جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول اُصول الشيعة لاستنباط أحكام الشريعة
صفحات بعد
صفحات قبل
(صفحه468)

التنبيه الثاني: بعد ما عرفت من أنّ التخيير إنّما هو في المسألة الاُصوليّةفاعلم أنّه لا إشكال في تخيير المجتهد.

فهل يثبت التخيير للمقلّد أيضاً ـ بأن يقول المجتهد: في هذه المسألة روايتانمتكافئتان، ويجوز لمن قلّدني الأخذ بأيّهما شاء، فيختار المقلّد أحدهما، سيّما إذكان من أهل العلم ـ أم لا؟

ويمكن طرح البحث في دائرة أوسع بحيث يشمل جميع الاُصول العمليّة وإنلم يكن له ثمرة عمليّة إلاّ في المقام.

لا إشكال في أنّه يجوز للمقلّد إجراء الاُصول العمليّة في الشبهاتالموضوعيّة، فإذا علم أنّ الاستصحاب مثلاً حجّة عند مقلَّده يجوز لهاستصحاب وضوئه، لأنّه متمكّن من تشخيص الموضوع في الشبهاتالموضوعيّة.

ولا إشكال أيضاً في أنّ تشخيص الموضوع في الشبهات الحكميّة منوظائف المجتهد، والمقلّد لا يتمكّن منه، فإنّ استصحاب وجوب صلاة الجمعةمثلاً يتوقّف على ثبوت وجوبه في زمن المعصوم عليه‏السلام والشكّ فيه في زمن الغيبة،ولا يمكن إثباتهما إلاّ للمجتهد المتتبّع في روايات صلاة الجمعة، سيّما مع كثرتهواختلافها، وكذا إجراء أصالة الحلّيّة في شرب التتن مثلاً يتوقّف على الفحصواليأس عن الظفر بحكمه الواقعي، وهذا ممّا لا يتمكّن منه إلاّ المجتهد.

إنّما الإشكال في أنّه هل يجوز للمجتهد أن يقول: صلاة الجمعة كانت واجبةفي زمن الحضور ووجوبها مشكوك فيه في هذا الزمان والاستصحاب حجّةعندي، فيأخذ المقلّد هذه الاُمور منه ويجري الاستصحاب مستقيما، أو لابدّللمجتهد من أن يفتي بوجوب صلاة الجمعة قضيّةً للاستصحاب، ويعمل المقلّدعلى فتواه؟

ج6

وفي ما نحن فيه هل يجوز للمجتهد أن يقول: في هذه المسألة خبرانمتعارضان متكافئان، والمكلّف مخيّر في الأخذ بأيّهما شاء، أم لابدّ له من أنيأخذ أحدهما ويفتي على طبقه، فيعمل المقلّد على فتواه؟

نعم، لا ثمرة عمليّة في الاستصحاب ونحوه، كما هو ظاهر، بخلاف التخيير،فإنّ التخيير إن ثبت للمقلّدين أيضاً فربما اختلف عملهم، إذ يمكن أن يأخذبعضهم هذا الخبر والآخرون ذاك الخبر(1)، بخلاف ما إذا لم يثبت لهم التخيير،فإنّ جميعهم يعملون حينئذٍ بفتوى المجتهد، فلا يختلف عملهم.

إذا عرفت هذا فالحقّ أنّ التخيير ثابت للمقلّد أيضاً، كالمجتهد، لأنّاختصاص تشخيص الموضوع بالمجتهد لا يقتضي اختصاص الخطاب أيضاً به،فالخطاب في قوله عليه‏السلام : «فإذا لم تعلم فموسّع عليك بأيّهما أخذت»(2) يعمّ المجتهدوالمقلّد، ولا دليل على اختصاصه بالمجتهد.

والحاصل: أنّ للمجتهد طريقين: أحدهما: الأخذ بإحدى الروايتينوالإفتاء على طبقها، الثاني: الإفتاء على التخيير في الأخذ بإحداهما.

وهل يجوز له الإفتاء بالتخيير في المسألة الفرعيّة ـ بأن يقول مثلاً: «أيّهالمكلّف أنت مخيّر بين الإتيان بصلاة الجمعة وبين تركها» من دون أن يعلمهبوجود الخبرين المتعارضين المتكافئين في المسألة ـ أم لا؟

قيل: نعم، يجوز له ذلك.

