جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول اُصول الشيعة لاستنباط أحكام الشريعة
صفحات بعد
صفحات قبل
(صفحه246)

دليل حجّيّتها حكم ذلك المايع، بل يستفاد حكمه من قوله: «الخمر حرام»فكذلك إذا استصحبنا خمريّته، فإنّ الوجدان لا يرى فرقا بين البيّنة وبينالاستصحاب إلاّ في كون الأوّل أمارةً والثاني أصلاً.

على أنّ القاعدة أيضاً تقتضي ذلك، لأنّ أخبار الاستصحاب ـ كما قلنكرارا ـ لا تدلّ بالمطابقة إلاّ على حرمة نقض اليقين بالشكّ، والمتيقّنوالمشكوك في المقام هو الموضوع لا الحكم.

نعم، جريان الاستصحاب في الموضوع إنّما هو بلحاظ أثره الشرعيكما قلنا سابقا، إذ الشارع بما هو شارع لا يتعبّدنا ببقاء موضوع ليس لهأثر شرعي.

والحاصل: أنّ جريان الاستصحاب في الموضوعات لا يقتضي إلاّ التعبّدببقائها، وأمّا آثارها الشرعيّة ـ وإن كانت آثارا بلا واسطة ـ فالدليل الدالّعليها غير أخبار الاستصحاب.

إذا عرفت ذلك فنقول: إنّ أساس الإشكال في المقام إنّما هو عدم إمكانشمول أخبار الاستصحاب الآثار الشرعيّة المترتّبة على اللوازم الشرعيّة، لعدمشمول عنوانها إيّاها أوّلاً، ولزوم تقدّم الشيء على نفسه ثانيا، ونحن أيضنسلّم ذلك، إلاّ أنّا نقول: إذا جرى الاستصحاب في الموضوع بمقتضى أخبارالباب يترتّب عليه أثره الشرعي بمقتضى دليل آخر، ولو كان الأثر أيضاً ذأثر شرعي يترتّب عليه بمقتضى دليل ثالث، وهكذا، مثلاً إذا استصحبنا خمريّةمايع يترتّب عليه الحرمة، ولو كان لحرمة الخمر أيضاً أثر شرعي ـ كارتدادمنكرها فرضا، لكونها من ضروريّات الدين مثلاً ـ يترتّب عليها هذا الأثر،لكن دليل الاستصحاب لا يتكفّل إلاّ التعبّد ببقاء خمريّة المايع، لكنّ المايعيصير بعد جريان استصحاب خمريّته موضوعا تعبّديّا لدليل حرمة الخمر،

ج6

وإذا ثبتت حرمته يتحقّق موضوع دليل ارتداد منكرها، فترتّب كلّ من الآثارإنّما هو بدليل خاصّ به، لا بدليل الأصل، حتّى يلزم الإشكال.

بقي هنا اُمور ينبغي التنبيه عليها:

آثار اللوازم العقليّة والعاديّة

الأوّل: أنّ ما ذكرنا يختصّ بآثار اللوازم الشرعيّة فقط، وأمّا اللوازم العقليّةوالعاديّة إذا كانت لها آثار شرعيّة فلا يمكن ترتيب آثارها لأجل جريانالأصل في ملزومها، لأنّ الأثر لا يترتّب إلاّ بعد ثبوت موضوعه إمّبالوجدان، أو بالبيّنة، أو بالتعبّد، واللوازم العقليّة والعاديّة فاقدة لجمعيها، فإنّإذا استصحبنا حياة زيد لم نعلم ببلوغه ثمانين عاما مثلاً ولم تقم بيّنة على ذلك،وهذان واضحان، وأمّا التعبّد فلأنّ دليله ـ أعني «لا تنقض اليقين بالشكّ» لا يجري إلاّ في الحياة، وأمّا بلوغه ثمانين عاما فلم يكن متيقّنا، فلا يجريالاستصحاب فيه، بل عدمه كان متيقّنا ومجرى الاستصحاب.

