نأخذ بضدّ الحالة السابقة بمقتضى قاعدة الاشتغال.
الصورة الرابعة: ما إذا كانت الحالة السابقة هي الطهارة وكان تاريخ الحدثمعلوما، كأن تيقّن كونه متطهّرا في أوّل النهار وعلم بخروج حدث منه في أوّلالزوال، وعلم بعد ساعة بتحقّق طهارة منه إمّا قبل الزوال أو بعده، ففي هذهالصورة يجري استصحاب الحدث فقط، لمعلوميّته تفصيلاً أوّلاً ولكونه مؤثّرمطلقا ثانيا، بخلاف الطهارة، فإنّها لا تكون معلومة بالتفصيل ولا مؤثّرةً علىكلّ حال، فلا أثر للعلم الإجمالي بها، ففي هذه الصورة أيضاً نأخذ بضدّ الحالة
ج6
السابقة لأجل الاستصحاب.
(صفحه300)
ج6
في استصحاب الاُمور الاعتقاديّة
استصحاب الاُمور الاعتقاديّة
التنبيه العاشر: أنّهم اختلفوا في جريان الاستصحاب في الاعتقاديّات.
ومنشأ الشبهة في جريانه أمران:
أحدهما: أنّهم قالوا: إنّ الاستصحاب أصل عملي، فتخيّل بعضهم عدمشموله للاعتقاديّات التي هي من الاُمور القلبيّة لا العمليّة.
الثاني: احتجاج الجاثليق على الإمام على بن موسى الرضا عليهالسلام باستصحاب النبوّة لإثبات بقاء شريعته.
والحقّ جريان الاستصحاب فيها إذا كان أركانه موجودة، ولا يضرّتعبيرهم بأنّه أصل عملي، لأنّ معناه أنّه وظيفة للشاكّ تعبّدا في قبال الأماراتالحاكية عن الواقعيّات، فيعمّ الأعمال الجوانحيّة، كالجوارحيّة.
على أنّ التعبير بكونه أصلاً عمليّا لم يرد في آية أو رواية، فالملاك فيجريان الاستصحاب إنّما هو صدق قوله عليهالسلام : «لا تنقض اليقين بالشكّ».
وأركانه هي اليقين بالحدوث والشكّ في البقاء مع كونه مرتبطا بالشارع،يعني قابلاً للتعبّد الشرعي، سواء كان حكما أو موضوعا ذا حكم أو مربوطبه بوجه ثالث، ولا يخفى أنّ المراد بالشكّ في البقاء ما يقابل اليقين، لا الشكّالمتساوي طرفاه فقط، فإذا تحقّق هذه الاُمور يجري الاستصحاب، سواء كانمن الأعمال الجوارحيّة أو من الاُمور الاعتقاديّة.
(صفحه302)
كلام المحقّق الخراساني رحمهالله في المسألة
والمحقّق صاحب الكفاية رحمهالله فصّل في المقام تفصيلاً متينا، وهو أنّ الاُمورالاعتقاديّة على قسمين:
الأوّل: ما يكون المطلوب به هو الانقياد والتسليم والاعتقاد، بمعنى عقدالقلب عليه من الأعمال القلبيّة الاختياريّة(1)، كالالتزام القلبي بوجوب الصلاةوحرمة الخمر، فيجري استصحاب الحكم، وكذا استصحاب الموضوع، مثلإذا تيقّن أنّ الالتزام بوجوب صلاة الجمعة كان واجبا وشكّ في بقائه يجرياستصحاب وجوب الالتزام بذلك(2).
الثاني: ما يكون المطلوب به هو القطع به ومعرفته، فيجري الاستصحابفي الحكم، لا الموضوع، فلو كان متيقّنا بوجوب تحصيل القطع بشيءـ كتفاصيل القيامة ـ في زمان، وشكّ في بقاء وجوبه يستصحب، وأمّا لو شكّفي بقاء حياة إمام زمان مثلاً فلا تستصحب لأجل ترتيب لزوم معرفة إمامزمانه، لأنّ الواجب هو تحصيل القطع بحياة الإمام المعصوم أو بموته، ولا يكفيالاستصحاب(3).
هذا حاصل كلام صاحب الكفاية رحمهالله ، وهو تامّ متين.
استصحاب النبوّة
- (1) وبعبارة اُخرى: يكون المطلوب في هذا القسم مجرّد التباني القلبي، لا القطع واليقين. منه مدّ ظلّهتوضيحا لكلام المحقّق الخراساني رحمهالله .
- (2) إنّ الاُستاذ«مدّ ظلّه» لم يذكر مثالاً لاستصحاب الموضوع، ويمكن التمثيل له بما إذا تيقّن أنّ صلاةالجمعة كانت واجبة وشكّ في بقاء وجوبها، فيستصحب ويترتّب عليه وجوب الالتزام به لو قلنبوجوب الموافقة الالتزاميّة كالعمليّة في الأحكام. وهذا المثال وإن كان قابلاً للمناقشة ـ لأنّ استصحابوجوب صلاة الجمعة يكون جاريا، سواء ترتّب عليه وجوب الالتزام به أم لا ـ إلاّ أنّه يوجب تقريبالمطلب إلى الذهن. م ح ـ ى.