والحقّ عندي خلافه، لأنّه يوهم تحقّق التخيير في المسألة الفرعيّة، مع أنّالتخيير إنّما هو في المسألة الاُصوليّة، لا في حكم اللّه‏ تعالى، كما عرفت(3) فيالتنبيه الأوّل.


  • (1) بل قد يختلف عمل شخص واحد في طول الزمان لو قلنا بكون التخيير استمراريّا. منه مدّ ظلّه.
  • (2) وسائل الشيعة 27: 122، كتاب القضاء، الباب 9 من أبواب صفات القاضي، الحديث 40.
  • (3) راجع ص473.
(صفحه470)

في أنّ التخيير بدوي أو استمراري

التنبيه الثالث: هل التخيير بدوي أو استمراري أو فيه تفصيل بين ما إذقلنا باختصاص التخيير بالمجتهد، فيكون بدويّا، وبين ثبوته للمقلّد أيضاً،فيكون استمراريّا؟

وليعلم أنّ المحتاج إلى الإثبات هنا إنّما هو كونه استمراريّا، وأمّا ثبوتالتخيير بدوا فلا يحتاج إلى أزيد من أصل أدلّة التخيير كما هو واضح.

والذي يمكن الاستدلال به على الاستمرار اثنان: نفس أدلّة التخيير،واستصحابه.

مناقشة الشيخ رحمه‏الله في دلالة أحاديث التخيير على استمراره

واستشكل الشيخ الأعظم رحمه‏الله على الأوّل بعدم تحقّق الإطلاق في أدلّةالتخيير، لأنّها في مقام بيان أصل التخيير، لا كيفيّته.

وتوضيح كلامه: أنّ السؤال عن كيفيّة التخيير إنّما هو في طول السؤال عنأصله، فإنّ للمكلّف شكّين: أحدهما: الشكّ في وظيفته عند مجيء الخبرينالمتعادلين، وثانيهما: الشكّ في خصوصيّاتها بعد تعيين أصل الوظيفة من كونالتخيير في الأخذ بأحدهما بدويّا أو استمراريّا، ولا إشكال في أنّ السائل فيأدلّة التخيير كان شاكّا في أصل الوظيفة وأنّه لدى تعارض الخبرين المتعادلينما ذا يصنع؟ فإذا اُجيب بأنّه مخيّر في الأخذ بأحدهما ينشأ له شكّ آخر فيكيفيّة التخيير وأنّه دائمي أم لا؟ وهذا موضوع آخر وشكّ ثانٍ مسكوت عنهفي أدلّة التخيير سؤالاً وجوابا.

وبالجملة: تكون روايات التخيير في مقام بيان أصل الوظيفة، لا كيفيّتها(1).


  • (1) فرائد الاُصول 4: 43.
ج6

هذا حاصل ما أفاده الشيخ الأنصاري رحمه‏الله في المقام.

نقد كلام الشيخ رحمه‏الله من قبل الإمام الخميني«مدّ ظلّه»

وأجاب عنه سيّدنا الاُستاذ الأعظم الإمام«مدّ ظلّه» بأنّ في روايات التخييرخبرين يستفاد منهما استمرار التخيير:

أحدهما: ما روي مرسلاً عن الحسن بن الجهم عن الرضا عليه‏السلام قال: قلت:يجيئنا الرجلان وكلاهما ثقة بحديثين مختلفين ولا نعلم أيّهما الحقّ، قال: «فإذا لمتعلم فموسّع عليك بأيّهما أخذت»(1) فإنّه عليه‏السلام جعل موضوع التوسعة والتخييرعدم العلم بحقّيّة أحدهما، ومعلوم أنّ المكلّف بعد الأخذ بأحدهما أيضاً ليعلم الحقّ منهما، إذ لا يعقل أن يُعدم الحكم موضوع نفسه(2).

الثاني: ما روي مرسلاً أيضاً عن الحارث بن المغيرة، عن أبي عبد اللّه‏ عليه‏السلام قال: «إذا سمعت من أصحابك الحديث وكلّهم ثقة فموسّع عليك حتّى ترىالقائم(3)، فتردّ إليه»(4).


