بحسب الزمان، وقد خصّص تارةً بخيار المجلس، واُخرى بخيار الغبن، فإذشككنا في بقاء خيار المجلس بعد الافتراق(1)، فلابدّ من الرجوع إلى عموم«أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ».
هذا حاصل كلام المحقّق الخراساني رحمهالله .
نظريّة الإمام الخميني«مدّ ظلّه» في المسألة
وذهب سيّدنا الاُستاذ الأعظم الإمام«مدّ ظلّه» إلى أنّ المرجع هو العامّ في جميعالصور، وذكر لتقريب مرامه اُمورا:
الأوّل: أنّه يتصوّر ورود العامّ على أنحاء ثلاثة:
أ ـ أن يلاحظ المتكلّم الأزمنة بنحو الاستغراق.
ب ـ أن يلاحظها بنحو العامّ المجموعي.
ج ـ أن يلاحظ الزمان مستمرّا(1)، كقوله: «أوفوا بالعقود مستمرّا أو دائما»لا بمعنى وجوب الوفاء في كلّ يوم مستقلاًّ، ولا بنحو العامّ المجموعي، حتّى لوفرض عدم الوفاء في زمان سقط التكليف بعده، بل بنحو يكون المطلوبوجوبه مستمرّا، بحيث لو وفى المكلّف إلى آخر الأبد يكون مطيعا إطاعةواحدة(2)، ولو تخلّف في بعض الأوقات تكون البقيّة مطلوبة(3) لا بطلبمستقلّ، بل بالطلب الأوّل.
وكذلك لو قال المولى: «لا تهن زيدا» فترك العبد إهانته مطلقاً، كان مطيعله إطاعة واحدة، ولو أهانه يوما عصاه، ولكن تكون إهانته محرّمة عليه بعدهأيضاً، لا بنحو المطلوبيّة المتكثّرة المستقلّة، بل بنحو استمرار المطلوبيّة.
الثاني: أنّ العموم الاستمراري قد يستفاد من أداة العموم، نحو «أكرم كلّعالم دائما» وقيد يستفاد من الإطلاق، كقوله تعالى: «أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ».
الثالث: أنّ العموم الأزماني متفرّع على العموم الأفرادي، فإنّ قولنا: «أكرم
- (1) أراد الإمام«مدّ ظلّه» بالاستمرار غير ما أراد به المحقّق الخراساني رحمهالله ، فإنّه أراد منه العموم المجموعي،لكنّ الإمام«مدّ ظلّه» أراد منه قسما ثالثا من العموم لا يكون استغراقيّا ولا مجموعيّا. م ح ـ ى.
- (2) وهذا دليل على عدم كونه عامّا استغراقيّا. م ح ـ ى.
- (3) وهذا دليل على عدم كونه عامّا مجموعيّا، وإلاّ سقط التكليف بمجرّد التخلّف في زمان. م ح ـ ى.
ج6
العلماء كلّ يوم» ينحلّ إلى قضيّتين:
إحداهما: «يجب إكرام العلماء» وهي مفاد العموم الأفرادي، الثانية:«وجوب إكرام العلماء ثابت في كلّ يوم» وهي مفاد العموم الأزماني، وتفرّعهعلى الاُولى واضح، لكونها بمنزلة الكبرى، والاُولى بمنزلة الصغرى، وبعبارةاُخرى: الحكم المتعلّق بالعموم الأفرادي موضوع للعموم الأزماني، فهذا فرع،وذلك أصل، أي كما أنّ الموضوع متقدّم رتبةً على الحكم، فكذلك العمومالأفرادي متقدّم على الأزماني.
الرابع: أنّ لازم تفرّع العموم الأزماني على الأفرادي أنّ التخصيص الواردعلى كلّ منهما لا يرتبط بالآخر، فإذا قال: «أكرم العلماء في كلّ يوم» ثم قال:«لا تكرم زيدا العالم» فالتخصيص مربوط بالعامّ الأفرادي فقط، وأمّا العمومالأزماني فإنّه وإن لم يشمل زيدا إلاّ أنّه خارج عنه موضوعا، فلا يرتبطالتخصيص به.
ولو قال عقيب قوله: «أكرم العلماء في كلّ يوم»: «لا تكرم زيدا يومالجمعة» فالتخصيص مربوط بالعامّ الأزماني فقط.
لا يقال(1): ظاهر هذا المخصّص أنّه مخصّص لكلا العمومين، لاشتماله علىزيد كما أنّه مشتمل على يوم الجمعة.
فإنّه يقال: لو كان كذلك لكان «لا تكرم العلماء يوم الجمعة» مضادّللعموم الأفرادي، لعدم إمكان كونه مخصّصا كما هو واضح، ولا يمكن الالتزامبمضادّته له(2).
هذا حاصل ما ذكره الإمام«مدّ ظلّه» مقدّمةً.
- (1) هذا الإشكال والجواب لا يكون موجودا في كلام الإمام«مدّ ظلّه» إلاّ أنّ الاُستاذ«مدّ ظلّه» ذكره توضيحلكلام الإمام. م ح ـ ى.
- (2) الرسائل، مبحث الاستصحاب: 205.