(صفحه420)
وقوعه في الشريعة إلاّ في موارد نادرة جدّا في مقابل التخصيص الرائج الشائعبمثابة قيل فيه: «ما من عامّ إلاّ وقد خصّ» فملاك عدم الاعتناء بالاحتمالالنادر في الشبهة غير المحصورة موجود هنا أيضاً.
فكأنّ المقام ليس من موارد دوران الأمر بين النسخ والتخصيص،لأنّ احتمال النسخ وإن كان موجودا واقعا، إلاّ أنّه غير مرئيّبنظر العقلاء.
دوران الأمر بين التقييد وبين الحمل على الاستحباب أو الكراهة
ومنها(1): ما إذا دار الأمر بين تقييد المطلق وبين حمل الأمر علىالاستحباب أو النهي على الكراهة، كما إذا قال: «أعتق رقبةً» و«لا تعتق رقبةًكافرة» أو قال: «إن ظاهرت فأعتق رقبةً» و«إن ظاهرت فأعتق رقبةً مؤمنة»فالأمر دائر بين حمل المطلق على المقيّد وبين حمل الأمر في المقيّد علىالاستحباب(2) والنهي على الكراهة(3)، كحمل الأمر في قوله: «صلّوا فيالمسجد» على الاستحباب، وحمل النهي في قوله: «لا تصلّ في الحمّام» علىالكراهة، من دون تقييد قوله: «أقيموا الصلاة» بهما.
نظريّة المحقّق المؤسّس الحائري رحمهالله في المقام
قال سيّدنا الاُستاذ الأعظم الإمام«مدّ ظلّه» في مجلس الدرس: ذهب شيخنالعلاّمة الحائري رحمهالله إلى تقدّم حمل الأمر في المقيّد على الاستحباب والنهي علىالكراهة، وقال: يصعب عليّ حمل المطلق على المقيّد بعد انعقاد الظهور للمطلق
- (1) أي من الموارد التي قيل بكونها من قبيل الأظهر والظاهر. م ح ـ ى.
- (2) فيدلّ على أنّ عتق المؤمنة أفضل فردي الواجب. م ح ـ ى.
- (3) فيدلّ على أنّ عتق الكافرة أخسّ فردي الواجب. م ح ـ ى.
ج6
في الإطلاق، سيّما أنّ استعمال الأمر في الندب كان شايعا في عرف الأئمّة عليهمالسلام وكذا استعمال النهي في الكراهة(1).
فعلى هذا ظهور المطلق في الإطلاق أقوى من ظهور الأمر بالمقيّد فيالوجوب والنهي عنه في الحرمة.
كلام الإمام الخميني«مدّ ظلّه» في المسألة
ثمّ فصّل سيّدنا الاُستاذ الأعظم الإمام«مدّ ظلّه» تفصيلاً متينا، وهو أنّالإطلاق في مقام البيان قد يقع في جواب سؤال من يريد العمل به، كما لو سألرجل عن تكليفه الفعلي فيما إذا ظاهر امرأته، فقال الإمام عليهالسلام له: «إن ظاهرتفأعتق رقبةً» فأخذ بإطلاقه وأعتق رقبةً كافرة، ثمّ بعده ورد دليل على أنّه«إن ظاهرت فأعتق رقبة مؤمنة» أو «لا تعتق رقبةً كافرة» ففي مثل ذلكيكون حمل الأمر على الاستحباب والنهي على الكراهة أقوى، بل متعيّنا، لأنّفي تقييد الإطلاق محذور الإغراء بالجهل الممتنع، وأمّا حمل الأمر علىالاستحباب أو النهي على الكراهة فلا محذور فيه.
وقد يقع الإطلاق في مقام البيان في جواب مثل زرارة ومحمّد بن مسلموأمثالهما من الفقهاء وأصحاب الجوامع والاُصول ممّن لا يكون مقصده عملنفسه، بل جمع المسائل وتدوين الكتب لمراجعة من تأخّر عن المعصومين عليهمالسلام .
فحينئذٍ إن قلنا بأنّ الأمر والنهي وضعا للوجوب والحرمة فالحمل عليهموتقييد الإطلاق أولى؛ لأنّ الإطلاق لا يكون من قبيل ظهور اللفظ، بل إنّميحكم به من السكوت في مقام البيان، والأمر والنهي بمالهما من الظهور يصيرانبيانا له، وذكر المطلقات ثمّ بيان القيود منفصلةً عنها أمر متعارف في مقام
- (1) كما قال في معالم الدين وملاذ المجتهدين: 53 و 90.
(صفحه422)
التقنين. وأمّا لو قلنا بأنّ الأمر والنهي محمولان على الوجوب والحرمة قضاءًللإطلاق، وإنّما هما موضوعان لمطلق البعث والزجر، لكنّ البعث المطلق منغير الإذن في الترك والزجر من دون الإذن في الفعل يكونان حجّةً على العبد،فترجيح أحد الحملين(1) على الآخر مشكل، لأنّ دلالة كلا الدليلين بالإطلاق.
نعم، لو قلنا بأنّ تعارف حمل المطلق على المقيّد عند العلماء يكون مرجّحلكان التقييد أولى من حمل الأمر على الاستحباب والنهي على الكراهة.
وأمّا تحقيق حال الأمر والنهي وأنّهما هل وضعا للوجوب والحرمة أولمطلق البعث والزجر فموكول إلى محلّه(2).
هذا بيان الإمام«مدّ ظلّه» في المقام مع تتميم منّا، وهو صحيح متين.
- (1) أي حمل المطلق على المقيّد، وحمل الأمر والنهي على الاستحباب والكراهة. م ح ـ ى.
- (2) الرسائل، مبحث التعادل والترجيح: 31.
ج6
(صفحه424)
في انقلاب النسبة
البحث حول انقلاب النسبة
ثمّ قد يقع التعارض بين أكثر من دليلين(1):
وله صور:
تعارض عامّ و خاصّين
الصورة الاُولى: أن يكون أحد الأدلّة عامّا وكلّ من الدليلين الآخرينخاصّا، ولهذه الصورة فروض:
تعارض عامّ وخاصّين متباينين
الفرض الأوّل: ما إذا كان الخاصّان متباينين.
وفيه مقامان من البحث:
كيفيّة الجمع بين هذه الأدلّة
المقام الأوّل: أنّ في كيفيّة الجمع بينها احتمالات أربعة:
- (1) إجمال تصوير هذا البحث: أنّ وقوع التعارض بين أكثر من دليلين يتصوّر على صور: لأنّه إمّا أن يكونأحد الأدلّة عامّا والآخران خاصّين وإمّا أن لا تكون كذلك، وعلى الأوّل إمّا أن تكون النسبة بين الخاصّينتباينا أو عموما وخصوصا مطلقا أو من وجه، وسيأتي تفصيل هذه الصور. م ح ـ ى.