  • (1) وسائل الشيعة 27: 121، كتاب القضاء، الباب 9 من أبواب صفات القاضي، الحديث 40.
  • (2) توضيحه: أنّ تكرار عدم العلم في كلام الإمام عليه‏السلام بعد كونه مذكورا في كلام السائل دليل على أنّه تمامالموضوع للحكم بالتخيير، إذ لو لم يكن ذكره لهذه العناية لاكتفى بذكره في كلام السائل ولم يكرّرههو عليه‏السلام ، فسؤال السائل وإن كان من جهة الشكّ في أصل الوظيفة، إلاّ أنّ الجواب بإطلاقه يشتمل علىالوظيفة وعلى كيفيّتها.
    وهذا على ما ذهبنا إليه من كون التخيير المستفاد من أخبار العلاج من قبيل الأصل العملي، واضح، لأنّموضوع الاُصول العمليّة كلّها عدم العلم والتحيّر في الحكم الواقعي، ولا ريب في أنّ المكلّف بعد الأخذبإحدى الروايتين أيضاً لا يعلم الواقع.

    وهكذا على ما ذهب إليه سيّدنا الاُستاذ«مدّ ظلّه» من أنّ التخيير في كلام الشارع تخطئة لبناء العقلاء علىتساقط المتعارضين وحكم بالتخيير عند عدم العلم، فإنّ المكلّف بعد الأخذ بأحدهما في الواقعة الاُولىغير عالم أيضاً بأنّ أيّهما حقّ، وهو موضوع التوسعة والتخيير في رواية الحسن بن الجهم.

    فاستفادة الاستمرار واضحة على المذهبين، وإن كانت على مذهبنا أوضح. منه مدّ ظلّه.

  • (3) المراد بـ «القائم» في هذه الرواية: القائم بأمر اللّه‏، فهو يعمّ كلّ إمام معصوم، ولا يختصّ بالمهديّ«عجّلاللّه‏ تعالى فرجه». منه مدّ ظلّه.
(صفحه472)

هذه الرواية أضعف من رواية الحسن بن الجهم من وجه وأقوى منها منوجه آخر:

أمّا أضعفيّتها: فلأنّها لا تكون نصّا في الخبرين المتعارضين، لكن قوله:«كلّهم ثقة» يدلّ على تعدّد الرواية وتعارضها، أمّا التعدّد فلأنّ لفظ «كلّهم»يدلّ على تعدّد الرواة وتعدّدهم يدلّ على كون الرواية أكثر من واحدة، وأمّالتعارض فلأنّه لو لم تكونا متعارضتين لم يكن بينهما ربط، فلم يعقل الحكمبالتوسعة في الروايتين اللتين لا ربط بينهما.

ويدلّ عليه أيضاً قوله عليه‏السلام : «فموسّع عليك»، لأنّ الحديث إن كان واحداً أومتعدّدا غير متعارض لم يكن الأخذ بها موجبا للتوسعة، بل للتضييق، لكونهمشتملةً على الأحكام التي في العمل بها كلفة ومشقّة على العبد، بخلاف ما إذكانت روايتين متعارضتين: إحداهما تثبت التكليف، والاُخرى تنفيه، فإنّالتوسعة فيهما بالأخذ بإحداهما معقولة.

وأمّا أقوائيّتها: فلأنّ الغاية المذكورة فيها رؤية الإمام، وهو كالصريح فياستمرار التخيير، بخلاف رواية الحسن بن الجهم، فإنّ الاستمرار فيها إنّما هويستفاد من الإطلاق.

فلا يصغى إلى احتمال كون التوسعة إلى لقائه عليه‏السلام في رواية الحارث بنالمغيرة والتوسعة ما لم يعلم في رواية ابن الجهم هي التوسعة في الأخذ ابتداءً لبعد الأخذ، لكن نفي هذا الاحتمال في الاُولى بالنصّ وفي الثانية بالإطلاق(1).

هذا حاصل ما أفاده الإمام«مدّ ظلّه» مع توضيح منّا في المقام.

ولو قلنا بعدم دلالة أخبار التخيير على استمراره فهل يجري استصحابه


  • (1) وسائل الشيعة 27: 122، كتاب القضاء، الباب 9 من أبواب صفات القاضي، الحديث 41.
  • (2) الرسائل، مبحث التعادل والترجيح: 60.