فالفرق بين اللوازم الشرعيّة وبين اللوازم العقليّة والعاديّة أنّ الاُولىتترتّب على المستصحب بدليل شرعي غير دليل الاستصحاب، والثانية فاقدةلهذا الدليل، فتترتّب آثار الاُولى دون الثانية.

آثار ملازمات المستصحب وملزوماته

الثاني: أنّ المستصحب إذا كان موضوعا ذا أثر شرعي، يترتّب عليه، ولوكان لأثره أيضاً أثر شرعي، يترتّب هذا الأثر أيضاً على موضوعه ـ أعني علىالأثر الأوّل ـ وهذا ما أثبتناه آنفا.

فهل يترتّب على الموضوع المستصحب أثر ملازمه وملزومه أيضاً إذا كانله ملازم أو ملزوم ذو أثر شرعي أم لا؟

(صفحه248)

ولا يخفى عليك أنّ البحث إنّما يكون فيما إذا كان الملازم من الموضوعات.

وأمّا إذا كان حكما شرعيّا فلا إشكال في ترتّبه وترتّب أثره بمقتضىالملازمة، كما أنّ البحث فيما إذا كانت الملازمة عقليّة، لأنّها لو كانت شرعيّة فلريب في ثبوت الملازم باستصحاب الملازم، فيترتّب عليه أثره.

إذا عرفت ذلك فنقول: لا يثبت بالاستصحاب آثار ملازم المستصحب ولآثار ملزومه، لأنّ الاستصحاب لا يجري فيهما، مع أنّ الآثار لهما لللمستصحب.

نعم، لو كان لهما حالة سابقة متيقّنة يجري الاستصحاب فيهما ويترتّبعليهما آثارهما، لكنّه خارج عن محلّ البحث.

فتحصّل من جميع ما ذكرنا أنّ ما يترتّب على استصحاب الموضوع إنّما هوآثاره الشرعيّة، سواء كانت بلا واسطة أو مع واسطة أو وسائط شرعيّة، وأمّالآثار المترتّبة على ملزوماته أو ملازماته أو لوازمه العقليّة أو العاديّة فلتترتّب عليه.

الآثار المترتّبة على المستصحب مع الوسائط الخفيّة

الثالث: أنّه إذا كانت الواسطة بين المستصحب والأثر الشرعي خفيّة يجريالاستصحاب ويترتّب عليه الأثر، والمراد من خفاء الواسطة أنّ العرف ـ ولوبالنظر الدقيق(1) ـ لا يرى وساطة الواسطة في ترتّب الحكم على الموضوع


  • (1) فإنّ للعرف نظرين: نظر مسامحي، كحكمه على الحنطة التي فيها قطعات يسيرة من الطين اليابسويكون مجموعها مأة منّ بأنّ الحنطة مأة منّ، فإنّ هذا نظر مسامحي، لأنّه يرى قطعات الطين، إلاّ أنّه ليعتدّ بها، لكونها قليلة جدّا، ونظر دقّي، كحكمه على ما بقي في الثوب من أثر الدم بعد زوال جرمهبالغسل بأنّه لون لادم، فإنّه نظر عرفي دقيق، لأنّا إن سألناه عن حكمه هل تسامح فيه؟ قال: لا، إنّي لا أرىالدم في الثوب أصلاً، والذي بقي فيه لا يكون إلاّ لونا حقيقةً، لكنّ العقل يحكم بكونه دما، لاستحالةانتقال العرض عنده، فالعرف له نظران: مسامحي ودقّي، وليس للعقل إلاّ نظر واحد. منه مدّ ظلّه.
ج6

المستصحب ويكون لدى العرف ثبوت الحكم من غير واسطة، وإنّما يرىالعقل بضرب من البرهان كون الأثر مترتّبا على الواسطة، وإن كان مترتّبعلى ذي الواسطة عرفا.

ومثّل لذلك سيّدنا الاُستاذ الأعظم الإمام«مدّ ظلّه» مثالاً لا يخلو من المناقشة،إلاّ أنّه يقرّب المطلب إلى الأذهان.

