جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول اُصول الشيعة لاستنباط أحكام الشريعة
صفحات بعد
صفحات قبل
ج6

ولابدّ قبل بيان الحقّ في هذه الصور الثلاث من ذكر نكتة، وهي أنّالتخصيص يكون في مقابل العموم الأفرادي، فهو يدلّ على أنّ مورد الخاصّلم يكن مرادا جدّيّا أصلاً، بخلاف النسخ، فإنّه يقابل استمرار الدليل المنسوخمع كون مورد الناسخ مرادا جدّيّا قبل صدوره.

والاستمرار تارةً: يستفاد من إطلاق الدليل، واُخرى: من كونهبنحو القضيّة الحقيقيّة، وثالثةً: من دليل لفظي آخر، كقوله:«حلال محمّد حلال أبدا إلى يوم القيامة، وحرامه حرام أبدا إلى يومالقيامة»(1).

حكم ما إذا صدر الخاصّ بعد حضور وقت العمل بالعامّ

فإذا كان الخاصّ صادرا بعد حضور وقت العمل بالعامّ(2)، واستفيدالاستمرار في العامّ من الإطلاق، فربما يتوهّم أنّ النسخ مقدّم على التخصيص،لأنّه في الواقع تقييد للإطلاق، فالأمر دائر واقعا بين تخصيص العموم الأفراديوتقييد الإطلاق الأزماني، وقد عرفت أنّ التقييد مقدّم على التخصيص إذا دارالأمر بينهما(3)، فلابدّ في المقام من القول بتقدّم النسخ على التخصيص.

ولكنّ الحقّ عدم تقدّم واحد منهما على الآخر، وذلك لأنّ ما ذكرناه منتقديم التقييد على التخصيص إنّما هو في فرض تعارض العموم والإطلاق، كم


  • (1) هذا ينافي ما سيأتي في ص426 من أنّ الخاصّ لو صدر قبل حضور وقت العمل بالعامّ ـ سواء صدر قبلهأو بعده وقبل حضور وقت العمل به ـ لكان مخصّصا، واحتمال النسخ منحصر بفرض ورود الخاصّ بعدحضور وقت العمل بالعامّ. م ح ـ ى.
  • (2) في هذه الصورة الثالثة أربعة فروض، وسيتّضح الحقّ فيها إنشاء اللّه‏ تعالى. م ح ـ ى.
  • (3) الكافي 1: 58، كتاب فضل العلم، باب البدع والرأي والمقائيس، الحديث 19.
  • (4) هذا هو الصورة الثانية من الصور الثلاث المتقدّمة. م ح ـ ى.
  • (5) راجع ص408.
(صفحه414)

إذا قال: «أكرم العلماء» ثمّ قال: «لا تكرم الفاسق» فإنّهما يتعارضان في موردالاجتماع، والمقام ليس كذلك، لعدم التعارض بين عموم «أكرم العلماء» وبينإطلاقه الأزماني، غاية الأمر أنّ هاهنا دليلاً آخر ـ أعني «لا تكرم الفسّاق منالعلماء» ـ وأمره دائر بين تخصيص العموم الأفرادي وتقييد الإطلاق الأزمانيالمعبّر عنه بالنسخ، فإنّه صالح لكلّ منهما(1).

ولا يجري هاهنا ما ذكرناه في تلك المسألة من كون العامّ بيانا للمطلق،فينتهي أمده بعد صدور العامّ، بخلاف العكس، فإنّه لا تعارض بينهما في المقامحتّى يقال بكون العامّ بيانا للمطلق.

وقد يتوهّم أنّ التخصيص مستلزم للتصرّف في المطلق أيضاً، بخلافالنسخ، فالنسخ مقدّم على التخصيص، لعدم استلزامه إلاّ تصرّفا واحدواستلزام التخصيص تصرّفين: أحدهما في العموم الأفرادي، والآخر فيالإطلاق الأزماني.

وفيه: أنّ التخصيص يرفع موضوع الإطلاق، لأنّه يتصرّف فيه، فهو أيضلا يستلزم إلاّ تصرّفا واحداً، وهو خروج مورد الخاصّ عن تحت العمومالأفرادي واقعا من أوّل الأمر، فلا يشمله دليل العامّ بحسب الإرادة الجدّيّةحتّى ينعقد له بالنسبة إليه إطلاق.