قال«مدّ ظلّه»: مثاله أنّ الشارع إذا قال: «حرّم عليكم الخمر» يكون الموضوعللحرمة هو الخمر عرفا، لكنّ العقل يحكم بأنّ ترتّب الحرمة على الخمر ليمكن إلاّ لأجل مفسدة قائمة به تكون تلك المفسدة علّة واقعيّة للحرمة، ثمّ لوفرض أنّ العقل اطّلع على جميع الخصوصيّات الواقعيّة للخمر وحكمبالدوران والترديد أنّ العلّة الواقعيّة للحرمة هي كونها مسكرةً مثلاً، فيحكمبأنّ إسكار الخمر علّة لثبوت الحكم بالحرمة، ثمّ يحكم بأنّ موضوع الحرمةليس هو الخمر بحسب الملاكات الواقعيّة، بل الموضوع هو المسكر بما أنّهمسكر، ولمّا كان هو متّحدا في الخارج مع الخمر يحكم بحرمتها بحسب الظاهر،ولكنّ الموضوع الواقعي ليس إلاّ حيثيّة المسكريّة، لأنّ الجهات التعليليّة هيالموضوعات الواقعيّة لدى العقل، فإذا علم أنّ مايعا كان خمرا سابقا وشكّ فيبقاء خمريّته فلا إشكال في جريان استصحاب الخمريّة وثبوت الحرمة له.

ولا يصحّ أن يقال: إنّ استصحاب الخمريّة لا يثبت المسكريّة التي هيموضوع الحكم لدى العقل إلاّ بالأصل المثبت، لأنّ ترتّب الحرمة إنّما يكونعلى المسكر أوّلاً وبالذات وعلى الخمر ثانيا وبالواسطة، وذلك لأنّ الواسطةعقليّة خفيّة لا يراها العرف واسطة، وليس المراد بخفاء الواسطة أنّ العرفيتسامح وينسب الحكم إلى الموضوع دون الواسطة مع رؤيتها، لأنّ الموضوع

(صفحه250)

للأحكام الشرعيّة ليس ما يتسامح فيه العرف، بل الموضوع للحكم هوالموضوع العرفي حقيقةً ومن غير تسامح.

والسرّ في كون الموضوع للأحكام الشرعيّة هو الموضوع العرفي لا العقليأنّ الشارع لا يكون في إلقاء الأحكام على الاُمّة إلاّ كسائر الناس ويكون فيمحاوراته وخطاباته كمحاورات بعض الناس بعضا، فكما أنّ المقنّن العرفي إذحكم بنجاسة الدم لا يكون موضوعها إلاّ ما يفهمه العرف، كذلك الشارعبالنسبة إلى قوانينه الملقاة إلى العرف(1).

هذا حاصل كلامه«مدّ ظلّه» ملخّصا.

وهو متين، إلاّ أنّ مثاله لا يخلو من المناقشة كما أشرنا إليه؛ لأنّ الواسطةالتي هي الإسكار لها حالة سابقة متيقّنة وجوديّة، مع أنّ محلّ النزاع ـ كمعرفت ـ إنّما هو فيما إذا لم تكن الواسطة كذلك، وإلاّ جرى الاستصحاب فيهويترتّب عليها أثرها من دون شبهة المثبتيّة ولو كانت واسطة جليّة يراهالعرف.

فاتّضح ممّا ذكرنا إلى هنا أمران: أ ـ أنّ المراد بالواسطة الخفيّة ما يدركهالعقل ولا يدركه العرف حتّى بالنظر الدقّى، ب ـ أنّ السرّ في جريانالاستصحاب وترتّب الأثر عليه إذا كانت الواسطة خفيّة أنّ الشارع فيمحاوراته وخطاباته يكون كسائر الناس في محاوراتهم وخطاباتهم، فإنّالخطابات الشرعيّة ملقاة على العرف، فلابدّ من أخذ معانيها منه، فإذا حكمبعدم الواسطة بين الحرمة والخمر كان متّبعا ولا يلتفت إلى حكم العقل بتحقّقالواسطة.

نقد كلام الشيخ رحمه‏الله فيما ذكره مثالاً لخفاء الواسطة


  • (1) الرسائل، مبحث الاستصحاب: 183.