وقد يتوهّم تقدّم التخصيص على النسخ، لأنّ العلم الإجمالي بكون الخاصّالمتأخّر إمّا مخصّصا وإمّا ناسخا ينحلّ إلى علم تفصيلي وشكّ بدوي، لأنّالمولى إذا قال: «أكرم العلماء» ثمّ قال بعد حضور وقت العمل به: «لا تكرم


  • (1) ويمكن زيادة توضيح للمسألة في ضمن مثال، وهو أنّه إن وقع التنازع والاختلاف بين صبيّ وغلام كانالغلام غالبا على الصبيّ، وأمّا إن لم يكن بينهما اختلاف أصلاً، لكن أراد رجل قويّ أن يضرب أحدهمفلا ترجيح بينهما، لقدرته على كليهما، ومسألة تعارض العموم والإطلاق من قبيل الأوّل، وما نحن فيهمن قبيل الثاني. م ح ـ ى.
ج6

الفسّاق من العلماء» نعلم تفصيلاً بعدم وجوب إكرام العالم الفاسق من حينصدور الخاصّ، ونشكّ في وجوبه فيما بين صدور العامّ وصدور الخاصّ، لأنّالخاصّ إن كان ناسخا للعامّ كان العالم الفاسق واجب الإكرام في تلك البرهةمن الزمان، وإن كان مخصّصا له فلا.

فالخاصّ وإن كان أمره دائرا بين كونه مخصّصا للعامّ وبين كونه ناسخا له،إلاّ أنّه يتولّد من هذا العلم الإجمالي علم تفصيلي متعلّق بعدم وجوب إكرامالفسّاق من العلماء بعد صدور الخاصّ، وشكّ بدوي متعلّق بوجوب إكرامهموعدمه فيما بين صدور العامّ والخاصّ، فيجري أصالة البراءة واستصحاب عدمالوجوب، وهذا مقتضى التخصيص، فإنّ مقتضى النسخ وجوب إكرامهم فيمبين صدور العامّ والخاصّ.

إن قلت: لا يجري هاهنا أصالة البراءة والاستصحاب، لأنّ جريانالاُصول مشروط بتحقّق ثمرة عمليّة، وهي منتفية هاهنا.

قلت: يكفي في الأثر ما يترتّب على مجرى الأصل بنحو النذر، فلو نذرنتصدّق درهم إذا كان إكرام العالم الفاسق واجبا ولو في يوم، وأجرينا أصالةالبراءة من وجوب إكرامه أو استصحاب عدم وجوبه فيما بين صدور العامّوالخاصّ لكفى في انتفاء وجوب التصدّق.

وفيه: أنّ العلم الإجمالي إذا كان واقعيّا لا يعقل أن ينحلّ إلى علمتفصيلي وشكّ بدوي متولّدين منه، فإنّه يستلزم رافعيّة الشيء لنفسه، وهوغير معقول.

وبعبارة اُخرى: إن كان العلم الإجمالي تخيّليّا(1)، فهو خارج عن محلّالكلام، فإنّ البحث إنّما يكون في الدوران بين التخصيص والنسخ حقيقةً، وإن


  • (1) كما في موارد دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر الاستقلاليّين. م ح ـ ى.
(صفحه416)

كان حقيقيّا فلا يعقل أن يتولّد منه شيء يوجب انحلاله، لاستحالة رافعيّةالشيء لنفسه.

نعم، لو قلنا بإمكان انحلاله كذلك فالانصاف أنّ هذا وجه حسن لتقديمالتخصيص على النسخ في صورة تأخّر صدور الخاصّ عن العامّ، فصحّة هذالوجه وعدمها مبنائي.

ويمكن المناقشة فيه على فرض تسليم المبنى ـ أعني انحلال العلم الإجمالي أيضاً، لأنّ إكرام العالم الفاسق قبل صدور الخاصّ كان واجبا قطعا إمّا ظاهروإمّا واقعا، فلا يجري أصالة البراءة منه أو استصحاب عدمه(1).

هذا كلّه فيما إذا استفيد الاستمرار الزماني في العامّ من الإطلاق.

وأمّا إذا استفيد من القضيّة الحقيقيّة فالنسخ يرجع إلى نحو من التخصيصأيضاً، فإنّه إذا قال: «أكرم العلماء» وقلنا: معناه: «كلّ من وجد في الخارج فيطول الزمان واتّصف بكونه عالما يجب إكرامه» فله عموم أفرادي، وعمومأزماني مستفاد من القضيّة الحقيقيّة، فلو قال عقيبه: «لا تكرم الفسّاق منالعلماء» يدور أمره بين تصرّفه في العموم الأفرادي وبين تصرّفه في العمومالأزماني، فإن قلنا بتقدّم قلّة التصرّف على كثرته كان النسخ مقدّما علىالتخصيص، فإنّه تصرّف في العامّ من زمان صدور الخاصّ، بخلاف التخصيصالذي هو تصرّف فيه من أوّل الأمر، أي من زمان صدور العامّ، وإلاّ فلترجيح بينهما.

وأمّا إذا استفيد الاستمرار من نحو قوله: «حلال محمّد صلى‏الله‏عليه‏و‏آله حلال أبدا إلىيوم القيامة، وحرامه حرام أبدا إلى يوم القيامة» فلنا أدلّة ثلاثة لفظيّة: أحدها:«إكرام كلّ عالم حلال» مثلاً، ثانيها: «حلال محمّد صلى‏الله‏عليه‏و‏آله حلال إلى يوم


  • (1) هذا رجوع عمّا أفاده آنفا، من أنّ الانصاف أنّ هذا الوجه حسن على فرض تسليم الانحلال. م ح ـ ى.
ج6

القيامة»(1)، ثالثها: «إكرام العالم الفاسق حرام» وأمر الأخير دائر بين تصرّفه فيالصغرى(2) وتصرّفه في الكبرى(3)، فإن قلنا بإفادة المصدر المضاف العموم كانالدليل الثاني أيضاً عامّا ومفاده «كلّ حلال محمّد صلى‏الله‏عليه‏و‏آله حلال أبداً إلى يوم القيامةوكلّ حرامه حرام أبداً إلى يوم القيامة» فيرجع النسخ أيضاً إلى التخصيص،ولا ترجيح بين التخصيصين، إلاّ إذا قلنا بتقدّم ما هو أقلّ تصرّفا، فيقّدمالنسخ، وإن لم نقل بإفادته العموم كان الدليل الثاني من حيث الموضوع(4)مطلقا، فأمر الخاصّ في الواقع دائر بين التخصيص والتقييد، ولا ترجيح بينهما،لعدم كون المقام من الموارد التي يقدّم فيها التقييد على التخصيص كما عرفت(5)،فلا ترجيح بين النسخ والتخصيص.

هذا كلّه فيما إذا تقدّم العامّ على الخاصّ.

حكم ما إذا صدر العامّ بعد حضور وقت العمل بالخاصّ

وأمّا إذا كان متأخّرا عنه ودار الأمر بين كونه ناسخا للخاصّ وبين كونالخاصّ مخصّصا له، فلابدّ من الحكم بتقدّم التخصيص على النسخ(6)، سواءكان الدليل على الاستمرار الزماني في الخاصّ هو الإطلاق، أو كونه بنحوالقضيّة الحقيقيّة، أو مثل قوله: «حلال محمّد صلى‏الله‏عليه‏و‏آله حلال أبداً إلى يوم القيامةوحرامه حرام أبداً إلى يوم القيامة».


  • (1) وهذا الدليل بمنزلة الكبرى للأوّل. م ح ـ ى.
  • (2) فيكون تخصيصا. م ح ـ ى.
  • (3) فيكون نسخا. م ح ـ ى.
  • (4) ذكر الاُستاذ«مدّ ظلّه» هذا القيد لئلاّ يتوهّم أنّ الاستمرار مستفاد من الإطلاق، فإنّه مفاد اللفظ، أعني قوله:«أبداً» و «إلى يوم القيامة». م ح ـ ى.
  • (5) راجع ص420.
  • (6) ولا يلزم منه محذور، إذ لا قبح في تقديم البيان على وقت الحاجة، بخلاف تأخيره عنه. منه مدّ ظلّه.